أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - جواد الحسون - الشعوب ام الحكومات














المزيد.....

الشعوب ام الحكومات


جواد الحسون

الحوار المتمدن-العدد: 3865 - 2012 / 9 / 29 - 23:18
المحور: الصحافة والاعلام
    


يبدو أنني ألج موضوعة يستحيل جمعها أو لملمتها في مقال أو قصة قصيرة أو حتى رواية ، انه بعض من رذاذ تاريخنا المعاصر ، التاريخ الذي لم تهدأ عواصفه ولا أمواجه العاتية ولو لوهلة من الوقت تتيح لنا لحظة للتأمل أو التفكير ، نار مضرمة لا تلبث أن تهدأ في مكان حتى تستعر في مكان أخر حاملة معها عناوين مرعبة ومضامين غاية في التداخل والتعقيد .
تأريخنا محشو حتى أذنيه بتناقضات العصر ، ثورات وانقلابات ، حروب عسكرية وأهلية ، مؤامرات وانتفاضات ، غزوات واحتلال، هزائم ونكسات ، سجون ومقابر ، أحزاب وتحالفات ، حقد وتناحر وصراعات ، جهل وتخلف وضياع ، ومقابل كل هذا هناك أمم راقية تتقدم ، تفكر وتتأمل ، تكتشف وتخترع ، تتآلف وتتحد ، تبني وتعمر وتجتهد ، أمم تتسامح وتغفر ، أمم تحب ، أمم تعرف كيف تستمتع بحاضرها وتتجاوز وتنسى مآسي وهموم ماضيها ، أمم تفكر بمستقبل أجيالها ، أمم تحترم مبدعيها وأطفالها ونسائها وقوانينها ، ونحن عالقون في الوصف ، ما قبل وما بعد ، تأريخنا ليس سوى تدوين لصور ما قبل الكارثة وما بعدها ، لا نعرف من المسؤول عما حصل وما يحصل الآن وما سيحصل بعد ، نحن نستمع ونصفق فحسب ، وعواصف التغيير الجامحة مستمرة على مدار الوقت ، نحن نعرف كيف نسكت على الظلم ونغفو في سبات طويل أمام تسلطه وتجبره ، ففي عرفنا الشائع ان الحكومات لا تخطئ ، إنها معصومة عن ارتكاب الرذائل والأخطاء ، نحن من يخطئ ، الشعوب وحدها من يرتكب الأخطاء والمعاصي والرذائل ، وفي عرفنا إن جميع الذوات وأصحاب المقامات لا تنالهم مخالب القانون ، الأعراف عندنا لا تجيز إدانة السلطات وأصحاب المقامات العليا ، فان للكرامة هنا شأن ، وان إبداء الرأي وقول الحق يعد انتقاصا وقذفا وتشهيرا يناله القانون الكيفي ، وفي العرف أيضا أيقنا بان القانون أحول وحدوات أصفاده قد فصلت على مقاس معاصم الفقراء ممن تستأنس بهم منصات القضاء الأحدب ، حيث ان الحول لم يعد يصيب العيون فقط بل تجاوزه ليصيب العقول والنفوس والأفكار، نحن مجبولون على أداء مراسيم التبجيل والتملق والتصفيق والإذلال والانحناء حتى تقوست ظهورنا ، نحن نهضم كل شئ وما نلبث ان نتقيأ كل شئ ، نحن ضعفاء أمام القوانين العرجاء المصابة بالعشو ، نحن لا نطالب بل نستجدي ، نحن نتراقص فرحا بما يلقى لنا من فتات وفضلات السلطات والثروات ، نحن نشجب ونعارض وننتقد من تحت أغطيتنا ، نحن نتفاخر بأوهامنا وخيبتنا وهزائمنا وجبننا ، وأيضا في خرافاتنا وتخلفنا ، نحن لا نستقرأ ولا نستنبط ولا نتعظ من أخطاء ما كان قبل ولا مما يكون بعد ، نحن نرمي بعجزنا فوق شماعة القدر المحتوم ، ونرتدي عباءة المقسوم والمكتوب لنداري فشلنا وقصورنا وتقصيرنا ، نحن لا نؤمن ولا نثق بقدراتنا ، نحن نموت ولا نعترف بأخطائنا ولا بإبداع غيرنا ولا نتحمل مسؤولية أفعالنا واقوالنا ، نحن نغدق بالكذب والغضب على بعضنا ، نحن شحيحين بعطفنا ورفقنا وشفقتنا وصدقنا وتواضعنا وباحترامنا ، نحن نستأسد على نسائنا وأطفالنا وأشباهنا من الضعفاء بقسوة وهمجية بالغة ، نحن نسرف في مكرنا ومكابرتنا ، نحن نؤيد ونعارض بلا دراية ، نحن نشي ببعضنا وننم على بعضنا ، نحن نتكئ على عجزنا وعدم مبالاتنا ، نحن نهرول دائما مع الريح أيا كانت وجهتها ، نحن لا نمهل ولا نتمهل ، نحن نسلك جميع طرق الخطايا ونرتكب أبشع الذنوب للحصول على أدنى المناصب وأتفه المكاسب ، نحن نسرق جهود غيرنا واوقات عملنا ، نحن نبحث في الطرق الملتوية عن الجاه والوجاهة والثراء ، نحن ننتحل صفات ديننا ونرائي بأيماننا .
وأخيرا فنحن بهذا الوضع ما كنا ولا سوف نكون ، وبعد كل تلك الصور المريعة يدور في خلدنا التساؤل المثير للجدل وهو ، من المسؤول عن إشعال جذوة الانهيار ؟ الشعوب أم الحكومات. ؟



