أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الحسين أيت باحسين - رأي حول الأمازيغية منذ 16 سنة خلت (1996) - فما الذي تغير بعد ترسيمها في الدستور الحالي؟















المزيد.....


رأي حول الأمازيغية منذ 16 سنة خلت (1996) - فما الذي تغير بعد ترسيمها في الدستور الحالي؟


الحسين أيت باحسين

الحوار المتمدن-العدد: 3842 - 2012 / 9 / 6 - 16:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



رأي حول الأمازيغية منذ 16 سنة خلت (1996)
فما الذي تغير بعد ترسيمها في الدستور الحالي؟

(حوار حول القضايا و الرؤى المستقبلية للأمازيغية ودور الفعاليات الثقافية والجمعيات في بلورتها)

في البداية لا يسعنا إلا أن نتقدم بتشكراتنا للأستاذ المحترم أيت با حسين الحسين على رحـابـة صـدره و إجاباته المركزة والمشفية للغليل على أسئلتنا كما نشكره على قبوله لإجراء هذا الحوار الذي نهدف من خلاله تسليط الأضواء على جل القضايا الراهنة المتعلقة بالأمازيغية خاصة بعد الخطاب الملكي السامي بمناسبة 20 غشت 1994 الذي يشكل في حد ذاته حدثا تاريخيا هاما.

فيما يلي نص الحوار:
سؤال - مجرد سماعنا لإسم الأستاذ أيت با حسين الحسين تتبادر إلى ذهننا قضية الاهتمام بالأمازيغية في إطار العمل الجمعوي ... كيف تفسرون هذا الاقتران استاذ؟ ثم ماذا عن الجمعية التي تعملون في إطارها؟ وما هي إنجازاتها؟
جواب - في البداية أشكرك، ومن خلالك، أشكر جريدة "التكتل الوطني" التي خصصت ضمنها حيزا هاما للأمازيغية خدمة لكل المهتمين باللغة والثقافة الأمازيغيتين، خاصة وأن هؤلاء هم ضحية حسابات حزبية ضيقة في الوقت الذي لايأملون إلا القيام بواجبهم الوطني تجاه مكون لغوي وثقافي وحضاري لن يكون من شأنه إلا تعزيز الوحدة الوطنية وتفعيل التنمية الشاملة. ونتمنى أن تصبح الصفحة المخصصة للأمازيغية، ضمن جريدتكم، يومية. كما نشكر كل القائمين والساهرين على إنجاز وإعداد وإخراج الصفحة الأمازيغية ضمن جريدتكم. أما فيما يتعلق بسؤالكم حول الاقتران بين الاهتمام بالأمازيغية وبين العمل الجمعوي، فتجدر الإشارة إلى أنني قررت الالتحاق بالجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي، والتي لازلت أعمل في إطارها إلى الآن، منذ السبعينات وبالضبط منذ سنة 1970؛ وذلك لأسباب ذاتية وموضوعية لاداعي لذكرها. فهي مجرد دوافع شخصية تهمني أكثر مما تهم القارئ، ولذلك سأنتقل إلى الشق الثاني من سؤالكم المتعلق بالتعريف بالجمعية التي أعمل في إطارها وبإنجازاتها؛ ففي ذلك فائدة عامة و هامة للقارئ؟
ولكن لا أعتقد أن تعريف الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي، وأن قياما بجرد لكل إنجازاتها بدورهما سيضيف جديدا خاصة للمهتمين بالحقل اللغوي والثقافي الأمازيغي. فلكونها مارست العمل الثقافي الأمازيغي منذ أزيد من ربع قرن، ولكونها متوفرة على فروع متواجدة في أغلب مناطق المغرب، ولكونها منضوية تحت المجلس الوطني للتنسيق إلى جانب مجموعة أخرى من الجـمعـيـات الثـقـافيـة الأمازيغية ذات نفس الاهتمام ، وتقوم بدور التنسيق بين هذه الجمعيات مع العلم أن هذه الجمعيات تغطي باقي االمناطق التي لا تتواجد فيها فروع لها بالإضافة إلى أن من بين هذه الجـمعيات تلك التي لها فروع كثيرة أيضا مثل الجمعية الجديدة للثقافة والفنون الشعبية، كل هذا يجعل كل تعريف بها بمثابة تكرار لما يعرفه، خاصة، المهتمون باللغة والثقافة الأمازيغيتين. كما أن ما قامت به من أيام و أسابيع ثقافية في مختلف المدن المغربية وما شاركت به إلى جانب الجمعيات الأخرى من تظاهرات وأصدرته مع هذه الجـمعـيات في إطـار المـجـلس الوطني من مواقف وبيانات وما أصدرته من أبحاث ودراسات وإبـداعـات أمـازيـغيـة ومـن دوريـات من بينها مجلة " أمود" وجريدة "تامونت" ومشاركتها ضمن المناظرات الوطنية كالمناظرة الوطنية للإعلام والمجلس الأعلى للثقافة؛ كل ذلك ساهم في التعـريف بهـا وبمواقفها وإنجازاتها ضمن جمهور ثقافي وسياسي عريض. وأريد أن أشير، ضمن سؤالكم هذا، إلى أهم الأهداف التي تعمل الجمعية على تحقيقها والتي ما فتئت تصرح به من خلال الوثائق الرسمية التي تصدرها بشكل صريح.
ففي إطار الانشغال بالثقافة الوطنية بكل مكوناتها وخاصة منها الأمازيغية والعربية في إطار العمل على تنميتها تهدف الجمعية إلى تحقيق ما يلي:
1 ـ السعي في إطار التواصل والتبادل الثقافي إلى التعاون مع جميع الفعاليات ذات الاهتمام المشترك،
2 ـ السعي لجعل العمل الثقافي أساسا للتنمية الاجتماعية والحضارية، ليس فقط من أجل الحفاظ على الشخصية المغربية، بل من أجل جعل البعد الثقافي يقوم بدوره الفعال في مجال التنمية،
3 ـ العمل على بلورة ثقـافة وطنـية ديمـقراطية عـصــرية تـسـتـوعب الـموروث الثـقافـي الحـضـاري الوطـني وتساهم في الاستقرار السياسي والاجتماعي في بلدنا.

