أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الحسين أيت باحسين - المغرب مرجع لتدبير التعدد اللغوي














المزيد.....

المغرب مرجع لتدبير التعدد اللغوي


الحسين أيت باحسين

الحوار المتمدن-العدد: 3896 - 2012 / 10 / 30 - 22:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن ما عانت منه الأمازيغية عبر تاريخها المعروف يتلخص في شيئين أساسيين هما: عدم الكتابة بها وعدم مأسستها، أي عدم التكفل بها من قبل مؤسسات رسمية، بالرغم من أن أغلب الأنظمة السياسية التي توالت على شمال إفريقيا عامة، وعلى المغرب خاصة، منذ العصور القديمة، كان الأمازيغ هم الذين يقومون بتدبير شؤون مؤسساتها. وازداد تهميشها حين اعتمدت المؤسسات الرسمية لغات أخرى كالفرنسية منذ إرساء مؤسسات الحماية وبعد الاستقلال مع هيمنة التوجه القومي العروبي، وبصفة أخص مع ظهور دساتير تنص على اللغة الرسمية التي ينبغي اعتمادها في مختلف المؤسسات الرسمية.
لقد لعبت الحركة الأمازيغية دورا أساسيا في المطالبة برفع هذا التهميش عن الأمازيغية لغة وثقافة وهوية وحضارة، الشيء الذي بادرت الدولة المغربية إلى الاستجابة له منذ أواسط التسعينيات مع الخطاب الملكي ل 20 غشت 1994، حيث تمت الدعوة إلى إدماج الأمازيغية في التعليم والإعلام. لكن هذا الاعتراف سيكون واضحا وصريحا، بل وتاريخيا، مع الخطاب الملكي بأجدير ومع الظهير المؤسس للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في 17 أكتوبر 2011 الذي دعا إلى ضرورة رد الاعتبار للأمازيغية والنهوض بها واعتبارها مِلْكا لكل المغاربة بدون استثناء. وما سيجسد هذا الاعتراف الرسمي بالأمازيغية هو بناء مقر خاص بالمؤسسة التي أوكلت إليها مهام تدبير هذا الاعتراف. ويتجلى هذا التجسيد في ما يرمز إليه من حيث شكله العمراني وفي مكان تواجده بالنسبة لعاصمة المملكة إذا ما استحضرنا مكان تواجد مسجد وصومعة حسان الموحديين (نسبة إلى دولة الموحدين التي أسسها المهدي ابن تومرت) وفي ما يحتويه معمار هذا المقر من رموز ثقافية تجعله بمثابة متحف غني بالدلالات الرمزية للثقافة الأمازيغية الممتدة من المحيط الأطلسي إلى سيوة ومن البحر الأبيض المتوسط إلى بلدان جنوب الصحراء، حيث تتواجد الأمازيغية. يضاف إلى هذا التجسيد الرمزي توفر المؤسسة على بنية بحوث ودراسات تتشكل من مراكز تهتم بمختلف جوانب اللغة والثقافة الأمازيغيتين: لغة، أدب، تاريخ، سوسيولوجيا، أنتروبولوجيا، بيئة، تعابير فنية، بيداغوجيا، ديداكتيك، معلوميات وغيرها من الجوانب الأخرى التي من شأنها أن تساهم في رد الاعتبار للأمازيغية والنهوض بها.
وبالفعل فقد استطاع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية؛ بالرغم من عدم توفر الحماية القانونية لتجد مهامه طريقا للتجسيد من خلال المؤسسات؛ أن ينجز في إطار مهامه ما يمكن أن يجعل المغرب مرجعية في ما يخص كل تخطيط لتدبير رد الاعتبار للأمازيغية والنهوض بها. لقد ألف في ظرف وجيز، وفي مختلف المجالات، ما يقارب الـ 200 بحثا ودراسة وإبداعا وغيرها من المجالات التي شارك في إنجازها باحثو مختلف مراكزه وباحثون مهتمون بالأمازيغية من خارج المؤسسة. كما ساهم، من خلال شراكاته مع الجمعيات الثقافية الأمازيغية ودعمه المادي لها، في رد الاعتبار للأمازيغية لدى شرائح واسعة من المجتمع المغربي من خلال ما قامت بها هذه الجمعيات من أنشطة إشعاعية ومن تكريمات لفنانين ومبدعين في مختلف مجالات الأمازيغية. كما وقَّع مجموعة من الشراكات مع مجموعة من المؤسسات الرسمية من أجل إدماج الأمازيغية فيها؛ لكن هذه المبادرات، وإن أتت بعض أكلها في البعض منها، فإنها عرفت في بعضها الآخر تعثرا لعدم وجود حماية قانونية، أي عدم دسترتها.
من جانب آخر، لا يمكن؛ لمن يعرف جيدا ما يمكن أن تساهم به الأمازيغية في تحقيق المواطنة الحقة وفي الديمقراطية الحقيقية وفي التنمية الشاملة؛ إلا أن ينوه بهذه الدسترة وذلك الترسيم. إذ أصبحت الدسترة واقعا منذ الفاتح من يوليوز 2011 واشترطت أجرأة الترسيم بوضع قانون تنظيمي يستلزم بدوره وضع مراسيم تطبيقية لأجرأة ذلك الترسيم. ولذلك فإن دسترة الأمازيغية كلغة رسمية يطرح على الجميع، دولة ومجتمعا مدنيا، مزيدا من المبادرات السياسية الإيجابية تجاه أجرأة ترسيم الأمازيغية. بل ويستلزم ذلك تمييزا إيجابيا تجاه الأمازيغية لكونها عانت من التهميش منذ بداية الاستقلال نتيجة التمييز السلبي الذي مارسته أيديولوجيا القومية العروبية. لكن البوابة الرئيسية لهذا التمييز هو الإسراع بإخراج القانون التنظيمي ووضع المراسيم التطبيقية لأجرأة ذلك الترسيم. وبذلك ستكتمل لحظة الترسيم وسيتفرغ الجميع لمساطير التأهيل المؤسساتي للأمازيغية وتبؤئتها المكانة اللائقة بها وجعلها تقوم بمهمتها الثقافية والتنموية والحضارية؛ وذلك أقصر الطرق للمصالحة الذاتية بين المغاربة ولجعلهم يتفرغون لمواجهة التحديات الكبرى الأخرى؛ وأهمها التفكير في ما يمكن أن نتركه من إرث حضاري عام يمكن لأجيالنا القادمة أن تفتخر به؛ لأن الشعوب التي تفكر في تقدمها هي التي تستحضر في كل تخطيط ، مستقبل أجيالها الصاعدة.

