أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سعيد مضيه - مغالطات ام جهل .. يا أبراهامي ؟!















المزيد.....

مغالطات ام جهل .. يا أبراهامي ؟!


سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 3653 - 2012 / 2 / 29 - 09:14
المحور: القضية الفلسطينية
    


مقالة يعقوب أبراهامي " عقدة الصهيونية" تنطوي على مغالطات تدخلها ضمن دعايات الوعي الزائف الذي مهرت إسرائيل والحركة الصهيونية في اختلاقه وترويجه على أوسع نطاق.فهو أولا يشارك في التزوير واختلاق الوقائع حين يزعم " أن التعريف الوحيد للصهيونية الذي يمكن أن يصدق على كل من انضوى وينضوي تحت مظلة الهدف والعمل من أجل تحقيق الاستقلال السياسي للشعب اليهودي في وطنه التاريخي". صدر بيان إعلان إسرائيل عام 1948 على صورة بيان "إعادة إنشاء إسرائيل"؛ وبعد إنشاء الدولة أثبتت الكشوفات الأركيولوجية الموضوعية والموثقة عدم صحة الوقائع التوراتية، وأن فلسطين لم تكن يوما وطنا تاريخيا لليهود. يستند " الوطن التاريخي" إلى مقولات التوراة فكيف ينفي الكاتب عن الصهيونية جذرها الديني؟! بدئت الحفريات طبقا لمنظور التوراة وبغية "إعادة اكتشاف إسرائيل "، ولم تزل أحد أدوات الصهيونية في دعم ادعاءاتها . ورغم ذلك فالحفريات تحت الأقصى ، والتي بدئت عام 1867، أي تواصلت مدة تقرب من قرن ونصف القرن ، فشلت في العثور على الهيكل؛ ولم تكتشف في منطقة القدس "دولة الملك العظيم". ومن ثم فإن نتنياهو إنما يستند إلى القوة العسكرية المحضة في ادعائه بأن القدس يهودية منذ أقدم العصور، وستبقى العاصمة الموحدة لإسرائيل.

