أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - باسم المرعبي - بغداد عاصمة لأي شيء؟ عن تداعيات مقال الكاتبة لطفية الدليمي، -هل تصلح بغداد عاصمة للثقافة العربية؟-















المزيد.....

بغداد عاصمة لأي شيء؟ عن تداعيات مقال الكاتبة لطفية الدليمي، -هل تصلح بغداد عاصمة للثقافة العربية؟-


باسم المرعبي

الحوار المتمدن-العدد: 3848 - 2012 / 9 / 12 - 23:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مصائب العراق أكثر من أن تُعد أو تحصىى، وأكبر من أن أي تصوّر يمكن أن يقاربها مهما بدا سوداوياً ويائساً و جامحاً!
والمصيبة الأكبر تكمن في المحاصصة الحزبية والطائفية والإثنية فهي القاعدة التي بُنيَ عليها نظام ما بعد 2003، فكيف يمكن تصور نتائج مثل هذا البناء؟
من الطبيعي أن تكون الكفاءات المستقلة، في مثل هذه الحالة، خارج كل حساب إلا ما ندر..
وهو ما حاصل الآن بدلالة واقع اليباب والتصحر الثقافي والمهني لدى الذين يتصدّون لادارة معظم المرافق والمؤسسات العراقية، بما في ذلك المهمة والحسّاسة والتي يعتمد عليها أمن المواطن، حتى ليتساءل المرء هل عقمَ العراق؟
لا نجد إلا "الراسب" في المكان المناسب كما عبّر كاريكاتير بليغ وموجوع للفنان عبد الرحيم ياسر.
لا أحد في مكانه في العراق، اليوم. الكفء مقصيّ لصالح الانتهازي و"الحزبي" ولا تسأل عن المؤهلات، بل اسأل عن الشطارة والفهلوة والافتقار للموهبة والتلوّن والقدرة على خداع الآخرين .
ما مِن كارثة أفدح من هذه يمكن أن تلحق ببلد.
هذه وصفة خراب كاملة تنجز مهمتها في أسرع وقت.
الناطق الرسمي بإسم وزارة الثقافة، ووفقاً لذلك، لا يتخطى هذه الدائرة.
تعرفه من "كلمته" التي ردّ بها على مقالة الكاتبة لطفية الدليمي، "هل تصلح بغداد عاصمة للثقافة العربية؟"ـ المدى، والتي بينت فيها، بحزن وغضب، أسباب عدم أهلية بغداد في ظرفها الحاضر للنهوض بهذه المهمة. كلّ كلمة كانت في محلّها وهي تترجم ما يعتمل في صدور المثقفين العراقيين المصدومين والمفجوعين بالمآل الذي صار اليه بلدهم عموماً، وبشكل خاص عاصمتهم هذه الحاضرة العجيبة والمختبر الثقافي الذي لم يكف يوماً عن رفد العالم بكل جديد ومختلف في الفنون والثقافة.
أن نوافق على ما جاء في موضوع لطفية الدليمي يعني الإقرار بتهشّم وخراب غير مسبوقين يلزمهما طفرة أخلاقية وتقنية كي تستعيد بغداد شيئاً من ألقها وطابعها المدني.
ما أحزننا، وما أخسرنا، إذاً ونحن نرى عاصمتنا تتصحّر وترزح تحت كلّ مظاهر التخلّف الصارخة.
لقد كانت الكاتبة محقة في ما كتبت واستنكرت وتألّمت له وهو متأتٍ من حبّ حقيقي لبغداد، كما انّ موقفها هذا دعوة ضمنية للاصلاح و لضرورة الاعتراف بالاخفاقات وبالتخبّط الذي يقود مؤسساتنا عامة والثقافية بشكل خاص كونها المعنية مباشرة بموضوع المقال.
إذاً ما الذي استفزّ هذه الوزارة ـ ممثلةً بشخص ناطقها الاعلامي ـ في مقال الكاتبة؟
وما سلطة مثل هكذا وزارة على المثقفين العراقيين لتحاسبهم على أفكارهم وكلماتهم خصوصاً حين تكون هذه الكلمات مرآةً صادقة لانتمائهم الى بلدهم و تعبيراً عن همّهم في أن يتحقّق له الأفضل وعلى جميع الصُعُد.
لكن حين يفهم هذا الشخص الأمر معكوساً وبلغة وتعبير كارثيَين فهو لا يُلام على ذلك لأن هذا هو مستوى ادراكه وفهمه عن حق، فمَن يقرأ كلمته يتبيّن أي حضيض انحدر اليه العراق، ليس لناحية ما حملته من مضمون، هو مُدان بكل تأكيد، بل بالمستوى الجاهل و الضحل والمفكّك والغشيم لكلمة في حدود العشرين سطراً أو اكثر، ولمن قرأ ذلك أحسّ مدى المأزق الذي وجد فيه المتحدّث نفسه ومقدار المشقة التي تكبدها في كتابة هذه السطور.
كل شيء كان غريباً في الرد، فالعنوان يريد من "القناديل" وهو عنوان زاوية الكاتبة أن تُثمر، محيلاً هذه القناديل الى فصيلة الشجر، (عاداً ذلك نزوعاً شعرياً، ربما!) كما عمد الى مخاطبة الكاتبة بـ "لطيفة" بدلاً من "لطفية" في ايحاء بالتجاهل. لكنه الجهل، فمن المؤكد انه لم يسمع أو يقرأ هذا الأسم من قبل، وهو ما أنبأتنا به كلمته التي تدلّ على ان الرجل لم يفتح كتاباً واحداً في حياته.
على ان أدهى ما في المسألة هو الفهم المقلوب، من قبله، لعبارة الكاتبة التي شخّصت فيها نظرة الحكومة الدونية للوزارة ومهامها.
ألم يكن من الأجدر بوزارة يرتبط اسمها بالكلمة والكتابة وكلّ ماله علاقة بوجه العراق الحضاري (المفترض)، أن تستعين بمحترف في هذا المجال يعي وظيفته ويجيد مخاطبة الآخرين فضلاً عن التعامل اللائق معهم.
كلّ سطر في الردّ الآنف كان يستوجب التوقّف والنقاش لما حفل به من ضعف ومغالطات ومكابرة وتستر على الأخطاء والفضائح وتجاهل الحقائق واقحام أمور من شأنها ان تحط من العمل الثقافي لا أن ترفعه.
لكن ما الذي يُتوقّع من مؤسسات ينخرها الفساد، ومحكومة بالتوزيع الطائفي والعرقي والحزبي لا الكفاءة والنزاهة، إذ ما مِن مشروع أو عمل تقوم به هذه المؤسسات إلا وجعلت منه مناسبة للنهب.
السيد الناطق يحاجج الكاتبة بأن وزارته ستعمل مثل ما عملت أيام قمة بغداد، هو فرح بذلك، في الوقت الذي لا يتذكر العراقيون من قمة بغداد سوى الملايين المنهوبة بذريعة الترميمات وتحسين مظهر بغداد.
مقابل ذلك فإن ملاحظة واحدة من الملاحظات العديدة، الوجيهة للكاتبة كافٍ لأن يجعل القارىء على قناعة تامة بأنّ بغداد لا تصلح حقاً لمثل هذه الفعالية، مثلاً ملاحظتها المهمة المتعلقة بـ (انتشار صور رجال الدين على نحو عشوائي) وهو ما يرسخ كما تضيف الكاتبة، (عبادة الأشخاص واستيلاد ديكتاتوريين جدد بدل ديكتاتور زائل).
وهو بأيّ حال منظر غير مدني ولا مبرّر له.
لم يكن اعتراض الكاتبة على ظاهرة الصور هذه ليروق للناطق الاعلامي ولسادته فتوقّف عنده حاشراً الدين في الموضوع بشكل هجين وصفيق بكل معنى الكلمة، ناهيك عن السطحية والارتباك المروّع في الصياغة وفي انعدام وضوح التعبير، لنقرأ:
(فماذا تريدين من وزارتنا أن نبقى في مجال النظرة الضيقة لدور الثقافة والدين لبناء المجتمع أم نلغي دور الثقافة والدين في تنوير أبناء شعبنا لكي لا نهمل ما يكنه شعبنا لرموزه من احترام وتقدير).
في فقرة اخرى من مقالتها تثير الكاتبة تساؤلاً قد يرد على لسان كلّ عراقي: (هل تصلح بغداد اليوم لتكون عاصمة لثقافة العرب وأبناؤها يقتلون بالمفخخات والعبوات الناسفة وكواتم المافيات في مدينة غادرها السلام ولم يتبق لها من اسمها الا مايصلح للتندر والآشفاق؟).
فأين الخطأ أو الافتئات على الحقيقة في قولها الآنف؟!
...................
لقد هزّ مقال صغير الحجم الوزارة فانتفضت ولم يهزها موت أو تضرّر عشرات الكتاب والمثقفين جرّاء العوز أوالحاجة الى علاج ورعاية، كما حدث مؤخراً مع القاص محمد سمارة الذي تعرّض الى جلطة وعندما أُحضر الى مستشفى ابن سينا لم يدخلوه بحجة عدم وجود أطباء!
صحيح ان كلّ المواطنين يعانون من مثل هذا التدهور والانحطاط في الخدمات غير انّ من واجب الوزارة ان تتابع على الأقل مثل هذه الحالات وأن تمدّ يد العون عند الضرورة، إن لم تكن مطالبة بما هو أكثر من ذلك كإنشاء صندوق دعم الأدباء بالتعاون مع الجهات المعنية كاتحاد الأدباء.
غير انها بدل أن تُصغي للنقد وتعمل على الاستفادة من ملاحظات حريصة ومسؤولة يبديها المثقفون راحت تكيل التشكيك والاتهامات، لإظهار أن لاشائبة على عملها دون أن تعي انّ مَن يترك المثقف رهين فراش المرض ومشاريعه حبيسة الأدراج، لا يكون جديراً أو مؤتمناً على فعالية لها صلة بما هو ثقافي وانساني.
...................
يعيدنا هذا الموضوع وبأسى الى العام 2006 حين رفض المدعو أسعد الهاشمي وزير الثقافة آنذاك والهارب حالياً إثر ادانته بجريمة قتل! قرار وزراء الثقافة العرب في مسقط بتسمية بغداد عاصمة للثقافة للعام 2009. كم حزنّا وقتها وشعرنا بالغضب للدور الذي لعبه الهاشمي ومَن وراءه في سلب بغداد مزيّةً تليق بها لأن غرض أولئك كان معروفاً فلم يكن الدافع إلا تهميش بغداد وتعطيل دورها والاساءة لها.
اليوم كلّ هؤلاء الرسميين يلعبون دور الوزير الهارب ويسعون الى تعطيل دور بغداد والى الأبد عبر تغيير طابعها المدني واهمالها خدمياً وتناهبها ومحاصرتها بالفساد حتى غدت المدينة الأسوأ في العالم!
...................
أخيراً.. هل يعي السيد الناطق بإسم الوزارة انه ما من مثقف عراقي محبّ لبلده لا يتطلع لأن تكون بغداد قبلة ثقافية وحضارية للعالم، لكن بالشكل الذي يليق ويُشرف لا أن تكون "فرجة" للعالم ومادةً للندب أو السخرية في آن معاً.
من هنا فإنّ كلمة الكاتبة لطفية الدليمي هي بيان المثقفين العراقيين في الاحتجاج على الواقع المهين الذي انحطت له البلاد وليس كلمة عابرة عن مناسبة ثقافية عابرة وإن بدت للوهلة الأولى كذلك.



