مازن فيصل البلداوي
الحوار المتمدن-العدد: 3730 - 2012 / 5 / 17 - 23:08
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
بقلم:روبرت لانزا
صحيفة الهافنكتون بوست-12/8/2009
ترجمة:مازن فيصل البلداوي
يصاب الكثير منّا بالرعب عند ذكر الموت،فنحن نؤمن بالموت بسبب انه تم أخبارنا مسبقا بأننا سنموت!لأن أنفسنا مرتبطة بالجسد،ونحن نعلم بأن الأجساد تموت،الا انه تطل علينا نظرية علمية جديدة تقول بأن الموت لايعد المحطة التي نتصورها ونتخيلها.
أن احد الجوانب المعروفة جيدا في(فيزياء الكم) تقول انه لايمكن التكهّن برصد الأشياء لدرجة دقيقة وقطعية،الا ان هنالك مدى معين يكون فيه هذا الرصد ممكنا لكنه يختلف من حالة الى أخرى بحسب الأحتمالات المرتبطة بتلك الحالة.،واذا القينا نظرة على احد التفاسير لهذا الأتجاه التفكيري، نجده يتمثل في موضوع(العوالم المتعددة) والقائل بأن كل واحد من هذه الأحتمالات الممكنة سيتوافق مع كون او فضاء مختلف وهو مايدعى بالتعدد الكوني.
ان النظرية الجديدة التي تدعى بالـ(بايوسنترزم)تعمل على تكرير وتنقية هذه الأفكار.فهنالك عدد لانهائي للأكوان وكل الأشياء الممكن حدوثها(مايقع تحت الممكن) يمكن ان تحدث في بعض هذه الأكوان،وهنا فأن الموت يعتبر حالة لانراها موجودة في أي من هذه السيناريوهات.
ان كل الأكوان الممكن وجودها تظهر او تكون بشكل متشابه بغض النظر عما يحدث فيها،وبالرغم من ان الأجساد المفردة تتجه الى حالة التدمير الذاتي،فأن شعور الأنسان الحي والذي نستطيع وصفه بالمتسائل دائما( من أنا؟) لايمثل الا ينبوعا صغيرا من الطاقة يقدّر بـ 20 واط فقط من مجموع الطاقة العاملة في الدماغ.
الا ان هذه الطاقة لا تتبدد عند الموت،وان اخد اكثر البديهيات تأكيدا في العلم تقول ان الطاقة لاتموت ابدا،وهي كذلك لايمكن خلقها كما لايمكن تدميرها، والسؤال هنا.........هل ان هذه الطاقة تنتقل من عالم الى عالم آخر؟
واذا ذهبنا لألقاء نظرة على تجربة تم اجراءها حديثا ونشرت في (نشرة العلم) توضح لنا ان العلماء يستطيعون ان يغيروا شيئا قد حدث في الماضي وبأثر رجعي. أقول ان على الجسيمات(يقصد هنا الفوتونات الضوئية) ان تقرر آلية تصرفها عند ارتطامها بمشتت الحزمة الضوئية(تجارب نظرية الكم*)،وبعد ذلك فأنه بمقدور صاحب التجربة ان يدير مفتاحا آخر على وضع التشغيل او الأطفاء،ونستنتج منها ان ماقرره المراقب للتجربة في تلك النقطة هو ذاته القرار الذي اتخذته الجسيمات في الماضي اي قبل الوصول الى النقطة المعنية.
وبغض النظر عن ماهية اختيارك او اختيار المراقب المذكور،الا انك ستتعامل مع النتائج المتحققة بكل تأكيد،ومن هنا نقول بأن العلاقات بين التواريخ والأكوان المختلفة يفوق طبيعة تصورنا حول الفضاء والزمن،حاول تصور تلك الطاقة المقدرة بـ 20 واط وانت تشاهدها ساقطة بشكل هلامي على (شاشة هوائية**)او تراها على شاشة اعتيادية كصورة واضحة مثل باقي الصور.
فحسب نظرية الـ(بايوسنترزم)،فأن الفضاء والزمن لايعدان العوامل الصلبة المطلقة كما نعتقد،جرب معي وحرّك يدك في الهواء،فاذا ما استطعت أزاحة كل شيء... اذا! ما الذي سيبقى؟
ونفس الشيء ينطبق على الزمن،ولننظر للأمر كالآتي: انك لاتستطيع ان ترى اي شيء من خلال القطعة العظمية التي تحيط بدماغك(الجمجمة)،الا ان كل شيء تراه وتتشعر به الآن عبارة عن دوامة من المعلومات تتمثل في عقلك،وببساطة...فأن الفضاء والزمن هما الأداتان التي تقوم على جمع الأشياء مع بعضها البعض.
الموت غير موجود في حالة العالم اللافضائي و اللازماني،وفي النهاية حتى أينشتاين اعترف قائلا: الآن...(رحل بيسو-صديق قديم له-من هذا العالم الغريب قبلي بقليل).هذا يعني لاشيء!،ان الناس ممن هم مثلنا يعلمون ان الأختلاف بين الماضي والحاضر والمستقبل ماهو الا وهم متكرر بصورة عنيدة.أن مفهوم الخلود لايعني الوجود الأبدي الدائم في زمن بلا نهاية،الا انه يعطي اشارة تفيد بامكانية التواجد خارج الزمن بشكل كلي.
