أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - الحسين أيت باحسين - التقاعد بين التكريم والكرامة















المزيد.....

التقاعد بين التكريم والكرامة


الحسين أيت باحسين

الحوار المتمدن-العدد: 3895 - 2012 / 10 / 29 - 02:33
المحور: المجتمع المدني
    


"التقاعد" بين "التكريم" و"الكرامة"
شدرات:
عن "التنويه":
إنني، في البداية، أنوه بمؤسستي: المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية التي أعتز بأن أكون من بين الأوائل الذين ساهموا في تأسيس ورشها، بما له وما عليه، وذلك منذ ثماني سنوات قبل أن "يوافيني" التقاعد الإداري.
وأعتز بمعلمتها كعمران (تحفة) وكرمز (لا أفتأ أعرضه على من يسأل عن دلالاته العمرانية والفنية والثقافية وغيرها...).
عن "ثقافة الاعتراف":
أشكر كل العاملات والعاملين فيها (إدارة ومراكز بحث)، فريقي في المركز وأصدقائي الحاضرين رغم التزاماتهم، شكرا صادقا.
فمما ليس فيه شك أو تشكيك، ولن يكون فيه شك أو تشكيك، هو أن هذه المؤسسة ساهمت في تحقيق مكاسب لم توجد على أرض واقعنا الثقافي والاجتماعي والسياسي قبل تأسيسها. لكن مهمتها الجوهرية هي أنها أداة تحتاج إلى رعايتها كأداة – لا كمكسب – للنهوض بالثقافة الأمازيغية لتحقق مهامها في المجتمع برمته. إذ أن الهدف الجوهري ليس هو التلذذ بالمكاسب الحالية والاستفادة منها، بل إن الهدف البعيد هو التمكين وإتاحة الفرصة لنقل هذه المكاسب للأجال القادمة. لأن الشعوب المتقدمة تضع في نصب أعينها مستقبل أجيالها القادمة.
عن "التكريم":
نحن في يوم دراسي عناصر موضوعه هي:
- تثمين الموارد البشرية،
- النهوض بالثقافة الأمازيغية،
- تكريم أشخاص قدموا خدمات لقضية ولمؤسسة.
إن هذه العناصر، إذا ما تأملناها في جوهرها، تستهدف من خلال ذلك التثمين (تثمين الموارد البشرية) وذلك المبدأ النبيل (النهوض بالثقافة الأمازيغية) وهذا التكريم (تكريم أشخاص قدموا خدمات لقضية ولمؤسسة) كإحساس المعني (ة) بالتشجيع على المثابرة، عِبْرَةً للأجيال القادمة؛ أقول تستهدف تلك العناصر (عناصر هذا اليوم الدراسي) تحقيق أم قيم حقوق الإنسان ألا وهي "الكرامة" (la Dignité)؛ كرامة تلك الموارد البشرية المثمنة وكرامة الحاملين للثقافة الأمازيغية من خلال رد الاعتبار لقيمها النبيلة وبالتالي كرامة كل المغاربة ببنائهم لهوية جديدة تتسم بالمواطنة الحقة.
لن أستفيض في الحديث عن فلسفة هذه القيمة، بل أم قيم حقوق الإنسان هذه (أي الكرامة)؛ بالرغم من أنني من بين الذين (أساتذة ومفتشي الفلسفة) درّسوا حصصا وأطّروا دورات تكوينية في هذا المجال منذ ظهور خطاب حقوق الإنسان ببلدنا. بل أريد أن أشير فقط إلى بعدين من أبعاد هذه القيمة:
أولا: إن الكرامة، كقيمة، يحتاج إليها أي إنسان حاجته للماء والهواء؛ ليس في حياته اليومية فقط بل تعزيزا لما يسعى إليه من صورة يرضاها لنفسه ويرضاها له غيره؛ وهي أيضا "دافعية" (Motivation) ليحقق للقضية التي يؤمن بها وللمؤسسة التي ينتمي إليها ما يحقق ويعزز تلك الكرامة ويجدرها في واقعهما، ويضمن لهما الاستمرار لكي تستفيد منها الأجيال القادمة.
ثانيا: إن تحقيق هذه القيمة (الكرامة) لها ثلاثة أبواب ملكية (Portes Royales): تتمثل في المثلث التالي: الإرادة (le Vouloir) ، القدرة (le Pouvoir) والواجب (le Devoir). لكن، لهذا المثلث نقيض يحول دون تحقيق مراميه ويتمثل في المثلث التالي: الفردانية (l’Individualisme) ، الأنانية (l’Egoïsme) والغرور (l’Orgueil).

