أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - حكاية كتاب 2: الرّحلة














المزيد.....

حكاية كتاب 2: الرّحلة


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 3725 - 2012 / 5 / 12 - 02:22
المحور: الادب والفن
    



1
كونه كتاب مغامَرات، فإنّ الثيمة الأساس في " الكونت دي مونت كريستو "، تظهره لنا وكأنه حكاية كنز. والمؤلفُ، اسكندر دوماس، معروفٌ بأنه كان أشهرَ من كتبَ روايات المغامَرة بهذا المَنحى المُلغِز؛ كما في " الفرسان الثلاثة "، " الملكة مارغو " و " ذو القناع الحديدي ". لا غرابة، إذن، أن ينشدّ غلامُ العشر سنوات ( الذي كنتهُ ) إلى تلك الرواية المُمَزقة، التي انتشلها وقتذاك من لجّة النهر، وأن ينبهرَ من ثمّ بأسلوبها الشائق وفكرتها المُثيرة.
على المنقلب الآخر من القول، يمكن مُلاحظة كيفَ أنّ المُصادفة التي هيأت لي الاهتداء إلى رواية " الكونت دي مونت كريستو "، قد قادت خطوي أيضاً إلى رحلتيْن؛ احداهما فعليّة، والأخرى مَجازيّة. الأخيرة، سبق أن فصّلتُ أمرها في الحلقة الأولى من هذه الحكاية، عندما وَجدّتني بمَعنىً ما أتحوّل بنفسي إلى صفة " الراوي ".
أما بشأن رحلتي الفعليّة، فإنها لا تقلّ غرائبيّة عن رحلة بطل تلك الرواية، موضوع بَحثنا، إلى الكنز المَدفون في أحد كهوف جزيرة " مونت كريستو ". دونما أن أسلو، مع ذلك، الاختلافَ البَيّن بينَ رحلتيْنا: إذ أبحرَ بطلُ الرواية، " مونتس "، بقارب بحريّ مع ثلة من مهرّبين، التقى بهم عَرَضاً، وصولاً للكنز الذي كان بانتظاره ثمّة. فيما أنّ " بطل " هذه الحكاية اعتمدَ على رجليْه كوسيلة نقل، وكذلك على رفقة عصبَة أصدقاء، في الطريق نحوَ الهدف المَنشود، الخائب على كلّ حال.

2
عليّ التنبيه منذ البدء، بأنّ حكاية " رحلة الكنز " كنتُ قد فصّلتها في الجزء الأول من سيرتي الذاتية. بَيْدَ أنني هنا، سأحاولُ التركيز على مَغزى تشابُهِ هذه الرّحلة مع تلك، التي قامَ بها بطلُ رواية اسكندر دوماس. ولا مَرام بأنها مَحضُ مصادفة، أن يُقارن صديقُ طفولتي الأثير، " آدم "، بين ذاكَ البطل وما يُمكن وصفه بـ " قرين " له في الحارَة.
في رواية " الكونت دي مونت كريستو "، نقرأ عن السّجين الكهل، الذي كان كاهناً مُعتبراً قبلاً، ثمّ أضحى موضوع سخرية حرّاس السّجن لكونه مَهووساً بفكرةِ كنزٍ، كان يزعمُ لهم أنه دفنه في موضع سرّي واعداً إياهم بنصفِهِ إذا ما أعانوه على الهرَب من المعتقل. ثمّ ما عتمَ الكهلُ أن فاتحَ زميله السّجين، مونتس، بهذا السّر مانحاً إياه ورقة تحتوي على مخطط ما ادعى أنه " كنز جزيرة مونت كريستو ". والمفترَض أن هذا الكنز، بحسَب المُخطط، مدفونٌ في كهفٍ تحت الأرض ويمكن الاهتداء إليه بتتبع علاماتٍ مُعيّنة. على أن مونتس، في آخر المطاف، لم يتمكن من تحقيق حلم جاره السّجين إلا بعد موت هذا الأخير؛ حيث عمَدَ إلى الحيلة لكي يفلتَ من السّجن المنعزل، الرهيب.
وإنه جارنا في الزقاق، الذي كان يَمتهنُ وظيفة الحارس الليليّ، من اشتهرَ آنذاك بهوَسِهِ، الأخرق، المُداور حولَ البحث عن الكنوز. " حسّو شكري " هذا، لم يلبث بنفسه، وعلى سبيل الاتفاق أيضاً، أن استدعاني في يوم آخر، مع شقيق " آدم "، لكي ننقل له إلى الورق الأبيض معلوماتٍ من كتابٍ غابر، أغبرَ الصفحات ـ كسِحْنة صاحبه. وبما أن كلا الولدَيْن، المَعنيَيْن، لم يكن قد تجاوز الدزينة من أعوام عمره، فلا ريبَ أن حارسنا لم يَحتط جيّداً: فما أن غابَ هذا، لكي يوصي بالشاي لنا، حتى اهتبلَ صديقي السانحَة لكي ينتزع ورقة من مجلّد الكنوز، الخطير الشأن ـ كذا ـ فيدسّها في جيبه. وما طمأنني، إثر وَهلة الذعر الأولى، أنّ صفحات الكتاب ما كانت مُرَقمة. أما الورقة تلك، المَسروقة، فكانت تحتوي على ما دَعته سرَّ " كنز مَعْرَبا ". المخطط، كان يشيرُ إلى علامة مُحدّدة، تؤدي لكهفٍ واطيء قد تمّ فيه دفنُ هذا الكنز، المَزعوم.

3
" معربا "، بلدة تقع إلى الشمال من حيّنا الدمشقي، " ركن الدين "، وعلى خط الطول ذاته، يفصل بينهما جبل قاسيون؛ وهيَ تتبعُ إدارياً منطقة " التل ". في زمن الطفولة، أيْ عندما هُرعنا في الطريق إليها، لم تكن " معربا " سوى قرية صغيرة، مَنسيّة، كما أنها بدتْ لنا بعيدة جداً عن الشام. وإذن، كانت تلك هيَ المرّة الأولى، التي أقوم فيها بالذهاب إلى خارج المدينة، مُستعملاً قدَمَيّ وسيلة تنقل ـ كرحّالة مُغامر.
لم نعثر ثمّة، مثلما سَيُخمّن المَرءُ، على الكنز الموعود؛ هذا بالرغم من نجاحنا، ربما، في الاهتداء إلى الكهف المطلوب: فإذ كانت العلامة تلك، المَوْسومة، هيَ صخرة مخروطية الشكل تقبع " مغارة علي بابا " هذه بالقرب منها؛ فإن أكثرَ من كهفٍ، في جبل مثل قاسيون، من الجائز له أن يستوفيَ هكذا شرط. ولكن، لئن ظفرَ بطلُ رواية " الكونت دي مونت كريستو " بكنزه، مُقابل خيبتنا نحنُ عصبَة الزقاق المُغامِرَة؛ فإنني شخصياً كنتُ الوحيد بينهم من عادَ بتذكار: في ذلك الكهف، اصطدمتْ يدي في العتمة بحَجَر مُدبّب الحواف، يبلغ حجمَ الكفّ. فما أن عَرَضته خارجاً للنور، حتى تبيّنَ أنه كسرَة من صخر البازلت، على الأرجح، فيه نقشٌ مُبهم الملامح يمثلُ شكلَ الصّليب، أو ربما الخنجر.
خلال فترة إعداد هذا المقال، تصفحتُ ما جاءَ في موقع ويكيبيديا، بخصوص بلدة " معربا "، علّني أحاط بما جدّ فيها من تطورات. وبغض الطرف عن ندرة المعلومات في ذلك الوقع، فإن ثمّة ملاحظة استوقفتني؛ وهيَ أنّ البلدة تحتوي على آثار من العهد الروماني. فتساءلتُ عندئذٍ، ما إذا كان تذكارُ الكهفِ يعود إلى زمن أسلافنا أولئك..؟
وعلى أيّ حال، فإنّ ذاكَ الحجرَ، المَنحوت، بقيَ بحوزتي زمناً، ثمّ اختفى من بعد، فجأة. لقد شاءَ هذا الأثرُ الآبدُ أن يُفقدَ من منزلٍ، اعتادتْ والدتي على وَصفِهِ بالقول إيجازاً: " في بيتنا، لا بدّ للجَمل نفسه أن يَضيع ".
للحديث صلة..
[email protected]



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكاية كتاب: الاكتشاف
- طيورُ الظلام: اسلامٌ مُسيّس وفساد سلطويّ
- فيلمُ الغموض والغرابة
- أسمَهان 2012؛ لحنٌ لم يَتمّ
- الفعلُ الشعبيّ في فيلم رَيا وسُكينة
- المطبخ التركي
- مُريدو المَسجد
- ذكريات اللاذقية 2: جبل الأكراد
- أدونيس؛ مفرد بصيغة الطائفة
- أنا القائد الكاريزمي
- دبّوس السلطان
- ذكريات اللاذقية: شيخ الجبل
- استفتاء فني، إفتاء سياسي
- شذرات؛ زمن الشبيحة وزمن شبيه
- الثقافة العربية وأضرابُها: أوجُه شبَه
- عشرة أعوام مع الموت
- كردستان العراق: مافيا الثقافة
- مأساة الممثل محمد آل رشي
- لا فتى إلا علي فرزات
- حكايتي مع حزب الله واغتيال الحريري


المزيد.....




- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - حكاية كتاب 2: الرّحلة