انتحابات عراقية

توفيق الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 1096 - 2005 / 2 / 1 - 10:13
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

عذرا عزيزي القارئ..!!
العنوان ليس خطأ كما قد يتهيأ لك للوهلة الأولى وأنا أقصد انتحابات بالخاء وليس انتخابات بالخاء .
والفرق بين الحاء والخاء كبير ..فانتحب تختلف كثبرا جدا عن انتخب..
وانتحابات بالحاء جمع انتحاب وهو من عائلة البكاء الذي يبدو قدرا عربيا خالصا يرافق اأمتنا المنهزمة من ولادتها إلى مماتها .
قبل أيام عشنا معمعة انتخابات رئاسية فلسطينية للمرة الثانية ورغم ما جرى فقد جاءت لعباس على المقاس ولم تكد تصدر الأوامر الرئاسية بإزالة مخلفات صور المرشحين الباسمة حتى اختنقت الشوارع والميادين الفلسطينية بصور مرشحي الانتخابات البلدية "المرحلة الأولى" وفازت هذه المرة حماس بنصيب الأسد من ثقة الناس ولم يكن الأمر مفاجئا إلا لمن ناموا في عسل فتح و ألهاهم شعار"ثورة حتى النصر" الشهير عن الخطايا والأخطاء المتراكمة على مدى السنوات الطويلة..
ولا يستبعد ان يتكرر نفس المشهد وبصورة اكثر دراماتيكية..فللشارع ذاكرته وحساباته واللجوء إلي مرقد القائد الرمز الشهيد لا يكفي.. أقول هذا حرصا على تاريخ فتح وثقلها لا كيدا أو شماتة -معاذ الله-

على صعيد آخر فاني اكتب اليوم وأنا أخوض بانفعالاتي وتوقعاتي في بحر الثلاثين من يناير..بحر الانتخابات العراقية الأكثر دموية وتمزقا وحزنا.
بحر الانتخابات العراقية التي يغيب أو يغيب عنها جزء كبير من الشعب العراقي أما بسبب موقف أو خوف
ومهما اختلفت الآراء حول هذه الانتخابات فانه من المسلم به أن توقيتها وحسب الاجندة الأمريكية لم يكن ملائما لتجسيد وحدة العراقيين وكان من الممكن تأجيلها لتتم في ظروف أكثر ملائمة تضمن مشاركة معظم الشعب العراقي إن لم يكن كله .

إن الأخطاء والمخططات الأمريكية الكبيرة في العراق لها دور كبير في تبهيت و تقزيم الانتخابات وافراغها من مضمونها والأسئلة تطرح نفسها..
كيف يمكن لأمريكا وحكومة علاوي أن يضمنوا إجراء انتخابات صحيحة ونزيهة وهم لا يستطيعون ضمان أمن المواطن العراقي..؟!!
كيف يمكن لأهل المثلث السني مثلا ان يشاركوا في الانتخابات وهم الذين اغتصبت إنسانيتهم وعراقيتهم في الفلوجة والرمادي وتكريت..؟!!
كيف يمكن للإنسان العادي أن يقتنع بنتائج انتخابات تجرى تحت البسا طير وعلى مرأى جنازير الدبابات..؟!!
ان ما يشدني حقا ليس نجاح الانتخابات العراقية أو فشلها بل هو كم روح عراقية أرهقت وكم دم عراقي سفك ..!!
يؤلمني .. ان يصبح الدم العراقي رخيصا ..هينا على أهله قبل ان يهون على الغزاة..لأنهم تمزقوا وانقسموا فيما بينهم ولم يوحدهم الفرات والنخيل..!!

لقد كانت بحة الآه العراقية منذ أيام السياب و الغزالي تقطر دما وترتعش وجعا وتنفطر حزنا .وهي اليوم في صوت سعدي يوسف وكاظم الساهر تتجلى وتتكامل مأساة وقهرا بما يستحق البكاء.. والمجد للعراق أولا وثانيا واخيرا .

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل