أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين سليمان- هيوستن - عن الحب فقط- مدن الحب














المزيد.....

عن الحب فقط- مدن الحب


حسين سليمان- هيوستن

الحوار المتمدن-العدد: 1101 - 2005 / 2 / 6 - 12:27
المحور: الادب والفن
    


الخ...غناء و ريح. محمل يمر على المدينة يبعثر الأرض والبادية الممتدة التي هي غير مزروعة تلوْث وتلوح في مشيتها والمدينة سكران آخر الليل. من يدخل المدينة في نهاية الليل؟ نوافذ مغلقة وفي بيوتها نوم. تحضير لسوق اليوم القادم. لكنني لا أمشي في دروبها بقدمين بل وكأنني بأربعين قدما أغامر كي أمر في شوارعها مرة واحدة. أمر كما تمر الرياح وهي تدوي بحثا عن لحن!
يصير بضربة حظ أن تفتح امرأة ما نافذتها. في غمرة الليل وأنا مرور. مشي. يمشي الشارع في بدني يغني ابحث عن سمراء. أيام الصيف في قرى الفرات من العشارة والشويط... اخضر أزرق فيه البحر البعيد لا يبلله فرات أو خابور يستحم عنده ملك آشور بعظمته مع بناته يغنن: ورموش عينيك الحلوين دلالي..صاروا بقلبي سكيكين... فتفتح النافذة بطرقة خشب زان كي تريني كلها معلقة مثل جسر الدير تحته كان فراتا لن يغنيه اليوم شاعر. والطرب العراقي عند الجسر يرفعه بائع أشرطة الكاسيت قليلا كي يصل الغناء الى العلوة القديمة: مالي شغل بالسوق!
رائحة الدخول الى شوارع الدير من جانب حلب. بعد نهاية فحوص الجامعة قادمون انا وزميلي شيخموس من حلب في باص الكرنك للنقل والسياحة يضع الشفير بالجكارة أغنية لا نستسيغها فنقول له ماهذا البطيخ الذي يغني: بطة وحمامة يوم اتكاونوا بارض الدار! نستهل الشوارع التي رائحتها كأنها بخار صاعد من أجساد لا تموت تشهد زمان المدينة. ول حط مالي شغل بالسوق! لكنه ابن مدينة تادف السائق الذي لا يستسيغ غناء اهل العراق يرّقص رأسه على البطة والحمامة في أرض الدار. حتى جعلنا نتأمل الأغنية ثم جعلنا نرقص مع رقصه. بالفعل أغنية جميلة. هكذا راح ذوقنا ينحدر.
لكن لا يهم. تفتح النافذة على غرفة نومها في ثوبها الشفاف فيهز زميلي رأسه هزة جزراوية وهو ينظر نحوها: قربان عينك انا! وحياة الله..ثم يغني يقلد أشور: وإزا قالوا من هو دلالي. ويدبك بقدميه وساقيه دبك البغال عند النافذة دبك عرس وحصاد فأنه سيتزوج من بنت الدير. والله لن يخرج من الدير إلا مع ابنة الدير لأنه كما قال لنا: رأسي هو "تنا تنا" يعني خلص "لا لا" لن اذهب من دونها... إلا معها كزوجة الى الجزيرة السورية. عند تقريبا حدود قرية نصيبين وهي تتاخم القامشلي فقسموها في البدء الى نصيب سوريا ونصيب تركيا لكن تركيا بعد حين أخذت النصيبين. والسائق الجزراوي يسأل صديقي الكردي وهو يدل حبيبته الفراتية إلى السيارة يسأله قامشلوكي فيهز رأسه إي والله قامشلوكي! كي يذهب معها ركبة واحدة الى مدينة نراها من بعد ستين كيلومترا القامشلي مدينة لا تسكن أرض الكرة فهي على أرض مستوية نراها ونرى أناسها وكنوزها مخفية عند سفح الجبل من بعيد. فهي قلب سوريا. القلب الذي أبعده الله عن الوسط والجبهة والصدر فأصبحت في الخلف في القدمين مثل جذور الأجداد.
حين وقفنا عند الحدود ورأينا نصيبين كانت هناك سكة القطار تميل عند أقدام الجبل الذي كنا نظن بأن أسمه طوروس. جبل طوروس حتى إن لم يكن هذا بالاسم الصحيح فهو طوروس. عال يحجب عنا كل شيء. وقفنا عند الجبل كي نحضر العرس الكردي.
يخترقنا القطار على مهل. نراه قادما يمشي شرقيا محملا بالبضائع وبالناس الذين هم من حلب ومن بغداد ومن اسطنبول يشق طريقه عند عتبة العرس والطبل والمزمار يخلقان بلبلة في نظامه. ولأن العرس يظل. يقرع الطبل والمزمار حتى نهاية متأخرة من الليل. يمر القطار على صوت مرينا بكم!
فنرجوا السائق قائلين: حط غير بطة وحمامة. الياس خضر أغنيته من مكبرات الصوت والسرعة 120 كم وهناك اهتزاز باص وميلان وتلحين. فنتمنى من الله أن لا نصل، أن لا تنتهي الأغنية، وان يظل الطريق فقط طريق ونحن نبقى على سفر.
هي لحظة اسمها مائة عام. نظل نذكرها.
وأقول لصديقي: ها لقد أخذت حبيبتك وذهبت الى حدودك. وإنما الذي عنيته هو أين المرأة الحبيبة التي ستفتح لي النافذة على حين غرة. أمر في المدينة وهناك ليل من دون نوافذ. فلو أظل أربعين عاما في المدينة. انا ضائع يا يونس، ضياع الحاج في متاهته. فلا تفتح. حتى يصيبني الضجر من تنظيم مسائل الحب بين البشر فوق هذه الأرض في هذا العصر الذي هو صناعة وتقنية الكترونية وظل منحدر للإنترنيت على طريقة حب الماسنجر نوافذ إلهية انفتحت لظلال وأشباح كنت أظنهم تحت الأرض لكنهم الآن يحيطونني من كل ناحية. وجوم الحرف وفي بداية القول تكوين أو IPTPI لا أعرف! أو subnet مسافر فوق حزمة ترددية مقدارها 1 ميغا هرتز سترتفع في المستقبل وتصبح غيغا ثم تيتا تيتانك التي لا يحملها محيط. كل ذلك من أجل مالي شغل بالسوق. هل تحبينني؟! أكح وانا أدخل الدار بحثا عنها. لكنها لا تفتح النافذة لأن البدن الذي نزل أول الأمر على شكل اسم غير مكشوف هي ابنة مشاغبة وشاعرة في الأصل- تقول أنها شاعرة! كان يجب أن يخص الخالق الأوحد قصة حب عظيمة لكل فرد في هذه الدنيا. الجسر المعلق ذلك إن مرت بنا فتيات الدير بينما نحن في الباص نرمق الحياة ونطبق قوانين النسبية.... ذلك الحب كي يرفع النهر فوق الجسر. اقرأ التاريخ وأتعلم منه: من هنا مرّ. دعامات الحب وعضادات عمارة النهر قائمة قبل رامة والتنين منذ زمن محمد علي مثلا وابنه ابراهيم باشا الذي مر من هنا في العام 1848 كي يذهب مشوار حب إلى اضنة. قال يريد قصة حب اسطنبولية مع بناتها. فحشد جيوشه من أجل ذلك. إنها الحرب شبيهة الحب. المرض. السحر والدين. إنه الحب الذي كلما قبضت عليه يفلت. قائما في ثناياي لا أعرف اين موضعه. والمرأة لا تفعل أن تفتح. يلزمها سيف. تنصت على الحرف الذي يدقه قلبي. لكنها لاتفتح. عن قصد. عن قصد بطة وحمامة. فلا يستجيب للكلام. يظل يطبل على المقود ويهز على كرسي القيادة- ويترنح، وامامه الطريق مازال طويلا. وشريط التسجيل ينتهي فيقلبه والبطة تصالح الحمامة فيزجرها لبداية غناء... وانا واجم في هذا القدر من الحياة بين بطة وسائق ونافذة مدينة والى جانبي صديقي شيخموس يجب ان نذهب معك وحياة الله الى الدير... أريد أن آخذها!



