أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - أوديب على أبواب دمشق














المزيد.....

أوديب على أبواب دمشق


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 3730 - 2012 / 5 / 17 - 11:52
المحور: الادب والفن
    




سؤالُ اليوم:
قد يبدو من السذاجة، أو ربما البلاهة، أن يَطرح أحَدُنا عل الآخرين مثلَ هذا السؤال: " من هوَ السوريّ؟ ". إلا أنه، على كل حال، سؤالٌ أظن أنه يَتبطنُ اليومَ، أكثرَ منه في أيّ يوم مضى، سريرَة الكثير من السوريين. من ناحية أخرى، فثمّة أسئلة لا جوابَ لها؛ والسؤالُ ذاكَ، هوَ من بينها على ما أعتقد. ليسَ في الأمر عَبَثٌ، أو حتى مُفارقة. ولا يَخطرنّ ببالكم، أيضاً، أنه سؤالٌ فلسفيّ، وجوديّ.
ومن النافل القول، بأنني لا أمتلكُ من جانبي جواباً قط. ولكن، حتى لوَ زعمَ أحدُهُم أنه لديه هذا الجواب، فإنه سيكون مُشاركاً مع من طرحَ السؤال بالشبهة نفسها؛ المَوْصوفة في بدء القول.

أوديبُ يُجيب:
يُروى أنه قبلَ زمَن " الأبّ القائد "، ببضعة ألوف من الأعوام، كان ثمّة سؤالٌ شاءَ أن يُحيّرَ بلداً فقدَ للتوّ مَلِكَهُ. إنّ هَوْلَة ( أو لنقل أنها غولٌ، مثلما تدعى عندنا في المَشرق )، كانت قد رَبَضتْ أمام مَدخل البوابَة الوحيدة لسور ذلك البلد، مانعة ً أيّ انسان من الدخول، أو الخروج، إلا بعدَ أن يُجيبَ على سؤال مُحدّد. ومَن يُخفق في الإجابة، كان يلقى مَصرعه على الفور. وقد قتلَ، على ما يبدو، جميعُ من تعثرَ حظهم ومرّوا بهذا الامتحان، العجيب. بتدبير إلهيّ، أو ربما بمَحض الصدفة، جاءَ الشابّ الغريبُ " أوديب "، من خارج البلد، ولم يلبث أنّ حلّ المسألة بجوابٍ بسيط. فقررَ الأهالي، المُستبشرون بالخلاص من تلكَ الغول، أن يَجعلوا مُنقذهم مَلكاً جديداً.
ولكن، ما لم يَخطر ببال أولئكَ الناس، أنّ هذا المُنقذ كانت لديه عقدة " قتل الأبّ "، المُزمنة؛ وأنه سيَجلبُ لمدينتهم شراً أعظم بكثير مما شكّلته الغولُ. حلّ الطاعون، إذن، في المَملكة بعدَ عقدٍ من الأعوام، ثمّ عمَّ في أرجائها الموتُ والخراب. فكان لا بدّ لسؤالٍ آخر، أكثر خطورة، أن يَجولَ هَمْساً بين الخلق: مَن هوَ هذا الغريبُ، الذي سلّمناهُ مفاتيحَ بلدِنا دونما أن نعرف عن ماضيه شيئاً..؟

سؤالُ الأزل:
حينما كنتُ فتىً، في ذروَة غرور ثوريّتي، المُتمَرْكِسَة، اعتدّتُ على تنكيد أترابي المؤمنين بهذا السؤال: " مَن خلقَ الإله..؟ ". فكان هؤلاء يردّون، وليسَ بدون استياء، مُرددين الآيَة الكريمة، القائلة بأنّ الله لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد.
بيْدَ أنني، بطبيعة حالي وقتئذٍ، ما كنتُ لأهدأ. فما أفتأ، غيرَ مُقتنع بذلك الجواب، أن أعاود المُساءَلة المُناكِدَة: " إذا لم يَلِده أحدٌ، فنحن على الأقل نعرفُ من وَلِدنا. وبالتالي، فلا حاجة لنا، نحن أيضاً، أن نعرف كيفَ خُلِقَ الكونُ ومتى..؟ ".

