أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلاقات الجنسية والاسرية - مجدى خليل - لماذا تفشى التحرش الجنسى فى مصر؟














المزيد.....

لماذا تفشى التحرش الجنسى فى مصر؟


مجدى خليل

الحوار المتمدن-العدد: 3902 - 2012 / 11 / 5 - 05:47
المحور: العلاقات الجنسية والاسرية
    



لم اصدق أذنى وأنا استمع إلى احدى الناشطات وهى تقول أن عدد البلاغات للشرطة التى سجلت ضد التحرش فى أيام عيد الاضحى فى القاهرة فقط بلغت الفى بلاغ. هذا رقم مخيف أن تذهب 2000 ضحية للتحرش لقسم الشرطة للتبليغ فى القاهرة وحدها فى عدة أيام، فياترى كم عدد الذين تكاسلوا أو خافوا أو خجلوا من التبليغ على مستوى مصر كلها؟، بالتأكيد أضعاف أضعاف هذا العدد.ماذا جرى للمصريين؟ ولماذا تفشت هذه الظاهرة القبيحة بهذا الشكل المرعب؟، ولماذا أخذت شكل التحرش الجماعى الوحشى منذ عدة سنوات؟، ولماذا تبجحت الظاهرة حتى يمكن أن نسميها اغتصاب بالكلمات نظرا لشدة بذاءة الكلمات الخارجة من الافواه، وذلك بخلاف أنتهاك جسد المرأة ذاته؟.
فكرت كثيرا ما عسى أن يكون السبب وراء هذه الظاهرة الكريهة؟...بعد تفكير عميق وجد ضالتى فى كلمة واحدة هى (الانحطاط القيمى)، فهذه الكلمة الوحيدة التى وجدتها تفسر لى هذه الظاهرة، فهناك انحطاط فى رؤية المرأة لدرجة احتقارها، فالذى يفعل هذا يهبط بعقله إلى دون الحيونات فلا يرى من المرأة سوى جسدها فقط وينسى كل شئ آخر عنها: إنسانيتها –أمومتها-عقلها-تعليمها-عملها-نجاحاتها -شخصيتها-كرامتها-حقوقها فى جسدها-حساسيتها لجسدها-همومها-احزانها-افراحها-مشاعرها- الضغوط التى تعيشها-الحالة النفسية التى عليها... الخ. هو ينسى كل شئ ويحملق فى الجسد ويعزله عن العناصر الإنسانية الأخرى، وهو بهذا يهبط بنفسه من مستوى الإنسان إلى مستوى دون الحيوان ويريد جر الطرف الآخر إلى هذا المستوى.
هناك انحطاط آخر وهو لوم المرأة،فلو كان مظهر المرأة هو سبب التحرش لكانت نسبته هى الأعلى فى أوروبا وأمريكا، ولكن لحسن الحظ فان هذه الظاهرة عند حدها الأدنى فى هذه الدول،ويأتى من يلوم المرأة فى دولة مثل مصر نساءها مفرطين فى الحشمة إلى حد التطرف، فهل لوم المرأة الضحية فى مصر يمكن أن يصنف غير انحطاط قيمى؟. ولا يقل التبرير عن اللوم فى الانحطاط، فالبحث عن العذر للذكر هو أنحطاط قيمى آخر، فالتحرش هو مسئولية المتحرش وحده ولا يوجد أى مبرر لذلك على الاطلاق.هناك انحطاط قيمى آخر وراء هذه الظاهرة المشينة وهو رؤية الإنسان لذاته،ففى مصر تتسارع كراهية الذات وكراهية الآخر بمعدلات مذهلة، وقد استمعت إلى الطبيب النفسى الشهير د. احمد عكاشة وهو يقول أن كراهية المصريين لبعضهم البعض من أعلى المعدلات فى العالم كله، فالذى يكره ذاته ويكره الآخر هو مستعد لإيذاء هذا الآخر،فالعنف اللفظى والجسدى هو منتج من منتجات الكراهية، وكلما تعاظمت كراهية الإنسان لذاته كلما أسقط مشاكله وعقده وأمراضه النفسية على الآخرين، وهل هناك ضحية أنسب من المرأة فى المجتمعات الإسلامية لتنفيس هذه العقد وهذه الكراهية فيها؟.
هناك انحطاط قيمى آخر وهو تتفيه المشكلة، فبعض المسئولين يصرخون فى وجوهنا بأن مصر لديها مشاكل أهم وأخطر من كدها فهناك من لا يجد حتى رغيف الخبز أو سرير للعلاج أو مدرسة لتعليم ابنه على حد قولهم، الحقيقة من يجادل بهذا المنطق الأعوج الملتوى هو التافه وليست المشكلة، فالذى لا يكترث بصيانة جسد الإنسان وكرامته لا يستحق أن يكون مسئولا. وقد رأيت فى خضم اعصار ساندى رجال شرطة ينقذون كلابا وقططا فهل معنى هذا أنهم يأخذون فرصة إنقاذ الإنسان ويعطوها للقطط والكلاب؟ بالطبع لا ولكن الإنسانية لا تتجزأ والرحمة لديهم ليست مبنية على مقاييس مختلة ،والذى يهتم بالكلب سيهتم اضعافا بالإنسان وليس العكس.
هناك انحطاط قيمى آخر وهو الشيزوفيرنيا الاخلاقية، فالشخص يظهر بمظهرين ويتكلم لغتين مختلفتين وله صورة فى السر وصورة فى العلن، وصورة أمام أخته وأمه وزوجته وصورة أخرى أمام المرأة الغريبة، صورة أمام من يعرفهم وصورة مختلفة أمام من لا يعرفهم، صورة فى منطقته وصورة خارج منطقته، صورة عندما يكون بمفرده وصورة أخرى مع الحشد والجمهرة. هذا الشخص كل صورته المعلنة كاذبة ومزيفة أما الصورة المنحطة التى تظهر بعيدا عن الاعين فهى الصورة الحقيقية، هذا الشخص يخضع للقاعدة العربية القبيحة التى تقول يخشون الفضيحة ولا يخشون الرذيلة، هو شخص مزيف نتاج مجتمع مزيف، ومنافق نتاج مجتمع يحبذ ويكافئ المنافقين، وكذاب فى مجتمع هجر الصدق منذ زمن طويل، بأختصار هو صورة من مجتمعه. بالتأكيد مجتمع مثل هذا لديه قيمة منحطة أخرى وهى عدم احترام القانون بل والتباهى بكسره، فعندما تنحدر المجتمعات يكون كسر القانون وجاهة، وعندما تعم الفوضى يقاس نفوذ الفرد بمدى خروجه عن القانون.فالمجتمع المصرى يعانى من مرضين متلازمين وهما انحطاط القيم واختلال القيم،فهناك هبوط كمى مريع فى القيم وهناك انحراف نوعى كبير فى تعريف القيم، وتلازم الظاهرتين يؤدى فى النهاية إلى الانهيار الكامل والشامل لمنظومة القيم.فعندما يوزع الحزب الحاكم فى مصر حاليا منشورات لمحاربة التحرش بعبارة تقول " لا تكونى سبب التحرش" فمعنى هذا أن هناك خللا خطيرا فى القيم وانحطاطا أخطر أدى إلى التلذذ بلوم الضحية وتحميلها المسئولية مما يشجع على استفحال الظاهرة.
لكل هذا فأن ظاهرة التحرش هى مرايا تعكس أزمة القيم التى يعيشها المجتمع المصرى حاليا.



