أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عائشة خليل - الجسد في الثقافة البطريركية














المزيد.....

الجسد في الثقافة البطريركية


عائشة خليل

الحوار المتمدن-العدد: 3893 - 2012 / 10 / 27 - 12:25
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


تعمل الثقافة على إخضاع الجسد وتهذيبه، كان هذا هو الشغل الشاغل للثقافة منذ قديم الأزل. وتنشغل الثقافة البطريركية بجسد المرأة على وجه الخصوص. فعوضًا عن أن يكون الجسد ساحة للحرية والتعبير الذاتي، يكون مكانًا للدلالة على الانصياع والمواءمة والتماشي. لا تريد الثقافة البطريركية أن ترتبك بتفسيرات مختلفة عن أجساد الأشخاص، وتفضل أن تنزلهم منازلهم بمجرد نظرة عابرة. لذا فهي تلفظ أي خروج عن النصوص المرسومة، وتشدد على القولبة والتنميط.
ومدى نجاح الثقافة المسيطرة في تحديد المسموح والممنوع يمكن أن يُرى في معظم البلدان العربية من الخليج إلى المحيط حيث يتواءم الجميع مع الأطر المرسومة فلا نلحظ اختلافات تذكر في المظهر الخارجي، ويختلف مستوى النجاح من بلد إلى آخر: ففي بعض البلدان ينعدم الاختلاف، ويؤطر الجميع في أزياء تدعى بالوطنية. ولكن حتى في البلاد الأكثر كرنفالية، هناك أطر مرسومة يلحظها من يدقق النظر: فالجسد ليس ساحة للتعبير عن الفردية، بل هو ساحة للانصياع والطاعة.
هناك بالطبع اختلافات مسموح بها في إطار الثقافة البطريركية، ولكنها اختلافات في الدرجة وليست في النوع. ومن ذلك التعبير عن الثراء أو الطبقة الاجتماعية. فقد تكون خامة الحذاء أفضل، أو ماركة الرداء أقيم ليعبر الشخص عن رقيه في السلم الاجتماعي أو ثرائه النسبي. وبما أن هذه هي الساحة الوحيدة المسموح فيها بالاختلاف فقد يغالي البعض فيها، بل قد يمضون من الوقت ويبذلون من الجهد ما لا يتلاءم وحقيقة موضعهم في السلم الاجتماعي أو إمكاناتهم المادية.
ويعمل أفراد المجتمع على التأكد من نمطية مظهر كل المنتمين إليه. فالنقد نصيب كل شخص يجرؤ على الخروج عن النصوص المرسومة (المنطوقة وغير المنطوقة). ويتدرج النقد من التلميح إلى التصريح، إلى التهكم، ويتدرج الاعتداء اللفظي ليصبح اعتداء نفسيًا، بل وبدنيًا إذا لزم الأمر. وهو لا يصل إلى ذلك إلا في الحالات المستعصية، فلقد دربت الثقافة البطريركية الجميع على الانصياع منذ نعومة أظافرهم، ويعرفون وبال عاقبة عدم الانصياع. والمؤسسة الأهم التي تعمل على تشكيل الأفراد هي المدرسة بشكلها الحديث. فإذا تأملنا طابور الصباح، وشكل الفصل الدراسي، وتوحيد الكتاب المدرسي، وغيرها من الرموز المدرسية العتيدة لعرفنا أنها ما هي إلا ماكينة ضخمة للتأطير (تأطير الفكر، وتوحيد الُمنتج).
وبالرغم من أن الاعتداء اللفظي والنفسي غير مبررين على كل المستويات، ولكن بإمكاننا تفهم دوافعهما، فالمعتدي مهزوز الشخصية، غير واثق من نفسه، لا يرى في نفسه قوة وقدرة ذاتية، وإنما قدرته وقوته مستمدة من انصياعه للثقافة المسيطرة وكونه جزءا منها؛ ولذا فإن الاختلاف تهديد لشخصيته المهزومة في الأصل، الاختلاف اعتداء على ذاته. وهو يرد - من خلال عنفه - ما يشعر بأنه اعتداء على ذاته. لا يدرك المعتدي أنه يكرس الثقافة البطريركية بلا وعي منه.
وفي حالات نادرة - فالثقافة مسيطرة، وتختبر قوتها بمدى سيطرتها، ولذلك لا يفلت من قبضتها إلا بعض الشواذ - يلزم التدخل العنيف ليعود الفرد إلى جادة الصواب. ولقد استحدثت الثقافة البطريركية العديد من المؤسسات الْحريَّة بالمارقين مثل السجون ومستشفيات الأمراض العقلية ومصحات الأمراض النفسية. فكما نعرف فإن "السجن تأديب وتهذيب وإصلاح" أما المصحات فهي "للمختلين عقليا والمجانين" والجنان لغة هو فساد العقل، وما أفسد من عقل من لا يتبع الجماعة؟



#عائشة_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن التحرش. على المزمار. في أمريكا!!!
- تعليم المقهورين من فريري إلى بوال
- برنامج جالز: تجربة من أفريقيا
- مجلة -مز- في الفصل الدراسي
- الرعاية المجتمعية للأمهات
- التغيرات الإيجابية في حياة اليافعات: تجربة من الهند
- الإعلانات والمعايير البطريركية المستحيلة
- النساء والنفايات
- المجتمع الذكوري: مارينا نموذجًا
- الحركة النسوية والدراسات النسوية
- إخضاع الجسد
- عقوبة التحرش بين القانون الفرنسي والمصري
- العدالة الشكلية والعدالة الجوهرية
- تدنى المستوى التعليمي (فكرًا وممارسة) في مصر: نموذج من ورقة ...
- النخبة المصرية وحزمة البصل
- اغتصاب الثيب غير وارد!!
- بين الفرعون .. والإمام .. الرئيس منزوع الصلاحيات
- تشريح ثورة
- الدولة المدنية
- بيتي فريدان وكتاب -السحر الأنثوي-


المزيد.....




- كيفية التسجيل في منحة المرأة الماكثة لعام 2024 وشروط التقديم ...
- بعد زيادة قيمة منحة السياحة حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة ...
- السعودية.. الداخلية تعلن إعدام امرأة -تعزيرًا- وتكشف اسمها و ...
- ستة فيتامينات أساسية لصحة النساء فوق 25 سنة
- بشرى للمرأة الجزائرية.. سجلي الآن بالخطوات في منحة المرأة ال ...
- فرصة لن تتكرر “سجلي الآن للحصول على 800 دينار” .. التسجيل في ...
- “هنــــا” .. التردد الحديث 2024 لقناة الاطفال كراميش على الن ...
- منحة المرأة الماكثة في البيت 800 دينار.. رابط وشروط التقديم ...
- الاغتصاب وتقليد الحيوانات.. 72 أسلوبا للتعذيب في سجون الأسد ...
- اختبار بسيط قد يتنبأ بخطر الإصابة بالسكري لدى النساء بعد انق ...


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عائشة خليل - الجسد في الثقافة البطريركية