#جواد_الحسون (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من اجل ان لا نموت..اخسر ايها المنتخب
- الموروث وضرورة البناء القيمّي المعاصر
- الأجهزة الأمنية هي الأساس في حفظ الأمن ... لكنها ليست الوحيد ...
- الخيال والمتخيل في الأداء الحكومي
- السندباد الحلي
- نظرية الصمت
- الفقر الابداعي والسقوط من الهاوية
- المدينة المحرمة
- ذكريات الزمن الغابر
- لقاء احادي
- السلام عليكم ايها الفقراء -4 (الانحدار)
- رواية الفصول الاربعة
- السلام عليكم ايها الفقراء_3_
- في مهرجان بابل الثقافي ..شح علينا العذر وضاقت بنا الحيّل!!
- في مهرجان بابل الثقافي شح علينا العذر وضاقت بنا الحيل
- رفعة الرأس بابل
- السلام عليكم ايها الفقراء _2_ سمكة في محيط الحلف الاطلسي
- نهايات مغلقة
- السلام عليكم ايها الفقراء ( 1)
- آمال جمهورية الأطفال


المزيد.....




- تطور جديد بشأن -الرئيس التنفيذي- بعد فيديو عناقه موظفة في حف ...
- -يريد أن يأكل-.. فلسطيني يحمل طفله المصاب بطلقات إسرائيلية: ...
- بنعبد الله يقصف اخنوش ويصف حكومته بالغائبة سياسيا وتواصليا
- سوريا: اليوم السابع من القتال الدامي في السويداء رغم إعلان و ...
- حبس مصرفييْن ليبييْن بسبب الكسب غير المشروع
- ترامب مجددا: دمرنا المواقع النووية الإيرانية بالكامل
- تصاعد التوتر بين روسيا وأذربيجان يهدد -تعاون الحلفاء- ومستقب ...
- لماذا اتفاق السويداء هذه المرة يختلف عن سابقه؟
- ما وراء الخبر: هل سيصمد اتفاق السويداء؟
- متطرفون إسرائيليون يهاجمون عضو الكنيست أيمن عودة ويهتفون -ال ...


المزيد.....

- مكونات الاتصال والتحول الرقمي / الدكتور سلطان عدوان
- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - جواد الحسون - الشعوب ام الحكومات