أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - مصطفى مجدي الجمال - الاشتراكي والعربي .. منظور مصري















المزيد.....

الاشتراكي والعربي .. منظور مصري


مصطفى مجدي الجمال

الحوار المتمدن-العدد: 3390 - 2011 / 6 / 8 - 23:57
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


(صاغ الكاتب ورقة الخلفية هذه للجنة إعداد رؤية تأسيس وبرنامج الحزب الاشتراكي المصري الذي سيعلن عنه يوم 18 يونيو 2011، والورقة تعبر أساسًا عن رأي الكاتب، وهي منشورة هنا بقدر من التصرف)

إن علاقة مصر بمحيطها ليست مثل علاقة أي بلد آخر بالبلدان المجاورة له. كما أن العلاقات بين البلدان العربية ليست مثل علاقة أي بلدان ببعضها البعض. ففي هذه المنطقة مقومات كثيرة من التاريخ والثقافة والمصالح والتحديات المشتركة ما يجعلها قريبة التشابه فيما بينها، ويخلق الأسس الموضوعية والذاتية التي تدفع شعوبها ونخبها الوطنية والتقدمية نحو النضال المشترك من أجل التحرير والديمقراطية والتقدم الاجتماعي.
وهي الحقيقة التي أدركتها الإمبراطوريات الاستعمارية على مدى التاريخ، وجعلتها تضع وتنفذ المخططات الرامية إلى عزل هذه الشعوب عن بعضها، وليس أدل على هذا من إنشاء دولة الاستيطان العنصري الإحلالي التوسعي ("إسرائيل") لتكون في مقدمة وظائفها بمثابة قاعدة عسكرية عدوانية وفاصلاً مصطنعًا بين المشرق والمغرب العربيين، وخاصةً للحيلولة دون أن تضطلع مصر بدور الواصل بين المشرق والمغرب، بسبب من موقعها وثقلها السكاني والثقافي. وقد كفلت الإمبريالية للدولة العنصرية كل أنواع التفوق العسكري والتكنولوجي، وحمتها من أي محاسبة أو عقاب.. وبالفعل لم تتوقف إسرائيل عن القيام بهذا الدور الوظيفي، كما أن لها بالطبع أجندتها الخاصة، بل إن نفوذها في قلاع الإمبريالية يتزايد باستمرار.
من ثم فإن التقدم الاجتماعي في البلدان العربية، كعملية متواصلة هدفها النهائي الاشتراكية، لا يمكن أن ينعزل عن النضال ضد الإمبريالية والصهيونية، كما لا يمكن لبلد عربي واحد أن يحقق إنجازات على هذا الصعيد دون تفعيل النضال المشترك بين القوى التقدمية والشعبية في البلدان العربية معًا.
غير أن هذا النضال المشترك يزداد صعوبة، وتتسع مهامه، بفعل العوامل التالية:
1- تفسخ النظام العربي الرسمي (جمعًا وفرادى) جراء عجزه عن مواجهة العدوان الصهيوني، وانغماسه في الخلافات البينية، وعدم القدرة على تطوير نظام إقليمي فعال في عصر العولمة.. ورغم أن هذا الفشل قد ينطوي على جانب إيجابي من حيث إزالة أية أوهام متبقية عن قدرة النظم البرجوازية والقبلية على الاضطلاع بأي مشروع وطني، فإنه لم ينشأ حتى الآن البديل لهذا على مستوى التضامن والوحدة بين الشعوب العربية.
