أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - مصطفى مجدي الجمال - عندما تتناقض حرية الرأي مع حرمة الوطن















المزيد.....

عندما تتناقض حرية الرأي مع حرمة الوطن


مصطفى مجدي الجمال

الحوار المتمدن-العدد: 3465 - 2011 / 8 / 23 - 08:01
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


ليسمح لي القراء أن أضع أمامهم جدلاً بين بعض اليساريين المصريين في مسألة قد تبدو ثانوية.. فقد لاحظت أن بعض المناضلين الشرفاء الذين أفنوا شبابهم وكهولتهم دفاعًا عن حرية الرأي، تأكيدًا لمقولة فولتير الخالدة "قد أختلف معك في الرأي، لكني على استعداد لأن أدفع حياتي ثمنا لحقك في الدفاع عن رأيك".. هؤلاء يشتركون في حملات تدعو للتضامن مع الشاب "مايكل منير سند" الذي يقضي عقوبة في السجن الحربي بتهمة إهانة الجيش والمجلس العسكري.. وأطلق عليه البعض لقب أول سجين رأي بعد ثورة 25 يناير..
ولأنني مثل زملائي ذقت مرارة السجن بسبب آرائي فلا بد وأن أتعاطف مع هذا الشاب البائس في محنته.. ولكن مشكلتي التي تفجرت مع ذاتي تتمثل في أنه سرعان ما تبخر تعاطفي معه بعدما طالعت مجموعة مقالاته، وفي الحقيقة خشيت أن تأتي تلك اللحظة التي أمسك فيها بتلابيب نفسي وأنا أتنكر لشعار فولتير سابق الذكر بسبب اشمئزازي من هول ما قرأته من آراء هذا الشاب البائس..
في ظل هذه الحيرة لم أجد حرجًا في أن أضع على صفحتي في موقع الفيس بوك المداخلة التالية مستمزجًا آراء الأصدقاء، خاصة بعد أن رأيت عدد المنضمين لحملة الإفراج عنه يزيد عن الـ 22 ألفًا:-
(الحقيقة أنا متحير في الموقف من مايكل نبيل سند الذي أعلن بعض المخلصين للديمقراطية حملات للدفاع عنه باعتباره سجين رأي.. لكن انظروا إلى تعريفه لنفسه على صفحته بموقع الحوار المتمدن "ليبرالي ، عالماني ، رأسمالي ، نسوى ، مناصر للغرب ، منحاز لإسرائيل ، ملحد ، مادي ، واقعي ، مناصر للعولمة ، معادى للختان ، معادى للتجنيد الإجباري".. صحيح أن هذه آراء في النهاية مستفزة للغاية.. ولكن أن يقول شخص إنه منحاز لإسرائيل.. فهل هذا مجرد رأي.. أرجوكم أفيدوني فأنا في الحقيقة متحير)..
عقب على مداخلتي الفنان رضا الجمال بقوله: "هو حر يا أخ مصطفى.. واحد مخبول.. هتعمله إيه.. هناك الكثير أمثاله"..
قلت لنفسي إن كونه مخبولاً لا يحل المشكلة على الإطلاق..
وعاجلاً جاءتني المداخلة التالية من الأستاذ عادل المشد القيادي في حزب التحالف الشعبي الاشتراكي:
"عزيزي مصطفى.. طبيعي أنت تعرف أنني ربما أشمئز من فكرة كون أحد المصريين يعرف نفسه بأنه منحاز لإسرائيل، ورغم ذلك فالمسألة مسألة مبدأ: لا يجب أن يحاسب أحد على أفكاره، أيًا كانت تلك الأفكار. أي قانون محترم في العالم يحاسب الناس على أفعالهم إذا كانت محل تجريم، أما الأفكار فلا يجوز بحال محاكمتها. وفي تقديري أنك مثلي تتبني بعض الأفكار التي إن جاء السلفيون للحكم فسيرونها - لو استقر جواز المحاسبة علي الأفكار كمبدأ - تستحق المحاكمة. ساعتها لن نجد أحداً من أصدقائنا يمكنه أن يحضر لنا عيش وحلاوة، لأنهم جميعاً سيكونون بجوارنا في زنزانات مجاورة".
فكان أن رددت عليه بالمداخلة التالية:
"الأستاذ والصديق عادل المشد.. أنا لا أتحدث عن حبسه.. أنا أتحدث عن منطقية أن يقوم اليساريون بحملات تضامن معه هو بالذات.. وهل يستطيع اليسار أن يبرر أمام الجمهور العادي الدفاع عن رجل يعرف نفسه بمثل هذه المواصفات.. مازلت متحيرًا".
أما زميلي في الحزب الاشتراكي المصري المناضل الفذ إلهامي الميرغني، فقد علق قائلاً إنه حر في رأيه بأن الشعب والجيش ليسا "يدًا واحدة".. ولكنه عاب على من ينظمون حملات تضامن معه بأنهم من مرتزقة المنظمات غير الحكومية.. ونصحني قائلاً "خلينا في مشاكلنا التي تحتاج إلى كل جهودنا".
وبالطبع كانت هناك أيضًا مداخلات عديدة صبت جام الغضب على هذا الشاب.. ولكنني أظنها لا تحل لنا المشكلة..
ثم جاءت مداخلة المناضل العتيد الشيخ محمد عبد السلام ابن قرية شبراويش / دقهلية لتنير أمامي عدة نقاط إضافية.. حيث كتب:
(الخلط والعوج والاضطراب في المنقول من كلام المحكوم مايكل..ظاهر، ولأنه لم يرفع سلاحًا في وجه أحد فمحكوميته ظالمة، ومظلوميتها تفتح ثغرة ليصنع منه البعض ضحية.. ولهذا فتخليصه من قبضة المتجاوزين على الحق واجب يحررنا من مضاف- رغم أنفه- إلى قائمة ليست له.. وحقه الترشيد أو العلاج أو الحجر في النهاية)
وقررت إمعان التفكير أكثر في المسألة..
قلت أولاً إنه لا شك أن آراء الشاب شاذة للغاية.. ولكن من المؤكد أنه قد استحق عنها كل هذا التأييد من منظمات حقوق الإنسان الغربية.. كما أن السنوات الطويلة من القهر السياسي جعلت شباب الثورة يضعون قيم الديمقراطية أسمى من أي اعتبار آخر.. ومن ثم يتعاطفون بحسم مع كل سجين رأي..
لكن هل هو بالفعل مجرد سجين رأي؟ هل يمكن أن تكون منحازًا لدولة معادية وتحتمي بحرية الرأي؟! ثم إن إسرائيل ليست دولة معادية وحسب، وإنما هي كيان عنصري استعماري يمارس الفاشية والتمييز العنصري والعدوان والقتل المنهجي بحق العرب، سواء على أرض فلسطين أم خارجها.. فهل يمكن أن تكون منحازًا لعدو فاشي وتطلب منا أن نسبغ عليك الحماية؟
ربما لو كانت الأمور بأيدينا لرأى أغلبنا أن نتركه وشأنه، وألا نمنحه اهتمامًا يزيده قيمة.. وأعود وأؤكد أنني لا أناقش هنا مسألة حبسه من عدمها، إنما أناقش ذلك التناول الرومانسي للديمقراطية الذي أزعم أنه لم يتحقق في أقدم الديمقراطيات وأعتاها..
تصور مثلاً أنه أثناء العدائيات في الحرب العالمية الثانية خرج كاتب ليعلن بأعلى صوت في لندن أنه منحاز لهتلر والنازية.. هل كان الديمقراطيون الانجليز سيتركونه لحال سبيله؟
بل إن البعض يعتقلون ويحاكمون في أوربا والولايات المتحدة بتهمة أنهم مؤيدون لحركة حماس أو الجهاد الإسلامي.. وهي نفس الدول التي تضخ إمكانيات مالية ضخمة وراء الترويج لأفكار الديمقراطية الليبرالية ودعم النشطاء المعجبين بالنموذج الغربي..
وأكثر من هذا.. من غير المسموح به في كثير من البلدان الغربية القيام بدعاية فاشية.. بل تحظى ملاحقة النازيين الجدد بتأييد كل الأحزاب الديمقراطية هناك بدافع الحرص على الديمقراطية..
إذن المسألة لا تتعلق بتأييد المجلس العسكري أو إدانته، كما لا تتصل بحرية الرأي من عدمها.. إنما هي تتصل بسؤال كبير هو: هل يجب السماح بحرية الرأي المدافع عن والمحبذ للخيانة الوطنية؟
استقر رأيي على اليقين.. لا وألف لا..
والحد الأدنى أنه لا يجوز لمناضل يساري أن يشغل نفسه بالدفاع عن آحاد شاذة.. فالوطن والنضال ضد العنصرية الصهيونية أكبر من أن نتساهل فيهما بدعوى حرية الرأي.. ولا يجوز تحويل المنحرف عن الوطنية إلى بطل شهيد..



#مصطفى_مجدي_الجمال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف كنا نتساءل عن أزمة الديمقراطية المصرية قبل ثلاثة أعوام؟
- وطني وصباي وعبد الناصر !!
- تقدير موقف للثورة المصرية ومبادرة للحزب الاشتراكي
- فيروس الانقسامية في اليسار المصري
- الفطام الذي طال انتظاره
- المال السياسي
- الإخوان وأمريكا .. الغزل الماجن
- الديمقراطية .. والمدرب الأجنبي !!
- إنقاذ الثورات العربية من الاختراق
- ترجمة أفريقيا
- إصلاح الشرطة يبدأ من -كشف الهيئة-
- ميلاد الاشتراكي المصري.. والسماء تتسع لأكثر من قمر!!!
- الجبهة في بلاد العرب (محاولة في تنظير الواقع)
- عودة الدكتور -بهيج-
- الاشتراكي والعربي .. منظور مصري
- حوار مع كريم مروة
- جوهر الديمقراطية الضائع
- صناعة المشاهير في خدمة الثورة المضادة
- المجلس العسكري وحكمة الجنرال -علي زيوار-
- الثورة كأمر واقع .. الحالة المصرية


المزيد.....




- مصور بريطاني يوثق كيف -يغرق- سكان هذه الجزيرة بالظلام لأشهر ...
- لحظة تدمير فيضانات جارفة لجسر وسط الطقس المتقلب بالشرق الأوس ...
- عمرها آلاف السنين..فرنسية تستكشف أعجوبة جيولوجية في السعودية ...
- تسبب في تحركات برلمانية.. أول صورة للفستان المثير للجدل في م ...
- -المقاومة فكرة-.. نيويورك تايمز: آلاف المقاتلين من حماس لا ي ...
- بعد 200 يوم.. غزة تحصي عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية
- وثائق: أحد مساعدي ترامب نصحه بإعادة المستندات قبل عام من تفت ...
- الخارجية الروسية تدعو الغرب إلى احترام مصالح الدول النامية
- خبير استراتيجي لـRT: إيران حققت مكاسب هائلة من ضرباتها على إ ...
- -حزب الله- يعلن استهداف مقر قيادة إسرائيلي بـ -الكاتيوشا-


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - مصطفى مجدي الجمال - عندما تتناقض حرية الرأي مع حرمة الوطن