زلزال العرب - ربيع الاكراد - خريف الاتراك 2-2

دانا جلال

الحوار المتمدن-العدد: 3806 - 2012 / 8 / 1 - 17:59
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    

الزلزال او "ثورة المهمشين" بعد تراجيديا " البوعزيزي" تجاوزت حدودها العربية، بدخولها هامش المدن المُهمَّشة، التي رفعت شعارات ومطاليب جدل النضال "الطبقي، والوطني، والقومي"من خلال شعب تم تجريد هويته الوطنية، والقومية، والانسانية، فاختار "الثورة" هوية جامعة، يكتشف من خلالها هويته وهوية الاخرين.
الربيع الكوردي في سوريا وغرب كوردستان لم يتلوث بحنجرة شيخ سلفي، ولم يبدأ من المساجد ثائراً ليعود اليه مغدوراً. انطلقوا من مدرسة لتعلم لغة الام، ودروس في "الكونفديرالية الديمقراطية بين الشعوب" بعيداً عن مؤسسة قمع الدولة القومية، وجدوا في العمل الطوعي بين الفلاحين عبادة، وفي صناديق انتخابات المجالس الشعبية محرابا، ولجان الدفاع الذاتي ملاذا، فكانت التهمة التركية واطراف معارضاتها وعساكرها، لربيع الكورد بالإرهاب والانتماء لحزب العمال الكوردستاني. السمة الاولى للربيع الكوردي "انها لم تخضع لقرارات واجندة العم سام والطيب اردوغان وشيوخ البترول، انه ربيع يمتلك ارادته".
على خلاف المدن العربية، بل وفي سابقة تاريخية للكورد تحررت اغلب المدن الكوردية بنضال ديمقراطي بعد رفض كوردي لعسكرة ربيعهم ومن ثم كشفهم عن وجه الارهاب المنظم للدولة التركية، ومن خلفها، ومن تحت امرتها. هم يدفعون بالسلاح المهرب علناً، سلاح بعضه طائفي و مؤسلم ضمن قواعد اشتباك تركية جديدة ادخلت معها قواعد القاعدة. السمة الثانية للربيع الكوردي انها متهمة بالإرهاب من قبل بعض "الداخل" واغلب "الخارج" الذي يرفع ويدعم سلاح الاسلام السياسي وقطعان القاعدة.
في المؤتمر الاخير للمعارضة السورية التي تنجب كعادتها معارضاتها، وحينما وجد الشيخ "مرشد معشوق الخزنوي" وهو احد اهم رجال الدين عند الكورد، ان علماني معارضة المجلس الوطني الاسطنبولي لا يختلفون عن عراعيرها، واخوانها، وبعثييها، رمى عمامته على الارض فصرخ في وجههم بعد ان قالوا طز بالأكراد " ان كان هذا هو الاسلام المحمدي فان بريء من الاسلام" وان كان هذا هو طرحكم لغد الكورد فأهلا ببشار". السمة الثالثة في الربيع الكوردي هو غياب الاسلام السياسي الكوردي سوريا، ورجال دينهم اقرب الى العلمانية من علمانيي المعارضة السورية. النتيجة انهم يؤسسون لربيع سوري رغم ضعف القوى الديمقراطية السورية. لم ينتظروا، فانطلقوا بعيدا عن المشروع الاخواني المختوم بختم الخلافة الاردوغانية.
الربيع الكوردي وعلى خلاف الزلزال العربي له تأثيرات ديمقراطية ضمن اطاره الوطني ( سورياً)، وعمقه القومي ( اجزاء كوردستان)، وجواره الاقليمي بعد توحيد جهودهم وتشكيل الهيئة الكوردية العليا كمرجعية كوردية تضم اهم قوتين رئيسين كورديتين وهما ( المجلس الوطني الكوردي ومجلس غربي كوردستان).
وطنيا:- سيلعب الكورد دور القوة الديمقراطية الضاغطة على القوى الاسلامية المرشحة للحكم للحد من سلطتهم المطلقة ومن ثم امكانية طرح البديل الديمقراطي على الصعيد الوطني ان نجحت القوى الديمقراطية السورية بتنظيم قواها وتفعيل حوارها مع القوى الديمقراطية الكوردية. سيناريو يتعارض مع اجندة حزب العدالة والتنمية الاسلامي الحاكم في تركيا ومشايخ الخليج .