#حسين_سليمان-_هيوستن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأم في العام 1905
- المرأة ذات الوجه الأبيض- 2
- المرأة ذات الوجه الأبيض
- حب إيــه بعـــد ثلاثــين عـامـا
- الجنِِــة جيدة- قصة مكتوبة على حائط مهمل
- طالعة من بيت -أبوها-
- حبي لها كان كاذبا
- ما حال القصيدة إن انقطعت الكهرباء
- تترك قلبها على ظهر حصان يركض
- لعبة ورق
- تعبر من أمامه راكضة وهـي تخفق كطير( تمهــيد للقصــة – حرف ال ...
- يصل صوتها عبر المحمول... من القاهرة
- صحراء مثل الجنة
- مقالة في الشعر العربي المعاصر- منذر المصري


المزيد.....




- بعد نزول مسلسل عثمان الحلقة 160 مترجمة عربي رسميا موعد الحلق ...
- الإعلان الأول.. مسلسل صلاح الدين الأيوبي الحلقة 25 على فيديو ...
- إلغاء حفل استقبال -شباب البومب- في الكويت جراء الازدحام وسط ...
- قيامة عثمان الحلقة 160 مترجمة باللغة العربية وتردد قناة الصع ...
- قمصان بلمسة مغربية تنزيلا لاتفاق بين شركة المانية ووزارة الث ...
- “ألحقوا اجهزوا” جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 للشعبتين ...
- الأبعاد التاريخية والتحولات الجيوستراتيجية.. كتاب -القضية ال ...
- مهرجان كان السينمائي: آراء متباينة حول فيلم كوبولا الجديد وم ...
- قال إن وجودها أمر صحي ومهم الناقد محمد عبيدو يعدد فوائد مهرج ...
- ركلها وأسقطها أرضًا وجرها.. شاهد مغني الراب شون كومز يعتدي ج ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين سليمان- هيوستن - عن الحب فقط- مدن الحب