|
بينَ الواجبِ والمِنّة
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3726 - 2012 / 5 / 13 - 10:50
المحور:
حقوق الانسان
في بريدي الألكتروني ، رسالة من بضعة أسطر ، فيها عبرة جميلة : " في إحدى المُدن الامريكية قبلَ أكثر من مئة سنة .. جئ بِرجلٍ مُسِن الى المحكمة ، حيث كانَ مُتهَماً ، بِسرقة رغيف خُبز . سأله القاضي .. فلَم ينكُر المُتهَم وأجاب : نعم سيادة القاضي ، لقد كنتُ جائعاً جداً .. ولا أملك النقود طبعاً . فقال القاضي : أن عقوبتكَ هي ان تدفع غرامة عشرة دولارات .. وبما أنني أعرف أنكَ لاتملك المال .. فسوفَ ادفعها بدلاً منك ! . أخرجَ القاضي من جيبه عشرة دولارات وسلمها الى موظف المحكمة . ثم خاطَبَ الجالسين في القاعة : حكمتْ المحكمة .. أن يدفع كُل واحد من الحاضرين عشرة دولارات ! . فسألوهُ لماذا ؟ قال : لأنكم تعيشون في مدينةٍ يضطرُ المسن الفقير ، فيها الى سرقة رغيف خُبز ! .. جمعَ 480 دولاراً واعطاها للرجل العجوز !! ... يُقال ان هذه الواقعة ، كانتْ من أهم الأسباب ، في تشريع قوانين الرعاية الاجتماعية .. لاحقاً بعد سنواتٍ عديدة " . ان دَور [ الدولة ] حاسمٌ وضروري ، في تأمين الرعاية الإجتماعية ، للمُسنين والعجَزة والعاطلين عن العمل .. الى جانب توفير حَدٍ معقول من الخدمات الأساسية للجميع ، من قبيل السَكَن والكهرباء والماء الصالح للشرب والغذاء والتعليم والرعاية الصحية والتنظيف .. الخ ... على ان يكون الاطفال والمرأة ، من أولويات الدولة . ومعظم الدول تعتمد على نظامٍ ضريبي يسري على الجميع بدون إستثناء [ أما في بعض البلدان التي لها واردات ضخمة مُقارنة مع نفوسها ، مثل بعض بلدان الخليج ، فأن الدولة توفِر الخدمات والسكن بدون فرض ضريبة تُذكَر ]، ويُراعي القانون الضريبي ، الطبقات الفقيرة وذات الدخل المحدود .. ويفرض ضريبة تصاعدية على الأغنياء والميسورين . وتتكفل الدولة بالمُقابِل .. بتأمين الخدمات الأساسية للمواطنين ويُعتبَر ذلك ، من اولى واجباتها تجاه المجتمَع . المسألة ، ببساطة ، هي إيجاد مُعادلة مُتوازنة ، ما بين : الواجبات والحقوق . المواطن عليه أن يلتزم بالقوانين ، والدولة عليها ان تُوّفِر له الحماية والخدمات الاساسية . المواطن حين يُخضِع نفسه للقانون ، فأنه تعبيرٌ عن تنفيذه للعَقد الإجتماعي المُبرَم ما بينه كَفَرد ، وبين المجتمع ككُل .. والدولة حين تحمي المواطن وتُقدِم له كافة الخدمات ، فأن ذلك " واجبها " وليستْ مِنّة . العقلية التي تُدير الدولة والحكومة في العراق ، لازالتْ هي نفسها القديمة والمُتخلِفة .. والضبابية تلف المشهد العراقي عموماً .. فلا نحنُ مثل دول الخليج التي تقدم كافة الخدمات لمواطنيها ، من دون فرض ضرائب ثقيلة .. ولا نحن مثل الدول الاوروبية ، التي تفرض ضرائب تصاعدية حسب الدخل وتوفر خدمات ممتازة بالمقابل [ وفي كِلا الحالتَين ، هنالك رعاية جيدة للمُسنين والمعوقين والعاطلين .. الخ ]. فليسَ عندنا هنا ، نظام ضريبي واضح وعادل .. بل قبل ذلك ، لايوجد إلتزام بالقانون أصلاً .. أي قانون وليس القانون الضريبي فقط .. والسبب الرئيسي في ذلك ، يعود الى ان القادة والمسؤولين " الذين من المُفتَرض ان يكونوا هُم أول مَنْ يلتزم بالقانون" .. هُم الذين يخرقونه ويدوسون عليه في كُل لحظة !. ان ذهنية " المكرمة " لازالتْ هي المُسيطرة ، على عقول القادة والزعماء عندنا .. ولا زالوا عندما ، يقومون بجزءٍ بسيط من [[ واجباتهم ]] تجاهنا .. يعتبرون ذلك مِنّة وإنجازاً !!.
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كركوك بؤرة التوّتُر
-
مُظاهرة أمامَ البرلمان الكردستاني
-
غرابة الحياة
-
كيفَ تُقّيِم زُعماءنا اليوم ؟
-
بعض أوساخ السياسة ... الموصل نموذجاً
-
- إتحاد الرِجال - والقطط الشَرِسة !
-
هل ستجري إنتخابات مجالس المحافظات في موعدها ؟
-
حمايات مشبوهة
-
التدليل الزائد
-
مِن نكد الدُنيا علينا
-
قوانيننا وقوانينهم
-
الوضع العراقي : خمسة على خمسة !
-
أمريكي .. يتحّدث مع نفسهِ
-
وطنٌ مِنْ زُجاج
-
أقليم كردستان : تغّيرات مُحتَمَلة في المشهد السياسي
-
الى صديقي الإيزيدي : أعتذرُ منك وأطلبُ الصفح
-
الكُتل السياسية .. والحساب بِدِقة
-
بينَ زَمَنَين
-
في الموصل ... خارطة سياسية جديدة
-
الأمريكي ... الصديق المُحايِد
المزيد.....
-
التعاون الإسلامي تؤكد ضرورة تكثيف الجهود لوقف جرائم الحرب بح
...
-
-العفو الدولية- تتهم السلطات الكردية بارتكاب جرائم حرب في سو
...
-
فرنسا تطرد مئات المهاجرين من باريس قبل انطلاق الألعاب الأولم
...
-
1900 حالة اعتقال بالقدس منذ 7 أكتوبر
-
ميلوني تشيد بالكفاح المشترك مع تونس ضد مافيا تهريب البشر
-
موظفون في -غوغل- يتظاهرون رفضا للعمل مع إسرائيل (صور + فيديو
...
-
اتهام الإدارة الكردية في سوريا بارتكاب جرائم حرب برعاية أمير
...
-
اعتقال موظفين بـ-غوغل- عقب احتجاجهم على علاقاتها مع إسرائيل
...
-
مجلس الأمن ينظر في عضوية فلسطين في الأمم المتحدة: -سلطة عباس
...
-
الأمم المتحدة: أمطار غزيرة تجرف ملاجئ النازحين في اليمن
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|