أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد قانصو - قانون سكسونيا !..














المزيد.....

قانون سكسونيا !..


محمد قانصو

الحوار المتمدن-العدد: 3730 - 2012 / 5 / 17 - 16:59
المحور: حقوق الانسان
    


قانون سكسونيا !..




.. من غرائب التاريخ البشريّ ومبتدعات الأمم في العصور السالفة ما كان يعرف بقانون "سكسونيا " وهو قانون ابتدعته حاكمة مقاطعة سكسونيا, إحدى المقاطعات الألمانية القديمة في العصور الوسطى.
وبموجب هذا القانون فإنّ المجرم يُعاقب بقطع رقبته إن كان من طبقة "الرّعاع"ـ الرّعاع هم عموم أفراد الشّعب الذين لا ينتمون إلى طبقة النّبلاء ـ أما إن كان المجرم من طبقة النبلاء فعقابه هو قطع رقبة ظلّه! بحيث يُؤتى "بالنبيل المجرم" حين يستطيل الظّل بُعيد شروق الشمس أو قُبيل مغربها، فيقف شامخاً منتصب القامة، مبتسما, ساخراً من الجلّاد الذي يهوي بالفأس على رقبة ظلّه، ومن جمهور "الرّعاع" الذي يصفّق فرحاً بتنفيذ "العدالة"!..
وهكذا فإنّ السّارق لو كان من الكادحين, والمغلوب على أمرهم يُزجّ بالسّجن ويُعاقب نتيجة لقيامه بالسّرقة, أمّا سادة القوم لو سرق أحدهم فلا يُصاب بأيّ أذى لأنّ ظلّه هو من يُحاكم ويُزجّ بمحاكمة صوريّة وراء القضبان!..
ما أشبه هذا القانون البائد بما هو سائد عندنا من قوانين, وما أعظم الفرق بين شعوب كان يحكمها قانون سكسونيا لكنّها استيقظت وناضلت للوصول إلى العدالة, وبين شعوب تجتّر التاريخ المظلم وترضى بحكم الجور عليها وعلى أجيال ستأتي بعدها ..
ربما يجدني البعض متجنّياً, أو مبالغاً في تصوير الواقع وإطلاق الأحكام, وإنّي لأعذر هذا البعض المستغرق في التفاؤل, أو النّائي بنفسه عن ساحة الأحداث ..
ولكن بالله عليكم يا أصدقائي قولوا لي أليس قانوناً سكسونياًّ ذاك الذي يجرّم الفقير لفقره ويتجاوز عن الغنيّ لغناه ؟
أليست سكسونيا الحديثة تلك التي يكون فيها الزعماء فوق العدالة, وفوق القانون, وفوق الشبهات؟!..
أليس قضاءً سكسونياًّ ذاك القضاء الذي يسجن سارقاً دفعه العوز والجوع إلى السّرقة ويترك كبار اللصوص دون حسيب أو رقيب ينهبون أموال الشعب ليلاً ونهارا؟
أليس قضاءً هشّاً, وضعيفاً, وتابعاً, ومسيّساً, ذاك الذي يعجز عن محاسبة الجناة, وكفّ أيدي المعتدين ؟!
ألسنا نعيش في وطن سكسونيّ تُجبى فيه الضرائب حصراً من المعدمين الضعفاء, ويطبّق القانون على فئة دون أخرى باستنسابيّة وانتقائيّة واضحتين ..
ماذا تسمى الدّولة التي يترأسها النّبلاء, وأولادهم, ونساؤهم, ويبنون إمبراطورياتهم الماليّة وعروشهم المخمليّة, ويستخفّون بكرامات النّاس, وآمالهم, وأحلامهم, وينسجون لهم من خيوط الخداع وطناً من سراب ؟.
أليست دولة سكسونيا تلك التي يحكم فيها أمراء الحرب, المقامرون, تجّار المال والدّم, المتنافخون الفارغون, ويُهمش فيها المفكرون والمبدعون, ويُسجن الأحرار, وتُعتقل الحريّة, وتُشترى الصحافة,
وتُباع المواقف, ويُصبح الحكم وراثيّا, وتداول السلطة خياليّا ؟.
أيّ وصف يليق بدولة يُزج فيها اسم الله خلف المتاريس المذهبيّة, وتُستبدل المواطنة بالطائفيّة؟..
سكسونيا القديمة لم تزل تستوطن عقول الكثيرين فكراً بدائيّاً ماضويّا, ولم تزل تتربّع على قوس القضاء حكماً سلطويّاً استبداديّا ..


بقلم : الشيخ محمد أسعد قانصو
[email protected]



#محمد_قانصو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ! whatsapp
- أقنعة ..
- وطن الوصاية .. لست هنا !!..
- وحدة إسلاميّة بغير شروط ..
- رحمةً بعقولنا ..
- الإسلام المعاصر وتحدّيات الواقع..
- رسالة إلى العام الجديد ..
- النّاس ..
- صناعة الحبّ..
- أنتَ طالق !..
- الجنّ البريء!..
- في بيتنا إنترنت ..
- نبيل ..
- لقاء الخميس ..
- أبو كريم ..
- الإسلام السياسيّ في قفص الاتهام!.
- الشخصانية
- الشعوب العربية بين مطرقة الديكتاتورية وسندان الاستعمار
- المدائن ..
- دويلة الحشيشة في لبنان!..


المزيد.....




- إسرائيل أم حماس.. من يعرقل اتفاق الهدنة بغزة وصفقة تبادل الأ ...
- نتنياهو يصف مذكرات الاعتقال المرتقبة من الجنائية الدولية بال ...
- الأمم المتحدة تتهم إسرائيل برفض دخول المساعدات لغزة وسط تحذي ...
- مفوض الأونروا: إسرائيل رفضت دخولي إلى غزة للمرة الثانية خلال ...
- إسرائيل أم حماس.. من يعرقل اتفاق الهدنة وصفقة الأسرى؟
- غانتس: استعادة الرهائن تتطلب منا كبح الغضب في إطلاق سراح الأ ...
- مفوض الأونروا: إسرائيل رفضت للمرة الثانية السماح لي بدخول غز ...
- للمرة الثانية.. السلطات الإسرائيلية تمنع مفوّض أونروا من دخو ...
- بهدوء ودون اعتقالات.. تفكيك مخيم المحتجين بجامعة ساوث كاليفو ...
- البرازيل تسارع الزمن لإغاثة المتضررين من فيضانات خلفت نحو 70 ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد قانصو - قانون سكسونيا !..