أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - مجدى زكريا - عندما يكبر الاولاد قبل الاوان ( 2 )















المزيد.....

عندما يكبر الاولاد قبل الاوان ( 2 )


مجدى زكريا

الحوار المتمدن-العدد: 3830 - 2012 / 8 / 25 - 17:01
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    


تحت السماء المكفهرة, هدر محرك الطائرة الصغيرة, تزايدت سرعتها, ثم اقلعت عن المدرج. كان ذلك حدثا مهما استقطب وسائل الاعلام, كاميرات التصوير, والمراسلين الصحفيين الذين كانوا يطرحون اسئلة تنطوى على الاعجاب ويتفوهون بالكثير من عبارات المديح. فمن كان محور هذا الاهتمام ؟ ليس قائد الطائرة ولا الراكب الوحيد, بل ابنة هذا الراكب البالغة السابعة من عمرها.
كان يتوقع ان تقود الفتاة الصغيرة الطائرة لتحطم رقما قياسيا, متقيدة بوقت محدد. وكانت وسائل الاعلام تنتظرها فى المحطة التالية, لذلك, رغم السماء الملبدة بالغيوم, صعد الثلاثة على متن الطائرة. فجلست الفتاة الصغيرة على وسادة لكى تتمكن من الرؤية من فوق لوحة القيادة, واضفى تعديل على الدواستين لكى تلائما طول ساقيها الصغيرتين.
لكن الرحلة كانت قصيرة جدا. فمع هبوب عاصفة مفاجئة, تغير فجأة اتجاه الطائرة, فهوت وتحطمت وقتل الركاب الثلاثة. فأعلنت وسائل الاعلام فجأة النبأ المحزن عوض الثناء والمديح. وتساءل بعض المراسلين والمحررين اذا كانت لوسائل الاعلام يد فى المأساة التى وقعت. وشجب كثيرون قيادة الاولاد للطائرات. وفى الولايات المتحدة سنت قوانين بشأن هذا الموضوع. لكن وراء كل هذه الضجة الاعلامية والحلول البسيطة المطروحة تكمن مساءل اعمق.
لقد جعلت هذه المأساة بعض الاشخاص يفكرون جديا فى مايحدث على صعيد واسع فى عصرنا. فاليوم, لا يتاح للأولاد ان يعيشوا طفولتهم كما ينبغى, اذ تسند اليهم مهمة الراشدين فى سن مبكرة جدا. صحيح ان التأثيرات ليست دائما مأساوية الى هذا الحد, لكن يمكنها ان تكون عميقة وتدوم طويلا. فلنتأمل فى بعض الطرائق التى قد تجعل الاولاد يكبرون قبل الاوان.
الاستعجال فى التعليم :
من البديهى ان يتشوق الوالدون ليروا اولادهم ينجحون فى الحياة. لكن عندما يتحول هذا الشوق الى هاجس. قد يلقى الوالدون على عاتق اولادهم مسؤوليات كثيرة, مثقلين كاهلهم باكرا جدا, وغالبا مايفعلون ذلك بنية حسنة. مثلا, يصير من الشائع اكثر فأكثر ان يسجل الوالدون اولادهم فى نشاطات بعد المدرسة, بدءا من النشاطات الرياضية الى دروس الموسيقى والباليه. وغالبا مايضاف الى ذلك التعليم الخصوصى.
طبعا ليس خطأ تنمية مواهب الولد او اهتماماته. لكن هل يمكن ان يتطرف الوالدون فى الامر ؟ من الواضح ان هذا الخطر موجود. اذ ان بعض الاولاد على مايبدو يواجهون ضغوطا مشابهة لما يواجهه الراشدون المثقلون بالاعباء. تذكر مجلة تايم : " فى الماضى كان الاولاد يتمتعون بطفولتهم, اما اليوم فلديهم مناهج دراسية يقلقون بشأنها. والاولاد عوض تمتعهم بحيوية الطفولة, لديهم اليوم هدف سام هو العمل بكد ".
ويأمل بعض الوالدين ان يبرع اولادهم وهم صغار فى مجالات معينة مثل الرياضة, الموسيقى, عروض الازياء للاطفال, ملكات جمال الاطفال, او التمثيل. فقبل ان يولد الولد, يسجله والداه فى روضة الاطفال متوقعين ان تزداد امال نجاحه فى الحياة. وبالاضافى الى ذلك, تتسجل بعض الامهات فى جامعات قبل الولادة التى تقدم تقدم ثقافة موسيقية للاطفال وهم بعد فى الرحم والهدف هو حث دماغهم فى مرحلة نموه.
وفى بعض البلدان, تقيم مهارات الاولاد فى القراءة والرياضيات قبل ان يبلغوا السادسة من عمرهم. وقد اثار هذا الامر القلق بشأن الاذى العاطفى. فماذا يحصل, مثلا, اذا فشل ولد فى صف الروضة ؟ يذكر ديفيد الكايند, واضع كتاب استعجال الولد الى الرشد, ان المدارس تميل الى تصنيف الاولاد سريعا جدا وباكرا جدا. وهم يقومون بذلك, كما يحاج الكايند, لأسباب ادارية لا لأسباب تتعلق بفعالية تعليم الاولاد.
وهل من سبب يدفع للضغط على الاولاد ليصبحوا قبل الاوان راشدين صغارا اكفاء ؟ يشعر الكايند بالانزعاج لرؤيته المجتمع يتبنى فكرة تأهيل الاولاد ليستطيعوا تحمل اعباء الكبار. يقول : " يعكس ذلك ميلنا الى اعتبار الضغوط المتزايدة والصارمة التى تمارس على الصغار اليوم امرا " طبيعيا ". فعلا, ان المفاهيم المتعلقة بما يعتبر طبيعيا للاولاد تتغير بسرعة على مايبدو.
الاستعجال الى الفوز :
يعتقد والدون كثيرون انه من الطبيعى بل من المستحسن, تعليم اولادهم ان الفوز هو اهم شئ - خصوصا فى الالعاب الرياضية. واليوم يضع اولاد كثيرون نصب اعينهم الحصول على الميداليات الاولمبية. وفى سبيل التلذذ بالمجد الناجم عن دقائق قليلة من النصر وتأمين العيش الرغيد فى فترة الرشد, يحث بعض الاولاد ان يكبروا قبل الاوان او ان يتخلوا عن طفولتهم.
تأمل فى الاناث اللواتى يحترفن الجمباز, انهن يبدأن فى سن مبكرة جدا باتباع تمارين قاسية تخضع جسمهن الصغير لضغط هائل. ويقضين سنوات فى الاستعداد عقليا وجسديا للمباريات الاولمبية. طبعا, قليلات فقط يكن من الرابحات. فهل تشعر الخاسرات ان النتائج النهائية كانت تستحق التضحية بمعظم سنى حداثتهن ؟ وفى النهاية, حتى الرابحات سيتساءلن هل كان الامر يستأهل كل التضحية التى بذلنها.
عاطفيا, قد تدفع هؤلاء الفتيات الصغيرات ان يكبرن فبل الاوان باضرام رغبة قوية فيهن ليلمعن كنجمات رياضيات متفوقات. لكن جسديا قد يعاق نموهن بسبب هذا التمرين القاسى. فعند بعض الفتيات, يعاق نمو العظم, كما تشيع اضطرابات الاكل, وفى عدد من الحالات, تتأخر مرحلة البلوغ, وقد بصل هذا التأخير الى عدة سنوات. لكن فتيات كثيرات اليوم يواجهن مشكلة معاكسة, بداية مرحلة البلوغ فى سن مبكرة (سيتم القاء الضوء عليها لاحقا )
اولاد يملكون كل شئ ماعدا الطفولة :
اذا كنت لتصدق وسائل الاعلام الترفيهية, فقد تظن ان عيش الولد طفولة مثالية يعتمد على اغراقه بكل وسائل الترف. ويعض الوالدين يعملون بكد لتزويد اولادهم بكل وسائل الرفاهية, بما فيها بيت فخم, وسائل تسلية لا تحصى, وثياب غالية الثمن.
رغم ذلك ينغمس اولاد عديدون ممن ينشأون فى هذه العائلات فى شرب الكحول وتعاطى المخدرات, كما يكونون نكدين ومتمردين. لماذا ؟ كثيرون يستاؤون لأنهم يشعرون انهم مهملون. فالاولاد بحاجة الى والدين بجانبهم يحبونهم ويهتمون بهم. والوالدون المشغولون الى حد يجعلهم عاجزين عن الاهتمام باولادهم قد يظنون انهم بعملهم يؤمنون لهم السعادة - لكن مايقومون به فعليا هو العكس تماما.
ان اهم العناصر التى ترتكز عليها الطفولة : محبة الوالدين وقضاء الوقت معهم. ودون توجيه, دون تأديب وارشاد, يواجهون باكرا جدا اسئلة يواجهها الراشدون عادة, ولا يكونون مستعدين لها. هل اتعاطى المخدرات ؟ هل امارس الجنس ؟ هل يجوز ان اكون عنيفا عندما اغضب ؟ سيجدون على الارجح اجوبتهم الخاصة. بالاعتماد على نظرائهم او التليفزيون او الممثلين. وتكون ىالنتيجة نهاية الطفولة بشكل مأساوى مفاجئ.
حين يلعب الولد دور الراشد :
عندما تخسر العائلة احد الوالدين اما بالموت او الهجر او بالطلاق, غالبا مايعانى الاولاد عاطفيا. طبعا, تتدبر عائلات كثيرة امرها حتى بوجود والد واحد. لكن فى بعض منها, يكبر الاولاد قبل الاوان.
من البديهى ان يعانى الوالد المتوحد من الوحدة احيانا, لكن البعض يسمحون لأحد اولادهم - غالبا البكر - ان يلعب دور الراشد فى العائلة. فقد يعمد الوالد المتوحد, ربما بسبب اليأس, الى الافضاء بمكنونات قلبه الى ولده الحدث, مثقلا اياه بمشاكل لا يكون مستعدا لتحملها, وهكذا, عاطفيا, يعتمد بعض الوالدين المتوحدين على الولد بافراط.
ويتخلى والدون اخرون عن مسؤولياتهم كليا, مجبرين الولد على لعب دور الراشد فى العائلة. لقد تحررت كارمن واختها المذكورتان انفا من مثل هذا الوضع حين تركتا البيت ولجأتا الى الشارع. فقد كانتا مجبرتنين على الاهتمام بأخوتهما الاصغر رغم صغر سنهما. وكان العبء اكبر من ان يحتمل.
دون شك, ان اجبار الولد ان يكبر قبل الاوان مسألة خطيرة ينبغى تفاديها اذا كان ذلك ممكنا, لكن هنالك اخبار سارة : يستطيع الراشدون اتخاذ خطوات ايجابية ليؤمنوا لذريتهم سنوات من الطفولة السعيدة. اية خطوات؟ لنفحص بعد الاجوبة التى اثيت الزمن فعاليتها.
" يتبع"
مشكلة البلوغ المبكر
هل تمر الفتيات اليوم بمرحلة البلوغ فى سن ابكر من المعتاد ؟ هذه المسألة هى مثار جدل بين العلماء. يقول البعض انه فى اواسط القرن ال19, كان معدل العمر لبداية مرحلة البلوغ عند الفتيات 17 سنة, فيما هو الان دون ال13, وبحسب دراسة اجريت سنة 1997 على 17,000 فتاة فى الولايات المتحدة, تبين ان حوالى 15 فى المئة من الفتيات البيضوات و 50 فى المئة من الفتيات الاميريكات من اصل افريقى تظهر لديهن علامات البلوغ باكرا, فى سن الثامنة. لكن بعض الاطباء يشكون فى هذه المعلومات ويحذرون الوالدين من مغبة تقبل النمو المبكر جدا كأمر طبيعى .
على اية حال, يشكل هذا الوضع تحديا للوالدين والاولاد على السواء. تعلق مجلة تايم : " ماهو اسوأ من الاضطراب الناجم عن التغييرات الجسدية. هو ماقد يخلفه النمو الجنسى السابق لأوانه من تأثير نفسى فى الفتيات المفترض ان يقرأن القصص الخرافية, لا ان يبعدن عنهن الذين يحومون حولهن كذئاب ضارية. . . والطفولة بحد ذاتها انما هى فترة قصيرة على اية حال ". وتثير المقالة السؤال التالى : " اذا سبق جسد الفتيات قلبهن وعقلهن الى الرشد, فما الذى يفقد نهائيا ؟ "
غالبا ماتفقد البراءة - من خلال الاستغلال الجنسى, تقول ام بصراحة تامة : " الفتيات اللواتى يظهرن اكبر من عمرهن هن كالعسل, انهن يجذبن الفتيان الاكبر سنا " كما يدفعن غاليا ثمن ممارسة الجنس فى سن مبكرة. ويمكن ان تفقد الفتاة احترامها للذات, ضميرها الطاهر, وقد تتأذى جسديا وعاطفيا.



