أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - سهر العامري - البلاد العظيمة (5)















المزيد.....

البلاد العظيمة (5)


سهر العامري

الحوار المتمدن-العدد: 3431 - 2011 / 7 / 19 - 10:07
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


يقطن العاصمة الصينية ، بكين ، ما يزيد على عشرين مليون إنسان من مليار وأربعمئة ألف نسمة هم عدد سكان الصين قاطبة ، وبذا يكون سكان العاصمة وحدها يساوي الثلثين من عدد سكان العراق الذين لا يحصلون على تيار كهربائي مستمر ، ولا على ماء عذب نقي ، مثلما يحصل سكان العاصمة بكين التي يتواصل فيها التيار الكهربائي ليلا ونهار ، ويتدفق من مواسيرها الماء عذبا زلالا ، كما إنك لا تشهد ازدحاما للسيارات في شوارعها ، ولا تراكما للنفايات على أرصفتها ، مثلما عليه الحال في العاصمة بغداد رغم صغرها قياسا للعاصمة الصينية .
طوال مكوثي على مدى إسبوعين في بكين لم أسمع صوت سيارة إسعاف فيها ، مثلما لم أسمع صوت سيارة إطفاء حريق ، ورغم الكثافة السكانية العالية التي عليها بكين فالهدوء والنظافة ، وتنظيم المرور ، والعناية الفائقة بالحدائق ، وسعة الشوارع تظل سمات من سماتها التي يحسها كل زائر لها ، ومن سماتها كذلك هو قلة الأبنية الشاهقة ، ويقال إن بكين لم تشهد البناء الشاهق إلا في أواخر السبعينيات من القرن الماضي حين بدأت عملية الإصلاح الاقتصادي، ويبدو أن سبب انصراف الصينيين للبناء الواطئ هو أن ملوكهم كانوا قد حرموا عليهم بناء دور ترتفع في علوها عن علو بلاطاتهم في المدينة المحرمة التي تحدثت عنها سابقا .
قامت عملية الانفتاح والإصلاح الإقتصادي في الصين على أنقاض الثورة الثقافية التي نادى بها ماو تستوونغ ، تلك الثورة التي لم تسفر عن شيء سوى الفشل الذي دفع بالقيادة الصينية ما بعد وفاة ماو الى التخلي عنها ، والتوجه نحو الحدث الثالث مثلما سماه (هو جين تاو) سكرتير الحزب الشيوعي الصيني في الخطاب الذي ألقاه بمناسبة الذكرى التسعين لتأسيس الحزب المذكور ، وذلك حين قال : إن الحزب الشيوعى الصينى الذى اختاره التاريخ والشعب، أنجز ثلاثة أحداث كبرى منذ تأسيسه قبل 90 عاما مضت.
وأضاف : إن الحدث الأول هو أن الحزب الشيوعى الصينى باعتماده على الشعب،أكمل الثورة الديمقراطية الجديدة وحقق الاستقلال الوطنى وتحرير الشعب.والحدث الثانى هو أن الحزب الشيوعى الصينى أكمل الثورة الاشتراكية وأقام النظام الاشتراكى الاساسى.وأشار إلى أن الحدث الثالث هو أن الحزب نفذ ثورة عظيمة جديدة للاصلاح والانفتاح تكفلت بخلق ودعم وتطوير الاشتراكية بالخصائص الصينية.

