أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مجدى خليل - دستور قندهار















المزيد.....

دستور قندهار


مجدى خليل

الحوار المتمدن-العدد: 3894 - 2012 / 10 / 28 - 22:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



جاء حكم المحكمة الإدارية بتحويل القضايا المتعلقة باللجنة التأسيسية إلى المحكمة الدستورية ليزيد الموقف تأزما حيث شعرت المحكمة الإدارية أن هناك صراعا سياسيا حول الدستور فأراحت نفسها بتصدير المشكلة للمحكمة الدستورية العليا، ولكن الحكم بهذا المنطوق هو فى جوهره انحياز سياسى لجماعة الاخوان المسلمين على حساب الطيف الواسع من القوى الوطنية.
والحقيقة هى أنه عندما يكون هناك صراعا سياسيا حول الدستور فأنه يفقد معناه كونه وثيقة توافقية تكتب لصالح الوطن وليس لجماعة سياسية أو حزب أو فصيل سياسى،والأفضل تأجيل كتابة الدستور عن طبخه لجماعة معينة، ولهذا يبدو أن جماعة الأخوان المسيطرة على المشهد السياسى فى مصر فى حالة ارتباك، فقد قدمت مسودة يوم 10 اكتوبر وبعد اقل من اسبوع رفعتها وقدمت مسودة أخرى يوم 14 اكتوبر، ولكن الدكتور جابر نصار عضو اللجنة التأسيسية قال أن هذه المسودة تم تعديلها ثلاث مرات ولم تقدم للناس، ويبدو من المشهد أن هناك دستورا سريا لا تجرؤا جماعة الاخوان على تقديمه للنقاش العام ولهذا يقدمون مسودات ثم يسحبوها وربما فى خطتهم تقديم النسخة كاملة وتعجيل الاستفتاء عليها من دون خضوعها للحوار الوطنى.
ورغم وجود بعض المواد الجيدة فى المسودة التى قدموها فى 14 اكتوبر إلا أن مجمل الدستور كارثيا وغير مقبول بالمرة وبالتالى مرفوض جملة وتفصيلا.
وكما هى الحالة السياسية فى مصر جاءت مسودة الدستور، فمن يتأمل المشهد السياسى يجد كل مساؤى عهد مبارك مضافا اليها مساؤى الدولة الدينية والتطرف الدينى، ونفس الكلام حدث فى مسودة الدستور، فقد جاءت حاملة لكل مساؤى دستور 1971 مضافا اليها مساؤى الدولة الدينية، حتى أن تفريغ المبادئ الدستورية من مضمونها بإحالتها للقوانين ذكرت 59 مرة فى مسودة الدستور وهو نفس العيب الجسيم الذى كان فى دستور 1971.
ونظرا لصعوبة تناول عيوب الدستور وتشوهاته وتناقض مواده فى مقالة وأحدة أو حتى عدة مقالات سنركز فى هذه المقالة فقط على ملامح وسمات الدولة الدينية كما جاءت فى مسودة الدستور،ففى المادة الأولى مصر هى جزء من الأمتين العربية والإسلامية!! ولكنها تعتز فقط بإنتماءها لافريقيا ولحوض النيل، رغم العكس هو الصحيح، فمصر جزء من أفريقيا وحوض النيل وليست جزء مكملا لباكستان وأفغانستان وماليزيا والصومال واندونيسيا. تأتى المادة الثانية كما هو معروف كعصب للدولة الدينية كما كانت فى دستور 71 ولكن أضيف اليها مادتين كارثيتين وهما المادة (221)والتى جعلت الفقه والتراث الإسلامى كله هو مصدر التشريع، والمادة (4) والتى جعلت تفسير هذا الفقه وهذا التراث منوطا به هيئة كبار العلماء بالأزهر على غرار هيئة تشخيص مصلحة النظام بإيران، وقد صدق الفقيه الحقوقى الكبير الأستاذ عبد الله خليل بقوله أن هذا الدستور جمع اسوأ ما فى الدستور الإيرانى والدستور الباكستانى والفقه الوهابى البدوى السعودى. المادة الثالثة تعاملت بمفهوم أهل الذمة فى الإسلام فأعطت للمسيحيين واليهود الحق فى أحوالهم الشخصية وأختيار قيادتهم الروحية ، وهى حقوق مقررة منذ صدر الإسلام، وحجبت ذلك عن باقى الديانات!!. وفى المادة الرابعة الخاصة بالأزهر اعطاه الدستور حق التمويل من ميزانية الدولة من آجل نشر الدعوة الإسلامية عالميا،وجعل الأزهر سلطة تعلو على السلطات الثلاثة لأن هيئة كبار العلماء به هى التى تفسر للسلطات الثلاثة كل ما يتعلق بالشريعة، والخطورة فى هذا ليس فقط تقييد المشرع برؤية الأزهر ولكن الأخطر تحويل القضاء إلى قضاء شرعى، حيث ينتظر القاضى رأى الأزهر فى معظم القضايا المطروحة عليه ، حيث أن الشريعة عند الإسلاميين تشمل كل شئ، ومن ثم فأن معظم القضايا سوف تعرض على هيئة كبار العلماء لتبيان الرأى الشرعى فيها. المادة (6) تفرغ الديموقراطية من معناها ومضمونها بتقييدها بالشورى،وأيضا اعطت هذه المادة شرعية لقيام أحزاب دينية.