أهمية الجرافيتى الفرعونى المُزال من شارع -محمد محمود- المُعبر عن روح الثورة المصرية

إيرينى سمير حكيم
كاتبة وفنانة ومخرجة
(Ereiny Samir Hakim)

الحوار المتمدن-العدد: 3879 - 2012 / 10 / 13 - 01:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

واجه جرافيتى الثورة بشارع محمد محمود مشكلة إزالته التى أغضبت الثوار وجعلتهم أكثر إصرارا على استكمال ما بدأوه من تسجيل لأفكارهم ومطالبهم، ومنه الذى قُدم فى طابع فرعونى والذى قام برسمه الفنان علاء عوض، مصورا به ما أراد أن ينقله لكل مواطن يرى هذه الجداريات المُشبعة من روح التراث المصرى، واستكمالا لطرق تعبير أجدادنا، فتسجيل الأفكار والقصص على الجدران هو طابع متأصل فى وجدان الفنان المصرى منذ فجر الحضارة الفرعونية، واتسائل إن كان من المقصود استهداف تشويه ومسح هذا الجرافيتى المنفذ بأسلوب فرعونى، والذى كان أول رسم على جدار سور الجامعة الأمريكية، خاصة مع بقاء رسومات جرافيتى فى أماكن أخرى؟، ونظرا لأهمية هذا الجرافيتى وتوثيقا له، سنقوم فى هذا التحقيق بوصفه والتعليق عليه.

يذكر علاء عوض راسم الجرافيتى والمعيد فى كلية الفنون الجميلة بجامعة الأقصر والمتخصص فى التصوير الجدارى، أن فن الجرافيتى هو فن سياسى راقى، ويعبر ايجابيا عن المجتمع ويخاطب الشعب بكل فئاته، وحيث أنه لابد من أن يعبر عن أصالة المجتمع المصرى من خلال حضارته وتراثه لتأكيد فكرة الهوية المصرية، فقد فكر فى إعادة صياغة التراث بما يتناسب مع الواقع الحالى، فكان التصوير الجدارى هو التعبير المناسب عن أحوال المجتمع، ويعتبر أن هذه الأعمال بمثابة ميراث جرافيتى للثورة المصرية قد قدمه للمجتمع.

وأضاف انه لجأ للأسطورة المصرية محاكيا فن أجداده الذين لجأوا للتعبير بالرسم على الفخار، حيث كان الفنان المصرى منذ القدم غير مسموح له انه يعبر عن أرائه بحرية على جدران المعابد والمقابر، وانه قد جسد مجموعة من الأفكار على جدارية الشهداء بسور الجامعة الأمريكية، والتى قد تم مسحها، وكانت تتضمن عدة مشاهد وهى:

فكرة الولاء والطاعة

وتعرض صورة القرابين الأولى، وفيها تصوير لليهود الذين كانوا يعيشون على ارض مصر وهم يقدمون قرابين الولاء والطاعة للملك، وهو إسقاط على السلطة وفكرة الولاء والطاعة للحاكم.

ومشهد قط يخدم فأر، وهو مشهد هزلى لكنه يشبه العديد من الأمور التى نواجهها فى الظروف السياسية والاجتماعية، والتى تكاد تكون غير منطقية إنما لها اثر كبير علينا.

محكمة الظلام

وفيه يرمز القط إلى القاضى ويقوم بمحاكمة اللصوص، وهنا نجد أن اللصوص يقومون بفعل حركات بهلوانية، والتى تعكس فكرة التلاعب بالقوانين، وأضاف انه استبدل فى الرسم الإله أنوبيس بالقط، وذلك لأنه ليس من المفترض أن يتم تصوير الإله فى محكمة هزلية، يليه تصوير لام ترضع ابنها، والذى يرمز إلى سياسة التوريث التى كانت سبب من أسباب التدنى والتأخر فى المجتمع والانغماس فى الظلم.

الحرائر

ويرمز هذا المشهد لفتيات مصر اللاتى شاركن وناضلن فى الثورة وحدثت لهم أحداث مؤسفة من قبل بعض عناصر الأمن والبلطجية، واضطهاد لدور المرأة فى الثورة وانتهاك حرمتها من قبل الغير معترفين من بعض رجال الدين بتلك المهازل، وتأكيدا على أن هذا الفعل مرفوض فى المجتمع المصرى، وان الثورة المصرية تؤكد على وجود جميع طوائف المجتمع وعلى دور المرأة فى الثورة، وان مشاركة المرأة هو فكر مترسخ لدى المصريين منذ آلاف السنين، فقد كان لها دور قوى فى أوقات الحروب و الأزمات بأنواعها الاجتماعية والسياسية.