لم تكشف الحفريات تلك المبررات التي اقتنصها عالم الآثار الأميركي، وليم فوكسويل أولبرايت، من سفر يوشع التوراتي، وبَنَت عليه إسرائيل توجهات الغزو المصحوب بإبادة الجنس. كتب أولبرايت في مؤلفه "دولة إسرائيل" الصادر عام 1940 يقول : "لا يمكننا الارتقاء روحيا إلا من خلال الكوارث والمعاناة ، بعد التخلص من العقد النفسية ، وذلك عن طريق التطهر . كل فترات المعاناة الذهنية والمادية هذه ، والتي يتم فيها إعادة القضاء على القديم قبل ولادة الجديد تثمر نماذج اجتماعية مختلفة عقيدة روحانية أعمق".
من المؤرخين عن فلسطين، والمشهود لهم يبرز البروفيسور كيث وايتلام، الذي وضع كتابه " اختلاق إسرائيل القديمة إسكات التاريخ الفلسطيني "، وفيه ربط طروحات أولبرايت بالفكر الاستشراقي السائد حينئذ : "لا يمكن اعتبار هذه الأفكار نتيجة لأفكار شخص ما في فترة زمنية معينة . دراسته(يقصد أولبرايت) وكتاباته شكلت ولا تزال تشكل إدراك أجيال من دارسي التوراة والباحثين في هذا المجال ، خاصة الأميركيين والبريطانيين منهم". يستشهد وايتلام بقول أولبرايت( وهو بالمناسبة والد وزيرة الخارجية الأميركية في إدارة كلينتون): "فما هو أهم من الحق التاريخي الصريح هو قوة الدفع العاطفية الهائلة لإحياء صهيون" .
و قدم المؤرخون أيضا حقائق لم يفندها أحد تدحض مقولة " الشعب اليهودي". اليهود خليط من أجناس وأعراق مختلفة ، ولا يشكلون عرقا إثنيا منحدرا من أصل واحد يمتد عبر التاريخ؛ ولا وجود إلا لشعوب يهودية وشعوب مسيحية وشعوب إسلامية. دحض علم التاريخ والحفريات الأثرية كل الاختلاقات والتخيلات بصدد يهودا القديمة؛ حتى أن مقولة " الوطن التاريخي لليهود" لا تقبل في الوسط الأكاديمي الأميركي والأوروبي إلا في الجامعات اللاهوتية. وكشف الصهيوني آرثر كوستلر في كتابه " القبيلة الثالثة عشرة " أن يهود الخزر اعتنقوا اليهودية في القرون الوسطى وبنوا دولة استمرت حقبة زمنية ثم انهارت وتشتت شعبها في أوروبا الشرقية ثم الغربية والولايات المتحدة . ومن هؤلاء اليهود الأشكيناز . اما الشرقيون فيمتون إلى قوميات مختلفة ـ حسب الدكتور شلومو ساند ـ عاشت في بلدان الشرق ولم تقطن فلسطين في القرون القديمة والوسطى.. برهن ساند أن اليهود لا يشكلون إثنية واحدة ولم يهجّروا قسرا من فلسطين . اعتنقت شرائح منهم المسيحية ثم الإسلام ، وواصلوا العيش في فلسطين .
هذه الوقائع وغيرها موثقة في كتاب ألفه كاتب هذه الأسطر ، ونشره على الموقع الإليكتروني للحوار المتمدن واختفى أثره!! أما أبراهامي فله معطيات لا ندري من أين استقاها حين يزعم أن "الصهيونية ليست ايدولوجيا." خميرة السياسة تدخل عجين الدين فيغدو أيديولوجيا . وما يقوله أبراهامي أن الصهيونية " قد تكون رجعية أو تقدمية، يمينية أو يسارية، خاطئة أو صائبة، أوقد تكون خليطاً من هذا وذاك"، يستهدف تبرئة الصهيونية من ممارسات الفاشيين المتصدرين للحياة السياسية في إسرائيل. تنزع السلفية من الدين طاقته الروحية الإنسانية، وتحيله إيديولوجيا طبقية تبرر أكثر السياسات يمينية ورجعية وتطرفا وعنصرية.

ربما طالع أبراهامي كتاب ماركس " المسألة اليهودية"، حيث اعتبر تميز اليهود وانفصالهم على أساس ديني توجها رجعيا وجنوحا عن الحركة التاريخية للتنوير السائرة لتشكيل قوميات ديمقراطية. وانتعشت في القرن الثامن عشر ثم القرن التاسع عشر اليهودية الإصلاحية التي سخرت من مقولة الشعب المختار ووعد يهوه لإبراهيم ونسله، ثم انتكست اليهودية الإصلاحية لدى ظهور الحركة الصهيونية. وكان لينين قد تصدى للصهيونية في بدايات القرن الماضي واعتبرها حركة مناهضة لتحرر اليهود ومسخّرة لمصالح الرأسمال اليهودي. هكذا يناقض الوقائع التاريخية أبراهامي، إذ يقول " يستطيع المرء أن يكون صهيونياً وماركسياً". فالصهيونية حركة الرأسمال الاحتكاري.

