أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سهر العامري - مماليك بغداد وطغاة طهران















المزيد.....

مماليك بغداد وطغاة طهران


سهر العامري

الحوار المتمدن-العدد: 2865 - 2009 / 12 / 22 - 13:14
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    



على العراقيين أن يقرؤوا تاريخهم القريب كي يقفوا على حقيقة نوايا طغاة طهران اتجاه بلدهم ، وعلى هيام أولئك الطغاة في نهب ثروات العراق ، وعدم السماح له في أن يعيش وأهله بأمن ورفاه ، ولا فرق بين هؤلاء الطغاة سواء أكان هذه الطاغية معمما يخفي الشرور كله تحت عمامته ، أو سواء كان متوجا يزدهي بالحقد الدفين تاجه .
ها هم العراقيون يشاهدون ذلك بأم أعينهم ، فحين أرادوا هم استغلال ثروتهم في نهاية سنة 2009م ، سنتنا هذه ، تحرك الشر الإيراني كله ، وقامت القوات الإيراني المعتدية بالاستيلاء على حقل فكة النفطي دون أن تمنعهم جيرة أو مذهب شيعي مثلما يدعون ، ودون أن تصدهم الأهوال التي يعيشها الناس في العراق حيث الاحتلال الأمريكي جاثم على صدر العراق ، وحيث الجوع يجتاح بيوت العراقيين ، ثم الأمراض الجديدة القديمة التي تفتك بهم ، وفي زمن شح الماء فيه ، فقل الزرع ، ومات الضرع ، وتوقفت الآلة ، وصارت الناس التي تعيش على خيرات أرضها تعيش اليوم على مخترع جديد سموه البطاقة التموينية !
على حال العراق هذه البئيسة يزحف جند الولي الفقيه على أرض العراقيين تماما مثلما زحفت جنود كريم خان ، حاكم إيران ، سنة 1775م على أرضهم ، ولكن الزحف كان ساعتها على البصرة ، وليس على العمارة مثلما عليه الحال اليوم ، وكان ذلك في وقت خرجت به البصرة ، ثغر العراق ، لتوها من مرض الطاعون الأسود ، ولكن ( قليلا من الرخاء بقي فيها بعد حدوث الطاعون المروع في سنة 1773 ) مثلما كتب لونكريك في كتابه : أربعة قرون من تاريخ العراق الحديث ، هو الذي دفع بالجيوش الإيرانية كي تدنيس أرضها الطاهرة.
كانت بغداد العاصمة ساعتها يحكمها المماليك الغرباء عن العراق وشعبه ، وكان سلاطين الدولة العثمانية يعينونهم باشوات على العراقيين لقاء مبالغة طائلة يدفعها كل مملوكي يريد أن يحكم بغداد وبلقب : باشا ، وقد كانت تلك الأموال تجبى من فقراء العراقيين على إرغام ، وقد كان تنصيب الحكام ذاك يشبه الى حد بعيد تعين حكام بغداد اليوم من قبل الأمريكان تارة ، وأخرى من قبل إيران .
أما نواب الشعب فهم مجموعة مأجورة من النساء والرجال وبرواتب ضخمة تزيد كثيرا على رواتب انكشاري عهد المماليك في العراق ، وذلك لأن التاريخ لا يعيد نفسه ، فتيار نهر الفيلسوف هيرقليطس مندفع دوما ، وديالكتيك ماركس متجدد متغير أبدا.
كانت بقية رخاء البصرة ذاك الذي تحدث عنه الإنجليزي لونكريك هو كونها محطة للتبادل البضاعي ، ففيها بعض من الشركات الأجنبية ، وفي طليعة هذه الشركات شركة الهند الشرقية التي هي في حقيقة الأمر شركة انجليزية مئة بالمئة ، فالهنود لا دخل لهم بها ، فهم لا زالوا هنودا! تحت نير الفقر والاحتلال ، وقد أصبح وكيل الشركة تلك وهو رجل انجليزي قنصلا لبلاده من مهماته تحويل مبالغ طائلة كان حاكم البصرة ، المملوكي سليمان آغا ، يبعث بها الى السلطان العثماني في الاستانة ، عاصمة الامبراطورية العثمانية ، لكن بعد أن رابط الجيش الإيراني قرب المدينة سارع الأسطول الإنجليزي في شط العرب الى الاتصال سرا بقادة الجيش الإيراني ، مع أنه كان للإنجليز أسطول قوي عند ميناء بوشهر الإيراني ، وبهذا فقد تخلى الإنجليزي ، سماسرة المال ، عن أهل البصرة الذين اعتقدوا أنهم سيكونون حماة لهم ، خاصة وأن بغداد قد عجزت عن نجدتهم مثلما تعجز اليوم عن نجدة أهل العمارة.