س - ماهي أهمية الخطاب الملكي بمناسبة ذكرى 20 غشت 1994 بالنسبة للأمازيغية بصفة عامة؟ وهل شرع في جني ثمار هذا الخطاب السامي؟
ج - بالنسبة للحركة الثقافية الأمازيغية، يعتبر الخطاب الملكي بمناسبة 20 غشت1994 بمثابة الحدث التاريخي والسياسي الذي وضع حدا للتساؤلات حول "الماذا" أي حول المطالبة بالحق والمشروعية ودعا إلى التفكير في "الكيف" أي التفكير في صيغة تحقيق هذه المشروعية، فمن الناحية المبدئية أضفى الخطاب الملكي السامي ل 20 غشت 1994 المشروعية للخطاب الذي عرفته الحركة الثقافية الأمازيغية منذ لقاء الجامعة الصيفية بأكادير صيف 1980 والمتمحور حول دعوة مختلف القوى الديمقراطية لتدعيمه ألا وهو بناء تصور وحدوي متكامل للثقافة الوطنية المغربية انطلاقا من مبدأ الوحدة في التنوع وذلك من أجل وضع تصور سليم لمكونات الثقافة الوطنية.
وفي هذا الإطار يعد الخطاب الملكي ل 20 غشت 1994 حدثا تاريخيا وسياسيا هاما لكونه سجل موقفا إيجابيا لصالح النظرة التعددية إلى التاريخ وإلى الهوية الثقافية الوطنية.
ويعتبر كذلك نقطة تحول هامة لكونه ـ وفي إطار مناسبة ذات مغزى هام لا يجهله المغاربة ألا وهو ثورة الملك والشعب ـ وضع حدا لكل التهم التي ألصقت بالخطاب حول اللغة والثقافة الأمازيغيتين ولذهنية التفكير في الآخر أكثر من التفكير في الذات وذلك بالدعوة إلى إعادة النظر في ثلاث قضايا جوهرية تهم وحدتنا الوطنية وأصالتنا المغربية وهي: قراءتنا لتاريخ المغرب، مفهـومنا للهـوية الثقـافية الـوطنية و نظرتنا إلى التعدد اللغوي والتنوع الثقافي .
كما أن الخطاب الملكي ل 20 غشت 1994 أبرز استحالة الزعم بوجود "عروبة خالصة" في المغرب وذلك بالإشارة إلى تجاور الأمازيغية والعربية في بناء تاريخ المغرب وفي صنع الأحداث الجسام في حياة هذا الوطن.
أما فيما يتعلق بالشق الثاني من سؤالكم، فباستثناء ما يسمى بنشرة اللهجات وما خلفه الخطاب الملكي من تساؤلات أهمها يتأرجح بين التساؤلات التشكيكية وبين التساؤلات التعجيزية والمتمحورة حول مختلف الصعوبات والعوائق التي تقف دون الانتقال إلى مرحلة التطبيق ـ باستثناء هذا ـ لا نلاحظ خارج الحركة الثقافية الأمازيغية شيئا يستحق صفة جني ثمار الخطاب السامي سواء من طرف مؤسسات الدولة كوزارة التربية الوطنـية المعـنية بـتـدريـس الأمــازيغـيـة أو من طرف الهـيئـات السـياسيـة والـجـمعيـات الثقـافية أو المنظمات الأخرى، وإن دل هـذا على شيء فإنما يدل على أن ذهنية التردد والتأرجح لازالـت مهيمنة، ولن تخسر في ذلك إلا رسالة التحدي المتجدد لبناء مستقبل الأمة المغربية.

