أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم منصوري - قصة قصيرة ولكنها من الواقع: (الفحام الوقح الجريء: زوجته وأتانه وأشياء أخرى)














المزيد.....

قصة قصيرة ولكنها من الواقع: (الفحام الوقح الجريء: زوجته وأتانه وأشياء أخرى)


إبراهيم منصوري

الحوار المتمدن-العدد: 3011 - 2010 / 5 / 21 - 04:23
المحور: الادب والفن
    


كان فحام أمي يعيش في قرية من قرى جبال الأطلس المتوسط بالمغرب. كانت مهنته قطع الأخشاب في الغابات االنائية وتحويلها إلى الفحم الخشبي الذي يستعمل بكثرة في التدفئة والطهي. كل وظائف الاقتصاد السياسي مجتمعة في هذا الفحام غريب الأطوار، فهو الذي يجمع المواد الخام ويحولها إلى منتجات جاهزة على شكل فحم خشبي قبل أن يروجها بنفسه في الأسواق البعيدة على متن حمارته التي أضنتها الأسفار التجارية على مر الفصول الأربعة، وذلك من أجل الحصول على مدخول لا يكاد يسد رمقه ورمق عائلته المتكونة من أفراد متعددين. كان الفحام العجيب قد تزوج في سن مبكرة دون تحرير أي عقد زواج متعارف عليه مكتفيا في زواجه بإحضار شهود وقراءة الفاتحة. رزق فحامنا بستة أطفال في بيئة محافظة ومشجعة على التناسل الجامح والنمو السكاني الانفجاري.

كبر الأطفال الستة فتولدت لدى الفحام حاجة إنجاز وثائق إدارية لصالحهم كنسخ الولادة وبطاقات التعريف الوطنية وشواهد الإقامة وغيرها. للحصول على كل هذه الوثائق كان لا مناص للفحام من التوفر على وثيقة زواج. سأل الفحام الأمي بعض معارفه فنصحوه بمقابلة قاضي القرية المعروف بنزاهته وتفانيه في العمل ونزوعه إلى مساعدة الناس وقضاء حاجياتهم الإدارية والقضائية. في يوم من الأيام، استيقظ الفحام باكرا فأشار إلى زوجته بضرورة مرافقته إلى مكتب القاضي لأمر يهمهما. ذعرت الزوجة من الأمر المهم الغامض فاستسلمت للفحام فشرعا في شق الطرق الوعرة المؤدية إلى مكتب القاضي، هو على متن أتانه وهي على رجليها اللتين تآكلتا بفعل الكدح والأمية والجهل ومرور السنوات والأيام. كانت أثناء السير تستعطف زوجها أن يخبرها بسبب قراره المفاجئ بمقابلة السيد القاضي ولكنه تمادى في غيه ولم يعر لاستعطافها وتوسلها أي اهتمام.

وصل الزوجان أخيرا إلى الحي الإداري بعد طول طريق. ربط الفحام أتانه بالقرب من مكتب القاضي ثم أشار إلى زوجته بمرافقته حالا فتبعته بخنوع حتى وقفا بباب القاضي. طلب الفحام من البواب السماح له بمقابلة القاضي فأشار إليه بالانتظار حتى يستشير رئيسه المباشر. عاد البواب للتو مبشرا وداعيا إياه بالتفضل بالدخول لمقابلة القاضي. دعا هذا الأخير الزوجين للجلوس حول منضدة أنيقة وموضوعة بإتقان. بدأ الفحام يسرد قصته و ويبين السبب الذي دفعه لاستشارة القاضي موضحا أنه يريد المساعدة على إنجاز عقد قران بعدما تعذر عليه ذلك قبل ليلة الدخلة التي تعود لسنين خلت. في ذلك الحين، أحست الزوجة كأنها تتخلص من حمل ثقيل كان يجثم على جسدها النحيل. عاتب القاضي الفحام بلطف قائلا: "كيف يعقل أن تتزوج بهذه السيدة دون تحرير عقد نكاح، وكيف ستبين قانونيا أن أطفالك الستة هم أطفالك فعلا؟". ثارت ثائرة الفحام فأزبد فمه وتجهم وجهه وتجرد من سرواله التقليدي ثم أخرج جهازه التناسلي وشرع في ضربه يمينا وشمالا على المنضدة الأنيقة على مرأى ومسمع من القاضي ورئيس كتابة الضبط والزوجة قائلا بنبرة حادة وبلغة أمازيغية واضحة: "وهذا؟ وهذا؟ وهذا؟... هل هو موجود أم لا؟ هل الأطفال الستة أطفالي أم لا؟ إنهم كلهم لي وأنا لهم وهذا هو البرهان، هل فهمتم؟ هيه، هيه !!...". لم تستطع الزوجة كتم ابتسامتها وعزتها مع التظاهر بالحشمة والخجل. أشار القاضي إلى الفحام ببرودة دم قل نظيرها بضرورة إدخال نصفه السفلي في سرواله السرمدي. امتثل الفحام لأوامر القاضي مضيفا "أينما وجدتم شخصا بعثتموه إلى قريتنا ليطعن في شرفنا ورجولتنا وفحولتنا". أخذ الفحام زوجته بقوة وخرج معها وإزباده متفاقم. قدم القاضي مثالا حيا للرزانة وحسن التعامل مع شخص وقح كان يعرف عنه القاضي أميته وجهله وفقره وحساسيته تجاه كل ما يتعلق بمسائل الشرف. فك الفحام قيد أتانته وامتطى ظهرها ثم نادى زوجته بصرامة فتبعته بخطى حثيثة فاختفيا وسط أشجار اللوز والزيتون عائدين إلى قريتهما النائية. كان دائما يمتطي أتانه بينما تسير هي كما العادة على رجليها الداميتين...



#إبراهيم_منصوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بوكماخ في بلاد السنغال
- ذكرى الوالدة
- في مدح النمو: أشعار في مفهوم غير مفهوم
- قصيدة شوق جديدة: من اللسان الأمازيغي إلى لغة الضاد
- في مدح صاحب الجلالة أصل النمو: حفنة أشعار في مفهوم الادخار
- شركات الأمن الخاص بالمغرب: احترافية متدنية واستغلال بشع للعم ...


المزيد.....




- فرح الأولاد وثبتها.. تردد قناة توم وجيري 2024 أفضل أفلام الك ...
- “استقبلها الان” تردد قناة الفجر الجزائرية لمتابعة مسلسل قيام ...
- مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت ...
- المؤسس عثمان 159 مترجمة.. قيامة عثمان الحلقة 159 الموسم الخا ...
- آل الشيخ يكشف عن اتفاقية بين -موسم الرياض- واتحاد -UFC- للفن ...
- -طقوس شيطانية وسحر وتعري- في مسابقة -يوروفيجن- تثير غضب المت ...
- الحرب على غزة تلقي بظلالها على انطلاق مسابقة يوروفجين للأغني ...
- أخلاقيات ثقافية وآفاق زمنية.. تباين تصورات الغد بين معمار ال ...
- المدارس العتيقة في المغرب.. منارات علمية تنهل من عبق التاريخ ...
- تردد قناة بطوط كيدز الجديد 2024 على نايل سات أفلام وأغاني لل ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم منصوري - قصة قصيرة ولكنها من الواقع: (الفحام الوقح الجريء: زوجته وأتانه وأشياء أخرى)