أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سعيد مضيه - بصراحة عن اليسار في فلسطين















المزيد.....

بصراحة عن اليسار في فلسطين


سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 3729 - 2012 / 5 / 16 - 19:52
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    



الخصومة العبثية بين حماس وفتح لم تجد تحديا من طرف اليسار يفض اشتباكها، ويحمل طرفيها على الترفع عن المناكفة. إن لقيادتي الطرفين، كما يبدو، مصلحة في التخاصم ؛ كل يحكم في قطاعه وكل يجير أخطاءه على الطرف الآخر، وكل يعالج الوضع الشاذ بأنظمة طوارئ؛ والبقية مكبلون أمام المعضلة، يكتفون الأيدي، يتوسلون وينتظرون.
الفصيلان الكبيران ، فتح وحماس لم يؤمنا بالتحالفات ولا يتقنان فن التحالفات. ولذا فالصراع بينهما سيظل يستنزف الطاقات حتى تصفية الوجود الفلسطيني على أرض الوطن. وحيال الفصائل الأصغر يتحمل كل منهما، في أفضل الحالات، وعلى مضض انتقادات محاذرة وهامسة،أي بلا ضجيج أو تحريك الجماهير في تظاهرات او أعمال احتجاجية. فالمتسلط عندما يبقى فى السلطة طويلا يتوحد مع الكرسى، وأي نقد له يعتبر طعنة من الخلف وخيانة وطنية؛ إذ يعتبر نفسه مبعوث العناية الإلهية لإنقاذ هذا الوطن، ولا يقبل إطلاقا أي نصيحة. فكم هي خطيرة في ضوء هذه السيرورة أغفال ضرورة تبادل الحكم في نظام الديمقراطية، والإذعان لنظام الحزب القائد .
منذ مطلع النضال الوطني في عشرينات القرن الماضي، جرى تقسيم للعمل داخل صفوف الحركة الوطنية. درجت الجماهير على التضحية بالنفس وأبدت قدرا عاليا من الصوفية والتجرد في سبيل القضية الوطنية. شعارها النصر أو الشهادة ، كما لو أن الصراع المحتدم على فلسطين مبارزة واحدة تفتح مغاليق المستقبل وتقرر المصير. الجماهير عليها التضحية وللقيادات المساومة على ثمار تضحياتها. فالجماهير المسحوقة والمستلبة تقارب النشاط السياسي ليس بمنطق سياسي يحرر المجتمع ويجمل الحياة على الأرض، إنما بمنطق التعبد ونيل الشهادة للفوز في الحياة الأخرى. تغدو الحركة هي كل شيء والغاية لا شيء، حركة من أجل الحركة وتمرد لآن شظف العيش لم يعد يطاق. ضمن انسداد الأفق تتناسل عوامل التفكك والانحلال والرثاثة الفكرية والسياسية.
اما الحركة بمنطق النضال التحرري ، فتنفتح على التقدم ويلهمها اليسار. اليمين يدأب لإعادة إنتاج الحاضر حيث يستوطن الوهن والعجز عن درء التحدي الخطير. حركة التغيير التقدمي تستند إلى نشاط حزب التغيير التقدمي يبعث طاقة الجماهير الثورية. فالقوة المؤهلة للدور التاريخي هي يسار يمتلك الوعي والبوصلة ولديه الخبرة بتنظيم الشغيلة وجماهير المحرومين، أي يمتلك أدوات تعبئة الجماهير وحشدها للنضال، يتقدم الحركة الديمقراطية للجماهير المتطلعة إلى صيانة مصالحها وحقوقها ، وصد الهجمة التهويدية ـ الاستيطانية وصولا إلى دحر الاحتلال، ولتصبح الجماهير سيدة مصيرها الوطني .
من خلال الديمقراطية التي تتجلى أولا في الحياة الداخلية للحزب وفي علاقاته مع الجماهير، يلهم حزب التغيير الديمقراطي قيم الديمقراطية وينقل ثقافتها داخل الحياة الاجتماعية ، جنبا لجنب مع ثقافة الحداثة . مثلث الديمقراطية والوعي والتنظيم أشبه بحلقة مغلقة يسري عبرها تيار الطاقة المحركة لفعل التغيير. والمعروف تاريخيا أن الانتهازية ، عندما سرت في الصفوف أصاب عطبها التنظيم أولا، وغدت الانتهازية التنظيمية أساس الانتهازية الفكرية والسياسية. آنذاك تميز الحزب الثوري بإصراره على التنظيم؛ تمسك الحزب الثوري بجدل الوعي والتنظيم وبوحدة الإرادة ومراقبة التنفيذ. ماذا يحدث مع غياب التنظيم داخل الحزب المنذور للتغيير؟ حينذاك تتفكك الدائرة وينوس الوعي وتغيب الديمقراطية وتسد الغشاوة على البصيرة؛ فيحدث الارتباك وتنهد العزائم. في حالة الوهن ما من قوة اجتماعية تسلك درب التحدي للعبث السياسي.
بهذه السيرورة فقد اليسار فاعليته في فلسطين. قطعت الفصائل مدعية اليسارية الذاكرة التاريخية وانفصلت عن الخبرة الملهمة لليسار في مرحلة سلفت. بدل يسار تحدى السلطة وحافظ على حياة حزبية سرية فاعلة وواظب على إصدار المنشورات والمجلات بهدف التثقيف والتربية السياسية نجد يسارا يستنكف عن التثقيف ويغيب الثقافة في حياته الداخلية. وبدل تنظيم محكم كان مضرب المثل نجد تسيبا وانفلاتا تنظيميا يحيي ذكريات المناشفة في التاريخ السياسي. وبدل قيادة واعية للجماهير وتنشيط منظماتها الأهلية نجد تذيلا لحركة الجماهير العفوية، والتصاقا بالسلطة من خلال حبل صري !!!
تعي كل الفصائل السياسية أن نهج إسرائيل يتعمد إفقار الجماهير ووضعها ضمن ظروف تضطرها للرحيل. ومن ثم تستوجب الضرورة الحفاظ على مستوى مقبول لمعيشة الجماهير وتحسينها باضطراد، باعتبار ذلك إحدى المهمات السياسية لنهج التحرر . غير أن بيروقراطية السلطة أدخلت مزيدا من الفساد والإفساد والمحسوبية . حصرت وظائف السلطة في عناصر فتح ، وعزلتها عن جماهيرها في أداء سياسي واقتصادي واجتماعي سيئ فاقم التشوهات والمحددات الرئيسة لانهيار مشروع السلطة عمليا. كتب أحد الأدباء الفلسطينيين "بدأت السلطة من حيث تنتهي الدول". أما اليسار الفلسطيني فافتقد الروح الكفاحية، وتخلى عن جماهير العمال وصغار المنتجين لمقاولي الليبرالية الجديدة. إضافة لمؤثرات نهج قيادة السلطة جرى تسخير التمويل الأجنبي أداة لتخريب المنظمات الوطنية؛ فانزلقت عناصر مناضلة في السابق إلى ممارسات مدمرة . انحسر نفوذ وتأثير فصائل اليسار. غدا الملمح الرئيس للبنية الاجتماعية هي السيولة الطبقية وضعف وارتباك الوعي الطبقي، فتور همم الشرائح الفقيرة والمتوسطة في الدفاع عن حقوقها أمام نفوذ كبير لقطاع الرأسمال والبيروقراطية.
تجاهلت حكومات سلام فياض الحقوق الأساس للعمال وتوفير الحماية من حوادث العمل والضمان والحماية الاجتماعية . نالت ثناء الهيئات المالية العالمية لتحقيق وتائر نمو عالية لم تشمل العمال. يذكرنا هذا الثناء بما كان يوجه لرؤوس الجماعة الاقتصادية في حكومات مبارك ، أمثال يوسف بطرس غالي وحسين سالم . تظهر تقارير التنمية أن ثمة ضعفا في الترابط بين النمو الاقتصادي والتحسن في ظروف معيشة الأغلبية الساحقة من الشعب. إذ تتدهور باستمرار خدمات الصحة والتعليم . ولا ترتقي مخرجات نظام التعليم إلى المستوى المطلوب كرافعة للتحرر والتنمية . فهذا المرفق ينطوي على إمكانات غير مستثمرة لدمج التعليم في التنمية الاجتماعية وربطه بحاجات الإنتاج وقضايا المجتمع الأخرى بحيث تأتي مخرجات النظام التعليمي منسجمة مع متطلبات الاقتصاد ورافعة له؛ وبذا تتقلص البطالة بين شرائح الخريجين ويضمن تزويد الإنتاج بالكفاءات المقتدرة. ولكن لم يتم التفكير بهذا الخيار بين فصائل اليسار ، ناهيك عن بيروقراطية السلطة .
مما لا شك فيه أن الجماهير الفلسطينية ساخطة على كل من حماس وفتح ؛ وبطبيعة الحال تجهل وجود اليسار ودور اليسار.اليسار يتجلى للجمهور من خلال موشور الوعي السياسي. الجماهير تعي أن أيا من الفصيلين الكبيرين معني بمكاسب حزبية وفردية سخيفة ، ولا تؤرقه الأوضاع المتردية للأغلبية الساحقة من المواطنين. حكومتا اليمين الفلسطيني مرتبكتان، تقفان مسلوبتي الإرادة حيال الهجمة الضارية التي يشنها المستوطنون بدعم حكومة الأبارتهايد الإسرائيلي. والجماهير تبتلع قهرها وسخطها وتذعن للواقع أو تنجرف مع الاستجابات الانفعالية حين لا ينبري في الساحة من يرشدها وينور الدرب أمامها وينقل إليها الوعي الطبقي والعقلانية.




