هل الكتاب المقدس جدير بالثقة ( 2 )

مجدي زكريا الصايغ

الحوار المتمدن-العدد: 3785 - 2012 / 7 / 11 - 00:10
المحور: المساعدة و المقترحات
    

اسباب الثقة بالكتاب المقدس
2 - الصدق والصراحة
الصدق اساس الثقة. فالرجل المعروف بصدقه يكسب ثقتك. اما اذا كذب, ولو مرة. فقد يخسر ثقتك.
كان كتبة الكتاب المقدس اناسا صادقين كتبوا بكل اخلاص. وصراحتهم تضفى على كتاباتهم رنة الحق التى لا لبس فيها.
الاخطاء والنقائص. اعترف كتبة الكتاب المقدس بكل صراحة بضعفاتهم وعيوبهم. فقد اخبر موسى عن خطأ ارتكبه دفع ثمنا غاليا له. عدد الاصحاح عشرين. كما اوضح اساف انه, فى فترة من الفترات, حسد الاشرار على نجاحهم فى الحياة. مزمور 73. وروى يونان حادثة عصيانه على الله والموقف السئ الذى امتلكه فى البداية عندما رحم الله الخطاة التائبين. وذكر متى بكل صراحة انه تخلى عن يسوع ليلة اعتقاله. متى 26.
بالاضافة الى ذلك, كشف كتبة الاسفار العبرانية عن تذمر شعبهم وعصيانه على الله مرارا. ولم يستثنوا احدا, ولا حتى حكام امتهم. على نحو مماثل, اتصفت رسائل الرسل بالصراحة حين تناولت المشاكل الخطيرة التى ظهرت لدى بعض الافراد المسيحيين, بمن فيهم الذين فى مراكز مسؤولية. فضلا عن المشاكل التى ابتلت بعض جماعات القرن الاول للميلاد.
الحقيقة بلا مسايرة. لم يحاول كتبة الكتاب المقدس ان يموهوا الوقائع التى قد يعتبرها البعض محرجة. فقد اعترف مسيحيو القرن الاول بكل صراحة انهم لم يكونوا محبوبين من العالم حولهم. بل اعتبروا حمقى وادنياء. كما ذكروا ان رسل يسوع اعتبروا غير متعلمين وعاميين.
علاوة على ذلك, لم يحرف كتبة الاناجيل الوقائع لكى يظهروا يسوع بمظهر افضل, بل اخبروا بكل صدق انه ولد لعائلة فقيرة فى مكان متواضع وانه لم يتتلمذ فى المدارس المرموقة فى ايامه وان معظم سامعيه رفضوا رسالته.
فمن الواضح ان الادلة وافرة على ان الكتاب المقدس هو نتاج كتبة صادقين. فهل يكسب ثقتك بسبب صدقهم.
3 - الانسجام الداخلى
تخيل ان 40 رجلا من خلفيات متباينة طلب منهم ان يؤلفوا جميعا كتابا واحدا, على ان يساهم كل منهم بجزء, اضف الى ذلك ان هؤلاء الكتبة يعيشون فى عدد من البلدان, ولا يعرفون جميعا واحدهم الاخر, كما ان بعضهم ليسوا مطلعين على ما كتبه غيرهم, فهل تتوقع ان تجد انسجاما داخليا فى كتاب كهذا؟
ينطبق هذا الوصف على الكتاب المقدس. فقد كتب فى ظل ظروف اكثر غرابة مما هو موصوف اعلاه, غير ان انسجامه اللداخلى لافت جدا.
ظروف كتابة فريدة. كتب الكتاب المقدس على مدى 1,600 سنة تقريبا. من سنة 1513 ق.م الى 98 ب.م. لذلك فقد فصلت قرون بين الكثير من كتبته البالغ عددهم نحو اربعين رجلا. بالاضافة الى ذلك. تفاوتت مهنهم, فنجد بينهم, صياد السمك والراعى والملك والطبيب.
رسالة منسجمة. ابرز كتبة الكتاب المقدس محورا رئيسيا واحدا : اثبات حق الله ان يحكم البشر واتمام قصده بواسطة ملكوته السماوى. وهو حكومة عالمية. ويظهر هذا المحور للمرة الاولى فى سفر التكوين. ثم تتوسع فيه الاسفار التالية ويبلغ خاتمته المجيدة فى سفر الرؤيا.
انسجام فى التفاصيل. ثمة انسجام بين كتبة الكتاب المقدس حتى فى التفاصيل الصغيرة. لكن من الواضح ان هذا الانسجام غير مقصود فى كثير من الاحيان. لاحظ المثال التالى : يخبرنا يوحنا, احد كتبة الكتاب المقدس. انه حين اتت الجموع للاستماع الى يسوع, سأل المعلم الكبير فيلبس على وجه التحديد من اين يشترون الخبز لاطعامهم. يوحنا الاصحاح السادس. ويذكر لوقا فى رواية موازية ان ذلك حدث قرب مدينة بيت صيدا, غير ان يوحنا قد ذكر عرضا فى انجيله ان فيلبس من بيت صيدا. لذلك كان من الطبيعى جدا ان يطرح يسوع سؤاله على احد ابناء المنطقة. وهكذا انسجمت التفاصيل التى ذكرها هذان الكاتبان, ولكن من الواضح ان ذلك لم يكن مقصودا.
فوارق منطقية. توجد فوارق معينة بين بعض الروايات. ولكن اليس من المنطقى ان نتوقع ذلك؟ لتفرض مثلا ان مجموعة من الاشخاص شهدت جريمة, فلو ذكر جميعهم التفاصيل نفسها مستخدمين الكلمات عينها, افلا تظن ان بينهم تواطؤا؟ فمن الطبيعى ان تختلف شهادة كل واحد منهم بعض الشئ عن شهادة الاخرين وفق الزاوية التى التى رأى منها ىالاحداث. والامر نفسه يصح فى كتبة الكتاب المقدس.
تأمل فى احد الامثلة. هل كان رداء يسوع يوم موته ارجوانيا, كما يخبر مرقس ويوحنا؟ ام انه كان قرمزيا, كما يقول متى, يمكن ان يكون الرأيان صحيحين. فالاحمر هو احد عناصر اللون الارجوانى, وتبعا للزاوية التى ينظر منها الشخص. يمكن ان تجعل الخلفية وانعكاس الضوء بعض عناصر اللون تطغى على غيرها, مما يوحى ان الرداء مختلف.
ان الانسجام بين كتبة الكتاب المقدس, بما فى ذلك الانسجام غير المقصود بين رواياتهم, هو دليل اضافى على ان كتاباتهم جديرة بالثقة.
فى المقالة القادمة سنتناول الدقة العلمية بالاضافة الى اتمام النبوات للكتاب المقدس

#مجدي_زكريا_الصايغ (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات