أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ابراهيم هيبة - عبادة الأنا














المزيد.....

عبادة الأنا


ابراهيم هيبة

الحوار المتمدن-العدد: 3243 - 2011 / 1 / 11 - 17:44
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لا يوجد وهم على وجه الأرض سبق للإنسان أن تعلّق به مثلما تعلّق بأناه. ما إن تجلس إلى احدهم، حتى يبدأ في تشغيل تلك الاسطوانة المعتادة: "أنا، أنا، أنا". يمكن للإنسان أن يتنازل عن كل شيء- عن ثروته، عن عائلته، وحتى عن الكون – لكنه لا يستطيع أن يتخلى قيد أنملة عن ضمير المتكلم.
عندما تقول بان الحياة لا معنى لها وبأن الله مجرد وهم، لن تثير غضب أحد- سيأخذ الكل كلامك على انه تحليق فلسفي، لكن إن قلت نفس الكلام عن شخص ما، سيعترض عليك بشدة وقد يذهب به الأمر إلى اتخاذ بعض الإجراءات ضدك. هكذا نحن، عندما يتعلق الأمر بالأفكار الكبرى والنظريات العامة نتصرف وكأن الأمر لا يعنينا، لكن عندما تطال هذه الأفكار مجال مشاعرنا النرجسية وخصوصيتنا الفردية، نقيم الدنيا ولا نقعدها. إذا كانت الحياة لا معنى لها، من يمكنه أن يستثني نفسه من شمولية هذا الحكم ؟ ماذا أقول، الأنانية عائق فكري يحول بيننا وبين الفهم الكوني.
لم تحقق الفلسفات والمذاهب الخلاصية، على مر التاريخ، أي تغلغل حقيقي في المجتمعات البشرية؛ والسبب في ذلك يعود إلى أن الخلاص الذي تقترحه ثمنه تنازل الفرد عن أناه، فالسعادة بالنسبة لهذه الفلسفات لا تتحقق إلا في المجال الذي تنمحي فيه فردانية المرء وتضيع في اللاتمايز الكوني . ولكن من منا سيقبل بسعادة تلزمه بأن ينظر إلى نفسه كنكرة ، فيما كبرياء الواحد منا يجبره على عدم التنازل حتى عن اسمه الشخصي؟ ! حب الذات يولّد العمى، ونحن لا نكره الآخرين و لا نفهمهم إلاّ لأننا لا ننظر إلى أنفسنا كما ينظرون هم إلينا. لو حصل لأحدنا أن يتجرد من أنانيته، للحظة واحدة، ويتأمل ذاته من الخارج، لأحمرَّ من الخجل و لربما انتابته الرغبة في الاختفاء عن الأنظار. كل واحد منا يدعي بأنه يعرف نفسه حق المعرفة، لكن هذه المعرفة لا تكون أبدا بمستوى وضوح وعمق المعرفة التي يكوِّنها الآخرون عنا- إنها نفس المشكلة القديمة: أنانيتنا وعي زائف يقف بيننا وبين الأشياء كما هي.
بما أن التنازل عن الأنا يعتبر شبه مستحيل ويتبدّى كضرب من الخيال الفلسفي، اقترح أن يقوم الواحد منا، وذلك من حين لآخر، ببعض التمارين للحدّ من الزهو وانتفاخ الذات. وليست هذه التمارين شيئا آخر سوى أن يتعود المرء على التفرج على ذاته بنفس الطريقة التي يتفرج بها هو نفسه على مسرحية هزلية، وأن يعتبر أي سوء يحصل له كما لو أنه يحصل لشخص غريب لا تجمعه به أية علاقة. يجب أن اعترف بأن أجمل الإشراقات الفلسفية التي عشتها هي تلك اللحظات التي كان يكتسحني فيها الشعور بكوني مجرد شبح- إنها لحظات لا يعود المرء يلمس فيها أي خيط يربط بينه وبين ذاته، هوة سحيقة تفصل الذات عن وعيها الذاتي. في الحقيقة، لا شيء يسبب الإرهاق والضجر أكثر من الوعي المتواصل بالذات- لذا يجب أن نتمرن على اختزال وجودنا إلى الدرجة الصفر من الوعي، وأن ننخرط في الوجود انخراط النباتات فيه.



#ابراهيم_هيبة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فينومينولوجيا الموت
- بؤس الفلسفة
- الإنسان المنفصل
- تهافت الآلهة
- الحيوان الرومانسي
- شهوة التسلط
- على أجنحة الموسيقى
- الإنسان الأخير
- فكر و وجود
- مدح الصمت
- سيميولوجيا الحجاب
- الإتجاه المعاكس
- بعيداً عن القطيع
- السيف و اليقين
- لماذا الله؟
- داء النبوة
- الأونطولوجيا الطبيعية


المزيد.....




- بين تحليل صور جوية وتصريحات مشرعين.. ماذا نعلم عن منشآت إيرا ...
- بعد 3 سنوات من إزالته من قائمة المخدرات.. حكومة تايلاند تفرض ...
- غزة: صراع من أجل البقاء ولو إلى حين.. هكذا يُصنع الوقود من ا ...
- قتلى بينهم طيار في أعنف هجوم جوي روسي على أوكرانيا منذ بدء ا ...
- مخيم الهول.. ملجأ يضم عائلات مقاتلي تنظيم الدولة
- 3 دولارات ثمن الحياة.. مغردون: من المسؤول عن فاجعة -شهيدات ل ...
- عرض أميركي يقابله شروط لبنانية.. هل تؤتي زيارة باراك ثمارها؟ ...
- حماس تشترط وترامب يضغط.. هل تقترب صفقة غزة؟
- بولتون يكشف -السبب الحقيقي- الذي ضرب ترامب إيران لأجله
- روسيا تشن -أضخم هجوم جوي- على أوكرانيا


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ابراهيم هيبة - عبادة الأنا