الحسين أيت باحسين
باحث بمركز الدراسات الأنتروبولوجية والسوسيولوجية
بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، سابقا
ونائب الكاتب العام للجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي، حاليا
(المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية وتدبير الشأن الأمازيغي، استقراء الرأي، الرباط، اكتوبر 2012، ص. 29-30)



#الحسين_أيت_باحسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التقاعد بين التكريم والكرامة
- الأمازيغية والعربية وما بينهما من اتصال وانفصال
- الأمازيغية وتكريس قيم الديمقراطية والحداثة والمواطنة الحقة
- الإنسان والحيوان (مقاربة أنتروبولوجية)
- الأمازيغية والحاجة إلى الحماية القانوية
- رأي حول الأمازيغية منذ 16 سنة خلت (1996) - فما الذي تغير بعد ...
- حدث دسترة الأمازيغية بالمغرب بداية تلمس طريق سليم
- الأمازيغ في المغرب، لا يناضلون للحصول على الجنسية المغربية
- علاقة الهجرة بأزمة الهوية في الأسطورة الأمازيغية (حمّو ؤنامي ...
- أسطورة -حمو ؤنامير- الأمازيغية وجدلية البداية والنهاية
- لمحة / إحالة ببليوغرافية حول موضوع: الهوية في علاقته بالأماز ...
- رمزية الشجرة في الأسطورة الأمازيغية
- مساهمة في دراسة بعض أنماط التحالف في المجتمع المغربي وآليات ...
- الأمازيغية وعلاقة السياسي بالثقافي
- الاحتفال برأس السنة الأمازيغية
- ظاهرة الاحتفال عند المغاربة (عاشوراء: طقوس ودلالات، نموذجا)
- الطوبونيميا والبيئة (بيئة بليونش - من خلال مصادر تاريخية وأد ...
- حول المرجعية الفلسفية لكتابات الصافي مومن علي
- دور المرأة الأمازيغية في الحفاظ على البعد الأمازيغي للهوية ا ...


المزيد.....




- استهداف أصفهان تحديدا -رسالة محسوبة- إلى إيران.. توضيح من جن ...
- هي الأضخم في العالم... بدء الاقتراع في الانتخابات العامة في ...
- بولندا تطلق مقاتلاتها بسبب -نشاط الطيران الروسي بعيد المدى- ...
- بريطانيا.. إدانة مسلح أطلق النار في شارع مزدحم (فيديو)
- على خلفية التصعيد في المنطقة.. اتصال هاتفي بين وزيري خارجية ...
- -رأسنا مرفوع-.. نائبة في الكنيست تلمح إلى هجوم إسرائيل على إ ...
- هواوي تكشف عن أفضل هواتفها الذكية (فيديو)
- مواد دقيقة في البيئة المحيطة يمكن أن تتسلل إلى أدمغتنا وأعضا ...
- خبراء: الذكاء الاصطناعي يسرع عمليات البحث عن الهجمات السيبرا ...
- علماء الوراثة الروس يثبتون العلاقة الجينية بين شعوب القوقاز ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الحسين أيت باحسين - المغرب مرجع لتدبير التعدد اللغوي