2- ازدياد شراسة الإمبريالية مستفيدة من عقدين من موجة العولمة، حيث كستها بطابع ليبرالي متوحش، فضلاً عن ازدياد قوة التيارات العدوانية والعنصرية في البلدان الغربية. وقد تمت ترجمة هذا في المنطقة العربية بأشد الصور قسوة وعدوانية (العراق، لبنان، فلسطين..) وتزداد المخاطر الكبيرة في السودان واليمن وإيران.. ولا شك أن المصالح الاستراتيجية للإمبريالية في المنطقة لا تزال كما هي، وعلى رأسها: النفط والثروات الطبيعية الأخرى، حماية إسرائيل، والسيطرة على المواقع الاستراتيجية الحاكمة (قناة السويس، باب المندب، جبل طارق، الخليج العربي، الصحراء الكبرى..). وإلى جانب استخدام النظم العربية العميلة والتابعة لحماية تلك المصالح، لم تعد القوى الإمبريالية تجد حرجًا في أن تتواجد بقواتها وأساطيلها في الأراضي والأجواء والمياه العربية. وإذا كانت الإمبريالية تحارب في الماضي قيام أي مشاريع إقليمية عربية، فهي قد انتقلت في العقود الأخيرة إلى تشجيع الكيانات الفرعية والانفصالية في البلد العربي الواحد.
3- إخفاق جميع النظم العربية في إرساء الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتحقيق التنمية، وحماية السيادة الوطنية، بل وحتى الفشل في الحفاظ على وحدة التراب الوطني والحيلولة دون الصراعات الأهلية، العرقية والطائفية والانفصالية.. ولا يرجع هذا إلى العوامل الخارجية وحدها، وإنما يرجع أساسًا إلى الطبيعة الطبقية لتلك النظم، التي تجعلها قاصرة عن الاضطلاع بمهام المرحلة التاريخية، بل إن معظمها أصبح خارج التاريخ فعليًا.
4- أدت الأوضاع السابقة إلى إلقاء أعباء هائلة على القوى الثورية والتقدمية العربية، في سياق تاريخي يتسم بتراجع، بل انكسار العملية الثورية عالميًا بعد انهيار المعسكر الاشتراكي السابق، وما تبعه من تراجع وتفتت الحركات العمالية واليسارية في البلدان الرأسمالية المتطورة، وهزائم متلاحقة لحركات التحرر الوطني.
5- أدت موجة الثورات الديمقراطية الأخيرة في العالم العربي إلى نتائج متناقضة. فإذا كانت قد أعادت الحيوية إلى الحركة الجماهيرية الديمقراطية، وانتزاعها لقدر من حرياتها السياسية والمدنية إلى حد إسقاط نظم حكم مستبدة في مصر وتونس، دون إسقاط النظام الاجتماعي أو إحداث تغيير كيفي عليه.. فإنها في الوقت نفسه قد نبهت القوى الإمبريالية- خاصة الولايات المتحدة- إلى ضرورة عدم ترك التحركات الجماهيرية الثورية تصل إلى مداها.. فاتبعت تكتيكات مختلفة ومركبة في كل بلد.. كالعمل على إثارة النعرات الطائفية والقبلية، إلى حد الدخول على مشارف الحرب الأهلية.. وكالعمل على استمالة قوى إسلامية صاعدة في إطار تنويعات مختلفة للسبناريوهين التركي والباكستاني، باعتبار هذا مرحلة لا مفر من المرور بها حتى تنهض قوى ليبرالية ذات مسحة غربية واضحة.
ولعل من أقوى الأدلة على وحدة القضايا النضالية للشعوب العربية، ذلك الترابط والتأثير المتبادل بين الانتفاضات الجماهيرية الأخيرة في البلدان العربية المختلفة.. غير أن السمة الجامعة لها كلها تقريبًا هي غياب قياة ثورية موحدة ذات برنامج سياسي واضح.. وهو ما يفسح الطريق للأسف لعمليات الاستيعاب والاحتواء والإيقاع بين القوى الثورية في البلد الواحد.