واستكمل أن صور هذا المشهد مستوحاة من معبد الرامسيوم، وهذا المشهد يكاد يكون غير واضح بفعل عوامل التعرية، ولكنه قام باستخلاصه مع إعادة صياغته وتقدمته كإثبات لدور المرأة فى الثورة.

فكرة السلم

وفيه يصور صعود المحاربات تأكيدا على دور المرأة فى المناضلة الشعبية، وتشبيها للثورة بالسلم وذلك بكونها لها خطوات ومراحل أدت إلى اقتحام الصرح الذى بخلفية المشهد.

النائحات

وهو تصوير لنائحات على أرواح شهداء مصر الأبرار خلال الثورة، وقد تم رسم هذا المشهد عقب حادث بورسعيد، وهو عبارة عن مشهد جنائزى لفتيات يبكين.
التابوت وبوابة أوزوريس

وهذا المشهد يصور تابوت يحمله شباب مصريين رمز للثوار، ونجد موديل اخضر يعبر عن لون أوزوريس تأكيدا على أصالة المصرى، ويمسك بيده فهد اسود له أعين حمراء رمز للغضب، وفوق التابوت صور الروح "الكا"، وتستقبل روح الشهيد حورية من السماء معها صينية شمع تعبيرا عن البهجة والفرح، ونجد فى منظر بوابة أوزوريس رموز ودلالات لاستخدام العنصر الزخرفى للعمل الفنى وهى زخارف تجريدية.

مشهد الورود السوداء

وهو تعبير عن الحزن على أرواح الشهداء بدلا من الورد الأبيض، وتحضن مشهد الجنازة الإله نوت رمز لإله السماء، حيث أصبح المشهد حالة دمج بين السماء والأرض.

جداريتى شارع يوسف الجندى

وعن جداريتى شارع يوسف الجندى التى شوهت المشاهد الفرعونية بها، استكمل علاء وصفهما بأنه قد مثل على إحداهما مشهد لسيدة ترضع ابنها أمام مشهد لصراع سياسى، يتمثل فى افتراس ذئب لطائر السلام ويرمز بالسيدة إلى سياسة التوريث، حيث تحولت الأمومة والأشياء الجميلة إلى أمور أكثر سادية.

وفى نهاية المشهد شخص يحمل جثة، فقد تكرر هذا المشهد كثيرا إبان الثورة بسبب هجوم البلطجية والثورة المضادة على الثوار، وفى نهاية الجدارية يوجد نص ديموطيقى بجوار الثور المصرى الرامز للقوة ينص على "جيش مصر يحمى مصر وليس لقتل أبناء مصر"، وقام بالكتابة أمير الجويلى المتخصص فى القراءات المصرية القديمة وباحث فى المصريات.

وعلى الجدارية المقابلة صور عدد من الأقنعة المجردة من الفن المصرى مع بروفيل يعبر عن الصرخة، وبروفيل لقناع آخر يرمز للغضب والتمرد مع أشكال لرؤوس خيول، وهذه المجموعة من الأشكال يرى أنها تطور فى المرحلة الفنية تعبر بأداء رمزى بأسلوب أكثر تجريدية وأكثر تعبير.

رسوم تحفز على تأصيل روح التراث المصرى

ويرى دكتور حسن الاعصر أستاذ فنون الإعلام والجرافيك بكلية الفنون التطبيقية بجامعة القاهرة ورائد من رواد الجدرايات فى مصر، أنها ظاهرة مميزة هامة ومُحفزة عبّر فيها الفنان عن قضيته السياسية والثورية بعمل يحمل روح التراث المصرى بأسلوبه الفنى الخاص، ويجد أن هذا الأسلوب يحفز على تأصيل روح التراث المصرى فى وجدان المتلقى، كما كان التراث المصرى مؤثر أيضا فى الأساليب التى كان يستخدمها فنانى مصر فى مختلف أنواع الفنون التى قدموها، فنجد منهم من تأثر فى أعماله بالفن الفرعونى أو القبطى أو الاسلامى مع حفاظه على تقديم العمل بأسلوبه الفنى الخاص، وأكد على أن الفنان كلما تأثر بالتراث المصرى وعكسه فى أعماله، هكذا يتأثر المتلقى حين رؤيته لهذا الفن.

#إيرينى_سمير_حكيم (هاشتاغ)       Ereiny_Samir_Hakim#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات