أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد مضيه - إجراء وقائي للأقصى عبر المحكمة الدولية















المزيد.....

إجراء وقائي للأقصى عبر المحكمة الدولية


سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 3714 - 2012 / 5 / 1 - 13:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إجراء وقائي للأقصى عبر المحكمة الدولية
معطيات جديدة ترفد الحق الفلسطيني ما زالت مجمدة، ومجهولة لدى أصدقاء متضامنين ينشطون على المسرح الدولي: القواعد الأخلاقية للتنقيب التي أقرها المؤتمر الأركيولوجي الدولي، وأهمها الاعتراف بالتراث الثقافي للآخر، بما في ذلك الأماكن والمواقع والمواضيع والصناعات اليدوية والبقايا البشرية، وكذلك إقامة علاقات وشراكة متكافئة مع السكان الذين يجري التنقيب وسط تراثهم الثقافي. يضاف لذلك فتوى محكمة العدل الدولية بشأن جدار العزل العنصري والضم؛ ثم انكشاف التزوير والفبركة في المستندات التاريخية للرواية الصهيونية. ادعاءات الصهاينة تمخضت عن فبركات مختلقة لا تستند إلى سند تاريخي ، وأن عبارة " الوطن القومي لليهود " مجرد خرافة جعل منها الفكر الاستشراقي حقيقة محفزة إلى أفعال ومشاريع. لم تستطع الحركة الصهيونية وحكومات إسرائيل، ولن تستطيع أبدا الحصول على ما يعزز ادعاءها بوجود هيكل تحت الأقصى او في جوار القدس . فقد تكفلت الأبحاث الأثرية النزيهة والعلمية بدحض الأكذوبة التي اختلقها الفكر الاستشراقي لإسناد الرواية الصهيونية ـ الامبريالية بصدد حق اليهود في فلسطين.
لكن هذه الحقائق مغيبة عن الرأي العام العالمي ومغيبة حتى عن أصحاب القضية . جمود المشهد الثقافي في ظل الركود السياسي الناجم عن الاستبداد السياسي والفكري يقبع خلف تجاهل وتغييب معطيات الدراسات التاريخية النزيهة منذ الربع الأخير من القرن الماضي. لماذا تركت الصهيونية تنكر الوجود التاريخي الفلسطيني على أرض فلسطين، دون ان نبادر برد مضاد يستند إلى حقائق التاريخ ؟ وكيف يصمت الخطاب الفلسطيني عن هذيان العنصريين بتهديد الأقصى ولا يقطعون عليهم الحجة بأن الهيكل ودولة اليهود القديمة محض افتراء وتخيلات، وبأن اليهود الذين عاشوا في دول أوروبا الشرقية والغربية وهاجر بعضهم إلى الأرض الجديدة لا ينتسبون بقرابة عرقية إلى اليهود الذي عاشوا في فلسطين في زمن قديم؟ ولماذا لا ترد على الصهيونية وحاميتها الامبريالية الأميركية ، إذ تجعل من تطرف حماس قضية، بينما لا فتشهر بالمتدينين السادرين في إقامة ما يسمونه أرض إسرائيل الكاملة، والتخلص من "الجوييم"، أي غير اليهود، ويحضون على هدم المسجد الأقصى، بموجب خرافات مفبركة ترمي إلى إقامة الهيكل اليهودي تحضيراً لقدوم المسيح المخلص؟!
في مشهد ثقافي غث يجتر الأفكار ويلوك العبارات يصعب أن تلقى الأفكار الحديثة من يحفل بها . المفاهيم تفقد تأثيرها مع التكرار، وقد ترسخ في الظاهرة مجردة من المعاني والأبعاد الاجتماعية. الفكر يستنقع؛ وكذلك التصريحات الرسمية المتواترة بإيقاع رتيب الصادرة عن مسئولين لا تترك تأثيرا على المشهد السياسي الدولي فكيف بتصريحات مسئولين في سلطة فاقدة مقومات الوجود مثل السلطة الفلسطينية؟! السياسات الروتينية والتصريحات المكررة فشلت في ردع ممارسات إسرائيل التي تطور نهج الاقتلاع العرقي و تتحفز لإجراء تغيير في الأقصى وربما تقويضه من أساساته مستغلة ضعف حول الخصم والصمت المريب من الوسط القريب والأوساط البعيدة!!
لماذا الإصرار على نبذ معطيات التأرخة الحديثة حول فلسطين؟!
ما إن فرغت احتفالات انتصار حزيران 1967 حتى أخذ يتكشف للباحثين الأثريين تناقض معطيات التنقيب الأثري مع النصوص التوراتية. حصل تصدع في بنية الأبحاث الأكاديمية التي أجريت بمبادرة المدرسة الأميركية للتنقيب الأثري في فلسطين، ثم واصلتها التنقيبات الرسمية لحكومات إسرائيل، التي سخرت التنقيبات الأثرية معولا لهدم الوجود العربي في فلسطين، منتهكة إعلان ميثاق التنقيب الأثري الدولي.
كان بإمكان هذه الإنجازات الفكرية أن تهز دولة إسرائيل من أساساتها لو تلقفت المقاومة الفلسطينية عناصرها وأدخلتها في خطابها الوطني المقاوم. لكن المقاومة الفلسطينية معطوبة إذ تعمل ضمن مشهد تاريخي جامد متغرب عن إبداعات الثقافة واكتشافات العلم. في مرحلة الجمود والردة اللذين أعقبا هزيمة حزيران استتب الأمر لجمود فكري يزدري الثقافة، وينكر على المعرفة إنسانيتها وتاريخيتها. اعتبرت المعرفة سكونية وخارج حياة الناس والاجتماع البشري من حيث الجوهر. غلب على الثقافة التي راجت في كنف الجمود والمراوحة ضحالتها وخلوها من الإبداع؛ فهي كالماء الراكد ، يحيض ويفسد . الحياة الراكدة تفرز فلسفة جامدة تعتمد الانتقائية والتلفيق والقياس على الماضي، وتُخضع الفكر لمؤثرات الانفعالية بدل العقلانية، وتراوح بين الشيطنة والتقديس، الشجب والمبالغة ، الانفعال والتسرّع في إصدار الأحكام وعشوائية اتخاذ القرارات. وهذا خلافا لثقافة الإنتاج، ثقافة الحركة والتغيير الدائبين، يصدر عنهما العمل المنظم واضطراد تطور المعرفة واحترام التفكير الاستراتيجي والدقة في الأداء والتريث في إصدار الأحكام واتخاذ القرارات المدروسة واحترام المواعيد وتحكيم العقل وتنظيم الغرائز والانفعالات.
