أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - سهر العامري - حديث ليبيا ( 2 )















المزيد.....

حديث ليبيا ( 2 )


سهر العامري

الحوار المتمدن-العدد: 3525 - 2011 / 10 / 24 - 12:38
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


حديث ليبيا (2) سهر العامري
كانت السفارة التونسية في الجزائر العاصمة هي التي تسببت في ركوبي ذاك الطريق الوعر والطويل جدا ، وذلك برفضها منحي تأشير مرور عبر الأراضي التونسية الى ليبيا ، وطلبت مني عوضا عن ذلك تقديم كتاب رسمي من السفارة العراقية في الجزائر ، ومن شخص السفير العراقي فيها ، يتضمن ما يشبه طلبا منها بمنحي تأشيرة المرور تلك .
قدرت أنا أن السفارة التونسية لا تريد أن تلبي طلبي ، ولا طلب أي عراقي آخر ، فقد كانت العلاقات بين تونس والعراق على ما لا يرام ، ولكنني مع ذلك توجهت الى سفارتنا في ضاحية حيدرة من الجزائر العاصمة ، وطلبت مقابلة السفير عبد الملك الياسين الذي أصبح فيما بعد رئيس ديوان التشريفات زمن رئيس الجمهورية أحمد حسن البكر ، وحال دخولي على السفير وعرضت عليه ما طالبت به سفارة تونس رد السفير وقتها ، وفي وجهه شيء من الحنق بأن هؤلاء لا يستحقون سطرا واحدا ، فضلا عن كتاب رسمي ثم أطلق عليهم كلمة نابية على ما أتذكر !
حال خروجي من غرفة السفير صرت وجها لوجه مع مسؤول البعثة التعليمية رافع التكريتي الذي أصبح سفيرا للعراق في تركيا ، على ما اعتقد ، ثم اختفى فيما بعد ، وكان هو قادم للسفارة بأمر ما ، سألني ماذا تعمل الآن بعد رفض السفير ؟ قلت وبي شيء من الغضب : سأعتصم هنا وفي هذا المكان من السفارة ! قال هو : اعتصم أنت ، وسأعتصم معك ! عند ذاك قلبت الأمر ، وفكرت مليا بكلام مسؤول البعثية التعليمية ، وتبادر لذهني أن السفير العراقي كان محسوبا على التيار القومي في العراق ، وهو من بقايا النظام العارفي في الخارج ، بينما كان مسؤول البعثة بعثيا ، وقد أرسلته الحكومة العراقية هو ومجموعة معه من أجل مراقبة المدرسين العراقيين في الجزائر ، والذين كان في أغلبهم من ذوي ميول يسارية ، فهم ما زالوا غير ملطخين بأوضار البرجوازية الصغيرة ، ولا زالوا يحملون نفسا ثوريا اعتاد الشباب حمله في مراحل الدراسة المتقدمة.
هل كان اندفاع رافع التكريتي للاعتصام معي يقع ضمن الصراع الدائر بين القوميين من جهة وبين البعثيين من جهة أخرى ؟ أو بعبارة أخرى ، هل كان ذاك الاندفاع يقع ضمن صراع بين السفير العراقي القومي ، وبين مسؤول البعثة التعليمية البعثي ؟ كان جوابي : نعم . ولهذا رفضت الاعتصام ، وفضلت أن أسلك طريقا يزيد على خمسة آلاف كيلومترا يأخذني الى جنوب الجزائر ، ثم الى جنوب ليبيا الذي كانت وقتها تسمح لأي عربي بالدخول الى أراضيها دونما تاشيرة مرور أو سفر .
مرت ثماني سنوات صحاح على ذلك وجدت نفسي بعدها في مدينة بنغازي الليبية أعمل بعقد مع اللجنة الشعبية للتعليم في بنغازي بعد أن غادرت العراق مكرها نتيجة للحملة الشرسة التي شنها صدام على الشيوعيين العراقيين ، وخاصة أولئك العاملين منهم في سلك التعليم على مختلف مستوياته ، حيث رفع النظام المقبور شعارا يوجب تبعيث التعليم في العراق بنهاية عام 1980م ، ولهذا اعتقلت أربع مرات من قبل مديرية أمن كربلاء ، وقد جرى اعتقالي في مرة من تلك المرات على يد مدير امن كربلاء ، العقيد صلاح التكريتي ، حين كنت ألقي درسا على طلابي في متوسطة الكرامة بمركز مدينة كربلاء ، ومن دون أن يمر المدير المذكور على إدارة المدرسة لأخذ الأذن منها . ولكن بعد خروجي من المعتقل في هذه المرة استطعت الخروج من العراق الى سورية ليلا ، وفي رحلة لم تخلُ من المخاطر .
في اليوم الثاني من وصولي الى بنغازي ، وهو اليوم الذي صادف الثامن والعشرين من شهر كانون الأول " ديسمبر " 1981م عينت في مدرسة إعدادية تقع في مركز مدينة بنغازي ، وفي محلة منها تدعى " السلماني الشرقي " وكنت أنا ونفر من المدرسين العراقيين قد تعاقدنا مع اللجنة الشعبية للتعليم في بنغازي في سفارة الجماهيرية الليبية بدمشق التي وصلتها من عدن حيث صرفت هناك أقل من سنتين من سنوات عمري .
تمّ تعيني في هذه المدرسة القريبة على أساس النجاح الباهر الذي حققته في المقابلة التي أجرها معي خمسة من المختصين الليبيين ، وأخص بالذكر منهم الأستاذ أحمد حنبلي السنوسي ، وكان رجلا دمث الأخلاق ، طيب الطوية ، وهو الذي أخبرني بنتيجة تلك المقابلة التي تواصلت على مدى أكثر من ثلاث ساعات ، والتي لم يتركوا شيئا يدور في خواطرهم مما يخص اللغة العربية وآدابها إلا وسألوني فيه ، حتى أنهم سألوني إن كنت أحفظ شيئا من المعلقات السبعة أو العشرة ، وقد تلوت عليهم عشرين بيتا من معلقة امرئ القيس .
لوصولي المتأخر عن بدء الدوام في المدارس الليبية اقترح عليه معاون مدير المدرسة المذكورة أن أقوم بتدريس التربية الإسلامية كي أزيل تعب بعض الحصص عن بقية المدرسين في جميع صفوف تلك الإعدادية ، والذين كان أغلبهم من المصريين ، لكنني رفضت ذلك بإصرار ، وقلت له : إنني كي أنجح لا بد لي أن أقوم بتدريس اختصاصي رغم أنني قمت بتدريس مادة التربية الإسلامية في أكثر من مرحلة ، وأكثر من دولة.
استغرب الرجل قائلا لي : لأول مرة أشاهد مدرسا يعرض عليه عملا سهلا ويرفضه ! بعدها توصلنا الى اتفاق يقوم على أن أدرس ثماني حصص فقط خلال الأسبوع الواحد ولصفوف محددة ، على أن استلم جدولا جديدا حين تبدأ السنة الدراسية القادمة التي بدأتها في مدرسة ثانوية تدعى ثانوية الأول من سبتمبر ، وكانت تقع في مركز المدينة كذلك ، وفي حي منها يدعى " المحيشي "
يحمل هذا الحي اسم فرع من فروع شراكة ليبيا الذين استوطنوا الوطن العربي زمن الدولة العثمانية بعد أن جلبتهم من جبال القفقاس ، وجندتهم في جيوشها حتى صار الكثير منهم ولاة لها في الكثير من العواصم العربية عرف حكمهم فيها بحكم المماليك العثمانيين ، تلك الكلمة التي تعادل في معناها كلمة خادم عند الناس ، وكان المملوكي الواحد من هؤلاء يعرض خدماته على السلطين العثمانيين في حكم أي بلد عربي لقاء مبالغ طائلة يتعهد بدفعها للسلطان العثماني في الباب العالي حيث القسطنطينية أو مدينة اسطنبول الحالية ، وقد كان هؤلاء قساة على الرعية في فرضهم ضرائب باهظة عليها من أجل توفير المال الذي يجب تقديمه للسلاطين العثمانيين كما أنهم كانوا يقمعون اي احتجاجات يقوم بها الفلاحون العرب على تلك الضرائب الباهظة بأشد اساليب الموت قساوة ، فقد أشاد واحد منهم تلا من جماجم فلاحي الفرات الأوسط من العراق ظل قائما على مدى أربعين عاما ، ولا يشترط في أن يكون المملوكي شركيا فقط ، وإنما قد يكون ألبانيا وغيره مثلما هو حال مع ممالك مصر الذين اشتهر منهم ملكها محمد علي باشا الكبير .
يضاف الى ذلك أن الشراكسة في ليبيا هم مجموعة عائلات ليبية تنحدر من أصول شركية ، وليس عربية ، وقد عمل الكثير منهم في التجارة ، وفي بيع وشراء العقارات ، وخاصة في ليبيا زمن الاستعمار الإيطالي ، وأيام النظام الملكي ، وحتى بعد الانقلاب العسكري الذي قاده معمر القذافي مع مجموعة من الضباط الصغار الذين كان من بينهم ضابط صغير يُرد في نسبه الى شراكسة ليبيا ، ويحمل لقب أحد بيوتهم ، هو الرائد عمر المحيشي ، الذي قاد بعد ستة سنوات من ذاك الانقلاب ، وبعد أن اصبح عضوا في مجلس قيادة الثورة ، ووزير التخطيط والبحث العلمي فيه ، مؤامرة ضد العقيد القذافي في شهر آب " اغسطس " من سنة 1975م ، والرائد هذا ، بعد ذلك ، كان من الشراكة القاطنين في مدينة مصراته ، والذين يشكلون نسبة كبيرة من سكنها قياسا بعددهم القليل في مدينة بنغازي التي عملت بها ، والذين ظلوا ينظرون الى ابنهم ، الرائد عمر المحيشي ، على أنه بطل من أبطالهم.
بعد هذه المؤامرة حدث تحول كبير في علاقة القذافي بالجيش ، مثلما يرى ذلك الرائد عبد السلام جلود ، الرجل الثاني بعد القذافي كما يسمونه في ليبيا والمنطقة العربية وذلك في آخر تصريح له خص به بعض وسائل الإعلام بعد مقتل معمر القذافي بتلك الطريقة البشعة التي لن ينساه التاريخ أبدا. والتي أراد من ورائها تجار الحروب والنفط أخذ ثارا لهم منه ، مثلما أرادوا أن يجعلوا منهم عبرة لكل حاكم عربي يحاول أن يصد عن خيرات بلاده نهب القوى الاستعمارية الجديدة التي تتخبط في أزماتها الإقتصادية مستغلين تسلط الحكام العرب على شعوبهم رغم أن ذات الدوائر الغربية هي التي حملتهم الى كراسي الحكم زمن ما عرف بالمد القومي المزيف ، ذاك المد الذي راحوا يستبدلونهم الآن بحكام المد الديني المتخلف .
يكتب الجنرال غوابه الفرنسي ، قائد الحملة الفرنسية على دمشق سنة 1920م في مذكراته ( أنا إذن في دمشق....هذا الاسم كان يمثل لي شيئا أسطوريا وخرافيا ، كنت أسمع اسمها من أسرتي وأنا بعد في سن الطفولة... سأنتقم لك يا جدي العزيز من أحفاد الرجال الذين أسروك خلال الحروب الصليبية الثانية عام 1147م.)‏ ويضيف (إن جان مونغوليه، الجد البعيد لجدتي من جهة أبي (لونر)، كان قد وقع في الأسر خلال حروب عام ،1147 ونقل إلى دمشق.. أو ليست العدالة العليا هي التي سمحت لحفيد أسير الحروب الماضية أن يدخل المدينة المقدسة ظافرا منصورا )!. أما قائده الجنرال هنري غورو الذي دخل إلى دمشق عقب انتصارهم في معركة ميسلون على المقاتلين السوريين بقيادة البطل الشهيد يوسف العظمة ، وهو في حالة هذيان لا يلوي على شيء ، اتجه إلى مكان ضريح البطل صلاح الدين الأيوبي، القريب من الجامع الأموي الكبير، واضعا قدمه عليه هاتفا : ها قد عدنا يا صلاح الدين ثانية!!
أما اليوم فسيهتف ساركوسي الفرنسي ، وسيهتف من بعده برلسكوني الإيطالي صائحين : ها قد عدنا يا عمر المختار !!



