أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى علوان - يا ظِلّها














المزيد.....

يا ظِلّها


يحيى علوان

الحوار المتمدن-العدد: 3856 - 2012 / 9 / 20 - 12:07
المحور: الادب والفن
    




بِدوشٍ بارِدٍ ، نَفَضتُ غُبارَ النُومِ .. غادَرتُ أَمسي ، أرتديتُ الصبحَ البَهِيَّ ،
وللخبّاز ، في الركن .. عندَ موقف الباص ، مشيتُ .
ناصِعاً كان الصبـاحُ .. مَغسولاً كأصباحِ طفولَةٍ هَارَبَةٍ ،
صبـاحٌ بشمسٍ مُتَبَرِّجةٍ تَتركُ الظِلَّ يُجرجِرُني وراءَ ه ..
صبـاحٌ باهِـرٌ ، لا يُشبه أَصباحَ برلينَ " المُتَقَلِّبَة "، بَعثَرَنـي ..
لَمْ أَعرفْ ما إعتراني .. أهوَ حُزنٌ أَم بَهجَـةٌ .. ولمـاذا ؟!!

ضريرَ الخطـوِ ، مَشَيتُ .. أَكرَعُ وهمَ العمـرِ ..
ساهماً ، والدربُ أَعمى ،
ما دَرَيتُ أَنّـي أَحمِل نَعشي داخِلَ صَـدري ..
أُدَندِنُ بلحنٍ لَـمْ يُفارقني مُـذْ صَحـوتُ باكِـراً ،
............................
عَثَرتُ بِحَصـاةٍ ، أَخَلَّتْ بتوازني .. إنحنيتُ أَلتَقِطُها ..
جَوزيَّةً ، مَلساءَ كانَتْ .. مثلَ بَشَرَةِ طفلٍ صغيرٍ ..
ظِـلٌ داسَ ظِلِّي .. رَفَعتُ حاجبي .... تَحَجَّـرَت الكلمـاتُ ، ولَمّـا هَمَمْتُ ،
تَقَطَّعَت حبالُ الصوت ، فسَقَطَ الكـلامُ بداخلي ، مثلَ صَخـرَة ...
ما الذي أَحضَرَكَ الآنَ سيدي النَّفري* ... ؟؟!!
كيفَ لي أَستنطِقُ الخَرَسَ عَمّـا يَتَمَنَّعُ عن التَوصيفِ .. ويَستعصي على التسمِيَةِ ..؟!!
وهَلْ خَبِرتَ ، سيدي ، كيفَ أَنَّ نَظرةً تَفي لِتُزهِرَ الدهشَةُ وُجومـاً .. ؟!

كـانَ ثوبـاً كأثوابِ المقاتلينَ الأغريقَ أو الرومان .. !
ثَوبٌ ماتَ بشَهقَةٍ ، ثُمَّ فـاحَ غوايَـةً .. !
أَسرَعَتْ بظِلهـا تَقرَعُ رصيفَ الوجَعِ لاهِيَةً ..
تَسبحُ في لُجَّةِ دهشَتي .. تُفَّاحتُها الضاحكةُ تَسخرُ منّي غامِزَةً ،
هَرَبَ الزمانُ .. لَمْ يُبقِ لدَيَّ ما أَحسِبُ بـه نَبضاً يصرَخُ ، فتَغلي شراييني ..،
لا وقتَ لحساباتٍ أُخَر ، فخرائطُ العمـرِ ظلَّتْ مُتخَمَـةً بلَهفَةِ عِشقٍ أَبكَمٍ ..
ولَمَّـا بانَ عَجزي عن إفلاتِ صرخةِ " من أَيَّةِ لُجَّـةٍ أتيتِ ..؟! "
قَرَّرَ ظِلِّي أَن يثأرَ لخيبتي .. ! أَبقى مسافَةً بينَنا .. أملؤهـا بما تَهالَكَتْ بـه المعاني ،
أُذيبُ بها حَسرَتي ، وأَصيحُ بداخلي .." من أينَ أَتيتِ بهذه الفِتنَةِ ، يا أمراة ؟
وَحدَكِ مَنْ يَقطَعُ عليَّ وحشتي ..!
بكِ تَصهَـلُ شراييني ،
أَما تَخافينَ ، يا أبنةَ الناسِ ، من نِبـالِ النُظّـارَةِ ..؟ تُشعِلينَ أَكبـادَنا ، وتَترُكينَ قلوبنا
ترقُصُ مثلَ سيوفِ غُزاةِ المَغـول ؟!
ما لَكِ تَسحَلينَ اللامُبالاة مثلَ جريدةِ نخلٍ يابسة ؟!"