حين عجز أهل المدينة عن دفع المبلغ الضخم أو الدية مثلما سماها صادق خان قائد الجيش الإيراني رغم أن أهل البصرة لم يقتلوا أحدا من جيشه قام هو بشن هجومه الأول والأخير ( على القسم الشمالي من المدينة في ليلة حالكة الظلام ، وقد حاول الجنود الإيرانيون تسلق دور المواطنين في هذا القسم ولمدة ساعتين ، ولكن من دون جدوى ، فقد أبلى البصريون ولاسيما أتباع الشيخ ثامر المنتفجي ، الذين تراجعوا الى داخل المدينة بعد أن كانوا مرابطين على الضفة الغربية من شط العرب قريبا من مدينة القرنة ، بلاءً حسنا في الذب عن المدينة خاصة وأنهم كانوا يسمعون هلاهل نسائهم وصرخاتهن داعيات لهم بالتشجيع عندها خاب هجوم الجيش الإيراني وما أن طلع النهار حتى شوهدت رؤوس الإيرانيين معلقة على أبواب سور المدينة.) بعد هذه الهزيمة المرة عمد الجيش الإيراني الى إطالة حصاره على المدينة ، وسكانها الذين كانوا من شيعة أهل البيت كما يسميهم الإيرانيون ، وامتد الحصار ذاك من سنة 1775م وحتى سنة 1776 م .
لقد ظل صادق خان قائد الجيش الإيراني بانتظار استلام المدينة التي صار حالها على ما وصفه لونكريك في كتابه المار الذكر قائلا : ( على أن الضيق داخل المدينة أخذ بالاشتداد ... حتى كانت الطبقات الفقيرة على آخر دركات اليأس ، فقد باعوا كل ما يملكون للحصول على قوتهم ، ولم يكن هناك أي عمل يشتغلون به ويتقاضون أجور عنه ، كما يأس الجميع من المساعدة التي تأملوها من بغداد ...وبدلا من ذلك فقد تسلم حاكم المدينة سليمان آغا كتابا من بغداد يُشار به عليه بأن يستسلم لعدوه .. بهذا دخل الإيرانيون الى المدينة .. التي عان أهلها تحت حكمهم من تفشى الطاعون المروع من جديد ، ومن الخدمة العسكرية الصارمة ، وأهوال المجاعة ، واحتلال الجنود الإيرانيين للبيوت ، ولو لم يكن أهل المدينة منهاري القوى وخائري العزائم لحدثت ثورة تقضي على الحكم الإيراني .. وعلى هذا لم يبق في نفوس أهل البصرة غير بصيص أمل كان معلقا بالقبائل المجاورة ، وكان المنتفجيون يقفون بالمرصاد لأي ضعف ووهن يستغلونه عند الإيرانيين ، وبعد المذبحة التي قامت بها القوات الإيرانية في مدينة الزبير وقتل مجموعة من أتباع الشيخ ثامر المنتفجي ، ولكره الشيخ ثامر للإيرانيين ومقته لهم ، وليس ولاؤه للعثمانيين ، فقد عمل على تدبير الخطط وحبكها لتحرير البصرة .. فحين توغل قسم من الجيش الإيراني قوامه ستة آلاف فارس ، ومثلهم من المشاة ، وثمانية عشر زورقا نهريا تحمل المدافع .. اعتصم الشيخ ثامر في منطقة الفضيلية "على مشارف الناصرية" واستطاع المنتفجيون تدبير حلية تراجعوا فيها أمام العدو الذي تمادى في تعقبهم حتى دخل في الفخ وهو لا يعلم .. وعندها أصبح الإيرانيون في فسحة من الأرض المنبسطة قد أحاطها نهر الفرات من جانبين بينما أحاطها من الجانب الثالث هور منيع وغير مخترق ، أما الجزء الرابع الذي دخل منه الجيش الإيراني فقد كمن فيه قسم من قوات الشيخ ثامر، وما انتهى الجيش الإيراني من تعقبهم إلا وقد وجدوا أنفسهم في أرض موحلة هجرها العرب ، وبعد أن انتشلوا أنفسهم من هذه التهلكة ، وكابدوا المصاعب والخسران فيها توجهوا الى طريق الخلاص فوجدوه مسدودا دونهم ، فهلك المئات منهم عندما حاولوا الفرار سباحة ، وقتلت مئات أخرى كان من بينها قائدهم علي محمد نفسه ، واستمرت المذبحة فيهم حتى أفنوا عن آخرهم ، ولم ينجُ من الجيش بأجمعه سوى ثلاثة أنفار فروا راجعين الى البصرة ، وقد استغرق تنظيف ميدان المعركة بعد ذلك عدة أسابيع من قبل العشائر العربية في إتحاد المنتفك " وهو إتحاد يضم أكثر من قبيلة عربية وباسمه تسمت محافظة ذي قار في العهد الملكي فكانت تدعى لواء المنتفك " ، وظلت عظام القتلى لكثرتها تشير الى هذه الموقعة الرهيبة مدة جيل واحد.)