#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إجراء وقائي للأقصى عبر المحكمة الدولية
- شغيلة فلسطين وكادحوها تحت ضربات الليبرالية الجديدة
- نطلق مبادرات التحدي بدل مقترحات التفاوض
- ليس للفلسطينيين قيمة استراتيجية في نظر الولايات المتحدة
- يوم الأرض الفلسطيني
- جرائم الأبارتهايد تحت الأضواء الكاشفة
- وضعية المرأة مرهونة بالتدافع الاجتماعي (يوم المرأة العالمي)
- مغالطات ام جهل .. يا أبراهامي ؟!
- مشروع نصر حامد أبوزيد
- السلفية والعولمة
- سلفية العصر الحديث
- التكفير يقتحم المشهد الثقافي
- اليسار وقضايا الفكر والثقافة التراث 2
- اليسار وقضايا الفكر والثقافة
- البعد القومي في مهام اليسار العربي ومركزه القضية الفلسطينية
- التحول الديمقراطي.. أعطاب ذاتية
- الحوار المتمدن في العاشرة من عمره المديد
- مصر والثمار المرة للطغيان
- أشباح تحوم في فضاء مصر
- الخروج من متاهة التفاوض


المزيد.....




- قُتل في طريقه للمنزل.. الشرطة الأمريكية تبحث عن مشتبه به في ...
- جدل بعد حديث أكاديمي إماراتي عن -انهيار بالخدمات- بسبب -منخف ...
- غالانت: نصف قادة حزب الله الميدانيين تمت تصفيتهم والفترة الق ...
- الدفاع الروسية في حصاد اليوم: تدمير قاذفة HIMARS وتحييد أكثر ...
- الكونغرس يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا بقيمة 95 مليار ...
- روغوف: كييف قد تستخدم قوات العمليات الخاصة للاستيلاء على محط ...
- لوكاشينكو ينتقد كل رؤساء أوكرانيا التي باتت ساحة يتم فيها تح ...
- ممثل حماس يلتقى السفير الروسي في لبنان: الاحتلال لم يحقق أيا ...
- هجوم حاد من وزير دفاع إسرائيلي سابق ضد مصر
- لماذا غاب المغرب وموريتانيا عن القمة المغاربية الثلاثية في ت ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سعيد مضيه - بصراحة عن اليسار في فلسطين