أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عماد يوسف - الإسلام السياسي العربي هل يشكّل مشروعاً للتغيير..؟!















المزيد.....

الإسلام السياسي العربي هل يشكّل مشروعاً للتغيير..؟!


عماد يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 3655 - 2012 / 3 / 2 - 09:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لم يولد الإسلام السياسي العربي من رحم الثورات العربية كمشروع تغييري شامل. بل هو أتى لاحقاً لها، وراكباً لريحها التي عَصَفَت بالبنى السياسية العربية التقليدية. تلك التي راكمت ثقافة استبدادية واقصائية قمعية عميقة في العقل الجمعي العربي، بكلّيته. ساعدها بذلك إرث عميق، شكّل حاضنة متجذّرة لفكرة الإستبداد السياسي والديني، طوال قرون من الزمن. إنَّ فكرة التغيير لم تأتِ كانعكاس لمفهوم الحرّيات بحدّ ذاتها، بقدر ماهي تمرّد على واقع اقتصادي مزري للشعوب العربية وصلت إليه، بسبب من سوء توزيع الثروة، وسياسات النهب الممنهج للثروات من قبل الحكّام. وانعدام التنمية، وفرص العمل، وافقار الشعوب، والسحق الاجتماعي وغيرها من أسباب، شكّلت حواملاً سوسيولوجية داعمة، لنخبة متعلّمة، مسكونة بثقافة العولمة، وأدوات التواصل الاجتماعي التقني والألكتروني.
شكّلت هذه الشرائح الشبابية العربية المتمرّسة بتقانة الأنترنت بديلاً عمّا كان يُسمى، أو يُطلق عليه فيما مضى النُخب الثورية. أو الأنتلجنسيا التي ترصد الواقع وتعرّيه، وتطرح البدائل، وغالباً ما تكون هذه الطروحات بدائل ثورية، تطالب الشعب بالإنقلاب على واقع فاسد ومؤلم، لتغييره إلى فضاء آخر تسود فيه العدالة الاجتماعية، عبر تدمير البُنى المجتمعية الأولى وانتاج بُنى ثورية جديدة تسيطر على الواقع السياسي والاقتصادي وتتحكم بأنماط الإنتاج وصيرورتها الاقتصادية. وتعيد عملية الفرز الاجتماعي الصحيح إلى مساره، فتقوّم اعوجاجه، وتعالج تناقضاته، وتبايناته العميقة.
لم يكن الإسلام السياسي العربي يحمل مشروعاً تغييرياً عندما بدأت الثورات العربية تندلع كالنار في الهشيم. فهو جاء مواكباً للشارع المنتفض. أي أنه جاء يحمل في طيّاته طروحات مطلبية لا تتجاوز المفهوم العام الذي نادت به الشرائح المتنوعة من الناس. فالحرّية والديمقراطية، والعدالة، والانتخابات الحرّة وسيادة القانون، كلّها مطالب جماهيرية عامّة. وقد جاءت التيارات الإسلامية لتتحد مع الشارع بنفس المطالب دون أن تحمل في طيّاتها أي ايديولوجية أو فكر تغييري شامل يرسم خطوطاً عريضة للمستقبل المنشود. ويُحدد سياسات الداخل، والخارج. والسياسات الاقتصادية، والاجتماعية، المرجعّيات القانونية، التشريعية.، وفكرة بناء الدولة. والمواطنة، مفهومها ودلالاتها. وغير ذلك من طروحات لا يكتمل من غيرها أي مشروع تغيير بنيوي. فالتغيير الذي يطال رأس النظام، ويُحافظ على البنى التقليدية التي أنتجت هذا الرئيس، لا يُمكن أن نُطلق عليه مشروع تغيير جذري. يُمكن توصيفه في أحسن الأحوال، بأنّه تبدّل في هيكلية النظام، وليس في بنية النظام. وبالرغم من توفر الكثير من العوامل التي هيأت للإسلام السياسي العربي فرصاً تاريخية لإنتاج مشروع تغيير شامل، إلاّ أنه لم ينجح في القبض على اللحظة التاريخية التي توافرت له، وذلك بسبب قصوره المعرفي والفكري الذي يتّسم به في بنية العقل. فهو يفتقر إلى مشروع الدولة المدنية، الحداثوية المعاصرة. وبرغم المتغيّرات العالمية العاصفة لم يستطع هذا الإسلام الإنعتاق من قدّسيّة النص، وفلسفة الإتبّاع التي تقف سدّاً منيعاً أمام أي نتاج عقلي يُقارب الواقع، ويعمل فيه بحثاً وجدلاً وتحليلاً، وبالتالي استنباطاً للحلول. وباختصار؛ إنَّ عقل الإسلام السياسي البديل هو عقل "جامد". ولا يُمكن أن يُنتج ما هو خارج مداركه وفلسفته التي يقيس العالم من منظورها.
الحامل السوسيولوجي الذي توّفَر للإسلام السياسي لم يكن وليد مشروعية ثقافية، تراكمّية، ومجتمعية عامّة ساهم في انتاجها هو نفسه. أو في نشرها في المستويين السياسي والمجتمعي العام. ومع ذلك كان الرحم الذي أنتجه بمخاض يسير جداً هو الأخصب. فإذا ماكان هذا الإسلام عاجزاً عن تقديم مشاريع بديلة، " وهنا نشير إلى مفهوم المشروع البنيوي بعمناه الشامل وليس بمعناه السياسي (الضيّق) كبديل لنظام قائم "، فيمكن القول هنا؛ بأنَّ هذا الإسلام جاء بنتيجة الإندفاع الغريزي العقائدي عند الناس. تماماً؛ كالطفل الذي يواجه خطراً ما يُحدق به في الشارع مثلاً، نراه يندفع للإحتماء بأقرب شخص موجود بجانبه، بالرغم من جهله وعدم معرفته بهذا الشخص. وفي الأحوال العادية، هو يرتاب من أي غريب. تصرّف الطفل هنا هو عامل غريزي بحت فرضته لحظة ضعف انسانية لا واعية. وربّما، يكون انتاج أنظمة الإسلام السياسي العربي هو أيضاً نتيجة لحظة ضعف إنسانية عميقة في اللاوعي العام للمجتمع العربي. فالمجتمع قد تصحّر نتيجة انعدام المشاريع الثقافية والتنويرية، وضربت الشقوق في تربته الجافة. والعقل العربي قد جفّت منابعه، ونَضُب نتاجه، بفضل سياسة تجهيل المجتمع واعتام عقله الذي عملت عليه الأنظمة العربية لعشرات السنين. هذا الفراغ السحيق الذي واجهته الشعوب العربية، أدى بها إلى الإلتفاف نحو غريزتها ودوافعها الباطنية الغيبية. تلك التي أحكمت سيطرتها على العقل، وأسست لديه فكرة الإيمان بالخلاص الإلهي. فهم يعتقدون بإنتهاء الغضب الإلهي عليهم، فانتفضوا، ونجحوا في التحرر، "فقد نصرهم الله؟!". أمّا فكرة نضوج اللحظة، والشرط التاريخي للتغيير، فهي أبعد ما تكون عن التصديق لديهم ؟!
لايُمكن للإسلام السياسي العربي أن يُنجز دولة بالمفهوم الحداثوي. ومن المرّجح أن يُواجه تحدّيات كبيرة وشروخ عميقة في المستوى السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي. فالإستحقاقات المطروحة أكبر بكثير من مجرد زمرة سياسية تنتمي إلى عالم الماضي بفكرها ونهجها، وترتكز إلى حامل اجتماعي ينتظر منها حلولاً جذرية لمشاكل وأزمات تُثقل كاهل أعتى الدول المتقدمة والصناعية الكبرى. وحتى الإتحادات الإقليمية، فكيف سيكون الحال مع دول خرجت مهزومة بجدارة من حقبات تاريخية امتدت عقود. تلك التي أفقدت الطوق الاجتماعي حلقات أساسية في سلسلته وسيرورته التاريخية. فعصر المستقبل الرقمي هو صمام الأمان لإستمرار عجلة التنمية وبناء أنماط انتاج متطورة يمكن أن تنعكس كمستوى معيشي جيد على الناس. لكن التناقضات التي ستفرزها المراحل القادمة، ستكون أكثر وأعمق تأثيراً من ارادة وعزيمة النخب السياسية ورغبتها في استنباط الحلول. لأنَّ هذه الحلول ستصطدم دائماً بجدران فولاذية تفصل بين سرعات الدوران، بين ماهو رقمي، تقني، صناعي، وبين ما هو نصّي، اتباعي، سلفي...؟!



#عماد_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأزمة السورية، تحوّلات دولية وارهاصات اقليمية متصارعة..!
- ضرورات التحوّل المرحلي إلى الديمقراطية في سوريا؟
- الديمقراطية؟! بين المصطلح السياسي.. والمفهوم التربوي
- لماذا العلمانية، ولماذا سوريا أولاً؟
- سرقات فكرية وأدبية -وقحة-، على صفحات الفيس بوك ؟!
- -مع الثورة ضد النظام، مع النظام ضد الثورة..؟!-
- الديمقراطية في ثقافة المعارضة السورية ..؟!
- إلى خ - ب .... أو ما يسمّونه أديباً ..؟!
- مآلات الخارطة- الجيو- بوليتيكية- في الشرق الأوسط
- ايجابية الأزمات الوطنية ..!
- تحية طيبة للجميع
- الصراع على سوريا عبر الاحتجاجات الفئوية .؟!
- الحراك السوري، والارتكاسات المذهبية المضّادة.؟!
- العرب وسوق العهر السياسي
- سوريا يا حبيبتي ؟ سأترك الحديث في السياسة ( 1& 2)
- حزب البعث العربي الاشتراكي -بين النظرية والتطبيق-
- مزايدة علنية بالظرف الجماهيري المفتوح
- سوريا؛ ونزعات السياسة والنفاق
- المعارضة السورية، واحتجاجات الأشهر الثلاث ؟
- سوريا وإرهاصات الأزمة الطائفية ؟!


المزيد.....




- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عماد يوسف - الإسلام السياسي العربي هل يشكّل مشروعاً للتغيير..؟!