أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - مصطفى مجدي الجمال - ماسبيرو وثقافة -الكيد الثوري-!!















المزيد.....

ماسبيرو وثقافة -الكيد الثوري-!!


مصطفى مجدي الجمال

الحوار المتمدن-العدد: 3515 - 2011 / 10 / 13 - 07:20
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


ماسبيرو وثقافة "الكيد الثوري"!!
أحيانًا يضطر المرء إلى الإفصاح عن مشاعر وهواجس قد يحرص لفترة على كبتها تجنبًا لسوء الفهم المتوقع والمفهوم من رفاقه وحلفائه.. خاصةً في فترات الاستقطاب الحاد في مواجهةٍ ما، تجري في ظرف ملموس قد يكون عابرًا، ومن ثم يتطلب الأمر منه التزام أقصى درجات الحذر في الصياغة حتى تنجلي الرؤية في ظروف أخرى تتراجع فيها العواطف وتهدأ الحناجر.
لا شك أن الثوري يضطر أحيانًا إلى القبول باصطفاف قوى غير ثورية إلى جانبه في لحظة ما، وعليه بالطبع أن يستفيد من أي خلخلة يحدثها هذا في الجبهة المقابلة.. لكن علي الثوري بنفس القدر أن يحافظ على "ثوابته" ومبادئه فلا ينجرف إلى منطق آخر لا بد أن يكون مختلفًا عنه.. بل مناقض له.
أعود هنا إلى مواقف بعينها قبل انتفاضة 25 يناير.. فلا شك أن نظام مبارك كان في حالة من الصراع مع جماعة الإخوان المسلمين، رغم عدم وجود اختلاف نوعي في الأساس الاجتماعي لكل من النظام السابق والجماعة. وبالطبع كان من المنطقي أن ترفع الجماعة شعارات الديمقراطية والمواقف الوطنية إزاء "التناقض الخارجي"..
حينها رأى البعض من الثوريين ضرورة الاستفادة من هذا التناقض البازغ الذي اتخذ أحيانًا صورة "تكسير العظم" بالاعتقالات والمحاكمات العسكرية ومصادرة الأموال.. الخ.. وحينها أيضًا لم يكن هناك اعتراض على المشاركة مع الإخوان في الحركات الاحتجاجية السياسية، بل تم دفع الإخوان دفعًا إلى الاعتراف- الشكلي طبعًا- بضرورة قيام الدولة المدنية.. غير أن بعض الثوريين- من التروتسكيين واليسار الجديد أساسًا- غالوا في هذا الاتجاه إلى حد الإعلان عن تشكيل جبهة سياسية مع الإخوان المسلمين..
وهنا يبرز ما أسميه بـ "ثقافة الكيد".. أي محاولة الاستفادة من كل العناصر المتاحة لإغاظة النظام وتشديد الضغط عليه.. دون مبالاة من النتائج المباشرة وغير المباشرة لهكذا تحالف..
فلم يجد بعض الثوريين حرجًا في تسمية خيرت الشاطر وأباطرة المال الإسلامي وقيادات التنظيم الدولي للإخوان المسلمين بالمناضلين من أجل الحرية.. ولم يجد أحد زعماء اليسار "الجديد" (بالمعنى الزمني) عيبًا في الهتاف العنصري: "خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود".. ولم يرَ البعض تزيدًا في الهتاف بحياة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد..
لم يكن من الممكن طبعًا استمرار هذه "الجبهة" المعيبة بعد 25 يناير، خاصة بعدما كشف الإخوان عن حقيقة برنامجهم السياسي على الأرض والتفافهم على شعارات الديمقراطية والمدنية التي اضطروا إلى رفعها سابقًا، وكذلك بعدما دخلت إلى الساحة جحافل السلفيين الوهابيين الأقحاح الذين يزايدون على الإخوان في بضاعتهم..
مقابل هذا لم ينجح اليسار والقوى المدنية في تكوين فعاليات وأشكال تنظيمية جبهوية وجماهيرية بينهم في مواجهة تلاعب العسكر بالسلطة المؤقتة وطمعهم في مكاسب دائمة للمؤسسة العسكرية يتم تقنينها دستوريًا.. وفي مواجهة قوى الإسلام السياسي التي تتمتع بمقومات مالية وتنظيمية وجماهيرية وإعلامية مهولة..
لعل المشكلة الرئيسية أمام قيام تحالف ديمقراطي متماسك تتمثل في ذلك الترابط الموضوعي بين النضالين الاجتماعي والديمقراطي.. الأمر الذي يجعل من الصعب جدًا إقامة تحالف يمكن أن يعيش لفترة متوسطة مع القوى الليبرالية.. وبالفعل كان تعاظم الاحتجاجات الاجتماعية "الفئوية" من أهم عوامل الضغط المباشر على المجلس العسكري..
وعلى الرغم من هذا التطور الإيجابي نحو تجذير الثورة فإنه لم يبلغ بعد مرحلة جمع كل هذه الاحتجاجات في حركة اجتماعية واحدة تتفق على شعارات جامعة.. مع ذلك ربما كان من أفضل الهدايا التي تُقدم للمجلس العسكري للخروج من ورطته هذه أن يتخذ الانقسام في المجتمع بعدًا عموديًا، أي طائفيًا، الأمر الذي يعطي المزيد من الذرائع لعودة صريحة أو مغطاة للدكتاتورية بحجة الحفاظ على جسم المجتمع من حُمّى الطائفية..
لا شك أن للأقباط المصريين مطالب مشروعة تجمع عليها كل القوى الديمقراطية حقًا.. لكن إنجاز هذا المطالب لن يكون بتحرك طائفي، وإنما يجب أن يتم عبر تحويل ديمقراطي شامل وعميق للمجتمع المصري، وفي مقدمته حسم مسألة السلطة لصالح القوى الديمقراطية..
مع ذلك.. وفي ظل الجمود النسبي، وربما التراجع، الذي شهدته الساحة الثورية في الأسابيع الأخيرة، وجد بعض اليساريين أنه من المناسب تمتين العلاقات والاشتراك في فعاليات الاحتجاج القبطي/ الطائفي.. وفي ظل هذا الاختيار تجاهل البعض طبيعة المؤسسة الكنسية المصرية التي تمارس بعض أشكال القهر ضد المسيحيين أنفسهم في أحوالهم الشخصية..
لقد كان من أسوأ "إنجازات" نظام مبارك أن أصبحت الكنيسة هي الوسيط بين الدولة والأقباط، ولم يجد كثير من الأقباط مفرًا- إزاء ما يتعرضون له من تهميش وتمييز- من الرضوخ لفكرة أن الكنيسة هي المتحدث الرسمي والمفاوض باسم "الشعب القبطي".. وقد بدأت الكنيسة بعد الثورة تحاول الاستفادة من الدور الذي لعبه المواطنون والشباب القبطي في الثورة.. كي تنتزع ما عجزت عن انتزاعه من حقوق في الفترات السابقة.. خصوصًا في ظل تفاقم نفوذ الإسلام السياسي..
المهم أن بعض اليساريين قد انخرطوا بشرف في الدفاع عن المطالب المشروعة للأقباط.. لكنهم تغاضوا أيضًا عن مخاطر الاستقطاب الطائفي في المجتمع على الثورة بأكملها.. وتغاضوا عن رفع الصلبان في التظاهرات التي يشتركون فيها، رغم أن اليسار كان يدين دائمًا رفع المصاحف وترديد الشعارات الإسلامية.. وتغاضوا عن الحماقات التي ارتكبها بعض الغلاة الطائفيين المطالبين بالحماية الدولية والتدخل الأمريكي.. وتغاضوا مثلاً عن تهديد أحد رجال الدين بقتل محافظ أسوان "خلال 48 ساعة"..
هذه هي ما أسميها ثقافة "الكيد".. أي أن الثوري قد يضحي بمقتضاها ببعض مبادئه من أجل تحقيق هدف تكتيكي واضح ضد عدو مباشر هو المجلس العسكري في حالتنا.. ولا أفهم أن يهتف يساريون في قاعات الكنائس أثناء الصلاة على شهداء ماسبيرو بسقوط حكم العسكر، رغم أننا لا نحب أن تتحول المساجد والكنائس على السواء إلى ساحات للسياسة..
في الحقيقة أنني لست مرتاحًا بالمرة لبعض التناول اليساري لأحداث ماسبيرو الأخيرة.. فعلى الرغم من تسليمي بأن المجلس العسكري يحاول الإبقاء على جوهر النظام الاجتماعي والحفاظ مستقبلاً على وضعية متميزة للمؤسسة العسكرية مع تقديم بعض التنازلات السياسية.. وعلى الرغم من إدانتي للمجزرة البشعة التي ارتكبتها الشرطة العسكرية والبلطجية والمتعصبون طائفيًا.. على الرغم من هذا كله لم أفهم مثلاً لماذا تصمت أقلام يسارية عن ممارسات طائفية لا تخطئها العين أو الأذن.. فلا إدانة بالقدر نفسه للتحريض الطائفي ولا لاستدعاء التدخل الأجنبي..
كما لا أفهم أن يصل "الكيد" بالكثيرين إلى مرحلة المساواة بين المجلس العسكري والجيش المصري.. ولا أتصور أنهم لا يدركون أنهم بهذه المساواة يدفعون مئات الألوف من الجنود والضباط إلى الشك- على الأقل- في الثورة.. ثم إن تصوير التناقض في هذه اللحظة على أنه تناقض بين الجيش والأقباط يعد حماقة منقطعة النظير بزرع الحالة الطائفية داخل جيش ضخم من المنطقي أن تكون أغلبيته من المسلمين.. ناهيك عن هذه الهدية الثمينة التي تقدم هنا للإسلام السياسي ليعزز نفوذه داخل الجيش.. فما هو المكسب الذي ستجنيه الثورة من هذا..
لا بد من الاستمرار في النضال من أجل الإسراع بإنهاء المرحلة الانتقالية وحكم المجلس العسكري من أجل بناء جمهورية برلمانية وإضفاء الديمقراطية على سائر مناحي الحياة الاجتماعية..
ولا بد من تطوير ثورتنا لتكتسب كامل أبعادها الاجتماعية والسياسية والثقافية والوطنية.. وهو ما يتطلب منا- ضمنًا- مقاومة النزعات الطائفية والعرقية والجهوية.. أو على الأقل عدم الانجرار وراءها حتى لو كانت ستكسبنا شعبية مؤقتة وسط قطاع بعينه في المجتمع..
أما التمادي في ممارسة ثقافة "الكيد الثوري" فسيجعلنا نخسر أنفسنا آخر المطاف.