المادة (7) تتكلم عن التراحم والتكافل والتضامن بين الأفراد لحماية الأنفس والأعراض والأموال، وهى مصطلحات دينية إسلامية، كما أن المادة عبارة عن حشو لا معنى له. المادة (9) تتكلم عن الأسرة قوامها الدين والأخلاق الوطنية، وهى مادة دينية وحشو آخر لا معنى له. المادة (10) تتحدث عن رعايةالدولة للأخلاق والآداب والقيم الدينية، وهى علاوة على كونها سمة من سمات الدولة الدينية التى ترعى الدين فهى كذلك تضع قيدا على الحقوق والحريات بحجة رعاية الدين والاخلاق. المادة (11) هى جزء من توابع الدولة الدينية التى تعمل على علو اللغة العربية بل وتضيف كارثة جديدة هى العمل على تعريب العلوم،وإذا مرت هذه المادة فلن تفاجئ عزيز القارئ بعد عدة سنوات بكتب تدرس بكلية الطب بعناوين " الصريح فى التشريح"، " وبن المنظار فى طب الأطفال"، " والوليد فى النسا والتوليد"، "والفهامة فى التطبييب بالحجامة". المادة (37) تقول أن "حرية الاعتقاد مصونة"، وكانت فى مسودة 10 اكتوبر بنص "حرية الاعتقاد مطلقة"، وهناك فرق شاسع بين كلمة مطلقة ومصونة وبين الحريات الدينية وحرية الاعتقاد، ولكن المادة لم تكتفى بهذا بل اضافت " وتكفل الدولة حرية إقامة دور العبادة للأديان السماوية الثلاثة على النحو الذى ينظمه القانون"،وهذا النص الشاذ يقيد حق الاعتقاد بما يعرف بالأديان السماوية التى يعترف بها الإسلام فقط، بل أن المتطرفين قد يطعنون فى اليهودية والمسيحية بزعم أنها حرفت،أما ترك حرية بناء المساجد والكنائس للقانون فهذا يعنى استمرار الوضع القائم، فلن يصدر قانون ابدا يساوى بين المسجد والكنيسة ومن ثم سيستمرون فى اعتماد الخط الهميونى والشروط العشرة المجحفة كقانون، فى حين سيستمر بناء المساجد سداح مداح بدون ضابط ولا رابط. مادة (38) تقول "يحذر الإساءة أو التعرض إلى الرسل والأنبياء كافة"، وهى مادة موجهة خصوصا ضد الأقباط حيث أن الإساءة للمسيحية واليهودية تحدث كل يوم فى مصر ولا يقدم للمحاكمة إلا القبطى إذا أنتقد الإسلام ودافع عن دينه. مادة (52) تمثل ملمح آخر من ملامح الدولة الدينية بفرض التربية الدينية كمادة أساسية فى التعليم قبل الجامعى.المادة (67) تضيف بعد آخر من آبعاد الدولة الدينية بفرض الدستور حق المعرفة الدينية بالنسبة للطفل،أما المادة (68) فتدمر المساوأة بين الرجل والمرأة بتقييد حقوق المرأة بالشريعة الإسلامية وما يترتب على ذلك من تطبيق رؤية الفقه الجائر على حقوق المرأة. المادة (209) تتحدث عن ما يسمى بالمجلس الاقتصادى والاجتماعى وهو فى الواقع مجلس الشورى الإسلامى أو مجلس "أهل الحل والعقد" كما جاء فى كتاب الخراج للماوردى، وطبعا كما جاء فى المادة هناك وجوبية للسلطتين التنفيذية والتشريعية بأخذ رأى هذا المجلس قبل اصدار أى قوانين أو سياسات. فإذا أضفنا إلى ذلك مادتين وضعا بخبث شديد لتحديد هوية الدولة الدينية وهما المادة (222) التى تجيز نقل العاصمة من القاهرة والتى فسرها الفقية الحقوقى عبد الله خليل بأن واضعيها فكروا فى دولة الخلافة واحتمال نقل العاصمة إلى استبول مثلا أو إلى القدس كما قال صفوت حجازى بأنها ستكون عاصمة الخلافة،أما المادة (223) فتجرد الدستور من تحديد هوية الدولة وتعطى للأغلبية البرلمانية حق تحديد علم الدولة وشعاراتها وأوسماتها وخاتمها ونشيدها الوطنى،أى أن كل ما يتعلق برموز هوية الدولة ترك فى يد الأغلبية البرلمانية المتوقع أن تكون إسلامية... فنكون بذلك أمام تخطيط وأضح للدولة الدينية هوية وقوانين وقضاء ورقابة دينية وعاصمة وثقافة.
والأخطر من ذلك خلو مسودة الدستور كلها من كلمة واحدة عن الدولة المدنية ،كما أنها تخلو تماما من أى اشارة إلى مواثيق حقوق الإنسان الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة والمنظمات الأقليمية كمرجعية دولية للحقوق والحريات.
إذا مر هذا الدستور الكارثى ستعود مصر قرونا إلى الوراء فى وقت تتسارع فيه حركة التاريخ.