آهٍ ! كمْ هيَ مُربِكةٌ دُروبُ الهـوى ، تُقيِّدُ خُُطـايَ ، كلّمـا حاوَلتُ أَنْ أَخُطَّ علـى
مراياها ما يَعِـزُّ على البوحِ ..

* * *

رُحمـاكَ ، يا ظِلَّهـا الشَفيفِ ، كَثوبهـا الشَحيحِ ، خَفِّفْ خَطوَهـا .. !
مَنْ سيتكَفَّلُ بنـا ، بعـدَما هَيَّجَتْ فينـا كُلَّ عـواصِفِ الرغبةِ ؟!
ومَنْ سينقِذُنـا من ضَجيـجِ جَسدٍ أصابنا برعشةٍ ، تَرَكَنَا نَتلَوّى ،
فَنَسينا غَزْلَ صوفِ اللهفَةِ ..!

كانت تمشي بغَنَجٍ فاضِحٍ .. إِستحلَبَ نَميمةَ النسوَةِ السميناتِ ،
يُمسِكُ بتلابيبِ العينِ ، يدُسُّ طلاسِمَه في مواقِدِنـا ،
حتى تَشبَّ الحرائقُ في مواضِع الوجَعِ ..
عندَ موقف الباصِ توقَّفَ ظِلُّها .. إستندَ إلى عمودٍ ، فَمالَ ،
فَـزَّ ظِلِّي ، يُجرجرُني ، مذعوراً .. كيفَ سَيَلُمَّ بَلّـورَهـا إنْ سَقَطَ ظِلُّها على قَفاه
وتناثَـرَ ..؟!
كنتُ ألتهمُهـا ، وأَشحنُ بهـا ذاكرتي النحيلة ،
لَمّـا وصَلَ الباص ، فتوارى ظِلُّها فيـه ..
وفيمـا كنتُ أَتَأرجَـحُ .. أَأَتبعُها أَمْ لا ؟! تَحرَّكَ الباصُ ، وحرَّكَ ما بداخلي ، حتى تَمَرَّدَ
بي لِحـاءُ السكونِ ، فَغدوتُ كعاشِقٍ هَـدَّه الوَسَنُ ، يؤَمِّلُ النفسَ بطيفها ، ذاتَ رؤيا !
.........................
إلتَفَتَ إليَّ ظِلّي مواسياً :" لا تَحزَنْ ! فقدْ فُزتَ بطيفها .. سَيُمَسِّدُ أحلامَكَ ، ويطردُ عنكَ
الكوابيسَ .. كَفاكَ مَكسَباً !! "

ـــــــــــــــــــــ

* "كُلَّما إتسَعَت الرؤيا ، ضاقَت العبارة " .. مقولَةٌ شهيرةٌ لأَهمِّ مُفَكِّرٍ صوفيٍّ بعدَ الحلاّج ، هو محمد بن الحسن النّفري



#يحيى_علوان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوغا 2
- الذيب
- زُخرُفْ
- فِخاخُ الصِغار..
- شَبَهُ المُختَلِف ..
- فُسحَةٌ للتأمُّل (2)
- فُسحَةٌ للتأمُّل
- افتراضات
- هي دورةُ الأشياء ..
- مَقاصيرُ نُصوصٍ
- أَحزانُ المَطَرْ
- غوغاء!
- مُرافَعة
- كابوس
- هيَ قََطْرةٌ ... ليسَ إِلاّ !
- تِينا ، إمرأةُ المَحَطّاتِ !
- لِمَنْ يَهمه الأمرُ ...
- طائرٌ لَعوب
- مُعضِلَة
- إلى مُلَثَّم !


المزيد.....




- محمد إقبال: الشاعر والمفكر الهندي الذي غنت له أم كلثوم
- مصر: رصد حالات مصابة بالحمى القلاعية بين الماشية.. و-الزراعة ...
- موسم الدرعية يطلق برنامج -هَل القصور- في حيّ الطريف
- المدينة والضوء الداخلي: تأملات في شعر مروان ياسين الدليمي
- مكان لا يشبهنا كثيراً
- لقطات تكشف عن مشاهد القتال في فيلم -خالد بن الوليد- المرتقب ...
- طهران تشهد عرضاً موسيقياً فخماً من مسرحية أوليفر تويست + فيد ...
- يحيى الفخراني يفتتح -أيام قرطاج المسرحية- بعرض -الملك لير-
- ألمانيا تعيد كنوزا إثيوبية بعد قرن
- محمد إقبال: الشاعر والمفكر الهندي الذي غنت له أم كلثوم


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى علوان - يا ظِلّها