وعلى هذا تكون الصين في سعيها نحو الإشتراكية التي تعيش مراحلها الأولى مثلما يرى سكرتير الحزب الشيوعي الصيني ، هو جين تاو ، قد استطاعت أن تتخطى الكثير من المعضلات الفكرية التي وقف عندها الشيوعيون في العالم أجمع ومنذ ثورة كمونة باريس سنة 1871م التي اقتحمت بها الطبقة العاملة في باريس السماء بأيادي عارية مثلما كتب عنها كارل ماركس ، وهو يعني عدم وجود حزب شيوعي يقود العمال الثائرين وقتئذ ، وعلى هذا يكون من شروط الثورة نحو الإشتراكية هو وجود طبقة عاملة تقودها وتوجهها طليعة هي الحزب الشيوعي ، لتشاد فيما بعد دكتاتورية الطبقة العاملة ( البروليتاريا ) ، لكن الذي حدث في الصين كان خارج هذا التصور ، فقد كان هناك حزب شيوعي ، لكن من دون طبقة عاملة ، وبدلا عنها كانت هناك جموع غفيرة من الفلاحين الفقراء قادهم الحزب الشيوعي ذاك في نضال مرير نحو النصر الذي تحقق في العام 1949م ، ليقوم على إثره حكم الدكتاتورية الشعبية كما يسميه الصينيون ، والذي لم يخطر على بال ماركس أبدا .
ويبدو أن سياسة الانفتاح الإقتصادي التي تسير عليها الصين اليوم لا تتناقض مع ما جاء في أدبيات الماركسية – اللينينية التي جاء سكرتير الحزب الشيوعي الصيني على ذكرها في خطابه الأخير ثلاثا وعشرين مرة ، ومع ذلك فإن لينين نفسه يقول : ( إن الحق البرجوازي يظل معترفا به حتى في أكثر مراحل الإشتراكية تطورا .)
ويؤكد هو جين تاو أن التمنية السريعة التي تحققت في الصين خلال الثلاثين سنة الماضية كانت بفضل سياسة الإصلاح والإنفتاح التي يجب على الدولة الصينية مواصلتها في المستقبل كذلك ، كما إنه أشار الى أن الصين ما تزال فى المرحلة الاولية من الاشتراكية وسوف تظل هكذا لفترة طويلة قادمة ، وان القضية المبدئية فى المجتمع تظل هى كيفية الوفاء بالاحتياجات المادية والثقافية المتنامية دائما للشعب فى الوقت الذى يتم فيه الارتقاء بالانتاج الاجتماعى المتخلف.
في الوقت الحالي صار بعض من منظري الرأسمالية يرنو بعينه نحو البناء الإشتراكي الصيني ، والذي حققت فيه الصين تمنية إقتصادية سريعة حتى أصبح ، وفي غضون فترة قصيرة من الزمن ، يتربع على المرتبة الثانية في إقتصاديات العالم المعاصر بعد الولايات المتحدة التي لا تزال تعيش في دوامة الأزمة الإقتصادية التي تتعرض لها الأنظمة الإقتصادية الرأسمالية ، تلك الأزمة التي مضى عليها سنوات دون الخروج من حبالها للساعة ، وهذا ما ولد قناعة عند الكثير من المراقبين من أن خرافة اقتصاد السوق الحر الأبدية بشعارها : دعه يعمل دعه يمر ! ما عادت مغرية في أيامنا هذه ، مثلما كان عليه الحال منذ سنوات خلت ، حتى أن بعض المتباكين على النظام الرأسمالي الذاهب الى الزوال اتهموا الرئيس الأمريكي ، بارك أوباما ، باعتناقه الماركسية حين عمل على إصدار تشريعات تخص التأمين الصحي ينتفع منها أكثر من ثلاثين مليون مواطن أمريكي .
لقد بلغ مقدار الديون الصينية على الولاية المتحدة ما يزيد على 1.16 تريليون دولار ، مثلما بلغ الأحتياطي الصيني من القطع الأجنبي ما يقرب من ( 2 ) تريليونين دولار ، كما أن النمو الاقتصادي الصيني بلغ في هذه السنة 2011م ما يقرب من نسبة 9.5% ، وصارت الصين اليوم ملاذا للدول الرأسمالية ، بما فيها أمريكا ، التي راحت تمد يدها طلبا لمساعدتها في الأزمة الإقتصادية التي تشدد الخناق عليها ، ففي الزيارة الأخير التي قام بها رئيس مجلس الدولة الصينى ، ون جيا باو ، لكل من المجر، وبريطانيا ، وألمانيا ، قدمت الصين قرضا للمجر يبلغ مليار ونصف المليار دولار ، مثلما قدمت قرضا يبلغ حوالى ثلاثة مليارات دولار لألمانيا من أجل دعم التعاون بين الشركات الصغيرة والمتوسطة ، والى جانب ذلك وقع رئيس مجلس الدولة الصيني محضرا للتعاون مع بريطانيا تجاوزت قيمته أربعة مليارات دولار .
والدليل القوي على متانة الأقتصاد الصيني بالاضافة الى ما ذكرت هو قوة العملة الصينية مقابل العملات الأخرى بما فيها الدولار الأمريكي ، حتى صارت هذه القوة مصدر شكوى لدى أوساط أصحاب رؤوس الأموال في أمريكا الذين طالبوا مرارا بكبح جماح الإيوان الصيني الذي صار يباع في الأسواق الأوربية مثلما يباع الدولار فيها ، فأنا قبل أن أرحل الى بكين اشتريت العملة الصينية من المصارف هنا في السويد ، كما شاهدت غيري من السويديين المسافرين لها يشترون تلك العملة من مصارفهم .
في الذكرى التسعين لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني سيرت الصناعة الصينية المتطورة ما بين مدينتي بكين وشنغهاي أول قطار في العالم أطلق عليه : القطار فائق السرعة ، والذي يقطع في الساعة الواحدة مسافة ثلاثمئة كيلومتر ، وهذه يعني أن المسافة مثلا ما بين بغداد والبصرة ، والبالغة خمسمئة كيلومتر يقطعها هذا القطار بما يزيد عن ساعة ونصف، وهذه السرعة تضاهي سرعة طائرة تقريبا ، والقطار ، بعد ذلك ، غاية في الروعة والجمال ، ومقاعده تتفوق في روعتها على مقاعد الطائرة وقد علمت أن أول الدول التي وقعت اتفاقية مع الصين لتصنيع مثل هذا القطار هي روسيا التي تريد أن تسيره ما بين موسكو وبطرسبورغ . فهل يعود المالكي والوفد المرافق له الى العراق من زيارتهم الحالية للصين بقطار فائق السرعة ؟



#سهر_العامري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البلاد العظيمة (4)
- البلاد العظيمة ( 3 )
- البلاد العظيمة ( 2 )
- البلاد العظيمة ( 1 )
- العراق بعد اثنتين وثلاثين سنة (4 )
- العراق بعد اثنتين وثلاثين سنة (3)
- العراق بعد اثنتين وثلاثين سنة ( 2 )
- العراق بعد اثنتين وثلاثين سنة (1)
- حسين السراج*
- الحكومة تتظاهر ضد المعارضة !
- مقلب غوار الطوشي يرتد عليه !
- غبش الليل !
- مماليك بغداد وطغاة طهران
- حديث الفكة ونبوءة موسى النداف!
- امرأة سمراء
- شارع المتنبي : المظاهرة والقمع !
- إيران : الثورة والبطيخ ( 2 )
- إيران : الثورة والبطيخ
- دونما حب*
- الوحدة اليمنية : الوقت والظرف الخطأ(3)


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - سهر العامري - البلاد العظيمة (5)