استغل الصهاينة وحلفاؤهم االعطب وضربوا نطاقا من الصمت جمد نتائج المكتشفات الأثرية فوق الرفوف. وشارك المشهد الثقافي العربي في مؤامرة الصمت. وضاع على النضال الفلسطيني فرص ثمينة لتطوير حملتها ضد نهج الاقتلاع السكاني والحضاري الممارس من قبل إسرائيل وحلفائها، ومن اجل عزل إسرائيل . من جملة الحقائق التي طلعت بها منهجية البحث التاريخي المتجاوزة لمفاهيم التوراة، تبين خطأ ما ورد في سفر يوشع بصدد حرق أريحا وإبادة سكانها في القرن الثالث عشر قبل الميلاد ، هذا الحدث الذي منح القداسة لفكرة الإبادة الجماعية للسكان؛ أكدت معطيات التنقيب الأثري أن التوراة تساعد في أفضل الحالات على تفهم فترة القرن السادس قبل الميلاد، وأن السفرين التوراتيين، القضاة وصموئيل، محض تخيلات اخترعها يهود المنفى، اختلقوا من خلاله تاريخا لدولة إسرائيل عمره ألف عام. وفي عام 1988توصل الباحث ليتش إلى قناعة بأن التوراة "نص مقدس لا يعكس بالضرورة الحقائق التاريخية ، التوراة عالم قصص خيالية تثير الشكوك حول تصورات تقليدية لحكم داود وسليمان".
وفي عام 1992 برز عالم الآثار توماس طومسون في كتابه " التاريخ القديم للشعب الإسرائيلي من المصادر الآركيولوجية المدونة"، خلص فيه إلى أن " مجموع التاريخ الغربي لإسرائيل والإسرائيليين يستند إلى قصص من العهد القديم تستند إلى الخيال". اضطهد المؤرخ وفصل من عمله الأكاديمي بجامعة مار كويث في ميلووكي. لكن نائب رئيس الجامعة لم يستطع إلا أن يقيّّم عاليا كفاءة الأكاديمي طومسون، فقال عنه أنه "من أبرز علماء الآثار وفي طليعة المختصين بالتاريخ القديم لمنطقة الشرق الأوسط" . وأشاد بكفاءته أيضا جوناثان تاب ، وهو عالم بارز في تاريخ المنطقة القديم في المتحف البريطاني، فقال إن " طومسون دقيق جدا في بحثه العلمي الكبير وشجاع في التعبير عما كان كثير منا يفكر فيه حدسا منذ زمن طويل ، وكانوا قد فضلوا كتمانه".
أجمل المؤرخ البروفيسور كيث وايتلام في كتاب أصدره عام 1996نتائج التنقيبات الأثرية التي جرت خلال عقد مضى متجاوزة مفاهيم التوراة ، والتي أثبتت اختلاق رواية دولة اليهود القديمة في فلسطين، وبالذات دولة داوود وسليمان. وقد ترجم المؤلف وعنوانه " اختلاق إسرائيل القديمة إسكات الصوت الفلسطيني" إلى العربية ، لكن محتوياته لم تدخل الخطاب السياسي العربي ولا حتى الخطاب الفلسطيني.
من جماع ما حملته الأبحاث استخلص البروفيسور وايتلام في كتابه " اختلاق إسرائيل القديمة إسكات الصوت الفلسطيني" أن تاريخ إسرائيل القديم "حكر على كليات الدين واللاهوت ولكن لا يدخل مناهج كليات التاريخ بالجامعات". تضمن الكتاب دعوة إلى الباحثين العرب لتركيز الاهتمام بتاريخ فلسطين القديم، وليس الاقتصار على التاريخ الحديث. أيد المؤرخ موضوعات الدكتور إدوارد سعيد في الاستشراق واتهم الفكر الاستشراقي بالتحيز وعدم الموضوعية. وألقى وايتلام الضوء على انسجام النظرة الصهيونية للماضي مع متطلبات الحاضر ومقتضياته. " ... والحركة الصهيونية، التي نشأت في القرن التاسع عشر بعد صعود الحركات القومية الأوروبية ، قد ادعت باستمرار أن ‘رسالتها التاريخية’ هي العودة إلى أرض خالية وصحارى قاحلة ، تلك الأرض التي تنتظر وصول التكنولوجيا الأوروبية حتى تصبح قابلة للسكن والازدهار". قدم هذا المفهوم الحجة لعمليات التصفية العرقية في فلسطين وتدبير المجازر المتعاقبة.
يدور صراع يزداد ضراوة على المسرح الدولي بين أنصار عدالة الموقف الفلسطيني والتوجه اليميني المتطرف للمسيحيين الأصوليين في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية. وكما يتبين من تصريحات بريفيك مقترف جريمة قتل أربعة وسبعين طفلا في الدانيمارك، يسيطر على عناصر اليمين الجديد في الغرب ذهنية إجرامية وكراهية عميقة للشعب الفلسطيني نجمت عن التحريض المتواتر. مستندة لهذا التحريض تنشط تظاهرات المستوطنين اليهود في ساحة الأقصى، تعربد وترهب وتطالب بهدم الحرم، بينما تصمت الدول الموقعة على اتفاقية جنيف بشأن عدم جواز نقل أو تغيير الملكية القومية في ظروف الاحتلال ؛ وتعير الحكومة الإسرائيلية آذانا صماء تجاه دعوات جهات إسلامية ودولية تناشدها على استحياء وقف الاستفزازات المتواترة والتحريض الأرعن. لا تجد حكومة نتنياهو ما يردعها عن اقتراف الجريمة في ردود أفعال الجهات الرسمية العربية والإسلامية. فالاستفزازات المتواترة والصخب المثار من شأنه ترويض الأمزجة والأذهان شيئا فشيئا لتقبل احتمال الجريمة كي تكون ردود الأفعال حال اقترافها مجرد ضجة تهدأ بعد حين.
ألا يجدر ضمن هذه الملابسات طرح الموضوع أمام محكمة العدل الدولية، ودعوتها لتبني الحقائق الصلدة لعلم التأريخ الموضوعي والنزيه؟ ألا توفر معطيات البحث التاريخي عندما تصاغ بعبارات القانون الدولي، طاقة جديدة للدفاع عن الحق الفلسطيني على الصعد المحلية والإقليمية والدولية؟