س - أمام هذا الخطاب الحدث، ما هي المسؤولية الملقاة على كاهل الجمعيات الثقافية وجميع الفعاليات الأمازيغية من أجل تحقيق المطالب على أرض الواقع ؟
ج- في البداية تجدر الإشارة إلى أن المسؤولية عن تجدير روح الخطاب الملكي على أرض الواقع، ليست مسؤولية الجمعيات والفعاليات الثقافية الأمازيغية وحدها، سواء من حيث المبدإ أو من حيث الإمكانيات الضرورية، فالمسؤولية مسؤولية مؤسسات الدولة قبل كل شيء، والهيئات السياسية ومخـتلـف المـنظـمات والجمعيات الأخرى، فقضية الأمازيغية كمكون لغوي وثقافي وحضاري للشعب المغربي هـي قضـية وطـنيـة ولا تخص بـعض الـشعب الـمغربي دون بعضه وإلا سقطنا فيما يعارض، تاريخيا ومنطقيا، الوحدة الوطنية التي ما فتئ الجميع ينادي بضرورة الحفاظ عليها .
وتجدر الإشارة أيضا إلى أن منطلق أي حل طبيعي وعلمي ومنطقي للقضية الأمازيغية في مختلف أبعادها يقتضي ضرورة تجاوز المنظور الشفوي للغة والثقافة الأمازيغيتين السائد إلى حد الآن، وما استلزمه من تصورات ومتطلبات وخطاب مطلبـي حقـوقي والـعمل على تأسـيس مـنظور كتابي للغة والثقافة الأمازيغيتين، وما يتطلبه من كيفيات تحقيق هذا المنظور؛ وذلك من أجل جعل كل المواطنين يساهمون في تحقيق التنمية الشاملة بدافعية وبوعي يكون مشعله العمل على تحقيق الوحدة الوطنية بمفهومها التاريخي الحضاري.
لقد قامت الحركة الثقافية الأمازيغية المتمثلة في كل الجمعيات الثقافية المهتمة باللغة والثقافة الأمازيغيتين؛ وخاصة منها المنضوية تحت لواء المجلس الوطني للتنسيق؛ بمجهودات لتنمية المركب اللغوي الثقافي الحضاري الأمازيغي وبلورت وعممت منذ حوالي 1980 حتى الآن خطابا مطلبيا عاما يدعـو المـسـؤولـيـن والطبقة السياسية بأجمعها للقيام بواجبهم في هذه التنمية. ولكن يلاحظ كما يشير إلى ذلك الأستاذ وعزي الحسين: "أن الطبقة السياسية تتصف بالقصور البنيوي فيما يخص إدراك أهمية الـبعد اللغوي والثقافي والحضاري الأمازيغي في التنمية الشاملة وتطـورها الـبـطيء فـي هـذا الـمجـال" إذ ـ يضيف الأستاذ وعزي الحسين ـ "لا تتوفر الأحزاب السياسية المغربية بأجمعها حاليا على تصور حول ماذا سيدرس؟ وكيف سيدرس؟ بل لا أحد منها يتوفر حاليا ولو على لجنة مهتمة باللغة والثقافة الأمازيغيتين سواء على الصعيد الوطني أو على الصعيد الجهوي، كما لا تتوفر النقابات التعليمية وكذا وزارة التعليم نفسها على أي تصور في هذا الصدد، (تامونت، العدد الخامس، أكتوبر 1994، ص 6).
أمام هذا التصور يبدو فعلا أنه لا يمكن الاسـتـغنـاء عن آراء وغيرة الجمعيات الثقافية الأمازيغية وكذا المختصين في مجـال اللسـانيـات الأمـازيغـيـة والكتاب والمبدعين بهذه اللغة؛ وهذا ما تم التنبيه إليه في أكثر من مناسبة ومن أكثر من منبر ومن خلال أكثر من بيان ومذكرة؛ وآخرها ما طالب به الأخ الشعبي الحسين في البرلمان بمناسبة انعقاد اللجنة الوطنية حول قضايا التعليم؛ لكن لم تتح الفرصة لهذه الجمعيات ولا للفعاليات الثقافية الأمازيغية المتخصصة في مجالات البحث والتعليم والتأطير التربوي لحد الآن. فبالرغم من أن القرار الملكي القاضي بتدريس الأمازيغية علاوة على أنه جعل الموضوع هما وطنيا مشتركا، حول المطالبة بالحق والمشروعية إلى التفكير في صيغة تحقيقها، فإننا إذا ما تجاوزنا الصمت الواضح لدى فئة من الطبقة السياسية، نلاحظ أن كثيرا من التساؤلات التي صدرت من فئات أخرى يبدو أن الهدف منها ليس الرغبة في المشاركة في إيجاد صيغة لتحقيق مكسب ديمقراطي لا غبار عليه، بقدر ما ركزت في أغلبها على العوائق والصعوبات في صيغة تعجيزية ترمي في نهاية المطاف إلى الاعتراض المقنع والمكبوت على الحق في تعليم لغة وطنية.
ويكفي الجمعيات الثقافية الأمازيغية أنها وإن وعت أن المرحلة الراهنة تستلزم تكريس الجهود لإيجاد حلول الــ"كيف؟" فإنـها بالرغم من ذلك استمـرت بعد الخـطاب الملـكي، وفي إطـار المجـلس الوطـني للـتنـسيـق وإصدار مذكرات في الموضوع إلى الجهات المسؤولة، في شكل مبادئ عامة من شأنها أن تساهم في بلورة مشروع تعليم الأمازيغية في سياقه التاريخي والثقافي والتربوي الصحيح، لكن لحد الآن لم تتلق الجمعيات الثقافية ما من شأنه أن يساعدها في تحمل مسؤوليتها المنوطة بها.