#باسم_المرعبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرؤوس الكبيرة تتهاوى... فمَن يُدير آلة القتل في سوريا؟
- صورة لأطفال المزابل مع ضيوف المربد
- صفّحوا ضمائرَكُم قبلَ أن تُصفّحوا سياراتِكُم
- صوَر بالأبيض والأسوَد
- الجُناة يتضامنون، فمتى يتضامن الضحايا؟ عن قضية المفصولين من ...
- حتى لو اختفت امريكا من الوجود، القتل لن يتوقّف في العراق
- شمس صغيرة
- اعتذار الى الشعب السوري العظيم وجُملة أسئلة الى نوري المالكي
- الإعلام العربي: مرايا الضمائر الميتة
- اسلام في خدمة الطغيان
- مصائر الشعراء انطباعات واستذكارات متناثرة عن كمال سبتي


المزيد.....




- السعودي المسجون بأمريكا حميدان التركي أمام المحكمة مجددا.. و ...
- وزير الخارجية الأمريكي يأمل في إحراز تقدم مع الصين وبكين تكش ...
- مباشر: ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب ع ...
- أمريكا تعلن البدء في بناء رصيف بحري مؤقت قبالة ساحل غزة لإيص ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة (فيدي ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /26.04.2024/ ...
- البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمق ...
- لماذا غيّر رئيس مجلس النواب الأمريكي موقفه بخصوص أوكرانيا؟
- شاهد.. الشرطة الأوروبية تداهم أكبر ورشة لتصنيع العملات المزي ...
- -البول يساوي وزنه ذهبا-.. فكرة غريبة لزراعة الخضروات!


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - باسم المرعبي - بغداد عاصمة لأي شيء؟ عن تداعيات مقال الكاتبة لطفية الدليمي، -هل تصلح بغداد عاصمة للثقافة العربية؟-