الأبّ القائدُ يُجيب:
في سورية ما بعد الخامس عشر من آذار، المَعلوم؛ في المملكة الأسديّة، إذن، يَتمّ على نطاق واسع نشرُ ثقافة تأليه الحاكم. هذا الأخير، ومن خلال ردّه العلنيّ ذات مرّة، وباستخفافٍ شديد، على سؤال الشيخ البوطي عن تلك " البدعة "؛ فإنه ظهَرَ وكأنه سَعيدٌ وفخورٌ أن يَكتشفَ بأنّ رَعيّته تحبّه حتى العبادة.
ولكنّ التوجّه الرسميّ، الإعلاميّ على الأقل، ما زالَ يصرّ على أنّ بشاراً هوَ " الأبّ القائد ". وبما أننا لسنا رَعيّة لحاكم صليبيّ، والحمدُ لله، فمن غير المُجدي الجَزم بأنّ " أبانا الذي في السموات " لا شأن له مع أبينا هذا الذي في... الأرض.

سؤالُ الساعة:
يبقى ثمّة سؤالٌ، بلا مَعنى للحق؛ بما أنّ حاكمَنا مؤمنٌ وَرعٌ يؤدي الصلاة، كلّ عيد، في هذا المسجد أو ذاك وبرفقة بوطي نفسه.. أعني، سماحة الشيخ البوطي. ولكنه سؤالٌ، على كلّ حال، برَسْمِ أولئك الذين يَعبدون بشاراً: كيف يُمكن أن يكون إلهاً، مَن تعرفون له أمّاً وأباً..؟
فالوالدة، استطراداً، هيَ عمّة " المُحْسِن الأكبر "، الذي تبرع بملياراته من الدولارات لفقراء أوروبة وأمريكة؛ والوالدُ، كان ابناً لذاك " المُجاهد الأكبر "، الذي طرَدَ المستعمرين الفرنسيين من جبال العلويين بعدما سبق ووجّه لهم رسالة شديدَة اللهجة. نعم، استضـ... استطراداً.

لا أحَد يُجيب:
الملكُ أوديب، قتلَ أباه وتزوّج أمّه؛ إلا أنّ المَسألة الأهمّ في التراجيديا الإغريقية، أنه نجحَ في امتحان الإجابة على سؤال تعلّقَ به مصيرُ بلدٍ بأسره.
الملكُ بشار، جلّ جلاله، لم يقتلَ أباه ولم يتزوّج أمه؛ بيْدَ أنه، وهذا هوَ المهمّ في الكوميديا السورية، قتلَ آلاف الآباء والأمهات.. والأطفال. وهوَ، إلى ذلك، جعلَ جماهيرَه تؤمن بألوهيّته، ودونما حاجة منها لمعرفة معميّات الخلق والتكوين.
ولكن، أما كان يَجدُرُ، حقا، بتلك الغول أن تطرَحَ هذا السؤال: مَن هوَ السوريّ..؟؟
[email protected]




#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكاية كتاب 3: التجربة
- حكاية كتاب 2: الرّحلة
- حكاية كتاب: الاكتشاف
- طيورُ الظلام: اسلامٌ مُسيّس وفساد سلطويّ
- فيلمُ الغموض والغرابة
- أسمَهان 2012؛ لحنٌ لم يَتمّ
- الفعلُ الشعبيّ في فيلم رَيا وسُكينة
- المطبخ التركي
- مُريدو المَسجد
- ذكريات اللاذقية 2: جبل الأكراد
- أدونيس؛ مفرد بصيغة الطائفة
- أنا القائد الكاريزمي
- دبّوس السلطان
- ذكريات اللاذقية: شيخ الجبل
- استفتاء فني، إفتاء سياسي
- شذرات؛ زمن الشبيحة وزمن شبيه
- الثقافة العربية وأضرابُها: أوجُه شبَه
- عشرة أعوام مع الموت
- كردستان العراق: مافيا الثقافة
- مأساة الممثل محمد آل رشي


المزيد.....




- في ذكرى رحيل فلاح إبراهيم فنان وهب حياته للتمثيل
- الفنان صبيح كلش .. حوار الرسم والتاريخ
- مرتديًا بذلته الضيقة ذاتها .. بينسون بون يُصدر فيديو كليب سا ...
- -الزمن المفقود-.. الموجة الإنسانية في أدب التنين الصيني
- عبور الجغرافيا وتحولات الهوية.. علماء حديث حملوا صنعاء وازده ...
- -بين اللعب والذاكرة- في معرض تشكيلي بالصويرة المغربية
- مفاجأة علمية.. الببغاوات لا تقلدنا فقط بل تنتج اللغة مثلنا
- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - أوديب على أبواب دمشق