ومع ذلك فقد ظل حكام بغداد الغرباء بمنأى عن هذه المعارك ، ولم يتكفل الدفاع عن العراق وعن جنوبه بشكل خاص غير العشائر العربية الشيعية التي أذلت الجيوش الإيرانية سواء داخل البصرة ، أو على مشارف مدينة الناصرية ، وهذا ما اضطر قائد الجيش الإيراني العام ، صادق خان الى فتح باب المفاوضات مع عشائر المنتفك التي قدم لها الكثير من العروض وبما فيها بعض الجمل الدينية التي يغلب عليها الطابع الشيعي !!! مثلما يحاول حكام إيران وعملاؤهم في العراق سلوك هذا المسلك هذه الأيام ، لكن تلك العروض رفضت كلها بشكل حازم ، وهذا ما عجل بانسحاب الجيش الإيراني من مدينة البصرة ، وعاد مندحرا الى داخل أراضيه ، مثلما قام بإطلاق سراح حاكم البصرة المملوكي سليمان آغا الذي نقل الى مدينة شيراز أسيرا ، ولكنه عاش متآلفا من أسرة كريم خان صاحب عرش إيران ، وهو أخ لصادق خان الذي قاد الهجوم على البصرة .
واليوم نجد الحماسة يشتد أوارها في نفوس العرب الشيعة في جنوب العراق بعد أن انتهك الإيرانيون حرمة الأراضي العراقية ، ودونما بادرة سوء تعرضوا لها من قبل العراقيين ، ولكنهم مثلما جبوا أهل البصرة أمولا طائلة في احتلالهم ذاك رغم أنهم هم الذين بادروا بالعدوان عليها يريدون اليوم نهب ثروة العراق النفطية في مدينة العمارة ، وإذا كان الإيرانيون في ما مضى من التاريخ القريب يتنافسوا مع العثمانيين المحتلين للعراق على ثرواته نجدهم اليوم يتنافسون مع الأمريكان على الثروات ذاتها وفي ظل حكومة ما انفك وزير النفط الإيراني ، حسين الشهرستاني ، فيها يطلق لفظ الحقول المشتركة على حقول نفط الفكة التي هي حقول عراقية صرفة وقد بدأ التنقيب فيها على أيام الشاه دون أن تحرك إيران ساكنا وقتها.
محتلو العراق من الإيرانيين والأمريكان والسماسرة الإنجليز يتقاتلون على أرض العراق من أجل الفوز بكنوزه ، ولهوة رحى معاركهم تلك هو الشعب العراقي خاصة الفقراء الذين يقتات الكثير منهم على النفايات خارج المدن اليوم في ظل الديمقراطية الأمريكية التي نسى فيها الرئيس الأمريكي ، أوباما ، شعار الشرق الأوسط الجديد الذي كانت تردده باستمرار ابنة خالته! السمراء كوندليزا رايس ، وزيرة الخارجية الأمريكية على عهد الرئيس السابق جورج بوش !



#سهر_العامري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديث الفكة ونبوءة موسى النداف!
- امرأة سمراء
- شارع المتنبي : المظاهرة والقمع !
- إيران : الثورة والبطيخ ( 2 )
- إيران : الثورة والبطيخ
- دونما حب*
- الوحدة اليمنية : الوقت والظرف الخطأ(3)
- الوحدة اليمنية : الوقت والظرف الخطأ ( 2 )
- الوحدة اليمنية : الوقت والظرف الخطأ (1)
- الدينار
- رحلة في السياسة والأدب ( 4 )
- رحلة في السياسة والأدب (3)
- قصيدتان من زمن الصبا
- على أطراف المتوسط *
- الحريق الأمريكي – الإيراني للعراق
- المنهج الدراسي في العراق : تاريخنا وتاريخهم !
- مات آشي !*
- السود سيسودون في العالم !
- ورطة يا صولاغ !
- جنون شاعرة*


المزيد.....




- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟
- كوريا الشمالية تختبر -رأسا حربيا كبيرا جدا-
- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سهر العامري - مماليك بغداد وطغاة طهران