س- لقد شرع في بث نشرة إخبارية أمازيغـية على شاشـة التـلفزة، ما رأيكـم أسـتاذ في التـسمية: "نشرة اللهجات" و في شكل و مضمون هذه النشرة ؟
ج - تعتبر النشرة الإخبارية الأمازيغية على شاشة التلفزة مكسبا، خاصة بالنسبة للمواطنين المغاربة الذين لا يثقنون إلا اللغة الأمازيغية.
كما ينبغي التنويه بالطاقم العامل في إطار هذه النشرة الإخبارية الأمازيغية المتلفزة الذي يبذل مجهودات جبارة لأداء رسالته في إطار فراغ من حيث المعجم اللغوي القادر على مسايرة لغات التواصل الإعلامي المتجدد يوما عن يوم في عصرنا الحاضر.
لكن، وباختصار، كل المتتبعين لهذه النشرة يؤاخذون عليها الكثير، الكثير: من حيث التسمية ومـن حيـث الشكـل ومـن حيـث المـضمون. وأنـا من بـيـن هـؤلاء المـؤاخـذين عليها تسميتها وشكلها ومضمونها، لسبب واحد وهو أنها بذلك تزكي في آن واحد المنظور التجزيئي والذهنية الترددية بصدد الرغبة في التعامل الديمقراطي مع المكون اللغوي والثقافي الأمازيغي والنظرة التبخيسية لهذا المكون، ما دامت النشرة المتلفزة هذه تختزل البعد اللغوي والثقافي والحضاري الأمازيغي في عشرة دقائق، يتم تكرار مضمونها ثلاث مرات؛ وبذلك يصبح نصيب هذا المكون كل يوم ست دقائق!

س- ما هو البرنامج التعليمي الذي تطرحه الأمازيغية من أجل تدريسها؟ و ماهي الإجراءات العملية المزمع اتخاذها في ها الموضوع؟ مسألة الكتابة هل ستكتب الأمازيغية بالحروف العربية أم اللاتينية أو ستعتمد على حروفها العريقة : تيفيناغ؟
ج - الإجابة على سؤالكم هذا تقتضي في البداية التوضيحات الثلاث الآتية:
1 ــ وضع البرنامج التعليمي لتدريس الأمازيغية وتحديد الإجراءات العملية التي ينبغي اتخاذها لتجسيد القرار الملكي في أرض الواقع من مسؤولية مؤسسات الدولة المعنية وخاصة وزارة التربية الوطنية.
2 ــ فيما يتعلق باختيار الحرف الذي يمكن أو ينبغي اعتماده لتدريس الأمازيغية هي قضية تتوزعها مشاكل تقنية وخلفيات إيديولوجية ولكن إذا كانت المشاكل التقنية قابلة للحل فإن محاولة تقديم حل للخلفيات الإيديولوجية المرتبطة باختيار أي حرف من الحروف المعـتمدة الآن داخـل الحـركة الثقـافية الأمازيغية (تيفيناغ ـ عربي ـ لاتيني ) تبدو بمثابة مشكلة معقدة.
3 ــ للتمييز بين المشكلات الواقعية وبين المشكلات الوهمية والمصطنعة علينا أن نميز بصدد الأمازيغية بين المستوى الشـفـوي كواقـع لغـوي للأمـازيغـيـة الآن وبين مستوى المرحلة الانتقالية المزمع الإقبال عليها وهي مستوى الكتابة.
من هذه المنطلقات يصبح الموقف أو تبدو المواقف التي تحصر الحوار في الحديث عن الأمازيغية وعلاقتها بالتعليم في نقاش تقني حول العوائق التي تحول دون إمكانية تدريس الأمازيغية باعتبارها لهجات مختلفة تبدو هذه المواقف بمثابة مواقف عدائية ولا علمية وتستعمل طرقا ملتوية وتجعل من الصعوبات شروطا تعجيزية لتنتهي أو توحي بالجزم باستحالة إمكانية إدراج الأمازيغية في البرنامج التعليمي بسبب ذلك.
بصدد الحرف الذي يمكن اعتماده ونظرا لكون المشكلة الجوهرية المرتبطة به تكمن فيما هو إيديولوجي أكثر مما هو تقني، فليس هناك إجماع بصدد اختيار حرف معين.
فمن مزايا حرف تيفيناغ كونه ملائم وقادر على استيعاب كل أصوات اللغة الأمازيغية، لكن خلفية اعتماده، إيديولوجيا قد تقلص من فرص احتمال تعميمه بالرغم من القيمة التاريخية وكذا الفنية والحضارية وكذا التراثية لـثقـافة وحضـارة هـي جزء من ثـقافـتنـا وحضارتنا العريقة.
أما من مزايا اعتماد الحرف العربي كونه سيساعد على أن يستفيد أكبر عدد ممكن من المواطنين من اعتماده في تدريس الأمازيغية أو في الكتابة الأمازيغية كما أن خلفية اعتماده أيديولوجيا ستزيد من حظوظ احتمال تعـميمه بالـرغم من أنه سيـطرح مشاكـل تقنية في عملية استيـعاب أصـوات الـلغـة الأمـازيغيـة ويتـركب عـن ذلك ضرورة اللجوء إلى إضافة علامات ورموز وحركات للحروف للتمييز بين مختلف الأصوات التي لا يوجد في الحروف العربية إلا رسم واحد يستطيع أن يقابلها.
وأما من مزايا اعتماد الحرف اللاتيني، كونه لا يطرح من المشاكل التقنية إلا القليل اليسير بالمقارنة مع الحرف العربي إذ هو قابل لاستيعاب أصوات اللغة الأمازيغية، لكن خلفية اعتماده أيديولوجيا قد تجد مواجهة عنيفة وستكون بمثابة حصان تروادة للإجهاز على أي مشروع يعتمد الحرف اللاتيني وبذلك سيبقى حرف المختصين خاصة في العلوم اللسانيـة وبـالنسـبـة للـذيـن يتـقـنون إحدى اللغات اللاتـينية.
وفيما يتعلق باقتراحات الحركة الثقافية الأمازيغية من خلال مختلف إصداراتها ومن خلال مقترحات الفعاليات المنتمية إليها يمكن إجمال القول فيما يلي:
1 ــ إن العمل على تدعيم مشروع توحيد اللغة الأمازيغية وإضفاء الصبغة المعيارية عليه من شأنه أن يحول ضد جميع الرؤى التجزيئية الجهوية وبالتالي العمل على تدعيم الوحدة الوطنية بمفهومها التاريخي، فالخطاب الملكي ركز على هذا المفهوم (مـفهـوم الـتـاريخ) وعالجه في مختلف أبعاده الثـقـافيـة والفـلسـفيـة والسياسية والحضارية، إذ لم ينل أي مفهوم آخر في خطاب 20 غشت 1994 ما ناله مفهوم التاريخ من الحضوة، فقد ورد 22 مرة ليوظف في مختلف الأبعاد المشار إليها وفي غيرها من الأبعاد، ففي مجموعة من الفقرات من الخطاب ورد هذا المفهوم بشكل مكثف وبتحليل معمق وفي مختلف الأبعاد ونكتفي بالإشارة إلى الفقرة المتعلقة بالقرار الملكي بإدماج الأمازيغية في التعليم: " فأنا - يقول جلالة الملك - خديمكم المخلص لست أبدا ضد اللهـجـات بل أنـا إنـســان شــغــوف بالــتـاريــخ وبفلسفة التاريخ الشيء الذي يجعلني أحلل مقومات تاريخنا، والتاريخ إن لم يكن مصنوعا من عبقريات متعددة وأصالات متنوعة وعادات يتباهى بعضها مع بعض لن يكون أبدا تاريخا بل سيصبح سلسلة من الأحداث لا يصنعها المرأ بل يرغم عليها و يتحملها".
وتجدر الإشارة إلى أن لجنة وطنية لتوحيد الكتابة والمعجم، مكونة من أزيد من 20 متخصصا في مجـالات الـتـربية والتعليم واللسانيات من مدرسين ومفتشي التعليم وباحثين منتمين لمختلف أسلاك التعلـيم ومن مختلف مناطق المغرب قد شكلت في إطار المجلس الوطني للتنسيق من أجل اقتراح حلول لهذه المشكلة المعقدة والتي تترابط فيها العناصر الثلاث: المعجم، اختيار الخط، وتوحيد اللغة، لكن الآن و قد أصبحت القضية منوطة أساسا بمؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية فعلى هذه الأخيرة على الأقل أن توفر الإمكانيات المؤسسية والمادية لإيجاد حلول أكثر ملائمة.