عن "الهوية والحلم":
إن تحقيق هذه "الكرامة" لن يتأتى أبدا في إطار "الهوية المعطاة" (l’Identité donnée) ، بل في إطار "الهوية المبنية" (l’Identité construite)، خاصة وأن بلدنا فتح عدة أوراش يتجاذب فيها ما هو محلي وما هو جهوي وما هو وطني إضافة إلى ما هو دولي يتحدى الجميع؛ ونحاول جميعا، يدا في يد، أن نتحدى ما يسعى فيه إلى تفتيت وحدتنا والنيل من كرامتنا كمغاربة.
وهنا يحضرني حوار بين الفيلسوف المسلم ابن رشد ومريده الفيلسوف اليهودي ابن ميمون حول الحلم. فبعد أن استعرض ابن رشد تاريخ الحلم في الثقافات التي يمتلك معطياتها آنذاك والمتمثلة خاصة في آراء ابن سيرين وغيره، سأل ابن رشد ابن ميمون، كمريد له وكطالب في حلقته الفلسفية بالأندلس عن مكانة الحلم في ثقافته اليهودية والعبرية، فأجابه، في ثقافتنا: إذا كان الحلم فرديا فهو مجرد حلم؛ وإذا كان الحلم جماعيا فإنه يتحقق.
فلنجعل العمل على تحقيق كرامة الجميع حلما جماعيا. ولن يتأتى ذلك إلا بالعمل الدؤوب على التوعية (Conscientisation) بهذا الهدف؛ وبدونه سيفشل مشروع ما نقوم به من أجلنا ومن أجل تمريره للأجيال القادمة.

عود على بدء: حول "ثقافة الاعتراف":
إن هذا اليوم الدراسي، ليس باليتيم في مجال عمل مؤسستنا، المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، من أجل أن تترسخ فيه "ثقافة الاعتراف"، إذ أقيمت تكريمات بمناسبة تنظيم أنشطة داخل المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية وخارجه بواسطة جمعيات الحركة الأمازيغية؛ وثم أثناء أنشطتها تلك تكريم نساء ورجال ناضلوا في ظروف صعبة من أجل الحفاظ على الموروث الثقافي الأملزيغي كل من خلال ما كان يبدع فيه ويناضل من أجله أو من خلال ما كانت تبدع فيه وتناضل من أجله.

في "الاعتذار":
كلمة قصيرة ووحيدة، أريد أن أتحدث فيها عن نفسي، قبل مغادرة هذه المؤسسة: مفادها أنني قد يكون صدر مني ما لم ترضى به أو يرضى به غيري تجاهي من العاملات أو العاملين في هذه المؤسسة التي أعتز بما أسنَدْتُ إليها وبما أسنَدَتْ إلي. إنني أؤكد أن مرجعيتي، في كل معاملة وحوار صدرا عني، هي دائما تعود إلى المبدأ الذي نحن هنا من أجله، وليس النيل من الأشخاص في حد ذاتهم كذوات.
كما أصرح، ولأول مرة، أنني في سبيل هذا المبدأ، قد تلقيت؛ منذ اخترت الانتماء للدفاع عن هذا المبدأ سنة 1970؛ صفعات كثيرة ومؤلمة جدا، أحيانا في خدي الأيسر لأن من يصفع كان يصفع باليد اليمنى، كما تلقيت صفعات كثيرة ومؤلمة جدا من الأمام ومن الخلف، وما أشد ألم صفعات الخلف ...
والآن وقد رُفِعَت اليدُ اليمنى، بالاعتراف الرسمي بمشروعية ذلك المبدأ، فإنني لا زلت مستعدا لتلقي الصفعات على خدي الأيسر من الأمام أو من الخلف؛ وما أشد صفعات الخلف؛ لأن ألمها ليس فقط فيزيولوجيا؛ بل إن ما يؤلم فيه أكثر هو الألم النفسي الذي يلازمك طيلة حياتك؛ ولأنه يأتي من ذوي القربى ...
لكنني أقول وأردد ما تختم به فرق أحواش (الرقصات الغنائية الأمازيغية) حفلها:
- "أ للايهنّينا، أ للايهنّيكم"؛ (رافقتكم السلامة، ورافقتنا السلامة)؛
- "وانّا ئزران لعيب، ئعاود لخير ..." (من لامس العيب، فليخبر خيرا ...).

عمّن هو أحق بالجائزة وبالتكريم المقدمين إلي؟
اسمحوا لي بأن أنادي بمن هم أحق بالجائزة التي قدمت إلي: إنهم أفراد عائلتي، الذين أفارقهم، لأعمل في هذه المؤسسة من التاسعة صباحا ولا أعود إليهم إلا في الثامنة مساء منذ التحقت بها باستثناء أيام العطل، إذ أنني، وبعض زملائي، قد نتواجد بها حتى أيام السبت أو الأحد أو في بعض أيام العطل القصيرة.
كما أستحضر معهم رفيقا في السراء والضراء من أجل رد الاعتبار للأمازيغية، صديق ترافقنا منذ 1970 في "الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي" وذلك في هذه المؤسسة (المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية" والذي، لولا المرض العضال الذي ألمّ به، لكان من الأوائل الذين سيشاركونني في هذا اليوم الدراسي؛ فلا يكاد يمر أسبوع منذ 1970، بدون أن نلتقي من أجل ذلك المبدأ؛ إنكم تعرفونه بدون شك: إنه الأستاذ إبراهيم أخياط الذي أتمنى له الشفاء العاجل ليعود إلى دوره العائلي ودوره الثقافي والنضالي الذين افتقرا إليه أشدا ما يتم الافتقار.
في "الختام":
أشكر، مرة أخرى، كل من ساهم في تنظيم هذا اليوم الدراسي وآزرني أنا والمحتفيتين بهما بنفس المناسبة وهما الأستاذة فاطمة بوخريص التي ستستمر مشوارها الثقافي والنضالي بالعودة إلى الجامعة والأستاذة هنو لعرج التي ستعود،مثلي، إلى أسرتها الصغيرة وتستأنف نشاطها الثقافي والنضالي من منابر أخرى تنتظرها بشوق لتستفيد من خبرتها وتجربتها. وأتمنى لهما طول العمر وموفور الصحة والهناء وسنة هجرية (1432) وميلادية (2011) وأمازيغية (2961) جديدة ومليئة بالكرامة.
وأدعو أفراد عائلتي، الحاضرين هنا؛ بعد استئذان السيد العميد المسير لهذا اليوم الدراسي وهذا الحفل التكريمي وبعد استسماحكم؛ كي يلتحقوا بي فوق هذه المنصة.
أدعو في البداية زوجتي: ابتسام التي تكفلت بكل ما لم يسمح لي به تواجدي في هذه المؤسسة منذ التحقت بها في ما يخص تعليم وتربية الأبناء؛
كما أنادي ابنتي: صوفيا (أصغر أفراد العائلة)؛
ثم أنادي أبنائي: ياسين (أصغر الأولاد) ويونس (أوسطهم) وإلياس (أكبرهم وأطولنا على الإطلاق) ليتسلموا ما قدم إلي من جوائز، فهم أحق مني بها للأسباب التي ذكرتها آنفا.
تانمّيرت ئ كو يات د كو يان
(شكرا لكل واحدة ولكل واحد)
الحسين أيت باحسين
باحث في مركز الدراسات الأنتروبولوجية والسوسيولوجية
بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية

كلمة ألقيتها بمناسبة اليوم الدراسي
تكريما لباحثين محالون على التقاعد
يوم الأربعاء 22 دجنبر 2010





#الحسين_أيت_باحسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأمازيغية والعربية وما بينهما من اتصال وانفصال
- الأمازيغية وتكريس قيم الديمقراطية والحداثة والمواطنة الحقة
- الإنسان والحيوان (مقاربة أنتروبولوجية)
- الأمازيغية والحاجة إلى الحماية القانوية
- رأي حول الأمازيغية منذ 16 سنة خلت (1996) - فما الذي تغير بعد ...
- حدث دسترة الأمازيغية بالمغرب بداية تلمس طريق سليم
- الأمازيغ في المغرب، لا يناضلون للحصول على الجنسية المغربية
- علاقة الهجرة بأزمة الهوية في الأسطورة الأمازيغية (حمّو ؤنامي ...
- أسطورة -حمو ؤنامير- الأمازيغية وجدلية البداية والنهاية
- لمحة / إحالة ببليوغرافية حول موضوع: الهوية في علاقته بالأماز ...
- رمزية الشجرة في الأسطورة الأمازيغية
- مساهمة في دراسة بعض أنماط التحالف في المجتمع المغربي وآليات ...
- الأمازيغية وعلاقة السياسي بالثقافي
- الاحتفال برأس السنة الأمازيغية
- ظاهرة الاحتفال عند المغاربة (عاشوراء: طقوس ودلالات، نموذجا)
- الطوبونيميا والبيئة (بيئة بليونش - من خلال مصادر تاريخية وأد ...
- حول المرجعية الفلسفية لكتابات الصافي مومن علي
- دور المرأة الأمازيغية في الحفاظ على البعد الأمازيغي للهوية ا ...


المزيد.....




- عائلات الأسرى المحتجزين لدى حماس تحتشد أمام مقر القيادة العس ...
- استئجار طائرات وتدريب مرافقين.. بريطانيا تستعد لطرد المهاجري ...
- تعذيب وتسليم.. رايتس ووتش: تصاعد القمع ضد السوريين بلبنان
- كنعاني: الراي العام العالمي عازم على وقف جرائم الحرب في غزة ...
- كيف تستعد إسرائيل لاحتمال إصدار مذكرة اعتقال دولية لنتنياهو؟ ...
- منظمة التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بش ...
- الأمم المتحدة: الطريق البري لإيصال المساعدات لغزة ضرورة
- الداخلية التركية تعلن اعتقال 23 مشتبها بانتمائهم لـ-داعش- بع ...
- تقرير كولونا... هل تستعيد الأونروا ثقة الجهات المانحة؟
- قطر تؤكد اهتمامها بمبادرة استخدام حق الفيتو لأهميتها في تجسي ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - الحسين أيت باحسين - التقاعد بين التكريم والكرامة