#سهر_العامري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديث ليبيا (1)
- الأسماء المكروهة !
- الغرفة رقم 400
- مقابر تتسع باطراد !
- البلاد العظيمة (5)
- البلاد العظيمة (4)
- البلاد العظيمة ( 3 )
- البلاد العظيمة ( 2 )
- البلاد العظيمة ( 1 )
- العراق بعد اثنتين وثلاثين سنة (4 )
- العراق بعد اثنتين وثلاثين سنة (3)
- العراق بعد اثنتين وثلاثين سنة ( 2 )
- العراق بعد اثنتين وثلاثين سنة (1)
- حسين السراج*
- الحكومة تتظاهر ضد المعارضة !
- مقلب غوار الطوشي يرتد عليه !
- غبش الليل !
- مماليك بغداد وطغاة طهران
- حديث الفكة ونبوءة موسى النداف!
- امرأة سمراء


المزيد.....




- ?? مباشر: عملية رفح العسكرية تلوح في الأفق والجيش ينتظر الضو ...
- أمريكا: إضفاء الشرعية على المستوطنات الإسرائيلية في الضفة ال ...
- الأردن ينتخب برلمانه الـ20 في سبتمبر.. وبرلماني سابق: الانتخ ...
- مسؤولة أميركية تكشف عن 3 أهداف أساسية في غزة
- تيك توك يتعهد بالطعن على الحظر الأمريكي ويصفه بـ -غير الدستو ...
- ما هو -الدوكسنغ- ؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بالفيديو.. الشرطة الإسرائيلية تنقذ بن غفير من اعتداء جماهيري ...
- قلق دولي من خطر نووي.. روسيا تستخدم -الفيتو- ضد قرار أممي
- 8 طرق مميزة لشحن الهاتف الذكي بسرعة فائقة
- لا ترمها في القمامة.. فوائد -خفية- لقشر البيض


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - سهر العامري - حديث ليبيا ( 2 )