بمنظور زمانه اعتبر لينين الصهيونية مجهودا عقيما سوف يفشل في النهاية ؛ غير أن الأطماع الامبريالية في الشرق اقتضت رعاية الحركة الصهيونية التي تشكلت حركة سياسية في مرحلة تشكل الاحتكارات الامبريالية مع نهايات القرن التاسع عشر ؛ ونشطت بالتوافق معها المسيحية الصهيونية المستندة إلى ما أطلق عليه لاهوت ما قبل الألفية، والتي أضفت قداسة زائفة على حملات الكولنيالية لاستعباد شعوب الشرق. طوال القرن العشرين حدث التعاون وتنسيق الجهود بين المسيحية الأصولية وبين الصهيونية ، تجسد عيانيا في تعاون الصهيونية مع الانتدابات الانجليزية والفرنسية على أقطار عربية، وفي مساندة الاتجاهات الرجعية في المنطقة العربية . لم يقتصر النشاط التخريبي للحركة الصهيونية على فلسطين.
حقا برزت اتجاهات يسارية داخل صفوف الصهيونية؛ لكنها لم تشكل تيارا جادا؛ إذ حسم مواقف الصهيونية كافة الانتماء الطبقي للحركة. برز في بدايات القرن الماضي من بين الصهاينة نفر من أمثال الصحفي نسيم ملول نشطوا بقناع يساري لترويج مزاعم رغبة اليهود في الاتفاق مع العرب والعيش معهم بسلام. احترفوا تمويه حقيقة الحركة، واستطاعوا خداع ليبراليين عرب وثقوا بكل ما ورد من جهة الغرب. وكم سخر أوري أفنيري من يساريين مزيفين، أطلق عليهم " يساريون لكن "؛ وتساءل" كيف يمكن لكتّاب ذوي ضمير والأدهى من ذلك يساريين ، ذوي نظرة إنسانية ان يظلوا صامتين بينما ترتكب الفظائع ؟ ويرد على تساؤله فيقول : "منذ بداية الحركة العمالية اليهودية في البلد عانى اليسار من تناقض داخلي : كانت الحركة اشتراكية وقومية . لكن العنصر القومي ظل الأهم". وبالفعل حدث صراع داخل الحركة العمالية برئاسة بن غوريون، في عشرينات القرن الماضي ، ثم حسمت المواقف ضد الارتباط بالحركة النقابية العربية.
تلفع أبراهامي بتراث يشعياهو ليبوفيتش، ونقده النبيل للاحتلال وتحذيره من عواقبه على "مستقبل إسرائيل السياسي والاجتماعي والأخلاقي". وتتحقق نبوءة بشعياهو أمام أنظارنا، حيث تعربد الفاشية في مؤسسات السياسة الإسرائيلية. حقا حظي كاتب هذه السطور بدعم هاغيت عوفران ، حفيدة ليفوفيتش، التي رافقته إلى أرضه المحظور عليه دخولها بأمر عسكري لأنها قريبة من مستوطنة أقيمت على أرض "ظهر جالس" وأسميت "كرمي تسور". وتطوعت أعداد من اليهود للمشاركة في حملات بقصد كسر الحصار. كما تمسك المحامية قمر مشيرقي قضية تخصه مع أقاربه توكلت فيها نيابة عن"حاخامون من اجل السلام "، وتطلب السماح لهم بالوصول إلى الأرض وخدمتها. فهذا هو تراث ليفوفيتش. ونحن نعيش منذ 1967 تحت أحكام عرفية، نعاني نظام أبارتهايد أشد قسوة مما كان يسود جنوب إفريقيا . إن المواقف المخادعة التي تحتج على وحشية النظام السوري تراقب صامتة ممارسات الأبارتهايد الإسرائيلي!!