#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شغيلة فلسطين وكادحوها تحت ضربات الليبرالية الجديدة
- نطلق مبادرات التحدي بدل مقترحات التفاوض
- ليس للفلسطينيين قيمة استراتيجية في نظر الولايات المتحدة
- يوم الأرض الفلسطيني
- جرائم الأبارتهايد تحت الأضواء الكاشفة
- وضعية المرأة مرهونة بالتدافع الاجتماعي (يوم المرأة العالمي)
- مغالطات ام جهل .. يا أبراهامي ؟!
- مشروع نصر حامد أبوزيد
- السلفية والعولمة
- سلفية العصر الحديث
- التكفير يقتحم المشهد الثقافي
- اليسار وقضايا الفكر والثقافة التراث 2
- اليسار وقضايا الفكر والثقافة
- البعد القومي في مهام اليسار العربي ومركزه القضية الفلسطينية
- التحول الديمقراطي.. أعطاب ذاتية
- الحوار المتمدن في العاشرة من عمره المديد
- مصر والثمار المرة للطغيان
- أشباح تحوم في فضاء مصر
- الخروج من متاهة التفاوض
- ردع تدخلات الامبريالية أولا


المزيد.....




- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- اكتشاف آثار جانبية خطيرة لعلاجات يعتمدها مرضى الخرف
- الصين تدعو للتعاون النشط مع روسيا في قضية الهجوم الإرهابي عل ...
- البنتاغون يرفض التعليق على سحب دبابات -أبرامز- من ميدان القت ...
- الإفراج عن أشهر -قاتلة- في بريطانيا
- -وعدته بممارسة الجنس-.. معلمة تعترف بقتل عشيقها -الخائن- ودف ...
- مسؤول: الولايات المتحدة خسرت 3 طائرات مسيرة بالقرب من اليمن ...
- السعودية.. مقطع فيديو يوثق لحظة انفجار -قدر ضغط- في منزل وتس ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيرة أمير ...
- 4 شهداء و30 مصابا في غارة إسرائيلية على منزل بمخيم النصيرات ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد مضيه - إجراء وقائي للأقصى عبر المحكمة الدولية