أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - سهر العامري - البلاد العظيمة ( 2 )















المزيد.....

البلاد العظيمة ( 2 )


سهر العامري

الحوار المتمدن-العدد: 3421 - 2011 / 7 / 9 - 10:18
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


انتقلنا بعد زيارة معرض منتوجات الأحجار الكريمة الى معرض للأقمشة الحريرية التي يُعتمد في صناعتها على شرنقة تلف بها دودة القز نفسها حينما تكون معلقة في الأشجار ، ثم تجمع هذه الشرنقات وتحمل ، فيما بعد ، الى معامل صناعة الحرير ، فيعمد الى وضعها في ماء ساخن يقتل دود القز بداخلها وعندها تقوم العاملات بإخراجها من الشرنقات تلك ، وفي الوقت نفسه تقوم الواحدة منهن بمط الشرنقة من أسفلها وتدخلها قضيبا حديديا على شكل حرف ( U ) مقلوبا ، ثم تضع الثانية والثالثة وهكذا .. وقد عمدت أنا الى تصوير بعض مراحل هذه العملية بعدسة كامرتي مثلما صورت أجزاءً من الأقمشة الحريرية ذات الألوان الزاهية المعروضة في المكان ذاته .
لقد اشتهرت الصين منذ القدم بإنتاج وصناعة الحرير الذي كانت تصدره الى بلدان مختلفة حتى أن الطريق الذي كان تسير عليه القوافل المحملة به والمار بعدة بلدان والمنتهي ببغداد ودمشق كان يسمى طريق الحرير ، وقد شاهدت خريطة لهذا الطريق معلقة في المعرض المذكور ، وتحاول الصين اليوم إحياء هذا الطريق وذلك بمد خطوط سكك حديدية تربطها بالبلدان التي كان يمر بها طريق الحرير القديم .
والحرير كثير في الصين حتى أن الصينيين ما عادوا اليوم يرغبون في لبس الملابس الصينية التقليدية المصنوعة منه ، وهم يفضلون عليه الملابس القطنية ، وذات التصاميم الحديثة في الخياطة ، ولهذا تجد أن المعروض منه في بعض المحلات التجارية قليل جدا ، وهذه الحالة ليست حديثة الوقوع ، وإنما هي قديمة فقد كان الحرير يعد لباس الفقراء والمساكين من أبناء الشعب الصيني منذ قرون خلت ، لنسمع ابن بطوطة وهو يتحدث عن ذلك : ( والحرير عندهم كثير جدا ، لأن الدود يتعلق بالثمار ويأكل منها ، فلا يحتاج الى كثير مؤنة ، ولذلك كثر ، وهو لباس الفقراء والمساكين بها ، ولولا التجار لما كانت له قيمة ، ويباع ثوب القطن عندهم بالأثواب الكثيرة من الحرير )
يقصد ابن بطوطة بعبارته ( ولولا التجار لما كانت له قيمة ) تصدير الحرير الى خارج الصين ، وهذه الحقيقة ماثلة للساعة ، فالصينيون اليوم رجالا ونساء يلبسون الملابس الحديثة التي يشاركون في تصاميمها ، والمواد المصنوعة منها بقية أبناء المعمورة ، وإذا كان هناك استعمال للحرير اليوم في الصين فهو في الأفرشة وأغطية النوم ، وقد اطلعت أنا على ذلك بنفسي، وساعتها رثيت حال الملوك والرؤساء والأغنياء من البشر الذين طالما تباهوا بالحرير والنوم عليه.
اصطحبتنا المرافقة الصينية قبل أن تعود بنا لفنادقنا الى معرض لبيع أنواع متعددة من الشاي الصيني ، وجلسنا حول مائدة هي واحدة من موائد كثيرة أعدت للسياح القادمين من البلدان الأخرى حيث يتجمعون مجموعات مجموعات حول طاولات وضعت عليها أكياس معبئة بأنواع مختلفة من الشاي الصيني ، وتقف عند كل طاولة منها فتاة صينية تقوم بتقديم شرح باللغة الإنجليزية عن كل نوع من تلك الأنواع ، ثم تباشر بإعداد ذلك النوع بإبريق من الخزف الصيني المعروف ، ومن ثمة تقوم بتوزيعه على الحاضرين بفناجين عجيبة الصنعة صغيرة الحجم ، فإذا استهوى السائح نوعا من تلك الأنواع اشترى من الفتاة علبة شاي من العلب الموضوعة على الطاولة وإلا فقد استذوق هو تلك الأنواع كلها مجانا ، وباليمن والسلامة مع الترحيب الحار من قبل العاملين به وبمقدمه وانصرافه ، وكنت أنا واحد من هذا الصنف ، فأنني لا أرغب إلا في الشاي الأسود الذي لا يزرع في الصين على ما يبدو ، وأكثر ما عندهم هو الشاي الأخضر ، وأشهر أنواعه ما يسمى عندهم بشاي الياسمين ، وقد وجدت منه مظروفين على الطاولة في غرفتي من الفندق موضوعتين قرب إبريق شاي كهربائي ، إذ أن أغلب الفنادق في بكين لا تقدم وجبة إفطار للمسافرين ، وتكتفي بتوفير الشاي وأدوات طبخه .