#مجدى_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دستور قندهار
- دراما الأنتخابات الأمريكية
- تحية للبطل الشهيد أفرايم إبراهيم مرزوق ووالده
- مصر على خطى باكستان
- محنة فريد زكريا ومحنتنا
- التاريخ الناطق بمتحف الهولوكوست
- هل التنوع أضعف أمريكا بعد العولمة؟
- مملكة الإرهاب فى غزة
- خمس سنوات على إنقلاب حماس فى غزة
- وكالة أنباء مسيحى الشرق الأوسط
- مرسى يأخذك إلى الجنة
- جماعة الاخوان المسيحيين
- اختزال حل المشاكل فى نائب الرئيس
- رئيس مدنى أم رئيس إسلامى
- لماذا فاز مرسى؟
- ملاحظات على الأنتخابات الرئاسية
- الصراع على شكل النظام السياسى فى مصر
- حول الوضع الراهن فى مصر
- صحة الرؤساء فى النظام الديموقراطى
- ألاعيب الأخوان المسلمين


المزيد.....




- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...
- البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...
- هل تؤثر صحة قلب المرأة على الإدراك في منتصف العمر؟
- اغتصاب وتحويل وجهة وسطو وغيرها.. الأمن التونسي يوقف شخصا صدر ...
- “الحكومة الجزائرية توضح”.. شروط منحة المرأة الماكثة في البيت ...
- جزر قرقنة.. النساء بين شح البحر وكلل الأرض وعنف الرجال
- لن نترك أخواتنا في السجون لوحدهن.. لن نتوقف عن التضامن النسو ...


المزيد.....

- الجندر والجنسانية - جوديث بتلر / حسين القطان
- بول ريكور: الجنس والمقدّس / فتحي المسكيني
- المسألة الجنسية بالوطن العربي: محاولة للفهم / رشيد جرموني
- الحب والزواج.. / ايما جولدمان
- جدلية الجنس - (الفصل الأوّل) / شولاميث فايرستون
- حول الاجهاض / منصور حكمت
- حول المعتقدات والسلوكيات الجنسية / صفاء طميش
- ملوك الدعارة / إدريس ولد القابلة
- الجنس الحضاري / المنصور جعفر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلاقات الجنسية والاسرية - مجدى خليل - لماذا تفشى التحرش الجنسى فى مصر؟