أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مجدى زكريا - كل الطرق تؤدى الى روما














المزيد.....

كل الطرق تؤدى الى روما


مجدى زكريا

الحوار المتمدن-العدد: 3848 - 2012 / 9 / 12 - 20:24
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


كانت شبكة الطرقات فى الامبراطورية الرومانية المترامية الاطراف صلة وصل وثيقة بين العاصمة والاقاليم الرومانية المتناثرة. فامتدت من غابات بلاد الغال الكثيفة الى المدن اليونانية ومن نهر الفرات الى المانش. والاهم من ذلك انها سهلت تحرك القوافل الرومانية التى استخدمتها روما لتبسط سلطتها فى كل انحاء الامبراطورية. وقد تفرع من الطرقات الرئيسية المرصوفة طرقات ثانوية كثيرة ادت الى داخل الاقاليم الرومانية. وهذا ما اوجد المثل القائل : " كل الطرق تؤدى الى روما. "
تعدى طول الطرقات التى اجتازت الامبراطورية الرومانية ال 800,000 كيلو متر. فكيف يمكن دراسة هذه الطرقات اليوم وفهم مدى تأثيرها فى ذلك العالم القديم ؟ احدى الوسائل هى فحص خريطة يعود تاريخها الى القرن ال13 تعرف بخريطة بويتنغر.

يعتقد المؤرخون ان خريطة بوينتغر هى نسخة عن خريطة اصلية وضعت حين كانت الجيوش الرومانية لا تزال تجوب هذه الطرقات الشهيرة. وفى سنة 1508 , حصل كونرات بويتنغر من اوغسبورغ فى جنوب المانيا , على هذه النسخة المصنوعة باليد , فارتبط اسمه بها. وهذه الخريطة موجودة اليوم فى مكتبة النمسا الوطنية فى فيينا وتعرف باسمها اللاتينى tabula peutingeriana.
فى ايامنا هذه يتعلم تلامذة الصف عادة من خريطة مربعة معلقة على الحائط. لكن خريطة بويتنغر هى درج عرضه 34 سنتيمترا وطوله مفتوحا اكثر من 6,75 امتار. وقد صنع اساسا من 12 ورقة منفصلة من الرق الصقت احداها بغراء. ولا تزال توجد اليوم 11 ورقة من هذه الرقوق. تظهر هذه الخريطة عالم الامبراطورية الرومانية وهى فى اوج مجدها , ايام كانت تمتد من بريطانيا الى الهند. ورغم المعرفة التى قد تمتلها عن المنطقة بمساعدة الخرائط العصرية قد يختلط عليك الامر حين تبدأ بفحص خريطة بويتنغر , ولماذا ؟ لم ترسم خريطة بويتنغر لعلماء الجغرافيا العصريين بل للمسافرين القدامى. فكان يسهل عليهم استعمال خريطة ملفوفة اثناء تنقلهم على الطرقات. لكن مبتكر الخريطة اضطر الى تقليص حجم الامبراطورية من شمالها الى جنوبها وتكبيره كثيرا من الشرق الى الغرب لكى يستطيع ان يدخل فى الدرج كل التفاصيل اللازمة للمسافرين. وكانت النتيجة خريطة مشوهة ولكن يسهل فتحها , فحصها , لفها , وحملها , فكان المسافر يرى بسرعة الطريق الافضل للانتقال من مكان الى اخر. وكان ذلك يهم المتنقلين على الطرقات اكثر مما يهمهم شكل ايطاليا , حجم البحر الاسود , او الاتجاه الفعلى للطريق الذى يسلكونه.
وتختلف الالوان المستعملة فى الخريطة باختلاف المعالم. فتبدو الطرقات كخطوط حمراء , اما الجبال فبنية اللون والانهار خضراء. كما تذكر فى الخريطة اسماء مئات المدن وتحدد مواقعها برموز كالبيوت , الساحات المسورة , والابراج. وتشير هذه الرموز على مايبدو الى المنشات الموجودة فى كل موقع. وتظهر الخريطة ايضا المسافات بين المدن , المحطات , واماكن الاستراحة.
يرد ايضا فى خريطة بويتنغر العديد من الاماكن والاحداث المذكورة فى الكتاب المقدس. فهناك تعليقان مكتوبان باللاتينية قرب منطقة جبل سيناء. يقول احد التعليقين : " الصحراء التى سار فيها بنو اسرائيل بقيادة موسى طوال 40 سنة ". ويقول الاخر : " هنا تلقوا الشريعة على جبل سيناء ".
ويشار الى اورشليم بتعليق يرد فيه اسم اخر للمدينة , ايليا كابتولينا. وهذا الاسم مأخوذ من من اسم بوبليوس ايليوس هادريانوس , المعروف اكثر بالامبراطور هادريان الذى دعا المدينة باسمه فى القرن الثانى الميلادى. ويظهر ايضا فى الخريطة الاسم اللاتينى لجبل الزيتون.
هل كانت كل الطرق تؤدى الى روما :
كانت بعض الطرق تؤدى الى اكويليا , مدينة فى شمال شرق ايطاليا. ويتبين من الخريطة ان اوكبليا كانت محاطة باسوار قوية وابراج , وقد اعتبرت احدى ابرز المدن فى الامبراطورية الرومانية , لأنها كانت تقع على مفترق طرق مهم وتضم مرفأ ممتازا.
اما الطريق الاغناطية فقد اجتازت شبه جزيرة البلقان من ساحل البحر الادرياتيكى الى القسطنطينية المعروفة اليوم باستنبول. ويرمز الى موقع هذه المدينة فى خريطة بويتنغر بالاهة جالسة على عرش ومتأهبة للحرب. وكانت هنالك ايضا طرق عديدة تؤدى الى انطاكية سورية التى هى اليوم مدينة انطاكية التركية. وقد اعتبرت انطاكية ثالث اكبر مدينة فى الامبراطورية الرومانية , بعد روما والاسكندرية. ويرمز الى هذه المدينة فى الخريطة بالاهة جالسة محاطة بهالة.
تظهر خريطة بويتنغر 12 طريقا تؤدى الى روما. واحدى هذه الطرق هى الطريق الابياوى , ويذكر سفر الاعمال ان الرسول بولس سلك تلك الطريق فى رحلته الاولى الى روما. وفيما كان فى الطريق , جاءت مجموعة من المسيحيين من روما عبر الطريق الابياوى والتقوه فى " الخانات الثلاث " التى تظهر ايضا فى الخريطة.
وأى رمز يستعمل فى الخريطة للأشارة الى الى روما ؟ تصور المدينة كامبراطورة قوية ترتدى ثوبا ارجوانيا وتجلس على العرش , ويشير الكوكب والصولجان فى يديها الى ان عاصمة الامبراطورية تلك كانت مركز السيطرة العالمية.
فهل عبارة " كل الطرق تؤدى الى روما " عبارة دقيقة ؟ انها كذلك اذا اخذت فى الاعتبار الشبكة الكبيرة للطرقات المتفرعة من الطرقات الرئيسية تعزز قدرة الامبراطورية الرومانية على بسط سلطتها بشكل واسع. بحيث استطاعت روما ان تسيطر على الاقاليم طوال 500 سنة تقريبا. واليوم لا يزال بامكانك التجول فى الامبراطورية الرومانية على تلك الطرقات القديمة , مستعينا بمخيلتك ومسترشدا بخريطة بويتنغر.