س - أستاذ أيت با حسين كلمة أخيرة إلى قراء هذا الحوار ؟
ج - من مـنـظــور وحـدوي ديمقـراطـي ووطـني تـجـدر الإشــارة إلــى أن الخطـاب حـول المكـون اللـغـوي والثقافي الأمازيغي ينبغي أن يسمو على كل الحسابات المصلحية الحزبية، كما عليه أن يضع نصب عينيه دائما أن "من جهل شيئا عاداه" وبالتالي فعلى كل غيور على الوحدة الوطنية في بعدها التاريخي ـ الحضاري أن يسعى إلى جعل كل محاور"إما عن صدق أو عن تملق أو عن ديماغوجية" ـ كما أشار إلى ذلك الخطاب الملكي ل 20 غشت 1994 ـ يعي بأن هذا المكون يعد من "مقومات أصالتنا" وبالتالي فعلى الذين لا زالوا يحملون لواء المناوأة والعداء ويبثون هنا وهناك الريبة والتشكك في مصداقية هذا المكون وفي إمكانيات مساهـمته في تعزيز الوحدة الوطنية وفي تفعيل التنمية ويصدرون من حين لآخر أحكام التبخيس والدونية؛ على هؤلاء ألا يتجاهلوا أن ما يحقق إنسانية الإنسان هو مدى قدرة الإنسـان علـى جـعـل مكـتـسبـاتـه تهـيمن وتسيطر وتعلو على فطرياته لأن إمكانات الإنسان كونية مهما اختلفت أنماط معيشه وتنوعت مناطق تواجده وتعدد أشكال تعبيره؛ وأن ما يحسم في عملية الانتقال مما هو فطري - غرائزي إلى ماهو مكتسب - عقلاني من خلال تاريخ الشعوب هو القدرة على جعل المكتسب يعلو على الفطري ويهيمن عليه، هذه الهيمنة التي لا يمكن أن تتحقق إلا عن طريق جعل الكتابة تهيمن على الشفوية.
أما بالنسبة لكثير من شبابنا الذين لازالوا يضيعون كثيرا من الوقت في المناقشات السفسطائية والعقيمة التي لا تستهدف إلا جعل التصورات الريبية بصدد المكون اللغوي والثقافي الأمازيغي تستمر، لهؤلاء أقول أن من واجبهم أن يـكرسـوا مـجهـوداتهـم لجعـل مـن يجهـل بصـدق دور وأهـمية المكون اللغوي والـثقـافي الأمـازيـغي فـي الـمساهـمة فـي تحقيق الوحدة الوطنية والتنمية الشامـلـة، يعـون كيـفـيـات وميكانيزمات ذلك الدور وغايات الأهمية وذلك بالانتقال من الخطاب حول "لماذا؟" إلى الخطاب حول "الكيف؟" ولا يتوقف ذلك إلا على ثلاث حاجات هي بمثابة حاجات أساسية يتوقف عليها كل إنسان يسعى لتحقيق إنسانيته مهما اختلفت ظروف مـعيشه وتنوعت أشكال تعبيره الثقافي العام وهي: الذكاء والتجربة والمكتسب.