#مجدى_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دراما الأنتخابات الأمريكية
- تحية للبطل الشهيد أفرايم إبراهيم مرزوق ووالده
- مصر على خطى باكستان
- محنة فريد زكريا ومحنتنا
- التاريخ الناطق بمتحف الهولوكوست
- هل التنوع أضعف أمريكا بعد العولمة؟
- مملكة الإرهاب فى غزة
- خمس سنوات على إنقلاب حماس فى غزة
- وكالة أنباء مسيحى الشرق الأوسط
- مرسى يأخذك إلى الجنة
- جماعة الاخوان المسيحيين
- اختزال حل المشاكل فى نائب الرئيس
- رئيس مدنى أم رئيس إسلامى
- لماذا فاز مرسى؟
- ملاحظات على الأنتخابات الرئاسية
- الصراع على شكل النظام السياسى فى مصر
- حول الوضع الراهن فى مصر
- صحة الرؤساء فى النظام الديموقراطى
- ألاعيب الأخوان المسلمين
- بأى صفة يحاكمون الأقباط؟


المزيد.....




- تشييع جثمان شاب فلسطيني قتله الجيش الإسرائيلي في الضفة الغرب ...
- أطعمة مزودة بنكّهات مدخنة متهمة بالتسبب بـ-السمية الجينية-
- صافرات الإنذار تدوي في سيدروت بعد هجوم صاروخي لـ-القسام- على ...
- -حزب الله-: استهدفنا انتشارا لجنود الجيش الإسرائيلي ‏بصواريخ ...
- مقتل فلسطيني في مخيم بلاطة بنابلس
- بالفيديو.. طائرة مسيّرة تابعة لكتائب -القسام- تسقط قذيفة على ...
- رويترز: مقتدى الصدر يستعد للعودة للحياة السياسية
- -حماس- تدين تصريحات لبايدن زعم فيها أن إنهاء حرب غزة مرهون ب ...
- المنامة.. تواصل التحضيرات للقمة العربية
- -القسام- تفجر منزلا مفخخا بجنود إسرائيليين هربوا إليه في عمل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مجدى خليل - دستور قندهار