#مجدى_زكريا (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثرثرة - كيف نتجنب الحاق الضرر (2-2)
- الثرثرة - لماذا تروق لكم ؟ (1-2)
- ميثاق الحقوق الاميركى - درس فى الحريات (2-2)
- ميثاق الحقوق الاميركى - درس فى الحريات (1-2)
- نافذة على الرحم
- مواجهة الحياة - بروح مرحة
- مصدر القيم الحقيقية (4)
- القيم المتغيرة - هل تشعر بالخسارة ؟ (3)
- هل القيم فى طور الانحطاط (2)
- ماذا يحدث للقيم ؟ (1)
- هل يعقل ان نموت من قلب مكسور ؟
- سورية - اصداء من ماض عريق
- المورمون - اضافات اخرى
- المورمون - طائفة المرشح الاميركى (3)
- المورمون - طائفة المرشح الاميركى (2)
- المورمون - طائفة المرشح الاميركى ( 1 - 2 )
- من قراءاتى - نوادر ونكات فيسبوكية
- عندما يكبر الاولاد قبل الاوان ( 3 )
- عندما يكبر الاولاد قبل الاوان ( 2 )
- الاطفال عندما يكبرون قبل الاوان ( 1 )


المزيد.....




- والد جاريد كوشنر يشعل تفاعلا بصور أداء القسم سفيرا لأمريكا ف ...
- قائمة أفضل شركات طيران في العالم لعام 2025
- -رجعنا للدار-.. بسمة بوسيل توضح آخر التطورات الصحية لابنها آ ...
- البدلة البيضاء تتصدّر صيحات صيف 2025 مع إطلالات النجمات
- إيران تكشف سبب استهداف مستشفى سوروكا
- صاروخ إيراني يضرب منطقة تجارية قرب تل أبيب.. ومراسل CNN يرصد ...
- الصراع الإيراني-الإسرائيلي يخلق انقسامًا بين صفوف الجمهوريين ...
- إسرائيل تهاجم مفاعل أراك للماء الثقيل في إيران.. ماذا نعرف ع ...
- استهداف مستشفى في جنوب إسرائيل ونتنياهو يتوعد إيران بالرد
- لغرض حمايتها.. واشنطن تحرك سفنا وطائرات من قواعد في الخليج


المزيد.....

- كتاب تاريخ النوبة الاقتصادي - الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب الواجبات عند الرواقي شيشرون / زهير الخويلدي
- كتاب لمحات من تاريخ مملكة الفونج الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي / تاج السر عثمان
- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مجدى زكريا - كل الطرق تؤدى الى روما