أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - الحب والعاصفة 7














المزيد.....

الحب والعاصفة 7


حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)


الحوار المتمدن-العدد: 3675 - 2012 / 3 / 22 - 22:18
المحور: الادب والفن
    


3
دعوة على الغداء

عدت من ايلات بعد رحلة مليئة بالمفاجآت. رحلة لم أعد من بعدها هنادي التي كنتها من قبل. لقد كانت ايلات محطة التحوّل الخطيرة التي مهّدت الطريق نحو العاصفة التي كانت في انتظاري.
ولكنني لم أكن أحسّ بشيء عدا عن تلك السعادة التي كانت تغمر قلبي لمجرد التفكير بسامر. أحسست بميل شديد نحوه واستحوذت صورته على فكري ومخيلتي. ولاحظت شادن التغيّر الحاصل بي فقد كانت تعرفني جيدا وتحس بي أكثر من أي شخص آخر. فوجدتها تسألني ذات يوم: "ماذا بينك وبين سامر؟ هل هناك شيء؟"
كنا جالستين في كافيتيريا الجامعة نتجرّع مشروبا ساخنا بعد عودتنا من ايلات بيومين او ثلاثة.
ارتبكت قليلا أمام سؤالها، ولكنني سرعان ما فتحت قلبي لها وقلت: "لا ادري، يا شادن. أنا... أستلطفه كثيرا. أحسّ براحة عجيبة عند حديثي معه. وكأني أعرفه منذ زمن بعيد."
فقالت لي بنبرة صادقة يختلط فيها الأسف: "هنادي، سامر هو شاب ظريف جدا وجدير بالإعجاب. ولكن... أظن أنه من الأفضل لك أن تبقي بعيدة عنه."
رمقتها طويلا وأنا أفكّر بقولها وتملّكني الأسف والحزن. فقد عرفت في داخلي أنها على حق.
لم نضِف شيئا على الموضوع وتحوّلنا الى الحديث عن الحدث المهم الذي كان ينتظر شادن خلال وقت قصير، وهي كانت تنتظره بشغف كبير، ألا وهو خطبتها على زياد. وكان زياد ينوي المجيء الى البلاد مع عائلته لإقامة حفلة الخطبة.
"هل سيمكثون هنا بعض الوقت؟" سألتها.
فردت: "زياد سيبقى مدة أسبوع بعد الحفلة، أما باقي أفراد العائلة فسيعودون الى أميركا في اليوم التالي. تعلمين أن لديهم أعمالهم وليس بإمكانهم تعطيلها."
"المهم أن زياد سيبقى لأسبوع." قلت. ثم سألتها: "ومتى سيصلون؟"
"بعد أسبوعين."
"لا بد أنك متشوّقة لرؤية زياد."
"جدا. لم أرَه منذ أوائل الصيف الماضي. لقد كان مشغولا جدا في الفترة الأخيرة. خاصة أن عائلة سامر قد تركت الشركة فكان عليه تعلّم المهام الجديدة. كانت ابتسام تقوم بعمل ممتاز في الشركة وتركت فراغا كبيرا كان عليهم سدّه. وقد نشب خلاف بين زياد ووجدي فقد أراد كل واحد منهما ان يتسلّم مهام ابتسام. وفي النهاية قرر الأب تقسيم المهام الجديدة بين الإثنين."
كان وجدي هو الأخ الأكبر لزياد ولكنه لم يكن يزور البلاد كثيرا. وكانت لهم أخت صغرى تسمى خلود.
سألتُ شادن: "هل سيأتي وجدي معهم؟"
فأجابت: "أجل. إنه لم يكن هنا منذ أكثر من عشرين عاما."
"يبدو أنه لا يحب البلاد."
"لا أدري. ولكن زياد يقول إنه مشغول جدا بالعمل في الشركة وبالدراسة."
"وماذا يدرس؟"
"هندسة الحاسوب، وقبل ذلك درس التجارة وإدارة الأعمال. إنه يبدو شغوفا بالدراسة ومجدا بالعمل، ليس مثل زياد."
"وخلود؟ ماذا عنها؟ أما زالت في المدرسة؟"
"نعم. انها في السنة الأخيرة."
كانت شادن متشوّقة لزيارتهم ولحفلة خطبتها على زياد. لقد كان الإثنان يحبان بعضهما منذ أكثر من سنتين ومتّفقين على الزواج بعد أن يستقرّ زياد في عمله وتنهي شادن تعليمها الجامعي. إلا أن زياد اقترح أن يتزوّجا وتكمل شادن تعليمها في أمريكا فقبلت بذلك شادن. فجاء والدا زياد لخطبتها من أهلها في زيارتهم الأخيرة الى البلاد قبل عدة أشهر، واتفقوا على جميع التفاصيل المرافقة للزواج قبل عودتهم الى اميركا.
بقيت جالسة وحدي بعد أن تركت شادن للذهاب الى محاضرتها فجلست أراجع بعض دروسي حين فوجئت بصوت من قربي: "كيف حالك هنادي؟"
كان ذلك سامر وقد وقف أمامي ينظر اليّ وعلى وجهه ابتسامته العذبة.
قلت: "أهلا سامر." ثم دعوته للجلوس وأنا أشعر بالفرحة التي تدغدغ أوتار قلبي لرؤيته. كان شوقه يملأني.
جلس أمامي حيث كانت شادن جالسة قبل دقائق ثم قال: "لم أرَك منذ مدة طويلة... منذ أن عدنا من الرّحلة."
ضحكت لكلامه. "أهذه مدة طويلة؟!"
إبتسم قليلا، ثم قال: "كانت رحلة جميلة، أليس كذلك؟"
"حقا، رائعة." أجبته.
وبعد لحظة من الصمت قال: "لقد قرأت الرواية،" وكان يعني الرواية التي طلب استعارتها فسلّمته إياها في طريق عودتنا من ايلات بعد أن أتممت قراءتها.
"حقا؟" قلت. "وما رأيك فيها؟"
أخرج الرواية من حقيبته وسلّمني اياها. "جميلة جدا، كما توقّعت." قال. "لقد أحببت منى وأحسست بقسوة الظروف التي أدّت الى فراقها عن عمر. كما أحببت وفاء وعطفت اليها كثيرا وكأني كنت أعرفها."
ابتسمت لسماع قوله. "أرى أنك وقعت في الحب بين الإثنتين كما فعل عمر."
"فعلا. أحسست كأني وقعت بما وقع فيه عمر وأشفقت عليه كثيرا. لقد كان صغيرا حين أحبّ منى ولم يحسب حسابا لشيء. ففُرض عليهما الفراق قسرا. ثم تعرّف على وفاء بعد سنوات طويلة وسكنت قلبه بهدوء بعد أن كان قد فقد الأمل في الحب. ثم فجأة... تبيّنت له استحالة العلاقة بينهما."
"ولكن، ألا ترى أنه ورّط نفسه في حب منى رغم أنه عرف بتعقيده؟" طلبت أن أعرف.
فكّر قليلا في كلامي، ثم أجاب: "ربما. ولكن الحب أحيانا لا يأبه بالظروف المحيطة به وينفجر كبركان موقوت يستحيل إخماده."
"ولكن النهاية كانت مفاجئة، أليس كذلك؟"
"صحيح، رائعة."
مرّت بيننا فترة صمت. ثم سمعته يقول لي وهو يصوّب النظر الى عينيّ: "تعلمين؟ لقد حدّثت أمي عنك."
"حدّثتها عني؟" اندهشت لقوله. "وماذا حدّثتها؟"
فقال: "حدّثتها كم كبرت وأصبحت صبيّة حلوة ورقيقة."
تمتمت وانا أحسّ بالحمرة الطافرة الى وجهي: "حقا؟!"
ثم سمعته يقول: "انها تحبّ أن تراك وتدعوك لتناول الغداء معنا ذات يوم."
صُدمت بقوله ولم أجد ما أقول.
"ما رأيك؟" سأل برقة.
"... لا أدري... فاجأتني." أجبت.
"أتذكرين أمي؟"
"طبعا أذكرها." قلت. "إنها امرأة جميلة، مثقّفة وذكية."
أطلق سامر ضحكة خفيفة. "إذن، فأنت تذكرينها جيدا." قال.
"ألا تودّين أن ترَيها بعد كل هذه السنوات؟"
"أودّ ذلك."
"اذن، سآخذك اليها بسيارتي ذات يوم. إنها متلهّفة لرؤيتك."
لم أعرف ما أقول بعد كل ذلك الكلام فقبلت الدعوة واتّفقنا أن يأخذني الى بيته في الغد عند الواحدة ظهرا.