ومن ثم فإن النضال الوطني والديمقراطي والتقدمي للطبقات الكادحة والقوى السياسية التقدمية العربية مواجه بتحديات خطيرة وحالّة في مواقع عديدة خلال الفترة المقبلة.. منها:-
- رغم هزال النظام الرسمي العربي تستميت الإمبريالية من أجل القضاء على ما تبقى منه وأن تقصي أي تكامل إقليمي قائم على حقائق التاريخ والجغرافيا السياسية، لتحل محله نظامًا "إقليميًا مفتوحًا" يقوم على التشابكات الاقتصادية بين النخب الاستبدادية والبرجوازية العربية وبين الكيان الصهيوني والقوى الإمبريالية بالطبع، وذلك حتى تتكامل هذه التكتلات الإقليمية المصنوعة في عمليات العولمة الرأسمالية ولا تقف ضدها، فضلاً عن تقسيم البلدان العربية وعدم السماح مستقبلاً بأن تتوفر أسس موضوعية أو فوقية لنظام عربي مرة أخرى. ومن أبرز الأمثلة على ذلك مشروع الشرق الأوسط الكبير والمشروع الأورومتوسطي بنسخهما المختلفة. وهما مشروعان بدءا متنافسين ثم دخلا في عملية من التكامل وتقسيم الأدوار بينهما.
وهو ما يرتب على القوى الثورية والتقدمية العربية ضرورة أن تتعاون فيما بينهما من أجل استمرار النضال لإفشال هذين المشروعين، مع العمل مرحليًا من أجل تطهير النظام الإقليمي العربي من عيوبه وجوانب ضعفه، مع إكسابه طابعًا شعبيًا ولا يقف عند الفعاليات الحكومية الشكلية والمتخلفة.
- تتعرض مصر لمخاطر هائلة في الوقت الحاضر، وإن كانت جذورها ترجع إلى عقود طويلة من غياب الديمقراطية، وسياسات السادات الخيانية، والتبعية الكاملة للولايات المتحدة الأمريكية، والمواقف الذيلية من النظم العربية اليمينية والمغرقة في الرجعية. كما أن انفصال جنوب السودان يعرض أمن ووجود الجماعة المصرية لمخاطر لم يسبق له أن خبرها، خاصةً مع تزايد النفوذ الصهيوني في دول منابع النيل. أما احتمالات المستقبل في قطاع غزة فهي تحمل تهديدات أخرى لا يستطيع أي نظام التصدي لها بفعالية في ظل اتفاقات كامب ديفيد التي كبلت السيادة المصرية على بوابتها الشرقية. ونظرًا لتردي الأوضاع الاقتصادية وازدياد التبعية، فقد تزايد التدخل الأجنبي في القرارات المصرية، بل وحتى في خصوصيات المجتمع المصري (مثل العلاقة بين المسلمين والمسيحيين..).
ولن تستطيع أي حكومة مصرية أن تقف بوجه أخطار كهذه دون أن تستعيد الدور الإقليمي التقليدي المناسب لوزن مصر في المنطقة. غير أن استعادة هذا الدور نفسه تتطلب تغييرات جوهرية في طبيعة النظام الحاكم. وهما عمليتان بينهما جدل كبير ولا يمكن الفصل بينهما بحال. ومن المؤكد أن تصحيح الكثير من الأوضاع في المنطقة يتوقف على حدوث تلك التغيرات بمصر.
- تسارع عملية تصفية القضية الفلسطينية، بسبب تخلي النظم العربية عنها بل وانغماس بعضها في التطبيع السافر في إطار منظومة "الشرق الأوسط الجديد" الذي وضع نظريته بيريز، واستمرار نهج أوسلو الذي تقوده عناصر في السلطة الفلسطينية من خلال قمع المقاومة المسلحة، واعتماد مفهوم "السلام الاقتصادي" الذي وضعه شارون، والتنسيق الأمني، والتخلي عن الاستحقاقات الجوهرية للشعب الفلسطيني في قضايا الأرض واللاجئين..، وتهميش منظمة التحرير الفلسطينية، فضلاً عن النهج الانقسامي للقوى المتحكمة في قطاع غزة.