أجرى الحوار مع الأستاذ أيت باحسين الحسين
الأستاذ والصحفي: السيد عبد السلام لعجالي.
جريدة : التكتل الوطني: عدد الأحد ـ الإثنين 9 ـ 10 شعبان 1416
الموافق 31 دجنبر 1995 - فاتح يناير 1996، العدد: 842، الصفحة 3.



#الحسين_أيت_باحسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حدث دسترة الأمازيغية بالمغرب بداية تلمس طريق سليم
- الأمازيغ في المغرب، لا يناضلون للحصول على الجنسية المغربية
- علاقة الهجرة بأزمة الهوية في الأسطورة الأمازيغية (حمّو ؤنامي ...
- أسطورة -حمو ؤنامير- الأمازيغية وجدلية البداية والنهاية
- لمحة / إحالة ببليوغرافية حول موضوع: الهوية في علاقته بالأماز ...
- رمزية الشجرة في الأسطورة الأمازيغية
- مساهمة في دراسة بعض أنماط التحالف في المجتمع المغربي وآليات ...
- الأمازيغية وعلاقة السياسي بالثقافي
- الاحتفال برأس السنة الأمازيغية
- ظاهرة الاحتفال عند المغاربة (عاشوراء: طقوس ودلالات، نموذجا)
- الطوبونيميا والبيئة (بيئة بليونش - من خلال مصادر تاريخية وأد ...
- حول المرجعية الفلسفية لكتابات الصافي مومن علي
- دور المرأة الأمازيغية في الحفاظ على البعد الأمازيغي للهوية ا ...


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الحسين أيت باحسين - رأي حول الأمازيغية منذ 16 سنة خلت (1996) - فما الذي تغير بعد ترسيمها في الدستور الحالي؟