أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عائشة خليل - بيتي فريدان وكتاب -السحر الأنثوي-














المزيد.....

بيتي فريدان وكتاب -السحر الأنثوي-


عائشة خليل

الحوار المتمدن-العدد: 3742 - 2012 / 5 / 29 - 09:38
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


عندما اكتسبت الحركة النسوية زخمًا في ستينات القرن الماضي على امتداد العالم الغربي من أمريكا إلى أوربا، انتزعت النسويات بجهدهن مكاسب تتمتع بها نساء اليوم وينسين في الأغلب نضال الأمهات. ولم يكن الصراع لحصول النساء على الحقوق المتساوية في مجال العمل، والحقوق المدنية والمجتمعية بدون تضحيات. فلقد خرجت الكثير من النساء عن الأنماط المجتمعية التي تحجم دور النساء في العالم وتحصره في الأدوار المنزلية، من الأنماط العائلية المبنية على أسرة نووية مكونة من رجل مُعيل وربة منزل وأبنائهما. وقد عملت الرأسمالية على تثبيت هذه الأدوار، فامتلأت المجلات بنصائح للمرأة من كيفية المحافظة على زوجها إلى كيفية الطبخ، والعناية بالمنزل وما إلى ذلك. لأن الرأسمالية عملت على تعزيز مكاسبها، بتسويق الأدوات الكهربائية التي بدأت المصانع بعد الحرب العالمية الثانية تتجه إلى إنتاجها لتعوض النقص في الطلب على الإنتاج الحربي. وأصبحت المرأة في الغرب تطالع التلفاز أو تتصفح المجلات لترى كيف يمكنها إنجاز أعمالها المنزلية بجهد أقل وكفاءة أكبر، كما أرادت لها الرأسمالية. وبين الإعلانات تطالع مقالات كتبها رجال "متخصصون" يدلون إليها بالنصائح عن أخص شؤون حياتها. حيث أصبحت المرأة تسعى جاهدة إلى أن تكون ربة منزل وتعتلي المكانة الرفيعة التي سوقتها لها الرأسمالية على أنها الأمل والمآل.
ونظرت بعض الكاتبات فيما آل إليه حال النساء، فاكتشفن الإحباط واليأس الذي لا يتحدث عنه أحد. فعلى الوجه السطحي للأمور: السيدات من الطبقة المتوسطة يعشن حياة رغدة، ولديهن كل ما قد يطمحن إليه: الزوج والعائلة والأطفال، والمنزل، والسيارة، وأدوات كهربائية حديثة، إلخ. ولكن النظرة المتفحصة كشفت عن خلل جوهري في حياة تلك النسوة، فهن يعانين من الإحباط بل والاكتئاب، وقد يشربن كؤوسا متعددة من النبيذ ليقطعن ملل النهار الطويل، بل إن لديهن اختلالا في علاقتهن الزوجية حيث يعشن حياتهن من خلال أزواجهن، مما قد يدفع بعضهم إلى علاقات جانبية. باختصار كان الفراغ هو سيد الموقف، أو ما أسمته الكاتبة الأمريكية بيتي فريدان - في كتابه الطليعي "السحر الأنثوي" - "المشكلة التي لا اسم لها". كانت تلك المشكلة تتمكن من حياة السيدات الأمريكيات من الطبقة الوسطى وتسيطر عليها. فكتبت فريدان عن ذلك وبينت كيف أن تلك السيدات المتعلمات تتعطل مواهبهن وتفنى قدراتهن وتنحصر نشاطاتهن في الأعمال المنزلية التي تملأن بها فراغ أيامهن. وكيف أن المؤسسة التعليمية تكرس المفاهيم المرتبطة بالأدوار الاجتماعية المتوقعة من المرأة: أي تنشئها لكي تكون ربة منزل. كما نظرت إلى علم الفلسفة ورائده فرويد وقاست آثار أفكاره المحددة بحدود العصر الذي عاش فيه، وكيف أن تلك الأفكار السلبية ما زالت تهيمن على علم النفس. وبحثت في علم الأنثربولوجيا ورائدته مارجريت ميّد لترى كيف أنها لم تنجح في مقاربة التجارب الإيجابية للسيدات من مجتمعات مختلفة وتطبيقها على المجتمع الأمريكي. وتفحصت الآلة التسويقية الضخمة التي تديرها الرأسمالية لتبتز السيدات في أدوار محددة. بحثت فريدان كل هذا وأكثر على مدار خمس سنوات بعد أن التقت بصديقاتها من أيام الدراسة ولاحظت علامات "المشكلة التي لا اسم لها". وأصدرت عام 1963 الطبعة الأولى من كتابها الذي تخاطفتها سيدات الطبقة المتوسطة الأمريكية وقرأنه بشغف شديد. وككل الأعمال الرائدة طعن في الكتاب وفي الرؤية الضيقة لكاتبته التي عممت من تجربة نساء الطبقة المتوسطة إلى مجمل تجربة النساء الأمريكيات. ففي حين كتبت فريدان عن النساء الأمريكيات من أصول أوروبية، فإنها لم تلتفت إلى التجربة المغايرة كليًا للنساء الأمريكيات من أصول أفريقية. فهؤلاء كن يعملن طوال اليوم (ولساعات ممتدة) مقابل أجر زهيد، ثم يعدن إلى منازلهن للقيام بالأعمال المنزلية بها، وفي الأغلب بدون رفاهية الأدوات الكهربائية المساعدة التي تتمتع بها الأخريات. ولكن على أي حال، ساهم الكتاب في الجدل الدائر حول أدوار النساء، والذي تمخض في النهاية عن الموجة الثانية للحركة النسوية.
وانطلقت فريدان بعد ذلك بثلاث سنوات لتدشن مع عدد من صديقاتها "NOW" "ناو" وهي المنظمة القومية للنساء الذي انتشرت وصار لها فروع في جميع المدن والولايات الأمريكية. فقد كان هناك إيمان لدى السيدات بوحدة الصراع والنضال نظرًا لوحدة الجرح والمطالب والألم والآمال. ولكن الحركة النسوية ما لبثت أن تشعبت وتعددت فيها الآراء والاجتهادات والرؤى، كما يحدث عادة مع كل الحركات ذات الزخم الشعبي الكبير. وتعد هذه التعددية اليوم - وفي عالم ما بعد الحداثة - أحد الدعائم الرئيسية للحركة النسوية التي ترفض بشكل واعٍ أن يكون لها تعريف محدد، بل تنظر إلى روافدها المختلفة بفخر نهر يتجدد ماؤه بتعدد روافده وينابيعه.



#عائشة_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تقدم .. تأخر
- تأنيث الفقر
- الإسكات
- المرأة المصرية وصياغة الدستور
- النساء والانتخابات
- حواء والتاريخ النسائي
- اللغة والحط من شأن الأنثى والأنوثة والأنثوي في الثقافة المعا ...
- عمل المرأة ليس ترفًا
- برنامج -دائرة الستة أشخاص-: للحد من العنف المجتمعي
- عفت عبدالكريم والرسائل الملتبسة في مسرحية مدرسة المشاعبين
- الإعلان وتكريس المفاهيم التقليدية
- النظام الأبوي والدولة الجديدة


المزيد.....




- الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
- لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
- مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال ...
- في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار ...
- الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
- وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات ...
- لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
- البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا ...
- المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م ...
- تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عائشة خليل - بيتي فريدان وكتاب -السحر الأنثوي-