إزاء وضع كهذا يتحتم على القوى التقدمية العربية العمل معًا، ومع قوى الثورة الفلسطينية من أجل استعادة ثوابتها، وحل القضايا الخلافية على أساس المبادئ الوطنية والاحتكام إلى الديمقراطية وإرادة الشعب في الأرض المحتلة وخارجها.
- إن انفصال جنوب السودان ينذر بانهيار كامل للدولة السودانية كما عُرفت. وهذا هو الثمن الفادح الذي ستدفعه الجماعة السودانية من جراء ازدواجية حكم العسكر والتيارات الظلامية، إلى جانب إقدام القوى الانفصالية على الاستقواء بالأجنبي. ومن الممكن أن تؤدي عدوى تقسيم السودان إلى انهيارات مماثلة في الإقليم، وليس من المستبعد أن تصل آثاره السلبية إلى الدولة المصرية ذاتها.
من ثم يتوجب على القوى التقدمية المصرية أن تتعاون مع نظيرتها السودانية لإيقاف المؤامرات الإمبريالية، وكذلك العمل على حل المشكلات العرقية والطائفية من خلال بناء الدولة الديمقراطية المدنية، والتنمية العادلة، واستعادة روح التضامن والعلاقات السلمية بين الشعوب والطوائف على أرض الوطن الواحد، مع العمل في الوقت على علاج الآثار السلبية للانفصال.
- وبعد سنوات طويلة من احتلال العراق، وإدخاله في نفق الطائفية والتبعية والفشل المروع للدولة، لا بد من الوقوف مع الشعب العراقي في محنته من أجل طرد المحتل واسترداد استقلاله ووحدته وسيادته على قراره الوطني وثرواته الطبيعية، واستعادة السلم الأهلي، وإنهاء المحاصصة الطائفية، والقضاء على فرق الموت والإرهاب والجهالة..
ومن المرجح أن يكون الطريق طويلاً وصعبًا أمام هذه المهام في ظل عوامل التفكك التي أدخلها الاحتلال معه، وساعده عليها الخونة وذوو الأفق الضيق.
- وفي بلدان الخليج العربي يوجد أوسع اختراق تم للأمن القومي العربي، من خلال تواجد جحافل وقواعد الجيوش وشركات الأمن الغربية، فضلاً عن استنزاف ثروات النفط لصالح الاحتكارات العالمية الكبرى.. ومقابل الثروات المهولة التي تراكمها النخب العشائرية الحاكمة، تضطلع الأخيرة بالمساعدة في تنفيذ المخططات الإمبريالية العدوانية، كما تتكفل بالمساعدة في حل أزمات الرأسمالية العالمية من خلال توجيه فوائض الأموال العربية للأسواق المالية الغربية، وشراء كميات هائلة من السلاح الذي يصدأ في المخازن..
ولا شك أن طريق التطور الثوري في هذه البلدان يتسم بالتعقيد الشديد، ليس فقط بسبب التركيز الشديد للإمبريالية العالمية في هذه البؤرة النفطية والاستراتيجية المهمة جدًا، وإنما أيضًا بسبب القدرات المالية غير العادية التي تتمتع بها النظم الحاكمة وتمكنها من شراء الولاء في الداخل والدعم من الخارج. وهو ما يتطلب جهودًا مضاعفة لمساعدة القوة الديمقراطية والتقدمية المحلية في بناء مجتمع مدني وديمقراطي، ومواجهة النفوذ الغربي والقوى الظلامية في آنٍ واحد.
- ويكاد يكون لبنان البلد العربي الذي تترجم فيه كل تناقضات المنطقة، ومن خلاله أيضًا تحاول كل القوى الإقليمية والإمبريالية تنفيذ مخططاتها فيه وفي الإقليم ككل. ورغم تمتع المجتمع اللبناني بقدر معروف من الحريات الديمقراطية، إلا أنه يقوم أساسًا على التوازنات الطائفية والزعامات العائلية المتوارثة التي لا تتورع عن الذهاب إلى آتون الحرب الأهلية في مراحل مختلفة، لأن هذه الحرب ذاتها هي التي تعظم نفوذ وثروات أمراء الطوائف. ولا تتورع بعض الفصائل السياسية في هذا البلد العربي عن التحالف، السافر أحيانًا، مع العدو الصهيوني نفسه.
من ثم يواجه هذا البلد مشكلة قديمة في بناء دولة حديثة ذات سيادة أساسها المواطنة لا الطائفية، وتكون قادرة على الدفاع عن نفسها في إطار استراتيجية عامة تستوعب كل المقاومة الوطنية. ومن الصعب بدون هذا أن تستطيع القوى التقدمية في هذا البلد أن تطور برامج اجتماعية تقدمية. وهو ما يتطلب تكاتف كل القوى العربية المناظرة من أجل هذه الأهداف.
- من أخطر المشاكل التي تواجه البلدان العربية مشكلة "الأقليات" (قومية ودينية وعرقية وطائفية..)، ويرجع جزء من هذا إلى إرث تاريخي ثقيل، وموروث استعماري حرص على زرع بذور الفرقة، وازداد صعوبة مع غياب الديمقراطية وروح التسامح. ولا شك أن للأقليات في البلدان العربية مطالب عادلة، إلا أن هذا لا يمكن تحقيقه بمعزل عن النضال مع "الأغلبية" في كل بلد عربي من أجل الخلاص من الاستبداد والظلم الاجتماعي. ومن أخطر الظواهر الواضحة في السنوات الأخيرة أن التباطؤ في حل مشاكل الأقليات قد ساعد زعامات مغرضة ومشبوهة على اللجوء إلى الاستعانة بقوى خارجية من أجل تحقيق الانفصال الكامل أو فرض مطالبها بشكل يضر بقضيتها هي نفسها لما يثيره من حساسيات عند الأغلبية.
من ثم تظل الديمقراطية وإرساء حقوق الإنسان والمواطنة وتقوية المجتمع المدني من أهم الفعاليات الضرورية لحل تلك المشكلات، والتي تمثل ثغرة واسعة تمر منها المخططات المعادية للشعوب في مجملها.
- تمثل الديمقراطية الطريق الوحيد المتاح لفتح الأبواب أمام حل معظم المشكلات التي تواجهها البلدان العربية في المرحلة الراهنة. وهو ما فهمته القوى الإمبريالية جيدًا فأخذت تتلاعب بشعارات الدمقرطة والإصلاح كوسيلة للتدخل حتى عسكريًا في البلدان العربية. ولكن هذه المحاولات افتضحت في أماكن وحالات كثيرة رأت الإمبريالية أن مصالحها المباشرة قد تحتاج أكثر إلى الاستعانة بالطغاة من أجل فرض سياسات يصعب على حكومات ديمقراطية تنفيذها.
ومن المؤكد أنه في عصر ثورة المعلومات والاتصال، إلى جانب ميزة التفاعل والتقارب الشديد بين البلدان العربية، أصبح من المهم أن تتقدم موجة الديمقراطية الحقيقية بواسطة التضامن بين القوى التقدمية والشعبية العربية، إذ إن تحقيق أي انتصار ديمقراطي يكون له آثاره الفورية في البلدان العربية المجاورة على الأقل.
- تشكل ظاهرة ما يسمى "الإسلام السياسي" مشكلة عامة في سائر البلدان العربية. وقد تمتعت فصائله في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي بدعم سافر من القوى الإمبريالية والرجعية العربية، لتؤدي دورًا وظيفيًا ضد الشيوعية والحركات اليسارية والوطنية عامةً. وبعد انتهاء الحرب الباردة تراجع هذا الدور الوظيفي مما أنتج تناقضات وصدامات عنيفة بين الطرفين بلغت قمتها في أحداث 11 سبتمبر 2001. ويشكل "الإسلام السياسي" ظاهرة معقدة لا يجوز التعامل معها بسطحية أو إغفال دراسة التنوعات والتناقضات داخله. فرغم أن قيادات بعض فصائله، وشعاراتها السياسية تندمج تمامًا في المنظومة الفكرية والممارسات الرأسمالية القح، إلا أن هذه التيارات تجتذب أعدادًا مهولة من شباب الطبقة المتوسطة والبرجوازية الصغيرة، أي من جمهور كان يجب أن يصطف وراء القوى الوطنية واليسارية، غير أن هذا لم يتم حتى الآن لأسباب تتعلق بضعف هذه القوى.
من ثم فإن القوى التقدمية العربية بحاجة إلى تنسيق جهود مشتركة وفعالة لشن نضالات إعلامية وجماهيرية لبناء ثقافة متنورة ومتسامحة لا تسمح في تحقيق انقسامات عمودية في المجتمع، وبما يؤدي إلى اجتثاث الفكر التكفيري والمتطرف من المنبع.
- نضيف أيضًا أن فشل الدول العربية على جميع الأصعدة، وانتهاج سياسات الليبرالية الجديدة التي يمليها صندوق النقد الولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية.. كل هذا أدى إلى مشاكل متشابهة ومتفجرة في البلدان العربية، مثل الاتساع غير المسبوق في حجم البطالة وانسحاب الدولة من الخدمات والنشاط الاقتصادي.. ومن ثم كان تصاعد الحركات الاحتجاجية، غير أن هذا لم يواكبه تطور ديمقراطي يعتد به.. حتى اندلعت الثورات العربية الأخيرة مصحوبة أيضًا بقدر كبير من المخاطر، مما ينذر بدخول بلدان عربية أخرى في أزمات عنيفة قد تهدد بالفوضى والانفلات حيث لن يكون هناك حل سوى اللجوء إلى الانقلابات العسكرية بدعوى حفظ الأمن المجتمعي.
من ثم يتحتم على القوى التقدمية المنظمة أن توفر الأطر والبرامج المرنة اللازمة للتفاعل مع الحركات الثورية الجديدة وتنظيمها وتسييسها، حتى لا تقع ثمرة النضالات في أيدي العسكريين أو الظلاميين أو الليبراليين الجشعين، أو كلهم معًا.



#مصطفى_مجدي_الجمال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع كريم مروة
- جوهر الديمقراطية الضائع
- صناعة المشاهير في خدمة الثورة المضادة
- المجلس العسكري وحكمة الجنرال -علي زيوار-
- الثورة كأمر واقع .. الحالة المصرية
- إلا السيناريو السلفي


المزيد.....




- شاهد حيلة الشرطة للقبض على لص يقود جرافة عملاقة على طريق سري ...
- جنوب إفريقيا.. مصرع 45 شخصا جراء سقوط حافلة من على جسر
- هل إسرائيل قادرة على شن حرب ضد حزب الله اللبناني عقب اجتياح ...
- تغير المناخ يؤثر على سرعة دوران الأرض وقد يؤدي إلى تغير ضبط ...
- العدل الدولية: على إسرائيل -ضمان مساعدة إنسانية عاجلة- لغزة ...
- زلزال بقوة 3.2 درجة شمالي الضفة الغربية
- بودولياك يؤكد في اعتراف مبطن ضلوع نظام كييف بالهجوم الإرهابي ...
- إعلام إسرائيلي: بعد 100 يوم من القتال في قطاع غزة لواء غولان ...
- صورة تظهر إغلاق مدخل مستوطنة كريات شمونة في شمال إسرائيل بال ...
- محكمة العدل الدولية: على إسرائيل -ضمان توفير مساعدة إنسانية ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - مصطفى مجدي الجمال - الاشتراكي والعربي .. منظور مصري