أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - مهمة في الزواج














المزيد.....

مهمة في الزواج


حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)


الحوار المتمدن-العدد: 3552 - 2011 / 11 / 20 - 21:30
المحور: الادب والفن
    


وليلة أخرى انقضت... دون شيء.

جلست على شرفة البيت وعيناي مشدوهتان في السماء... في العدم. السواد ما زال يغطي الكون في هذه الساعة الباكرة من الفجر التي لم يستيقظ فيها الأنام بعد، ما زالوا مستغرقين في نومهم، ويهنأون بليلتهم. أكاد أراهم في مخيلتي في حضن زوجاتهم، والدفء يغمر قلوبهم، والسعادة تغطي وجوههم.

سحبت سيجارة من جيبي ودسستها في فمي، ثم بحثت عن الولاعة في جيبي فلم أجدها. شرعت أبحث عنها في كل جيوبي... ولكن... دون جدوى.

سحقا! أين نسيتها؟

هرعت الى داخل البيت بحثا عنها وأنا أحسّ برأسي يكاد أن ينفجر من فرط قهري وتعصيبي. لماذا تصدّني الدنيا بهذه الشدة؟ ماذا فعلت؟

وأخيرا وجدتها، بعد دقائق طويلة من البحث الذي يحرق الأعصاب، وعدت بها الى الشرفة من جديد. أشعلت السيجارة وجلست أدخن... وأدخن... وأدخن، ومعها أدخن قهري وسخطي وابتئاسي.

أفكار ثقيلة تقاذفتني: ما نوع هذه المرأة؟ لماذا تخاف مني كل هذا الخوف وترتجف، كأنني كنت وحشا يريد الإنقضاض عليها؟! من أين جاءت بها أمي؟ كيف لا تفقه معنى أن أكون زوجها، ولا تعرف أن لي حقوقا عليها؟! لا، لن أدع هذا الوضع يستمر، سأطردها من هذا البيت، ولتعد الى بيتها، وليعرف ذووها كم هي سيئة!

آه... ولكن هذا البيت هو بيتها. لقد اشتراه والدها هدية لزواجنا. ما العمل اذن؟؟ فليكن! أنا سأخرج من البيت ولن أعود اليه على الإطلاق. شهر كامل وأنا أحتمل سلوكها وبرودها وتقصيرها. لن أعيش معها لحظة واحدة بعد الآن، فالدنيا لا تخلو من غيرها. لا بد من الطلاق.

خرجت من البيت والغضب يتأكلني. ذهبت الى صديقي المتزوج منذ سنوات، وجلسنا في أحد المقاهي نشرب القهوة.

تأمّل وجهي طويلا، وسألني: "ما بك؟ لماذا تبدو مكتئبا؟"
ولم أرد، فسألني مستغربا: "هل ثمة مشكلة بينك وبين سلمى؟"
ولم أرد، فتابع متعجبا: "هل حصل أمرٌ بينكما؟"
فأجبته متنهدا: "المشكلة... أنه لم يحصل شيء بيننا."
رأيته يفكر قليلا بكلامي، ثم قال: "أتقصد أن..."
قاطعته: "نعم، هذا ما قصدته بالضبط. جيد أنك فهمتني دون شرح."

صمت الرجل. لحظات طويلة مرت بيننا وهو يتأمل شيئا ما في السماء، ولا ينبس بكلمة.
ثم قال بجدية بالغة: "لا تبتئس يا صديقي. الأمر عادي."
"عادي؟!!"
"طبعا عادي." قال بحزم، ثم تابع يسألني: "كم عمرك يا صديقي؟"
رميته بنظرة ساخطة، وقبل أن أقول شيئا، كرّر سؤاله بصرامة: "هيا قل لي كم عمرك؟"
"اثنان وثلاثون."
"وكم من التجارب مرّت عليك قبل زواجك؟"
"ما لك ولتجاربي؟! كأنك أنت العفيف البريء!"
أطلق ضحكة عالية، وقال: "طيب، وكم عمرها سلمى؟"
"ثمانية عشر."
"ألا ترى أنها ما زالت صغيرة؟"
"صغيرة؟! أنا أمي كان عمرها خمسة عشر عاما حين تزوجت، وسبعة عشر حين أنجبتني!"
"دعنا الآن من زمان أمي وأمك! يا صديقي، المرأة هي كتلة هائلة من الأحاسيس، وإن أردت كسبها عليك أولا أن تفهم أحاسيسها وتلامس شغاف قلبها، وبعدها، سترى بنفسك كيف تذوب هذه الكتلة بين يديك، فتكسب قلبها وجسدها وكل ما فيها."
"يا أخي، أنا لا أفهم هذا الكلام. قل لي ما الحل؟"
"الحل أن تقترب منها، ولكن ليس فقط في الليل! بل ابتدِئ من النهار. كن صديقها الذي يسمعها ويحسّ بها، وحاول أن تكسب ثقتها وحبها. يا صديقي، زوجتك إنسانة شريفة ورقيقة وعديمة التجارب. وهل كنت تفضّل عليها واحدة من ذوات الخبرة؟"
"أعوذ بالله!"
ضحك مرة أخرة ضحكة عالية طنّت لها أذني، وقال: "اذن اسكت وعد الى زوجتك."

وبعد أن عدت الى زوجتي في تلك الليلة، تركتها وحدها، حتى انجلى الليل، فشرعت بمهمتي في صبيحة اليوم التالي.



#حوا_بطواش (هاشتاغ)       Hawa_Batwash#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القدر- قصة قصيرة
- الشهيدان
- بنت من هذا العالم
- تساؤلات بريئة
- لقاء آخر معك
- الشركس في فلسطين
- الشاطئ
- صدفة
- وهكذا اشتريت الشوكولاطة!
- تعالي سارتي، لنبكِ!
- طوشة كبار- قصة قصيرة
- الحب العتيق- قصة قصيرة
- اختفاء رباب ماردين 2
- اختفاء رباب ماردين1
- قراءتي في رواية ضمير المخاطَب لسيد قشوع
- هدية عيد الأم- قصة قصيرة
- صراع مع القلق- قصة قصيرة
- انتقام امرأة- قصة قصيرة
- الرجل الخطأ- الحلقة الثانية عشر والأخيرة
- الرجل الخطأ- الحلقة الحادية عشر


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - مهمة في الزواج