أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - إبراهيم منصوري - حرامية على -الطريق-














المزيد.....

حرامية على -الطريق-


إبراهيم منصوري

الحوار المتمدن-العدد: 3732 - 2012 / 5 / 19 - 20:57
المحور: كتابات ساخرة
    


إنهم مجموعة من الحرامية يعيشون في مدينة يقال لها المدينة الحمراء. مهمتهم امتصاص الدم الأحمر الساري في عروق من دفعهم الإرهاق ومشاكل الدنيا الفانية إلى التجمع كل عشية لاحتساء كؤوس نبيذ وجعة داخل تلك العلبة الضيقة بالقرب من دار سينمائية مشهورة في المدينة الحمراء. اختير لتلك العلبة الوسخة اسم "الطريق" باللغة الإيطالية، وهو اسم يليق بها إلى حد كبير ما دام مسيرها وكثير ممن يشتغلون معه أقرب في تصرفاتهم مع الزبناء إلى "قطاع طرق" أو "بانديتي ديلا سترادا" بلغة موسيليني وبرليسكوني.

اسم كبير أولائك الحرامية ربما يكون "العدواني" أو "السماوي" أو "العلاوي". من الصعب حفظ اسمه لأن ألسنة الزبناء تكون عادة ثقيلة وملتوية عندما ينادونه باسمه ليطلبوا مزيدا من القوارير المسكرات أو "القوارير" الآدميات. لكل الأسماء الثلاثة معنى؛ فإن كان اسم رئيس الحرامية هو "العدواني" فهو اسم على مسمى لأن أهم سماته العدوانية الجامحة، وإن كان اسمه "السماوي" فلأنه مزهو بنفسه ومتكبر على الجميع كأن هالته تتجاوز السماء بل وكأنه سماء ما طاولتها سماء؛ وإن كان اسمه "العلاوي" فلأنه يتعالى على الزبناء ويعيش على أموالهم التي يسلبها إياهم في كل حين.

حرامية "الطريق" معروفون من كبيرهم إلى أصغر صغيرهم إلا أن الجميع يعرف من بين خدام تلك العلبة أناسا شرفاء وما أقلهم. هؤلاء الشرفاء معروفون بقناعتهم بما يجود عليهم الزبناء من دريهمات ولا يرضون أن يسلبوا الناس أموالهم. إلا أن تخصص أغلب الخدام ومعهم كبيرهم هو سلب ونهب الآخرين من السكارى والصحاة على حد سواء.

تتفنن شرذمة "بانديتي ديلا سترادا" في السرقة الموصوفة في علبة ضيقة غاصة بالقوارير المسكرات و"القوارير الآدميات" والسكيرين الشريبين. في تلك البيئة المقززة، تتعالى الأصوات وتشرب الكؤوس تباعا والسكيرون الشريبون ينادون بأعلى أصواتهم: "رفقا بالقوارير !". تتواصل السرقات وينزل النهب بثقله داخل علبة "الطريق" وبمباركة من السيد "العدواني" أو "السماوي" أو "العلاوي"، كبير "قطاع الطريق" أو "بنديتي ديلا سترادا"، وفي بلد يصبو إلى جلب أكبر عدد من السياح المحليين والأجانب لأنه لا ينتج النفط ولا يملك أسباب التصنيع ولا يعرف كيف يثمن إمكانياته المادية والبشرية.

تنتهي كل ليلة فيحوم حرامية "الطريق" حول زعيمهم لحساب غنيمة اليوم. تقسم الغنيمة بين الحرامية وفق أهمية كل واحد منهم في الشرذمة، فينال الزعيم حصة الأسد ثم يخرج ليمتطي سيارته الفارهة شاقا طريقه نحو بيته العامر وهو يرفل في حلته القشيبة. ينزل الزعيم من سيارته الفخمة والمؤمنون خارجون للتو من المسجد بعد صلاة الفجر. يحييهم أحسن تحية ثم يلج جحره الأنيق ليخلد إلى النوم في انتظار ليلة جديدة وغنيمة جديدة. أما السكيرون الشريبون ممن تبقت لديهم بعض المليمات فينتشرون في المطاعم الشعبية لتناول وجبات من الفول المزيت أو أحشاء وحوافر الماشية في انتظار الخلود إلى النوم.

يستيقظ السكيرون الشريبون قبيل أذان المغرب ثم يتجهون أفرادا وزرافات إلى حيث يرتوون سكرا من جديد. منهم من يعاود الالتحاق بعلبة "بنديتي دي لاسترادا" رغم تعرضهم للسلب والنهب فيها ومنهم من يغير المكان لعله يجد خداما لا يسلبون ولا ينهبون، إلا أن القاسم المشترك بينهم هو اعتقادهم أجمعين أنهم بمعاودتهم للشرب، إنما يسعون إلى إزاحة ما يسمونه بالثمن الشرابي (Drinking Eighth)، أي الثمن المتبقي من دوخة الليلة السابقة. وهكذا، فمنذ الكأس الأولى في حياتهم، يعتقد هؤلاء السكيرون الشريبون أنهم كلما قرروا الشرب فلأنهم يودون إزاحة الثمن الشرابي. إن أول خلاص لهؤلاء لفي الابتعاد عن شرذمة "بنديتي دي لاسترادا" التي تستغل ضعفهم وتسلبهم أرزاقهم. أما قطاع علبة "الطريق"، إذا كان لهم ضمير يؤنبهم، فلن يزاح لهم ثمن مهما شربوا ومهما ارتووا....يا سكيري العالم، كفاكم شربا، وإذا ابتليتم فاجتنبوا علبة "بنديتي دي لاسترادا".



#إبراهيم_منصوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خوارزمية نبيذ وجعة
- كامو في بيت السكارى
- الجميلة والمأزوم
- تسمم غامض بمدينة التراب الغالي
- في رثاء الدكتور عبد المجيد الكوهن
- الثورات في العالم العربي وفساد النخبة المثقفة
- هيا رخمي صوتك فأنت امرأة
- رأس كبش العيد تصبح رأس فتنة
- بابليون حول قطر المربع
- عندما تتسطح القدمان ويلام الغدير
- رجل سلطة يفلسف تاريخ القمح
- أحمق يهزم عاقلا
- عندما يحتضر الفرس وتلام المرأة
- ...وسار على الدرب عاما حافي القدمين
- أربع وعشرون ساعة في أمستردام
- قصة قصيرة ولكنها من الواقع: (الفحام الوقح الجريء: زوجته وأتا ...
- بوكماخ في بلاد السنغال
- ذكرى الوالدة
- في مدح النمو: أشعار في مفهوم غير مفهوم
- قصيدة شوق جديدة: من اللسان الأمازيغي إلى لغة الضاد


المزيد.....




- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - إبراهيم منصوري - حرامية على -الطريق-