#مصطفى_مجدي_الجمال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشيوعيون العرب في الحقبة السوفيتية (استرجاع)
- هاجس الفوضى والفاشية في الثورة المصرية
- احتكارات جنوبية!!
- معركة البحوث الاجتماعية في القضاء على الإيدز
- استراتيجيات إدارة المشروع الوطنى فى عصر المنافسة المفتوحة
- عندما تكونت جبهة التروتسكي والإخواني
- اليسار والمال.. من يقهر الآخر ؟!
- عندما تتناقض حرية الرأي مع حرمة الوطن
- كيف كنا نتساءل عن أزمة الديمقراطية المصرية قبل ثلاثة أعوام؟
- وطني وصباي وعبد الناصر !!
- تقدير موقف للثورة المصرية ومبادرة للحزب الاشتراكي
- فيروس الانقسامية في اليسار المصري
- الفطام الذي طال انتظاره
- المال السياسي
- الإخوان وأمريكا .. الغزل الماجن
- الديمقراطية .. والمدرب الأجنبي !!
- إنقاذ الثورات العربية من الاختراق
- ترجمة أفريقيا
- إصلاح الشرطة يبدأ من -كشف الهيئة-
- ميلاد الاشتراكي المصري.. والسماء تتسع لأكثر من قمر!!!


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - مصطفى مجدي الجمال - ماسبيرو وثقافة -الكيد الثوري-!!