كان هذا الأمر واضحا في حالة موت أختي كريستين،فبعدما شاهدت جسدها في المستشفى،طفقت عائدا لأحدّث افراد العائلة،بدأ زوج كريستسن وأسمه-أد- يتنهّد ويتحسّر بشكل لاشعوري،ولعدة لحظات شعرت وكأني اتجاوز المفهوم الضيق للزمن،وفكّرت بتلك الطاقة ذات الـ 20 واط،وفكرت بالتجارب المخبرية التي بينت كيف ان جسيما واحدا يستطيع المرور من خلال ثقبين في الوقت نفسه،وبهذا فأني لم استطع ان أدفع بالأستنتاج المتحصل من هذا كله وهو، ان كريستين كانت بحالتي الحياة والموت في آن واحد ولكنها خارج الزمن.
لقد عانت كريستين من حياة قاسية الا انها في النهاية وجدت رجلا أحبّته جدا، وعلى الرغم من ان أختي الصغرى لم تستطع حضور حفل زواجها بسبب ارتباطها بـلعبة ورق! والتي قد تم تعيين وقتها قبل عدة أسابيع،وكذلك كانت والدتي التي لم تستطع الحضور بسبب ارتباطها بموعد مهم في نادي ألكس،وقد كان يوم الزواج واحدا من أهم الأيام في حياة كريستين ولأنه لم يكن هنالك أحد آخر قد حضر من افراد عائلتنا،فقد طلبت مني كريستين بأن آخذ بيدها عبر الممر المخصص لسير العروسين حتى أوصلها الى المنصة التي يتم عقد الزواج عندها حيث يقف عريسها.
بعد ان تمت مراسيم حفل الزواج بوقت قصير،توجه كل من كريستين و أيد مستقلين سيارتهما متوجهين الى بيت الأحلام الذي اشترياه للتو،عندما ارتطمت سيارتهما بقطعة من الثلج الأسود(الثلج الأسود هو الحالة التي يكون عليها الثلج بصورة نقية الى درجة تجعله شفافا و غير مرئي ويشكل هذا النوع من الثلج خطرا داهما لسائقي السيارت على الطرق خاصة في الأجواء الباردة والمثلجة)،ادى الصطدام الى قذف كريستين الى خارج السيارة لترتمي على جانب الشارع المكتسي بالثلج الأبيض، يقول أد زوجها........(لقد قالت: لاأستطيع الأحساس برجلي!) وفي الحقيقة انها انها لم تعلم ان كبدها قد تمزق الى نصفين وان الدماء تتدفق الى الغشاء الصفاق الشفاف داخل منطقة البطن.
يقول رالف والدو أيمرسون(أديب وشاعر وكاتب مقال أميركي/1803-1882 ) بعد حادثة وفاة أبنه،انا احزن لأنه ليس باستطاعة كمدي ان يعلمني او يدفعني خطوة واحدة نحو الطبيعة الحقيقية.
لذا،فأذا ماتم عكس وضع مفتاح التشغيل لتجربة العلم،او كان بالأمكان تدوير عجلة قيادة السيارة التي كانت بها كريستين قليلا لأبعادها عن الثلج الأسود،فستبقى تلك الطاقة ذات الـ 20 واط هي التي ستتلقى النتائج.ففي بعض الحالات قد تذهب بها السيارة الى خارج الطريق اذا ما ادرنا عجلة القيادة قليلا،لكن في حالات اخرى نجد السيارة ستستمر بالسير على الطريق حتى تصل الى بيت احلام أختي..
لقد فقدت كريستين قريبا 100 جنيه،وكان زوجها.. أد،قد فاجئها عندما اشترى لها زوجا من اقراط الأذن الماسية،سيكون من الصعب جدا الأنتظار،الا اني اعلم بأن كريستين ستبدو رائعة عندما اراها في المرة القادمة وهي ترتدي هذه الأقراط.
خلاصة:
____
يطرح روبرت لانزا هنا نظرته وتحليله الى ان الموت هو حالة غير موجودة في الحقيقة انظلاقا من نظريته حول البايوسنترزم،التي لها آراء في موضوع الزمان وتعدد الأكوان،وهنا يعتبر موضوع الطاقة هو الموضوع الأول والأخير في كل هذه المعادلة الحياتية،ويناقش عن بعد مسألة انتقالها الى كون آخر او عالم آخر تعود فيه هذه الطاقة ذات الـ 20 واط لتكون في شيء آخر اما ان يكون جسدا او تتحد مع طاقة أخرى او تأخذ شكلا آخر من أشكال التحول.
تحياتي
المقال السابق
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=278029
تجربة الحزمة(الشعاع)الضوئي:*
ماذكره الفيزيائي جون غريبن في كتابه(هريرات شرودنغر والبحث عن الحقيقة)على الصفحة رقم 140 والتي يتم فيها تمرير حزمة من الفوتانات الضوئية خلال مشتت ضوئي وعند منتصف الجهاز يتم تغيير معطيات الجهاز بطريقة عشوائية بواسطة كومبيوتر.
http://www.dontveter.com/qi/cramer.html
شاشة هوائية**
http://www.exhibitresearch.com/infocomm/holo.jpg
#مازن_فيصل_البلداوي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