بدأت رحلتي في اليوم الثاني من وصولي بكين الى سور الصين العظيم الساعة الثامنة صباحا ، وانتهت عند الساعة الثامنة مساء ، حسب البرنامج المعد من قبل المشرفين على ذلك البرنامج ، وفي نهاية رحلتنا تلك طلبت منا المرافقة الصينية أن نقول كلمة نقد فيها سلبا أو إيجابنا ، ولكننا أثنينا عليها ، وعلى ما قامت به من عمل تواصل على مدى اثنتي عشرة ساعة .
هكذا هم الصينيون نساء ورجالا يعملون ليلا ونهارا ، ولذلك لم أرهم قد خلدوا الى الراحلة في يومي السبت والأحد المعتمدين كعطلة إسبوعية رسمية عندهم مثلما علمت ذلك قبل أن أضع أقدامي على أرضهم ، ، فالأسواق ظلت فيهما مشرعة الأبواب ، والشوارع تضج بالحركة ومرور السابلة والسيارات ، وعيادات طب الأسنان والمصارف التي تعرفت عليها كانت تعمل في هذين اليومين ، وعمال البناء الذين كانوا يشيدون عمارات ضخمة قرب الفندق الذي أسكنه كانوا يواصلون العمل في مواقعهم ، وعلاوة على ذلك وجدت حركة الناس ووسائط النقل في الشوارع العاصمة بكين تزداد يوم الأحد على وجه الخصوص .
كنت اعتقدت أن يوم الأحد سيكون أفضل يوم بالنسبة لي حين أقوم بزيارة ضريح الزعيم الشيوعي الشهير ماوتستونغ ، فهو واحد من إثني عشر عضوا كانوا قد أسسوا الحزب الشيوعي الصيني في مدينة شنغهاي في الأول من تموز عام 1921م ، والذي كان يضم وقتها سبعين رفيقا لا غير ، بينما أصبح عدد أعضاء الحزب الشيوعي الصيني الآن أكثر من ثمانين مليون عضو ، وهو بذلك يكون أكبر حزب في العالم على الإطلاق .
لقد خاض الحزب منذ تأسيسه معارك دامية ضد القوى الرجعية والقوميين العملاء في الداخل مثلما خاضها ضد القوى الكونيالية اليابانية القادمة بجيوشها من الخارج ، مدعوما بالشعب الصيني ، وجماهير غفيرة من الفلاحين المعدمين في الريف ، وظل هذا النضال مستمرا الى أن تحقق له النصر في الأول من تشرين الأول ، أكتوبر ، عام 1949م ، حين أعلنت جمهورية الصين الشعبية .
كنت أعلم مسبقا أن وقت الزيارة محصورا ما بين الساعة الثامنة صباحا والساعة الثانية عشرة ظهرا ، ولكنني وصلت الى ساحة تيان - آن - من في حدود الساعة العاشرة من صباح ذلك اليوم الواقع في السادس والعشرين من شهر حزيران ، يونيو سنة 2011 م ، وقد كانت واسطة النقل التي حملتني لتلك الساحة التي يقع فيها ضريح ماو هي الحافلة رقم 60 والتي كانت معروفة لدي من قبل ، ولكن المفاجئة أخذتني حين رأيت حشودا عظيمة تقف في طابور طويلة كان كل واحد فيه يريد أن يلقي نظرة على جسد ماو المسجى داخل صندوق زجاجي يبدو فيه وكأنه نائما ، مطمئنا على مستقبل بلاده الذي ساهم هو مساهمة فعالة في صنعه ، وقد برزت من الغطاء الداكن الذي كان يغطي جسده بدلته المتواضعة التي كان يلبسها حين كان على قيد الحياة ، بينما راح أبناء الشعب الصيني رجالا ونساء ، صغار وكبارا يضعون وردة صفراء اللون بساق وورق أخضر قريبا من ضريحه الذي يتصدره تمثال ضخم له كذلك .
كانت شبيبة الحزب من الشبان والشابات ، على ما يبدو ، هم الذين يقيمون بتنظيم تلك الحشود الضخمة من الناس وبروح تملؤها المسؤولية ، وانضباط عال ٍ يشوبه صبر طويل في التعامل مع أية مشكلة تحدث ولأي شخص من الواقفين المتحركين في ذلك الطابور ، كما أنهم كانوا يتصدون بحزم لكل واحد يريد أن يخترق الطابور ذاك بهدف الوصول الى الضريح قبل غيره ، وساعتها لم أشاهد شرطيا أو جنديا يشترك مع هؤلاء الشابات والشبان في تنظيم تلك الحشود التي كانت تمر على هيئة شريط دوار يدخل من باب ليخرج من باب آخر في حركة دائبة غير متوقفة .