يتقدم في أحايين متضامنون يهود يتحدّون بجرأة وتفاني القوة المتغطرسة ، مدافعين عن امن الفلسطينيين وعقاراتهم ومزارعهم. يفد نشطاء من حركة بتسيلم ، ويش دين، ويش غفول ، وحاخامون من اجل السلام، وحركة السلام وغيرها من منظمات متناثرة وضعيفة التأثير في الوسط الإسرائيلي؛ لكن حضورها إلى ميادين عمل الجيش يعيقه، أحيانا، عن اقتراف جرائم الحرب تحت نظر الشهود. غير انها لن تحرر الأرض المحتلة . إسرائيل لن تصغي لانتقادات او احتجاجات طالما المحيط العربي ساكت سكوت الرضى. وحين تحاط إسرائيل بمواقف حازمة سوف تعزل وتضطر للتراجع عن نظام الأبارتهايد . فقضيتنا مرهونة بتصاعد الثورات العربية وانتصار قضية الديمقرطية والتحرر الوطني والتنمية الاجتماعية في الأقطار العربي كافة، أو في المحيط لعربي على الأقل.
مضت عقود جوبهت الصهيونية ومشروعها المضمر لتهجير الشعب الفلسطيني بمعارضة شخصيات بارزة كان لها نفوذها الأدبي، وخاضت نضالات ضد نهج الصهيونية. من هذه الشخصيات فرويد، عالم التحليل النفسي المشهور. كان قد تلقى عام 1930رسالة من حاييم كوفلر، عضو "مؤسّسة إعادة توطين اليهود في فلسطين"، تطلب منه، بحكم مكانته العلمية الرفيعة كعالم سيكولوجي، التوقيع على النّداء الذي وجّهه إليه من أجل دعم قضيّة الصهيونية في فلسطين، ومساندة حقّ اليهود في إقامة شعائرهم بحائط المبكى. رد فرويد في الرسالة التي أبقيت مغيبة " كان من الأجدى، فيما يبدو لي، بناء وطن يهوديّ على أرض غير مشحونة تاريخيّا. لكنّني أعرف أنّ فكرة عقلانيّة من هذا القبيل لا يمكن أن تستدرّ حماسة الجموع ولا معونة الأثرياء. وأقرّ أيضا، وبكلّ أسف، أنّ تعصّب مواطنينا غير الواقعيّ يتحمّل نصيبه من المسؤولية في إثارة الارتياب لدى العرب. لا يمكن لي أن أبدي أيّ تعاطف ممكن مع تديّن مؤوّل بطريقة خاطئة".
ووقف يعارض القيادة الصهيونية واستراتيجيتها المصممة جماعة السلام (برت شالوم)، ومنهم يهودا ماغنس، رئيس الجامعة العبرية في عقد الثلاثينات. دعت الجماعة إلى المصالحة والتعاون بين اليهود والعرب. وكتب أينشتاين سيرة حياة يهودا ماغنس، الشخصية التنظيمية القيادية في حركة الصهيونية الثقافية، والتي "ماتت بصورة غامضة".
من أتباع الصهيونية الثقافية ودولة ثنائية القومية في فلسطين مارتن بوبر ، أستاذ الفلسفة بجامعة القدس، وكان يرى ان العلاقات مع العرب أمر حاسم بالنسبة للإنسانية اليهودية. وشاركت في معارضة إقامة دولة إسرائيل هنريتا شولد، إحدى مؤسسات حركة هداسا للنساء . وقبيل إعلان دولة إسرائيل نشر يهودا ماغنيس مقالا في نيويورك تايمز بمثابة نداء للسلام في فلسطين . رفض إقامة الدولة اليهودية باعتبار أن إقامة هذه الدولة أمر غير ممكن عمليا في ظل توزيع السكان الحالي وعارض آينشتين وحنه أرندت إقامة الدولة.
نقل عن البرت آينشتين أنه طالب بإصدار عفو عن سجناء ثورة البراق عام 1929 " لأنه كان يشعر بأن الشباب اليهودي اليميني التوجه يشاركون في المسئولية عن الأحداث ". وفي شهر يناير 1946 مثل آينشتين أمام لجنة التحقيق الخاصة بفلسطين وحاجج في شهادته ضد إقامة دولة إسرائيل. نقل المؤرخ جيرومي من شهادة آينشتين بصدد ثورة البراق عام 1929:" تم تحريض الجماهير العربية بشكل منهجي ، بالإضافة إلى تدبير الاضطرابات التي شاركت حكومة الانتداب بنشاط في التحريض عليها . وفي ظل هذه الظروف لا يوجد هناك أمل بتحسين الوضع ما دام الانتداب في يد بريطانيا العظمى . أشار إلى "مسئول بسيط في البوليس كان في اضطرابات 1929 ، ألف كتابين حول الواجبات التي كان عليه أداؤها . اسم الرجل دوغلاس دوف واسم كتابه الأول ‘سيوف للإيجار: قصة رفيق حر حديث‘ ونشر عام 1934".

آينشتين ، بخلاف فرويد، استدرج للانضمام إلى الحركة الصهيونية، تحديا للهجمات اللاسامية في عشرينات القرن الماضي. أفلحت الحركة الصهيونية في استثمار سمعته العلمية ونفوذه الأدبي لأغراضها دون أن تفلح عواطفه الإنسانية في ردع التوجهات العنصرية للصهيونية. فمن خطاب له ألقاه في فندق أمبسادور في لوس أنجلس(16شباط 1930) يتبين أنه وقع تحت تأثير مضلل ، إذ يقول " لقد جرى الإعلان بوضوح أننا لا نسعى لخلق مجتمع سياسي"، وعبر آينشتين في رسالة إلى صحيفة فلسطين نشرت في1 شباط 1930 عن الثقة " بأن الشعبين الساميين اللذين ساهم كل منهما بطريقته بشيء قيم في حضارة الغرب ، سيكون لهما معا مستقبل عظيم ، وبأنه يجب عليهما، بدلا من مواجهة بعضهما البعض بعداء سافر وبعدم ثقة متبادلة، أن يساندا جهود بعضهما البعض القومية والثقافية". بقدر ما كان عبقريا في ميدان العلوم الطبيعة بدا ساذجا في السياسة ، غفل عن المياه الغزيرة التي سالت تحت الجسر حتى 29 نيسان 1938، حين أورد في مقال "الدين الذي علينا للصهيونية " ، "افضل أن أرى اتفاقا معقولا مع العرب يقوم على أساس العيش معا بسلام بدلا من إنشاء دولة يهودية(...) إنني أخاف من الأذى الداخلي الذي سيصيب اليهودية ـ بشكل خاص من نمو مشاعر قومية ضيقة بين صفوفنا ، مشاعر اضطررنا إلى محاربتها بقوة حتى دون وجود دولة يهودية...".

مقابل اينشتاين وجماعة بريت شالوم كان في أوساط الحركة الصهيونية في عقد الثلاثينات يوسف فايتس ، مدير دائرة الاستيطان زمن الانتداب البريطاني، الذي كان مثال الصهيوني الاستعماري. كانت الأولوية القصوى لديه تسهيل طرد العاملين بأجر من المزارعين الفلسطينيين من الأراضي المشتراة من ملاك غائبين يعيشون بعيدا عن أراضيهم" بشهادة المؤرخ إيلان بابيه في كتابه التطهير العرقي في فلسطين . وكان له دور كبير أثناء العمليات العسكرية عام 1948 في تهجير العرب والاستيلاء على عقاراتهم.
وشهدت مسيرة الصهيونية في فلسطين "ملفات القرى "، ثمرة نوايا مضمرة لتهجير القرويين وسكان المدن تبلورت في أذهان القيادة الصهيونية منذ ثلاثينات القرن العشرين. أجزاء صغيرة من المعلومات نجم عنها عام 1948 "أشد ألأعمال وحشية في القرى وقادت إلى إعدامات جماعية وتعذيب ضحايا" [ بابه: 28] . "لدى احتلال قرية عين الزيتون أحضروا مُخبرا مغطى الرأس ؛ أخذ يتمعن في الرجال المصفوفين في ساحة القرية ، وتم التعرف على الأشخاص الذين كتبت أسماؤهم في القائمة المعدة سلفا والتي أحضرها ضباط الاستخبارات معهم. ومن ثم أخذ الرجال إلى مكان آخر وأعدموا [123]. وقد كلف فيما بعد هانس ليبرخت بتحويل مجرى نبع عن القرية إلى معسكر للجيش وقال أنه أثناء العمل وجد جثث عدد من النساء والأطفال الرضع بين الأنقاض بالقرب من الجامع الحالي، وقام الجيش بإحراق الجثث. تظهر وثائق الجيش أن الذين أعدموا في القرية يبلغ سبعين شخصا. [ بابه: 124]. وتكرر المشهد في قرى أخرى كثيرة.
أحقا يجهل يعقوب أبراهامي هذه الوقائع ؟ ألا تكفي الوقائع المدرجة أعلاه لوصم الصهيونية بالامبريالية والعنصرية والعدوانية؟ هل ينكر هدف التطهير العرقي في فلسطين، والمضمَر تجاه البقية الباقية من شعب فلسطين المقيم أرض وطنه التاريخي؟!

تجلت القطيعة بين العالم الشهير والصهيونية السياسية عام 1952، حين رفض عرضا من بن غوريون لتسلم منصب رئيس الدولة الجديدة إثر وفاة حاييم وايزمن. لم يُكشف على العلن في حينه دوافع العرض ومبرر الرفض:"سيتعين علي أن أقول للشعب الإسرائيلي أشياء لا يحب سماعها". في تلك الأوقات فقد البروفيسور آينشتين الكثير من توهجه، وانفض عنه الجمهور الذي غذ السير وراء التعصب القومي. ومن الجانب المقابل برز بن غوريون دوافع طلبه "اضطررت لعرض المنصب عليه لأنه من المستحيل أن لا أفعل ، ولكن إذا قبل فسنقع في ورطة " . انقضت فترة وجيزة وتُرك آينشتين وحيدا أعزل يذوي في النسيان: " سأظل مقيما هنا (بالولايات المتحدة)بقية حياتي ، عازلا نفسي كلية عن الآخرين قدر استطاعتي. إن كل ما أحاول عمله في المجال الإنساني يتدهور بشكل ثابت إلى كوميدا سخيفة".
وفي رسالة عتاب إلى لويس رابينوفيتش (17 مارس / آذار1952) المتحمس لإقامة الدولة اليهودية، يتساءل " ألم يخطر ببالك أن (الحجاج ) الذين رحلوا من إنجلترا لاستعمار هذه البلاد (الولايات المتحدة الأميركية) قد أتوا لتحقيق مشروع مماثل لمشروعنا ؟ هل تعرف أيضا كيف أصبح هؤلاء الناس بعد فترة قصيرة استبداديين وعدوانيين وغير متسامحين"؟

ألقي الضوء على الكوميديا البائسة لنهاية آينشتين، عالم الاقتصاد البريطاني ميساروش : "خاض اينشتين نضالا لسنوات طويلة ضد عسكرة العلم ، ومن أجل نزع السلاح النووي . وأصيب بخيبة أمل نتيجة إلغاء مؤتمر لبحث هذه القضية؛ واستمر في النضال حتى وفاته متحديا التهديدات والتشهير العلني. تمكن خصومه من عزله". الحركة الصهيونية لم تقف على الحياد حين تعلق الأمر بالتجمع الصناعي العسكري . التزمت الاصطفاف الطبقي ، وخذلت اينشتين في محنته.

و تكتب صحيفة نيويورك تايمز في مقال نشرته غداة وفاة أينشتين (19 نيسان / إبريل 1955) " "إن إسرائيل التي ناضل آينشتين من أجل إقامتها كدولة ...". ونقلت صحف عدة في الأيام التالية عن نيويورك تايمز تلك الأكذوبة وهي ترثي العالم الذي لم تفارقه النزعة الإنسانية.



#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشروع نصر حامد أبوزيد
- السلفية والعولمة
- سلفية العصر الحديث
- التكفير يقتحم المشهد الثقافي
- اليسار وقضايا الفكر والثقافة التراث 2
- اليسار وقضايا الفكر والثقافة
- البعد القومي في مهام اليسار العربي ومركزه القضية الفلسطينية
- التحول الديمقراطي.. أعطاب ذاتية
- الحوار المتمدن في العاشرة من عمره المديد
- مصر والثمار المرة للطغيان
- أشباح تحوم في فضاء مصر
- الخروج من متاهة التفاوض
- ردع تدخلات الامبريالية أولا
- بنية نظام الأبارتهايد الإسرائيلي وشروط تقويضه
- غولدستون المغلوب على أمره
- مأساة ليبيا بين آفات القذافي ونهم الاحتكارات النفطية ´- الحل ...
- ليبيا بين الآفات النفسية والذهنية للقذافي وبين نهم الاحتكارا ...
- الحق حين يسخره الباطل
- الدولة الوطنية من حلم إلى كابوس
- بعض الملاحظات على كتا ب -رؤية بديلة للاقتصاد الفلسطيني من من ...


المزيد.....




- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سعيد مضيه - مغالطات ام جهل .. يا أبراهامي ؟!