أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - مصطفى مجدي الجمال - إنقاذ ثورة مصر من الضياع















المزيد.....

إنقاذ ثورة مصر من الضياع


مصطفى مجدي الجمال

الحوار المتمدن-العدد: 3716 - 2012 / 5 / 3 - 18:54
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


واحدة من أحرج لحظات الثورة المصرية تلك التي تجري حاليًا.. فالثورة المضادة بكافة تلاوينها تتجمع الآن ضد قوى الثورة الحقيقية وتتآمر على المكاسب النسبية التي حققتها، بل إن قوى الثورة المضادة قد تتصادم أو تتفاوض تفاوضًا خشنًا فيما بينها في مواقف جزئية أو ظرفية من أجل توزيع الحصص أو فيما يتعلق بتحديد نوع الدكتاتورية المقبلة لإيقاف تيار الثورة.

وقد سبق أن قلت في مقال سابق إن مصر مهددة باختيار شاق وبائس بين دكتاتورية دينية ودكتاتورية عسكرية، وربما تكون هناك دكتاتورية مشتركة بين الاثنتين مع إشراك قوى "ليبرالية"، وبشرط تمتع كل مشروع من هذه المشروعات بمباركة خارجية، من الولايات المتحدة، ومن السعودية وإسرائيل في الدرجة الثانية.

لن نتوقف كثيرًا عند تشريح الأسباب وراء المأزق الحالي للثورة المصرية، فيمكن الرجوع إليها في العديد من مقالاتي السابقة على الحوار المتمدن. لكنني سأركز هنا على الأسباب الذاتية في جانب القوى الثورية.

أولها أنه على الرغم من أن تصاعد الاحتجاجات الاجتماعية- الاقتصادية قد لعب الدور الحاسم في الإطاحة برموز السلطة يوم 11 فبراير.. فإن القيادات الثورية تركت هذه التحركات الطبقية دون تنسيق، بل إن النشطاء الثوريين في المجال النقابي انقسموا على أنفسهم بسبب الدوافع الذاتية للقيادات النقابية المذكورة، وكانت النتيجة المنطقية عدم القدرة على ربط النضال الطبقي- الاجتماعي بالنضال السياسي. وكان النجاح في تحقيق الرابطة من أهم شروط سد الثغرة التي تمر منها الآن قوى الثورة المضادة من القيادات العسكرية ومعظم تيارات الإسلام السياسي وبقايا النظام السياسي السابق في أجهزة السلطة المركزية والمحلية.

وثاني الأسباب أن معظم القيادات السياسية للتيارات الديمقراطية الثورية قد انجرفت وراء فكرة أن التحول الديمقراطي هو "الحلقة الرئيسية في تطور الثورة المصرية"، بمعنى أنها المجال الذي إن تحققت فيه مكاسب رئيسية ستتوالى بعده الإنجازات في كل المجالات. وهي فكرة قد تبدو معقولة في لحظة تاريخية ما، لكنها ليست هكذا على الدوام. فمن الواضح الآن أن إضفاء طابع النضال الطبقي/ المطالب الاجتماعية على النضال الديمقراطي/ السياسي كان كفيلاً إلى حد كبير بسد الطريق أمام الهوس الديني الذي يسيطر تقريبًا الآن- وإن بدرجات متذبذبة- على المجال السياسي. وذلك انطلاقًا من فرضية أراها سليمة تقوم على أن الأساس الطبقي/ الاجتماعي لخطاب معظم الزعامات والتنظيمات الإسلامية معادٍ بطبيعته للجماهير الشعبية العريضة.

كما أن فكرة "الديمقراطية هي الحلقة الرئيسية" قد تجاهلت واقع التردي المريع للثقافة السياسية في بلدنا، بعد عقود طويلة من الكبت والتجهيل وإقحام الدين على السياسة.. فضلاً عن أن عشرات الملايين من الفقراء والمهمشين لا يمكن أن يكتسبوا ثقافة سياسية ثورية بين عشية وضحاها، خاصة في ظل الحالة المعروفة للتيارات السياسية الثورية من عزلة وضعف وانقسام.

وثالث الأسباب ذلك التفكك الذي لحق بالحركات والجماعات الشبابية التي لعبت دورًا بارزًا وباهرًا في إقصاء رموز النظام السابق، وهو التفكك الذي نجم عن توزع قيادات الحركات على الأحزاب الجديدة الناشئة، والأمراض الذاتية لبعض القيادات تحت ضغط مغريات الاستيعاب وبفعل "النزق" الثوري.. فضلاً عن كونها حركات انتظمت وتطورت تحت برامج حركية لإسقاط النظام، ولم تستطع سريعًا التحول إلى حركات ذات برامج سياسية موحدة لتحقيق التحول الديمقراطي والعدل الاجتماعي والتنوير والمواطنة..

وقد أسهم بعض السياسيين في تغذية نزعة غير صحية عند بعض قيادات الشباب فحواها التركيز على ما تسمى "الفجوة الجيلية" وتصوير العمل الثوري على أنه "يبدأ من الصفر"، وإهمال والتسفيه لكل نضالات وتضحيات الأجيال السابقة بكل أخطائها وعثراتها وأوجه ضعفها.

والسبب الرابع يتعلق بحقيقة لم يدركها الشباب الثوري في توقيت مناسب، ألا وهي أن الثورة اندلعت أساسًا في القاهرة والمدن الكبرى، ولم تصل بنفس الدرجة إلى أعماق الريف المصري وحتى الأحياء الفقيرة في المدن.. كما لم يدركوا حجم النفوذ و"قوة العادة" اللذين مازالت قوى الثورة المضادة تستند عليهما في تلك المواقع..

وأيضًا لم تدرك قوى الثورة أن الإفراط في استخدام أساليب ثورية بعينها (مثل الاعتصامات والإضرابات وقطع الطرق..) يمكن أن يدفع إلى مقدمة التحركات بعناصر مغامرة وانتهازية، وأيضًا ربما يفتح ثغرة يمر منها أنصار الدكتاتورية العسكرية أو الدكتاتورية الدينية لحبك المؤامرات وتشويه الثورة. كما أن ذلك الإفراط والاستهلاك الزائد لأساليب نضالية معينة يمكن أن يلحق الأذى المباشر بمصالح بعض الشرائح الاجتماعية من حرفيين وعمال مياومة وصغار تجار والكثير من فئات ما تسمى البرجوازية الصغيرة، وهم من قوى الثورة موضوعيًا، الأمر الذي قد يدفعهم إلى التشكك في جدوى التصعيد الثوري المتواصل، وربما الانحياز إلى قوى الثورة المضادة في لحظات حالكة السواد. خاصة إذا أضفنا إلى هذه الصور ذلك التسيب الأمني وانتشار الجريمة والبلطجة.

في ظل هذه الأوضاع اتخذ نضال قوى الثورة طابع الانجرار وراء الثنائيات.. فإما النضال الاجتماعي- الاقتصادي وإما السباق الانتخابي والبناء الحزبي.. وإما الميدان وإما البرلمان.. والأخطر كان الانقسام بين المصطفين إلى جانب العسكر، وبين المصطفين وراء هذا الاتجاه أو الزعيم الإسلامي أو ذاك..

ومما زاد من خطورة هذا الوضع غياب الحوار العقلاني- قبل الديمقراطي- بين قوى الثورة.. وإذا كانت شبكات التواصل الاجتماعي (فيس بوك وتويتر..) قد لعبت دورًا هائلاً في التعبئة لإسقاط نظام الحكم السابق، فقد أصبحت في بعض الأحيان تلعب دورًا سلبيًا من خلال الخطاب المنفلت في تبادل الاتهامات بين قوى الثورة، وفي الترويج لزعامات إصلاحية وعشوائية على السواء.

مشكلة الثورة المصرية الآن هي مشكلة البحث عن طريق ثالث.. وهي مشكلة عويصة في حالة أن تكون القوى الثورية منقسمة على نفسها، وكثير من جسم الحركة الثورية عبارة عن مئات الألوف من الشباب الذين دخلوا المجال السياسي "فجأة" والذين لا يملكون برنامجًا موحدًا للبناء، بل وحتى لا يملكون رؤية موحدة حول تحدي أعداء الثورة وكيفية استئصالهم.

ونظرًا لأن الأيام المقبلة تحمل سيناريوهات في غاية الخطورة، أخطرها على الإطلاق سيناريو الفوضى في خدمة دكتاتورية وربما فاشية زاحفة، يرى الكاتب أن هناك عددًا من المهام العاجلة التي يجب الشروع فيها على الفور:

(1) الاتفاق فورًا على مرشح واحد للقوى الثورية لمنصب رئيس الجمهورية، وفي هذه اللحظة أرى أن تعطى الأولوية للمرشح القادر على إحراز أكبر نتيجة للقوى الثورية، كما يجب الاتفاق من الآن على المرشح الذي يمكن التصويت له في حالة إجراء جولة انتخابية ثانية بين مرشحين لا ينتميان للثورة، بمعنى تكتيك "أهون الأضرار".

(2) أن تبادر القوى الثورية بوضع مشروع متكامل للدستور وطرحه على المجتمع حتى يكون أساس النقاش المجتمعي في المرحلة المقبلة.

(3) المبادرة فورًا إلى إيقاف مهزلة الانقسام بين النقابات المستقلة، وتعرية سماسرة العمل النقابي الذي سيعترضون هذا الطريق، مع تبني تكتيك واضح إزاء اتحاد العمال الرسمي.

(4) تشكيل قيادة ميدانية موحدة للقوى الثورية لتقرر متى وأين ومن أجل ماذا ومع من يتم القيام بفعاليات حركية كالاعتصامات والإضرابات والمسيرات..

(5) الإعلان فورًا عن قيادة جبهوية موحدة للقوى الديمقراطية الثورية (وخاصة اليسار الماركسي والناصري والحركات الشبابية الراديكالية..) لتكون بمثابة أساس يمكن البناء عليه لإنشاء جبهة ديمقراطية عريضة للقوى المدنية الديمقراطية (غير الموالية للجنرالات والشيوخ).. وربما كان من أوجب الخطوات هنا المبادرة فورًا بتوحيد الأحزاب الاشتراكية المتقاربة مع بعضها مع ضمان الديمقراطية الداخلية والالتزام الحزبي.



#مصطفى_مجدي_الجمال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طرائف يسارية
- حتى لا تحترق مصر
- جبهة أم منابر حزبية
- يسار ب 3 رؤساء
- اليسار والاختيار
- ثلاث -شرعيات-.. و -كروكي- لصدام هائل وشيك
- مصر.. لحظة تاريخية مجنونة
- دروس متعددة ليسار يجب أن يتحد
- للدكتاتورية المحتملة في مصر.. وجهان
- الثورة المنشولة
- حوار مع خليل كلفت
- الثورات وأمراض اليسار العربي الخلقية والمكتسبة [1/2]
- ماسبيرو وثقافة -الكيد الثوري-!!
- الشيوعيون العرب في الحقبة السوفيتية (استرجاع)
- هاجس الفوضى والفاشية في الثورة المصرية
- احتكارات جنوبية!!
- معركة البحوث الاجتماعية في القضاء على الإيدز
- استراتيجيات إدارة المشروع الوطنى فى عصر المنافسة المفتوحة
- عندما تكونت جبهة التروتسكي والإخواني
- اليسار والمال.. من يقهر الآخر ؟!


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - مصطفى مجدي الجمال - إنقاذ ثورة مصر من الضياع