أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ابراهيم هيبة - شهوة التسلط














المزيد.....

شهوة التسلط


ابراهيم هيبة

الحوار المتمدن-العدد: 3063 - 2010 / 7 / 14 - 16:33
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أحيانا عندما أتأمل في المصاعب التي أواجهها في حياتي العملية وفي علاقاتي بالبشر، أجد بأن كل ذلك يحدث لي جرّاء عجز واحد أعاني منه: كوني لا أستطيع العيش في الغابة. المجتمع جحيم من الجَلْد المتبادل؛ الكل يريد أن يتسلط على الكل. دلوني على إنسان واحد لا يُفعِّل ميوله الديكتاتورية ! كل واحد منا يسعى إلى أن يكون الأول في أي تنظيم يقع تحت يديه، سواء كان هذا التنظيم دولة أو طائفة أو قبيلة أو حتى أسرة. من بين مجموع السكان لأي بلد ما، لا يوجد شخص واحد لا يتمنى، على الأقل في لا شعوره، أن يكون المواطن رقم واحد في بلده. لا أحد منا يكتفي بذاته؛ لا أحد منا يتحمل عدمه الداخلي- الكل يتطلع إلى العالم الخارجي بحثا عن زمرة من العبيد ليصب عليهم جام غضبه و كراهيته.
في كل إنسان يرقد ديكتاتور؛ وعندما تتاح له الفرصة لممارسة مواهبه الاستبدادية ينضاف قدْر من الشر إلى العالم. إن الإنسان لا يكون طبيعيا إلا إذا كان في حالة من الضعف والعوز؛ وإن كان لكم شك في الأمر، إمنحوا أكثر الناس تواضعا وأشدهم ورعا قدرا من المال والسلطة وسترونه كيف سيتحول إلى فرعون آخر. شهوة السلطة متجذرة في نفس كل واحد منا، ولا ينقص إلا بعض الشروط السياسية والمادية لكي تسقط كل الأقنعة وتظهر الهوية الحقيقية للطاغوت الذي يسكننا.
"حرية، مساواة، إيخاء." هذا شعار جذاب وطموح لكل ثورة تريد أن تتقدم بالمجتمع خطوات إلى الإمام، لكن مثالية هذا الشعار تتناقض على طول الخط مع ما يعنيه مفهوم المجتمع الإنساني في حد ذاته؛ حيث الكراهية المشتركة وما يترتب عنها من قهر وتجبر وتسلط. حاول فقط أن تطبق مكونا واحد من مكونات هذا الشعار- أي حاول أن تكون إنسانا حرا أو أن تكون أخا للجميع وسترى كيف ستموت من الجوع. المجتمع لا يقبل بالمثل والأخلاق السامية إلا في المواعظ والخطب العصماء؛ لكنه في الواقع لا يعترف إلا بمبدأ هوبس فقط: "الإنسان ذئب للإنسان."
في الحقيقة لو قمنا، بطريقة ما، باجتثاث هوى التسلط من قلوب البشر، لربما أدى هذا بالمجتمع والتاريخ إلى أن يفقدا الكثير من ديناميكيتها؛ فالتاريخ، مثلا، لا يحركه بحث البشر عن العدالة بقدر ما يحركه تعطشهم للسلطة؛ الذين يوجدون في قاعدة المجتمع لا يريدون فقط إقتسام الثروات مع الذين في القمة ، بل يريدون كذلك أن يضعوهم تحت تصرفهم لكي يذلوهم ويحتقرونهم ـ إنه الانتقام الدوري، بنزين كل القلاقل والثورات.
مفهوم السلطة يرعبني؛ وما يرعبني فيه أكثر هو أنني أراه ثاويا في طبائع كل الأشياء، من حركة الإلكترون إلى حركة كل المذاهب والكتب المقدسة؛ بل يمكنني القول بأنني لا أرى في وجه كل طفل بريء إلا ديكتاتورا في حالة كمون، ماذا أقول؟ إنني أقبل بأية وظيفة تعرض علي، إلا وظيفة إعطاء الأوامر.



#ابراهيم_هيبة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على أجنحة الموسيقى
- الإنسان الأخير
- فكر و وجود
- مدح الصمت
- سيميولوجيا الحجاب
- الإتجاه المعاكس
- بعيداً عن القطيع
- السيف و اليقين
- لماذا الله؟
- داء النبوة
- الأونطولوجيا الطبيعية


المزيد.....




- ترامب يوضح ما قام به مبعوثه ويتكوف خلال زيارته إلى غزة
- الكونغو ورواندا تتحركان لتنفيذ اتفاق السلام رغم تعثر الالتزا ...
- ثروات تتبخّر بتغريدة نرجسية.. كيف تخدعنا الأسواق؟
- الإمارات والأردن تقودان عملية إسقاط جوي للمساعدات إلى غزة
- هيئة الإذاعة العامة الأميركية على بعد خطوات من الإغلاق
- لأول مرة.. وضع رئيس كولومبي سابق تحت الإقامة الجبرية
- تحقيق بأحداث السويداء.. اختبار جديّة أم التفاف على المطالب؟ ...
- سقوط قتلى في إطلاق نار داخل حانة بمونتانا الأميركية
- بوتين يعلن دخول الصاروخ الروسي -أوريشنيك- الأسرع من الصوت ال ...
- تسبب بإغلاق الأجواء وتفعيل صافرات الإنذار.. إسرائيل تعلن اعت ...


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ابراهيم هيبة - شهوة التسلط