#مجدى_زكريا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاطفال عندما يكبرون قبل الاوان ( 1 )
- رؤية مسبقة عن الات الدمار
- رؤية مسبقة عن آلات الدمار
- الضوء المثالى
- كيف نرى الجمال حولنا ( 4 )
- البحث عن الفنان الاعظم ( 3 )
- الفنان المنسى فى زمننا ( 2 )
- البحث عن الفنان الاعظم ( 1 )
- هل تعول الارض الاجيال المقبلة ؟
- حرية القول فى البيت هل هى قنبلة موقوته ( 3 )
- حرية القول هل يساء استعمالها (2)
- حرية القول هل يساء استعمالها (1)
- اديان كثيرة جدا . . من اين جاءت ؟ (2-2)
- اديان كثيرة جدا . . من اين جاءت ؟ (1-2)
- احم اولادك من التحرش الجنسى (4)
- احم اولادك من التحرش الجنسى (3)
- احم اولادك من التحرش الجنسى (2)
- احم اولادك من التحرش الجنسى (1)
- العلم والدين هل يمكن ان يتوافقا ؟ (4)
- العلم والدين هل يمكن ان يتوافقا ؟ (3)


المزيد.....




- داخلية السعودية تعلن إعدام الصيعري قصاصا وتكشف كيف قتل الشهر ...
- مصر -تدقق- الأعداد.. اللاجئون في ميزان الربح والخسارة
- يونيسف: إصابة نحو 12 ألف طفل منذ بداية الحرب على غزة
- الأمم المتحدة تحذر من كارثة بيئية خطيرة في غزة.. ما هي؟
- اعتقال طلاب مؤيدين لفلسطين في جامعة كولومبيا بنيويورك
- اللجنة الشعبية الأهلية توزع الطحين على السكان النازحين في غز ...
- الصين: الاعتراف بدولة فلسطين في الأمم المتحدة خطوة لتصحيح ظل ...
- أبو مازن عن الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحدة: ...
- رئيس فلسطين: حرب الإبادة ضد شعبنا والحملة ضد الأونروا ستدفع ...
- اعتقال 30 فلسطينيا يرفع عدد المتعقلين منذ 7 أكتوبر لنحو 8340 ...


المزيد.....

- نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة / اسراء حميد عبد الشهيد
- حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب ... / قائد محمد طربوش ردمان
- أطفال الشوارع في اليمن / محمد النعماني
- الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة / شمخي جبر
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية / دنيا الأمل إسماعيل
- دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال / محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
- ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا ... / غازي مسعود
- بحث في بعض إشكاليات الشباب / معتز حيسو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - مجدى زكريا - عندما يكبر الاولاد قبل الاوان ( 2 )