قوميا:- سيلعب كورد سوريا دور البلاشفة الروس عام 1917 الذين قطعوا الحلقة الاضعف في سلسلة النظام الرأسمالي، كورد غرب كوردستان سيقطعون الحلقة الاضعف في سلسلة نظام التجزئة الذي تعرض له الكورد شعبا ووطناً. السيناريو المرجح تحرير اربيل من حصارها، ودفع بنضال كورد الشمال ضد حكام انقرة، وكورد الشرق ضد ملالي طهران.
اقليميا:- سوريا مختلفة، هي النتاج التاريخي والمعاصر لمعادلات الجوار الاقليمي الذي تحول الى هامش سياسي لمراكز القرار الدولية. الحديث عن المتغير السوري والتأثير المتبادل بينها وبين القوى الاقليمية كان بغياب الحديث عن الدور الكوردي كمعادلة في الطريق. لجوء الكورد السوريين الى اربيل، واعلان اتفاقهم فيها، وزيارة رئيس المجلس الوطني السوري، ورئيس الوزراء التركي، والزيارة المتوقعة لقادة حزب السلام والديمقراطية الكوردي في تركيا الى قامشلو، كلها مؤشرات لظهور قوة اقليمية كوردية تؤثر وتتأثر بالأحداث في منطقتا، وبالأخص في الجوار التركي والايراني لاحقا. المأزق التركي الذي كان يعارض تجربة الكورد في العراق يتمثل بظهور العاصمة قامشلو.، وقامشلو مختلفة عن عاصمة الجنوب "اربيل" لأنها قريبة من قنديل.
قنديل ومفتاح ايمرالي
ان تتحرر المدن الكوردية الواقعة على حدودها الجنوبية على يد حزب الاتحاد الديمقراطي ( ب ي د) الذي يعمل ضمن منظومة فكر اوجلان المناهض للمشروع ( الاميركي – التركي - الخليجي ) يجعل من سياسة تصفير المشاكل التركية مع الكورد امرا صعباً. فالكورد لا يملكون دولتهم القومية الموحدة يمكن من خلالها لتركيا تصفير مشاكلها معهم كأمة تتجاوز نسمتها 50 مليون نسمة. نجحت انقرة نتيجة لتداخل مصالحها الاقتصادية والسياسية مع اربيل بتصفير الكثير من المشاكل. السؤال الذي يقلق انقرة هو كيفية تصفيرها مع بقية الاجزاء وهي تعلن عبر وزير خارجيتها بانها لا تسمح بقنديل اخرى في كوردستان سوريا.
الوقوف ضد الحقوق القومية لكورد سوريا سيغير قواعد الاشتباك الكوردية مع تركيا، بتغير مهام جغرافية المكان وتحول المدن واحدة بعد الاخرى الى قنديل يجاور قنديلا، وهذا ما لمح اليه رئيس حزب السلام والديمقراطية الكوردي في تركيا " ديميرطاش" بعد ان وجه رسالة واضحة لاردوغان "عندما تتحدث عن أكراد سوريا فعليك أن تنتبه من عدم إشعال برميل البارود الذي تجلس عليه في بلدك، حيث يعيش 20 مليون كردي. فانتبه لذلك، وأنت تعرف جيدا أن الشعب الكردي ليس من دون صاحب".
هل دخلت تركيا مستنقع الشرق الاوسط كما قال " ديميرطاش" ام انها تعيش خريفها وتتهيأ لربيعها كما لمح زعيم حزب الشعب الجمهوري التركي "كمال كيليتشدار اوغلو" حينما وجه سؤاله الى وزيــر الخارجية التركي «هل كنتَ ترى منذ البداية أن تركيــا يمكن أن تتقسم؟ فإذا كنت لم تر هذا الذي كان يراه كل العالم فهذا يعني انك كنت في عمى استراتيجي. لقد أعطتك القوى الكبرى وظيفة أمين سر السجل العقاري الذي يصدر سندات الملكية. لقد كنا مؤسسين للعبة فأصبحنا لعبة في المنطقة».
الخريف التركي قادم بنسائم ربيع كوردها وبقية القوميات فيها، فهل تحاور انقرة قنديل، وتحرر نفسها بتحرير القائد الكوردي اوجلان الذي يحمل مفاتيح الربيع الديمقراطي لتركيا وشعوبها ؟.
الزلزال العربي غير جغرافية الجوار واجواءها، مُبَّشِرةً بربيع الشعوب الذي انطلق كورديا في سوريا وغرب كوردستان ولن ينتهي في طهران.

#دانا_جلال (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل