أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - الحب والعاصفة 16















المزيد.....

الحب والعاصفة 16


حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)


الحوار المتمدن-العدد: 3772 - 2012 / 6 / 28 - 20:27
المحور: الادب والفن
    


أفقت من أفكاري على صوت من خلفي. "لدي رسالة اليك."
استدرت بتفاجؤ لأجد وجدي العمري واقفا أمامي، وملامح وجهه تخفي سرا لا يكشف عنه. نظرت اليه بفضول وتعجّب، وقلت: "رسالة؟"
"رسالة شفهية." قال. "إنها من سامر."
أخذتني الدهشة لسماع ذلك، فعاجلني بقوله: "لا داعي للقلق. أنا صديقه المقرّب منذ وقت طويل وأعرفه جيدا. ولكنه لم يكن يخبرني عنك، رغم أنني كنت أحسّ في الآونة الأخيرة بوجود امرأة في حياته. حتى أدركت بنفسي كل شيء هذا المساء، من خلال نظراتكما."
"أهو واضح الى هذا الحد؟" تعجّبت.
إبتسم بشقاوة، وقال: "ربما. على كل حال، كنت معه قبل قليل، وقد أوصاني أن أقول لك إنك تبدين أجمل نساء الكون، وكان يتمنى لو كان بإمكانه أن يكون معك الآن."
أصابني كلامه بالحرج، واربكت كثيرا في مكاني، فكّرت: كيف يقول له مثل هذا الكلام ويطلب منه أن يوصله إليّ؟! أحسست في داخلي بشيء من السخط.
سمعته يقول لي: "لا تخافي مني، فأنا عائد الى أميركا يوم غدٍ، ولن ترَي وجهي بعد الآن. ولكن..." إقترب مني بخطوة وهمس في أذني: "عليّ أن أقول لك شيئا حتى أريّح ضميري، فأنا لا أحب أن أرى سامر يتورّط في مشكلة لا حل لها. وهذه هي حال علاقتكما، ألا توافقينني؟"
وقبل أن أقول شيئا استطرد قائلا: "لا، لست حاقدا أو حاسدا، رغم أنني أراك فتاة تُحسد عليها، ولا أحاول أن أكون وقحا أو أتدخّل بينكما. ولكن الوضع اضطرّني لذلك. أنت فتاة جميلة، وحرام عليك أن تضيّعي حياتك مع سامر. المستقبل أمامك ينتظرك ويفتح لك أبوابه الكبيرة، فلِم تفتحين بابا لا تعرفين وجهته ولا أية عاصفة تخبّئ لك من ورائه؟!"
بقيت كلماته تتردّد في ذهني وقتا طويلا، تصيبني بالقلق والحيرة وتزيدني همّا على همّ. فأي باب فتحته حين أحببت سامر؟ وأية عاصفة دعوت على نفسي؟!
إجتاحتني رجفة باردة هزّت جسدي وأحسست أن العاصفة لم تكن بعيدة.

* * *

8
هدوء مرعب

سافرت شادن مع زوجها الى بعيد وتركتني وحيدة مع همومي وأحزاني. ورغم ذلك، كنت سعيدة من أجلها. فقد تزوجت من الرجل الذي أحبّته برغبتها دون أية ضغوط ومشاكل. تمنّيت لها السعادة من كل قلبي مع زوجها الطريّ الذي أخذها مني الى بعيد... بعدما تركتُه لها.
شادن العزيزة، المسكينة! لا أدري لِم لم يكن زياد ينتبه إليها. لقد أثار إعجابها واهتمامها حين جاء في زيارة الى البلاد قبل حوالي ثلاث سنوات. كنا نحن الإثنتان صبيتين في مقتبل العمر، وهو شاب مكتمل الرجولة في العشرين من عمره. جاء مع والديه الى حفلة زفاف أحدهم التي تواجدنا فيها جميعا وجلسنا حول طاولة واحدة. لاحظت زياد وهو يسترق النظر إليّ طوال الوقت. فأحسست بقلبي يخفق له وأعجبت بوسامته وشدّتني رجوليته. ثم فوجئت به وهو يدعوني للرقص. رقصت معه واللهفة تملأني وأحسست بشيء من الإعتزاز أمام صديقاتي بأن يراقصني شاب جميل وجذّاب مثله. وحين عدت الى مكاني بجانب شادن وجدتها هادئة على نحو غريب، مثير للريبة، ووجهها يعجّ بالإنفعال. سألتها ما بها، فلم ترد في بادئ الأمر. ولكن بعد إلحاحي الشديد أخبرتني بما يحزنها، ففهمت أنها أعجبت بزياد الى حد كبير وكانت تودّ لو يقوم بدعوتها للرقص. وبدل أن يفعل ذلك صُدمَت بأن دعاني أنا صديقتها الحميمة للرقص، فشعرت بجرح عميق وحزن بالغ إذ أحسّت أنها لا تملك مواصفات تلك المرأة المثيرة التي تجذب اهتمام الرجال بها. وقالت إنها شعرت نحوي بالغيرة لأول مرة في حياتها لأنني دائما أثير اهتمام الجنس الآخر بي في حين أن أحدا لا ينتبه اليها.
شعرت بالعطف نحوها لسماع ذلك، وحاولت تهدئتها وإقناعها بأن لكل امرأة سحرها الخاص الذي يثير اهتمام الجنس الآخر بها، وليس من الضروري أن يحدث ذلك في أول لقاء او أول نظرة. فهذه الأشياء تحدث عادة مع تكرار اللقاء وازدياد المعرفة. ثم أخذت أحثّها بأن تلتقي بزياد وأنصحها كيف تثير إعجابه. إكتشفت أن رغبتي في تحقّق مرادها أكبر من إعجابي بزياد، فقرّرت خنق أحاسيسي نحوه، مهما كان نوعها، من أجل الإنسانة الأعزّ على قلبي.
ولكنني فوجئت به بعد ذلك بعدة أيام، وهو يعترف لي بإعجابه بي. ثم كانت له محاولات للتقرّب مني في فرص أخرى، إلا أنها ارتطمت بعدم الإستجابة من طرفي. حاولت صدّه عني بهدوء ودون تجريح. وبعد مدة من الزمن، توقّف عن ملاحقتي وكانت سعادتي كبيرة حين رأيته يتقرّب من شادن. وهكذا نشأت العلاقة بينهما واستمرت الى أن تكلّلت أخيرا بالزواج.

* * *

مرّ وقت طويل منذ لقائي الأخير مع سامر. كان شوقي لرؤيته يتضاعف يوما بعد يوم، ونار حبه تلتهب في داخلي، حتى أحسست بحاجة مرعبة لرؤيته مهما كلّفني الأمر. وحين طلب مني اللقاء عبر الهاتف، شاكيا لي مدى اشتياقه لرؤيتي، وعدته بلقاء سريع في الغد في مكان بعيد عن الأنظار في أنحاء الجامعة. فاقترحت عليه ذلك الركن البعيد في المكتبة الذي يدرس فيه دوما، ووعدته أن آتي اليه بعد انتهاء محاضراتي، عند السادسة مساءً.
كان جالسا في انتظاري في الوقت المحدد.
تهلّل وجهه عند رؤيتي وأشار لي بالجلوس في المقعد القريب، ففعلت ذلك.
جلس أمامي بهدوء لحظات طويلة، وهو يرمّقني بعينيه دون أن يفتح فمه بكلمة، وكأن الكلمات لم تعد تسعفه، او لم تعد هناك حاجة اليها.
"كنت مدهشة في الحفلة." قال أخيرا بصوت هامس. وأضاف: "كنت رائعة... خلابة..."
فقلت بنبرة مؤنّبة: "وأنت عبّرت لي عن ذلك بطريقة سخيفة جدا."
فقال: "لم أجد أمامي طريقة أخرى لفعل ذلك. هل أزعجك ذلك؟"
"بصراحة... نعم. أزعجني أن يوصل لي مثل هذا الكلام رجل غريب مثل صديقك الأمريكي هذا. أحسست بإحراج كبير أمامه."
"وجدي هو صديقي منذ زمن بعيد وأنا أثق به. إنه لن يخبر أحدا بشيء. ثم إنه عاد الى بلاده حاملا معه سرّنا، وربما يكون قد نسيه. لا شك أنه أنه سينساه فلديه أمور أهمّ بكثير هناك."
"ولو كان... لم يكن من اللائق أن تقول له مثل هذا الكلام وتطلب منه أن يوصله إليّ. أنتم الأمريكيون لا أدري كيف يعمل جهاز الدماغ عندكم! إن لديكم أساليب غريبة في التصرّف!"
ضحك سامر بصوت خافت وأغرق في الضحك. وأنا لم أخبره بالنصيحة التي تلقّيتها من صديقه الأمريكي الذي يثق به كل هذه الثقة، وتعجّبت في سرّه: ترى، كيف سيكون رد فعله إن علم بذلك؟!
فرغ سامر من ضحكه شيئا فشيئا، ثم أمسك بيدي وأخذ ينظر الى عينيّ بنظرة نافذة... دافئة، واقترب مني أكثر، حتى استطعت رؤية بؤبؤي عينيه اللامعتين ببريق خاطف.
همس لي: "كم أحبك!" وكان صوته يحمل في نغماته صدق مشاعره. وتابع: "ليتك لم تكوني بعيدة."
"ولكنني لست بعيدة." قلت له.
جذب بطرف شفته بشيء من الأسى، أطرق رأسه... ولم يرد.

يتبع...



#حوا_بطواش (هاشتاغ)       Hawa_Batwash#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحب والعاصفة 15
- الحب والعاصفة 14
- الحب والعاصفة 13
- الحب والعاصفة 12
- الحب والعاصفة 11
- وردة تستجدي الحياة
- الحب والعاصفة 10
- الحب والعاصفة 9
- الحب والعاصفة 8
- لماذا لا نقرأ مثلهم؟
- الحب والعاصفة 7
- لو كنت أما ليوم واحد
- الحب والعاصفة 6
- الحب والعاصفة 5
- الحب والعاصفة 4
- الحب والعاصفة 3
- منذ التقينا
- الحب والعاصفة 2
- الحب والعاصفة 1
- العصا والأصدقاء


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - الحب والعاصفة 16