أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خسرو حميد عثمان - الفارغون رقم 2















المزيد.....

الفارغون رقم 2


خسرو حميد عثمان
كاتب

(Khasrow Hamid Othman)


الحوار المتمدن-العدد: 3845 - 2012 / 9 / 9 - 17:11
المحور: الادب والفن
    


الساعة7:50 مساء
اليوم السبت ، 8 سبتمبر 2012
كنت واقفا على الرصيف رقم 2 في محطة قطار– إسكلستونا بإنتظار وصول القطار القادم من ستوكهولم في الساعة 19:57 بموجب برنامج حركة القطارات المعلن على عدة شاشات ضوئية منصوبة في أماكن مختلفة من المحطة. وكانت جميع الأرصفة خالية من القطارات.
 للقطارات ومحطاتها وقع خاص في مخيلتي وتشكلان بواكير ذكرياتي التي تعود تأريخها إلى أكثر من ستة عقود مضت. كنت أنتظر وصول القطار ومعه إبني الذي وصل إلى السويد قبل أيام، من كندا، لزيارة عائلية. سافر يوم أمس إلى ستوكهولم للقاء صديق له من أيام الطفولة. "عبثاً يحاول المرء أن يعيش في خلوة ، فسرعان ما يصبح، قبل أن يعرف، مديناً أو دائناً" كما قال يوهانس غوته، هكذا لم أستطع أن أقضي هذا الوقت المتوقع رغم قصره، عدة دقائق، وفكري خالٍ من موضوع أخذ بالأستحواذ عليه*، لأتفرغ في التأمل في وجوه الناس المنتشرين على أرصفة المحطة وحركاتهم وتصرفاتهم. بشر من أصول مختلفة وأعمار متباينة، من جنسين شكلت الأختلافات البايولوجية والفطرية بينهما حميمية وقوة جذب لا يُستهان بها، الكل  ينتظر القطار بصمت وهدوء مما جعل المكان أشبه بقاعة مطالعة أو معبد مفتوح في درجة حرارة معتدلة(7 درجات مئوية)، كنت أحاول أن أشغل فكري بالحاضر لتلافي ظهور أىٌ أثر سلبي على وجهي بسبب قرائتي لهذه السلسة من المقالات ودهشتي لبعض المعلومات الواردة فيها، حيث تكرر إسم والدي وكيف إستهدفوه وقسوة وهمجية التعذيب الذي تعرض له وأسباب حجبه عني هذه المعلومات المحزنة، وعدم ذكرها من خلال ماكان يرويه لي عن حياته وتجاربه، حاولت أن أجد أجوبة لتساؤولات بدأت تتلاحق وتفرض نفسها حال وصولى إلى الرصيف رقم 2، وقد تكون سفرة إبني إلى ستوكهولم سببا لإثارتها: ماالذي يدفع بإتجاه نشوء علاقات حميمية بين أبناء الجنس الواحد على شكل صداقة حتى وإن إفترقا (أو إفترقتا)؟ ما سر ديمومتها؟ وما أهميتها في حياة الأنسان كفرد ومجتمع؟ ما الذي يجعل أن يتحول المهاجرون والمهاجرات إلى مخزون ثري وأمين لثقافات شعوبهم في الوقت الذي تندثر في موطن نشوئها؟ تذكرت حديث مهاجر، هاجر من مدينة أربيل إلى إسرائيل قبل عشرين عاما، إلتقيت به قبل عدة أيام هنا في إسكلستونا، وصف لي كيف يقضي المهجّرون والمهاجرون الأوائل من العراق  إلى إسرائيل عطلاتهم الأسبوعية، في الوقت الذي سمعت في أربيل، أثناء زيارتي لها قبل ثمانية أشهر، شكوى الكثيرين وحزنهم بسبب تلاشي ظاهرة العلاقات الحميمية لتحل محلها العلاقات المادية والمصلحية المجردة من كل بعد إنساني! وهذه الظاهرة تُسمى في علم الإجتماع الحديث ب(embodied geography).
يلجأ العاجز عن إجابة الأسئلة التي تفرض نفسها، بطبيعة الحال، إلى الهروب وإيجاد وسيلة تساعده على تهدئة فكره، هكذا هربت من الماضي إلى الحاضر ومنه وجدت نفسي مضطراً أن أبحث عن شئ يٌسليني خلال الوقت المتبقي لوصول القطار من ستوكهولم ويبعدني عن الهواجس و الأفكار التي تصيبني بالكأبة إن إستمريت التفكير فيها. ولم أجد شيئاً غير مراقبة القطار القادم من Arboga عند إقترابه من المحطة، دون ان يصدرعنه أية ضجيج أو يكسر الهدوء الذي كان مخيماً على المحطة، ووقف مقابل الرصيف رقم 1، بدأت الحركة تدب على الرصيف رقم 1، ومن خلال المساحات الزجاجية الكبيرة التي تشغل حيزاً كبيراً من جانب القطار المواجه لي كنت أًرى نزول معظم الركاب الذين كانوا متواجدين فيه من