يتبع...



#حوا_بطواش (هاشتاغ)       Hawa_Batwash#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لو كنت أما ليوم واحد
- الحب والعاصفة 6
- الحب والعاصفة 5
- الحب والعاصفة 4
- الحب والعاصفة 3
- منذ التقينا
- الحب والعاصفة 2
- الحب والعاصفة 1
- العصا والأصدقاء
- مساءات لهفة
- ما هذه الأصوات في الليل؟
- المعلّمة أورا
- مهمة في الزواج
- القدر- قصة قصيرة
- الشهيدان
- بنت من هذا العالم
- تساؤلات بريئة
- لقاء آخر معك
- الشركس في فلسطين
- الشاطئ


المزيد.....




- مصر.. إحالة فنانة شهيرة للمحاكمة بسبب طليقها
- محمد الشوبي.. صوت المسرح في الدراما العربية
- إيرادات فيلم سيكو سيكو اليومية تتخطى حاجز 2 مليون جنية مصري! ...
- ملامح من حركة سوق الكتاب في دمشق.. تجمعات أدبية ووفرة في الع ...
- كيف ألهمت ثقافة السكن الفريدة في كوريا الجنوبية معرضًا فنيا ...
- شاهد: نظارة تعرض ترجمة فورية أبهرت ضيوف دوليين في حدث هانغتش ...
- -الملفوظات-.. وثيقة دعوية وتاريخية تستكشف منهجية جماعة التبل ...
- -أقوى من أي هجوم أو كفاح مسلح-.. ساويرس يعلق على فيلم -لا أر ...
- -مندوب الليل-... فيلم سعودي يكشف الوجه الخفي للرياض
- الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة بوفاة زوجها


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - الحب والعاصفة 7