#سهر_العامري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البلاد العظيمة ( 1 )
- العراق بعد اثنتين وثلاثين سنة (4 )
- العراق بعد اثنتين وثلاثين سنة (3)
- العراق بعد اثنتين وثلاثين سنة ( 2 )
- العراق بعد اثنتين وثلاثين سنة (1)
- حسين السراج*
- الحكومة تتظاهر ضد المعارضة !
- مقلب غوار الطوشي يرتد عليه !
- غبش الليل !
- مماليك بغداد وطغاة طهران
- حديث الفكة ونبوءة موسى النداف!
- امرأة سمراء
- شارع المتنبي : المظاهرة والقمع !
- إيران : الثورة والبطيخ ( 2 )
- إيران : الثورة والبطيخ
- دونما حب*
- الوحدة اليمنية : الوقت والظرف الخطأ(3)
- الوحدة اليمنية : الوقت والظرف الخطأ ( 2 )
- الوحدة اليمنية : الوقت والظرف الخطأ (1)
- الدينار


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- يروي ما رآه لحظة طعنه وما دار بذهنه وسط ...
- مصر.. سجال علاء مبارك ومصطفى بكري حول الاستيلاء على 75 طن ذه ...
- ابنة صدام حسين تنشر فيديو من زيارة لوالدها بذكرى -انتصار- ال ...
- -وول ستريت جورنال-: الأمريكيون يرمون نحو 68 مليون دولار في ا ...
- الثلوج تتساقط على مرتفعات صربيا والبوسنة
- محكمة تونسية تصدر حكمها على صحفي بارز (صورة)
- -بوليتيكو-: كبار ضباط الجيش الأوكراني يعتقدون أن الجبهة قد ت ...
- متطور وخفيف الوزن.. هواوي تكشف عن أحد أفضل الحواسب (فيديو)
- رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية -لا يعرف- من يقصف محطة زا ...
- أردوغان يحاول استعادة صورة المدافع عن الفلسطينيين


المزيد.....

- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة
- فريدريك إنجلس . باحثا وثوريا / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - سهر العامري - البلاد العظيمة ( 2 )