الجانب الأخر، وبعدهم صعد الكثيرين إلى الطابقين العلوي والسفلي، أفراد ومجاميع من أصول مختلفة، إنعكاس هذه الإختلافات كان واضحا من حركاتهم وسكناتهم وأزيائهم. بقى القطار ساكنا في مكانه رغم مرور الوقت المحدد لحركته كما وتأخر القطار الذي أنا بإنتظاره مايُقارب الربع ساعة، كلما كان نظري يقع على ما كان مكتوباً باللون الأحمر في الرقعة الضوئية الموجودة على جانب العربة: فارغون رقم 2، كان عنابر السجن تعود إلى الذاكرة وأشعر كأنني موجود في أعماق السجون الذي قرأت عنها قبل حضوري إلى محطة القطار. وكان الوقت كافيا، قبل وصول القطار، أن أبتعد عن كل هذه الأسئلة التي كنت عاجزا أن أجيب عليها وأغض النظر عنها لأركز على مفارقة غريبة: جانب منها سألني إبني، وهو يدرس العلوم السياسية وعلم الإجتماع في كندا،  قبل سفره إلى ستوكهولم سؤالا برز عنده أثناء مشاهدته فلماً مرعباً على اليوتيوب فيه يأتي صدام حسين ذكر عبدالخالق السامرائي: كيف لم يعدم صدام حسين جدي( حميد عثمان) رغم وجود علاقة فكرية وسياسية وثيقة بينه و بين عبدالخالق السامرائي؟ أما الجانب ألأخر من المفارقة كان تعليقان باللغة الأنكليزية (نال إعجاب 11 شخصا ولو كانا بالعربية لربما كان عدد المعجبين أكثر في تصوري) ظهرا على مقالي الأخير الذي وصفت فيه ما رأيته من مكان للتعذيب في مديرية أمن أربيل. أحد التعليقين كان على الفيسبوك والأخر ضمن تعليقات الموقع وكان عنوانه: كان والدك بعثيا، ويذكر بأن والدي كان أحد مستشاري صدام حسين لهذا يٌكذب روايتي من أولها....له الحق في أن لا يصدق، رغم أن التعليقين بإسمين مختلفين، غير معروفين على الأقل عندي، إلا أنني أستطيع أن أزعم بأن الكاتب شخص واحد لتماثلهما، حاولت التعرف على كاتب التعليق وخلفياته في الفيسبوك لكي أوضح له الأمر، لكنه لم يضع لا صورته ولا أية معلومات عنه في الفيسبوك لهذا إكتفيت بإرسال تعليق شفهي إليه من التراث العراقي وعبر الأثير: "روح فهم حجي أحمد أغا"**. ولكن ما لفت نظري من أسلوب كتابة التعليقين بصيغة فوقية وأمرية جعلني أستنتج: بأن المعلق بسبب قدرته على الكتابة بالإنكليزية وبهذا الأسلوب يريد أن يقول لي ضمنا: أنا(المعلق) الأعلى لأنني أنتمي إلى التراث الإمبريالي، أو هو من الذين يقرأون بالعربية ولكنهم يستنكفون الكتابة بها.       
*قبل ذهابي للمحطة فرغت للتو من قراءة الحلقات التسعة من موضوع (من أعماق السجون في العراق) كتبها محمد علي الشبيبي في الحوار المتمدن مرة واحدة والتي لم أنتبه إليها في أوقات نشرها. يمكن الأطلاع على جميع الحلقات من خلال الموقع الفرعي للكاتب:
http://www.ahewar.org/m.asp?i=1354 
**مثل بغدادي، يمكن معرفة تفاصيله على الرابط:
http://www.iq-fb.com/t6912-topic



#خسرو_حميد_عثمان (هاشتاغ)       Khasrow_Hamid_Othman#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 26// بين عامي 1984 و 1987
- حورية ومعلقاتها على أبواب معبد(1)
- ما كنت أحلم به (12)
- تعقيبا على مقال…بمنظور غير سياسي(8)
- 25// بين عامي 1984 و 1987
- هي تسأل وهو يٌجيب
- ما كنت أحلم به (11)
- تعقيبا على مقال … بمنظور غيرسياسي (7)
- من أوراق باحث عن اللجوء (3)
- 24// بين عامي 1984 و 1987
- من أوراق باحث عن اللجوء (2)
- ماكنت أحلم به…(10)
- تعقيبا على مقال ... بمنظور غير سياسي (6)
- من أوراق باحث عن اللجوء (1)
- 23// بين عامي 1984 و 1987
- ما كنت أحلم به...(9)
- تعقيبا على مقال...بمنظور غير سياسي (5)
- 22// بين عامي 1984 و1987
- ما كنت أحلم به ...(8)
- تعقيبا على مقال...بمنظور غير سياسى(4)


المزيد.....




- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خسرو حميد عثمان - الفارغون رقم 2