أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد يوسف - الأزمة السوري والعقلانية الضائعة ..!!















المزيد.....

الأزمة السوري والعقلانية الضائعة ..!!


عماد يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 3776 - 2012 / 7 / 2 - 10:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


فاجأ المجتمع السوري العالم، بما حصل ويحصل فيه من صراعات دموية. كان الجميع يراهن على عقلانية في المجتمع السوري تتمايز عن المجتمع الليبي، أو اليمني أو غيره من مجتمعات الخليج وما شابهها. لكن الذي حصل أنَّ السوريين تجاوزا كل تلك التخمينات وأطلقوا العِنان لجنونهم المسعور الذي كان مختبئاً في زوايا غير واضحة المعالم، وحالكة السواد لشدّة غموضها. فما الذي أدى إلى ما حصل ويحصل على الساحة السورية؟!!
ليست الصراعات السياسية ذات صبغة دموية في غالب الأحيان؟! لقد كان الدرس الليبي والعراقي نموذجاً كارثياً في المنطقة فقد أسس لثقافة العنف والعنف المضاد في كافة أشكاله. بينما استطاع المجتمع اليمني الذي يمتطي أهله الخناجر على خصورهم، أن يثبتوا حالة معاكسة لهذه الحالة الغريبة التي أصابت صراع السلطة في سوريا وغيرها. وكان الجميع يتوقع أن يكون المجتمع اليمني أكثر تورّطاً في صراعات عنف دموية، لكن ما حصل بأنه وبعكس التوقعات قد أثبت أنه تجاوز محنته بعدد قليل من الضحايا، والذين يمكن أن يسقطوا في أي وضع مناسب يمتد لهذه الفترة من الزمن( قاربت العام). فمن الطبيعي في الحشود البشرية الكبيرة أن تحصل حوادث كثيرة تؤدي إلى أعداد من القتلى والجرحى.
لماذا غابت العقلانية السورية عن الأزمة العاصفة التي ضربت البلاد وأزهقت أرواح عشرات الألوف من المدنيين والعسكريين؟! هل تسببت السلطة في ذلك؟ أم أنَّ الأمر يعود إلى وجود تيارات سلفية ووهابية وأصولية متطرّفة تؤمن بالعنف وتتشرّب ثقافته كما تتشرب إرثها التاريخي البعيد. الحقيقة، إذا ما أمعنّا النظر نجد أنَّ عوامل عديدة ساهمت في تأجيج هذا الصراع وسقوط هذا العدد الضخم من الضحايا. هذه العوامل ساهم فيها الجميع دون استثناء، المجتمع الأهلي، وشريحة السياسيين، والنظام وأجهزته، وباقي المؤسسات التابعة له. كذلك كان الأمر بالنسبة لهؤلاء الذين دعموا الثورة السورية. حيث غابوا عن نمط التفكير المنطقي العقلاني، وبدؤوا يرون من زاوية واحدة دون النظر إلى باقي المعطيات الأخرى، حتى وصل الأمر بهم إلى اعتبار أي عبارة، أو جملة أو كلمة بحق الثورة، أو أي كلمة تنقدها، أو تشكك بمصداقية بعض الأحداث، هي كفر لا يمكن السكوت عليه. ومطلوب إقصاء صاحبه وتهميشه إن لم يكن قتله، وهذا طبعاً حصل في أماكن عديدة في سوريا حيث تمَّ قتل أناس من نفس القرية أو المدينة أو الحي بذريعة أنهم عملاء للنظام، أو يدافعون عنه، أو أنهم لم يوافقوا على نهج وأداء وأسلوب الثوّار في تصرفاتهم التي تجاوزت كلّ المعايير والأعراف وحتى الفوضى الثورية بمفهومها المعرفي.
لقد حصل كثيرا أو دائماً أن تجاوزت جدالات الفيس بوك بين مؤيد ومعارض، أو بين وسطي ورمادي كل الحدود ووصلت حدّ الشتم والسباب والتهديد بالقتل على المستوى الفردي والجماعي. وجاءت الإصطفافات الغريبة والتمترس الغبي خلف هذا أو ذاك بطريقة تفتقد إلى كل تفكير عقلاني.
من نافل القول اعتبار النظام وما كرّسه وأسس له من تجهيل للمجتمع، وتجفيف لطاقاته الفكرية التنويرية، أن يكون هو السبب الرئيس وراء غياب المنطق العقلاني في نهاية الأمر. إذ أنه تمَّ رصد الكثير من الحالات لدى الشرائح " المتثقفة" والتي تنادي هي نفسها بالتغيير، أن تحوّلت بملكوتها الفكرية بانعطافة خطيرة جداً لهذه الجهة أو تلك. فمن بين المؤيدون خرج أناس تدافع عن استبداد دام عشرات السنين، ومن بين المعارضين خرج أناس تدافع عن ثقافة إقصاء وقمع وقتل ودم. تطرحه كبديل عن نظام قمعي استبدادي في المستوى السياسي وهو نتاج عقود خَلَت. ومن المفترض أن لديه مشروع حمله في الأربعينيات من القرن المنصرم، وعندما تسنت له السلطة استلم زمامها ولمّا يزل يدّعي أنه يناضل من أجل مشروعه بالرغم من ابتعاده عنه عشرات السنين الضوئية.
ربّما كان للتنوع الديني الإثني، والطائفي ألفسيفسائي الواسع في المجتمع السوري دوراً كبيراً في غياب المعالجة العقلانية للأزمة التي عصفت، وتعصف بسوريا حتى هذه الساعة. ففي هذا التنوع مكامن أسرار سوسيولوجية وأنتربولوجية غريبة! منها ما يعود إلى الانتماء الديني ومنها ما يعود إلى واقع تاريخي عاشته بعض الطوائف السورية( كالمسيحيين والعلويين) ومنها ما يعود إلى واقع ديمغرافي معقد( الأكراد في سوريا) ومنه ما يعود به الزمن إلى مجازر بعيدة حصلت في عام 1516 ولاقوا بسوريا ملاذاً ( الأرمن) وخشوا أن يفقدوا الأمان الذي عاشوه في هذه البلاد. ومنها عوامل تعود إلى ثقافة العنف التي بدأت تغزو منطقة الشرق الأوسط برمّتها، بداية مع الصراع الأردني – الفلسطيني في عام 1970 ومن ثمَّ الحرب الأهلية اللبنانية ابتداء من عام 1975 وصولاً إلى الحرب على العراق عام 2003، ومن ثمَّ الصراع الليبي الليبي بين القذّافي ومعارضيه. ولكن الأهم من هذا كلّه يتجسد في عاملين في غاية الأهمية؛ العامل الأول، هو في تأجيج المشاعر والردّة الدينية الغريبة التي بدأت تغزو المنطقة في العقود الأخيرة، والإرث التاريخي الذي تحمله هذه الردّة تجاه الآخر ومفهوم الاختلاف وثقافته، حيث لا وجود للأخر في هذه الثقافة أو هذا الإرث التاريخي. وفي منطقة غنية جداً بالانتماءات الدينية والمذهبية كان من الطبيعي أن تحتدم صراعات كهذه. والعامل الثاني هو العامل الإسرائيلي الصهيوني الذي أسس البذور الأولى لثقافة العنف ونكران الآخر وإلغائه وصولاً إلى تصفيته جسدياً. لا شك بأنَّ هذا التطرّف الصهيوني أججَّ في المقابل تطرفاً مقابلاً، فلكل فعل ردّ فعل. والتوازن البشري لا يكون فقط في القوة العسكرية والعلمية والاقتصادية. بل إنَّ كل فعل يتطلّب فعل مقابل بما فيه التعصب والتطرّف الذي عززه الكيان الصهيوني. والذي استنبط تطرفاً موازياً له في الجانب الآخر .!!
للأسف أن السوريين لم يكونوا على قدر المسؤولية التاريخية التي أُنيطت بهم، ولم يستطيعوا أن يثبتوا بأنهم مجتمع حضاري يتصف بإرث تاريخي عميق. بل أثبتوا حتى من خلال خطاباتهم فيما بينهم، على مستوى النقاش والمواقف واختلاف الرأي بأنهم مجتمع يمكن أن يكون متمتعاً بكل شيء إلاّ بالعقل الجدلي التحليلي النقدّي البناء، وهو المجتمع الذي لا يلتقي أبداً مع أي توصيف معرفي لمفهوم العقلانية الذي يُشكّل صمام الأمان لأي بلد في العالم ..؟!!

كاتب سوري



#عماد_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإسلام السياسي العربي هل يشكّل مشروعاً للتغيير..؟!
- الأزمة السورية، تحوّلات دولية وارهاصات اقليمية متصارعة..!
- ضرورات التحوّل المرحلي إلى الديمقراطية في سوريا؟
- الديمقراطية؟! بين المصطلح السياسي.. والمفهوم التربوي
- لماذا العلمانية، ولماذا سوريا أولاً؟
- سرقات فكرية وأدبية -وقحة-، على صفحات الفيس بوك ؟!
- -مع الثورة ضد النظام، مع النظام ضد الثورة..؟!-
- الديمقراطية في ثقافة المعارضة السورية ..؟!
- إلى خ - ب .... أو ما يسمّونه أديباً ..؟!
- مآلات الخارطة- الجيو- بوليتيكية- في الشرق الأوسط
- ايجابية الأزمات الوطنية ..!
- تحية طيبة للجميع
- الصراع على سوريا عبر الاحتجاجات الفئوية .؟!
- الحراك السوري، والارتكاسات المذهبية المضّادة.؟!
- العرب وسوق العهر السياسي
- سوريا يا حبيبتي ؟ سأترك الحديث في السياسة ( 1& 2)
- حزب البعث العربي الاشتراكي -بين النظرية والتطبيق-
- مزايدة علنية بالظرف الجماهيري المفتوح
- سوريا؛ ونزعات السياسة والنفاق
- المعارضة السورية، واحتجاجات الأشهر الثلاث ؟


المزيد.....




- بتدوينة عن حال العالم العربي.. رغد صدام حسين: رؤية والدي سبق ...
- وزير الخارجية السعودي: الجهود الدولية لوقف إطلاق النار في غز ...
- صواريخ صدام ومسيرات إيران: ما الفرق بين هجمات 1991 و2024 ضد ...
- وزير الطاقة الإسرائيلي من دبي: أثبتت أحداث الأسابيع الماضية ...
- -بعضها مخيف للغاية-.. مسؤول أمريكي: أي تطور جديد بين إسرائيل ...
- السفارة الروسية في باريس: لم نتلق دعوة لحضور الاحتفال بذكرى ...
- أردوغان يحمل نتنياهو المسؤولية عن تصعيد التوتر في الشرق الأو ...
- سلطنة عمان.. مشاهد تحبس الأنفاس لإنقاذ عالقين وسط السيول وار ...
- -سي إن إن-: الولايات المتحدة قد تختلف مع إسرائيل إذا قررت ال ...
- مجلة -نيوزويك- تكشف عن مصير المحتمل لـ-عاصمة أوكرانيا الثاني ...


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد يوسف - الأزمة السوري والعقلانية الضائعة ..!!