أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - سهر العامري - وما أدراك ما لندن ! (2 )















المزيد.....

وما أدراك ما لندن ! (2 )


سهر العامري

الحوار المتمدن-العدد: 3785 - 2012 / 7 / 11 - 12:18
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


وما أدراك ما لندن ! (2 ) سهر العامري
حللت الفندق بعد رحلة من المطار إليه أخذت مني أكثر من نصف ساعة ، كان أغلب سير سيارة الإجرة عبر الطريق الأوربي A4 . وجدت الغرفة رقم 3 بانتظاري بعد أن كنت قد حجزتها ، وأنا في السويد ، وقبل أن تسلمني فتاة من أصول هندية ، ملونة العينين ، كانت تعمل في استعلامات الفندق ، مفتاح الغرفة ، أخبرتني أن مطعم الفندق يفتح على تمام الساعة السابعة صباحا ، وبإمكاني تناول طعام الفطور المدفوع الثمن من ضمن إجرة الغرفة البالغة ستين جنيها أي ما يعادل تقريبا تسعين دولارا لليلة الواحد عند هذا الوقت من كل يوم.
كان مفتاح الغرفة على شكل بطاقة ممغنطة يتم بواسطتها فتح باب الغرف ، استخدمتها أنا للمرة الأولى في فندق من العاصمة الفرنسية ، باريس ، مثلما استخدمتها فيما بعد في واحد من فنادق العاصمة اللبنانية ، بيروت التي رأيت صديقا لي فيها ، وأنا في طريقي الى العراق منها .
كان مطعم الفندق على سعة ، يضم قاعتين للإنترنت ومشاهدة التلفزيون وللطعام الذي يستطيع المسافر أن يتناول منه مواد غذائية ، وأشربة كثيرة مرة ، أو مرتين ، أو اكثر ، وهو من يقوم بخدمة نفسه ، أما عمال المطعم فما عليهم إلا جلب الطعام ووضع كل نوع منه في المكان المخصص له . تناولت طعامي بتلك الطريق ثم غادرت المطعم نحو الحافلة رقم H 91 المتجهة الى ضاحية همرسميث ( Hammersmith ) ، وكان في نيتي الذهاب منها عبر قطار الانفاق الى ضاحية كرين فورد (Greenford) التي تتطلب مني أكثر من النزول في أكثر من محطة لتغيير الخط من أجل الوصول لها .
قبل خروجي من الفندق رأيت صاحبه الأيرلندي الذي ذكرني بفراعة طوله بالرحالة الإنجليزي المعروف ، ولفريد ثيسجر الذي أمضى سبع سنوات بين عرب الاهوار في جنوب العراق ، وكان ينزل ضيفا مكرما عندنا في كل صيف من كل سنة من تلك السنوات ، وقد كان هو يحس بالظلم الذي أنزله أصحاب الجشع والثروة من أبناء جلدته بالعراق والشعب العراقي ، ففي الوقت الذي كانت شركات النفط البريطانية تنهب الثروة النفطية العراقية من حقول كركوك في شمال العراق ، ومن حقول الشعيبة في البصرة جنوبا كان هو يشاهد أبناء الشعب العراقي يرتدون الملابس القديمة ، المستعملة ( اللنكات ) القادمة من عواصم الغرب ، تلك الملابس التي كان أبناء الأهوار على فقرهم يأنفون من لبسها . نسمعه يقول : ( وهنا - شكرا لله- لا توجد علامة من علامات العصرية المملة ، كزي الملابس الأوربية المستعملة ، والمنتشرة مثل فساد في سائر الأنحاء من العراق .) راجع كتابي : عرب الأهوار ص : 23
يقصد ولفريد ثيسجر بـ (هنا ) أهوار جنوب العراق التي أحرقت الطائرات الإنجليزية الكثير من قراها ، حين كانت الجيوش الإنجليزية تتقدم نحو بغداد ، لتنتزعها عنوة من قبضة الأتراك العثمانيين ، ولتنصب فيها حكومة عراقية تدور في فلكها ، يقف على رأسها الملك فيصل الأول الذي أطلق شكوى مرة أمام شاعر العرب ، محمد مهدي الجواهري ، حين عاتبه ، مثلما يروي الجواهري نفسه ، على بعض قصائده التي كانت تنال من الملك وحكومته .
يقول الجواهري : إن الملك فيصل الأول فتح خزينة الدولة أمامي قائلا : إنظر ! هذه أربعمئة مليون دينار عراقي ، هي حصة العراق السنوية من ثروته النفطية التي انتجتها الشركات النفطية البريطانية وباعتها ، فماذا تريدني أن أعمل بها ؟ هل أعطيها رواتب للجيش والشرطة أم رواتب للعاملين في الدولة ؟ وماذا سيبقى منها للمشاريع العمرانية ؟
يظهر الملك فيصل الأول من خلال كلامه المار الذكر أن لا حول ولا قوة له أمام عتاة المال من المجرمين الإنجليز ، مثله في ذلك مثل رئيس وزراء العراق السابق ، عبد المحسن السعدون الذي طلب الموت لنفسه بطلقة أطلقها من مسدسه على رأسه ، تاركا وراءه كلمات قليلة دونها على ورقة يقول فيها : الانجليز يريدون شيئا والشعب يريد شيئا آخر !!
واليوم يشبه البارحة حيث يقف رئيس وزراء العراق ، نوري المالكي ، دون حول أو قوة أمام شركات النفط الأمريكية التي بسطت نفوذها من جديد على ثروات الشعب العراقي النفطية ، فكل ما فعله المالكي في خلافه مع شركة أكسون موبيل النفطية الأمريكية بشأن العقود التي وقعتها مع حكومة إقليم كردستان العراق هو تقديم شكوى ضدها عند الرئيس الأمريكي باراك أوباما ، وقد يعلم المالكي أو لا يعلم أن الرئيس الأمريكي أوباما لن يستطيع أن يمنع تلك الشركة من العمل في كردستان العراق ، فسيف الرأسمالية مسلط على رقبة الرئيس نفسه ، وفقا للمبدأ الرأسمالي الشهير القائل : دعه يعمل ! دعه يمر !
وصلت الى محطة أنفاق همر سميث ، توجهت نحو شباك قطع تذاكر الركوب ، بعد أن لاقيت صعوبة في دفع إجرة ركوبي في الحافلة رقم H 91 ، وذلك حين دفعت للسائق عملة ورقية من عشرين جنيها ، فقد كان هو لا يملك صرفا لها ، وخلال حديث مع السائق تدخلت امرأة من الركاب في هذا الحديث سائلة : كم يوما ستبقى في لندن ؟ قلت لها : ما يزيد عن أسبوع . صمت المرأة ، ولم تزد على سوائلها كلمة ، ولكنني فهمت من سؤالها هو أن الأفضل لي أن أشتري تذكرة أو بطاقة ركوب للمدة التي سأمضيها في المدينة ، ولهذا قلت لبائعة التذاكر : إنني اريد تذكرة لمدة أسبوع واحد ! كلفتني تلك التذكرة أربعة وثلاثين جنيها ، ولم تنس باعة التذاكر أن تنبهني الى أنه بإمكاني إعادة التذكرة أو البطاقة لأي شباك من شبابيك قطع التذاكر كي أسترد خمسة جنيهات من قيمتها ، وقد فعلت ذلك عند شباك قطع البطاقات في محطة قطار الأنفاق في مطار هيثرو حين وصلته عائدا الى السويد في الحافلة رقم 111 ، فالبطاقة تلك تسمح لي بركوب الحافلات الى جانب قطارات الأنفاق .
من همر سميث وحتى كرين فور بدلت قطار الأنفاق ثلاث مرات في ثلاث محطات هي على التوالي :Picadilly line و Circle line و Central line وقد مررت بما يزيد عن ثمانية عشرة محطة توقف كان زحام الركاب في بعضها على أشده حتى يخيل للمرء أنه يركب في قطار هندي ، وليس في قطار بعاصمة الضباب ، والى الحد الذي وصل فيه الحال الى أن بعض بوابات عربات الركاب كانت تغلق بصعوبة بالغة عند تحرك القطار من كل محطة توقف ، ساعتها تذكرت قطار انفاق العاصمة الصينية بكين الذي هو على نقيض من قطار انفاق لندن من حيث النظافة والسعة وسهولة الركوب ، مثلما تذكرت الجمالية العالية التي عليها قطار أنفاق مدينة مالمو السويدية حيث تشاهد الطبيعة كلها ببحارها وغاباتها وجبالها تتحرك أمامك في شرائط أفلام تتحرك باستمرار على جدران نفق كل محطة توقف ، وأنت بانتظار القادم من القطارات العابرة للبحر ما بين تلك المدينة والعاصمة الدانماركية ، كوبنهاجن . وعلى هذا قررت أن لا أركب قطار أنفاق لندن ثانية ، واستعضت عنه بركوب الحافلات من ذوات الطابقين التي تمنحك متعة رؤية الشوارع والطرقات التي تمر بها خاصة إذا جلست في المقاعد الامامية من الطابق الثاني .



#سهر_العامري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وما أدراك ما لندن ( 1 ) !
- الطبقات والصراع الطبقي
- حال المرأة بعد الثورات العربية !
- برافو
- حديث ليبيا ( 5 )
- حديث ليبيا (4)
- حديث ليبيا (3)
- حديث ليبيا ( 2 )
- حديث ليبيا (1)
- الأسماء المكروهة !
- الغرفة رقم 400
- مقابر تتسع باطراد !
- البلاد العظيمة (5)
- البلاد العظيمة (4)
- البلاد العظيمة ( 3 )
- البلاد العظيمة ( 2 )
- البلاد العظيمة ( 1 )
- العراق بعد اثنتين وثلاثين سنة (4 )
- العراق بعد اثنتين وثلاثين سنة (3)
- العراق بعد اثنتين وثلاثين سنة ( 2 )


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين
- السودان - الاقتصاد والجغرافيا والتاريخ - / محمد عادل زكى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - سهر العامري - وما أدراك ما لندن ! (2 )