أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جودت شاكر محمود - ذكريات ضائعة















المزيد.....

ذكريات ضائعة


جودت شاكر محمود
()


الحوار المتمدن-العدد: 3713 - 2012 / 4 / 30 - 18:04
المحور: الادب والفن
    


في هذه اللحظة السرمدية من الزمن الضائع من بقايا وجودي هذا، وأنا أحاول الهروب من شعوري بالوجع المستشري من آلامي الجسدية المبرحة، حاولت اللجوء إلى مخزون ذاكرتي، والبحث وتقليب بما كنت قد خزنته في تلك الذاكرة المبعثرة، وكم كانت سعادتي حينما عثرت على بعضا من تلك الذكريات التي جمعتنا معا في يوما ما. ورغم قصر الفترة تلك إلا إن حلاوة وعذوبة تلك السويعات التي سرقناها من بيادر الوجود المزدانة بالشهوة واللذةِ، كانت كفيلة بان تنتشلني من واقعي الذي أمر به، وأن تطفو بي بعيداً عن لحظات حاضري الكئيب هذا، لأعانق إنسانيتي التي يحاول الكثيرين إضمار نار أوارها الملتهبة شوقا.
حاولت أن أسافر وبدون جناحين أو دون أن أعتلي بساط الريح، أو مكنسة جدتي الساحرة العجوز، ومع تلك الذكريات سارعت إلى أن أبحر وأنا أكابد أعتا عواصف الشوق وتلاطم موجات الرغبة التي تتكسر على صخور من ذكراكِ وتخيلي للحظات احتضانكِ، في تلك اللحظة المسروقة من الزمن، كنت استنشق العبير المنبعث من بين نهديك ليأخذني بعيداً إلى عالم من الفردوس والجنان الأزليين، حينما تمتزج جزيئات العرق المنهمرة من جسدك مع ذلك العطر الأنثوي الفرنسي، والذي ينتشرُ ليثير زوبعة من الإثارة تهفوا كل أحاسيسي ومشاعري الذكورية لها، مما تحيلني تلك الرغبة الجامحة إلى طفل صغير يسعى لإشباع غرائزه عبر الإطباق وبكلتا يديه وشفاهه الظمأى على برعمي نهديك، ليرتشف رحيقك الأنثوي المستجلب للمتعة التي ترضي رغباتي وشهواتي المستثارة.
صدقيني رغم تقادم السنون وتراكم الخبرات وتجددها لازالت لمساتك الحنونة العرضية، حينما كانت ترتسم على مساحات من جسدي لترسم خرائط للإثارة، والتي كنت حينها اشعرُ بتلقائية تلك اللمسات وعفويتها، اللمسات التي كنت تفعلينها لا شعوريا تقريبا كم مَنْ يبحث عن شيء متناهي الدقة فقده على سجادة مخملية، كانت أناملك تتحسس وبرفق خلايا بشرتي الخارجية خلية خليه، كان شغفك باستكشاف خبايا ذكورية شريك واضحة جداً في سلوكياتك الغير إرادية. كل ذكرى لكل لمسة من تلك اللمسات الشهوانية كانت تجلب لي الكثير من الاستمتاع وعبر جملة من الذكريات عن تلك الأشياء الجميلة التي كنا نمارسها معا. كانت قبلاتك السحرية وأنت تعانقينني والتي كنت أشعر بها وكأنها رذاذ مطر من الرومانسية تترطب بها ذاتي العطشى للحب، ليخبو ذلك الاحترار الذي يعتمر داخلي ليتحول إلى قطرات من الندى تنسكب فيبتل جسدي بها، لتمتصها روحي فتورق فيها الكثير من براعم الأمنيات والآمال والأحلام بالغد القريب.
كان ذلك الندى أشبه باللآلئ التي تزين شفتيك، مما أشعرتني بحالة من الحب والنشوة الأبديتين، كانت أيادينا لا تفارق بعضها فقد تشابكت مع بعضها البعض وكأنهما خلقتها لتكونا هكذا في تواصل دائم وإبحار مستمر لتبادل شحنات من الإثارة التي تحملها مسارات من الطاقة نتنقل بين هيئاتنا الجسدية من اجل إحداث نوعا من التوازن الانفعالي بين ذواتينا المسلوبة الإرادة أمام هذا الطوفان من المشاعر والأحاسيس، وكانت أيادينا حينما تتفارق تنحدر بشوق محملة بكل شحنات الإثارة والشهوة تلك لتستقر في مكان هو أشد شوقا للمساتها. كنا نمارس معا عملية هي أشبه بعملية من الخلق والإبداع الإلهي. كيف لا وأنت من يمتلك تلك العينين البريئتين، والشفتين الإلهيتين، والابتسامة الجميلة وكأنها لحظة انفلاق الفجر بنوره السرمدي حينما يشرق ليستقبل يوم جديد، فقد كنت أتوه وأنا نظر إلى ذلك الشفق الإلهي المنبعث من تلك العينين المشرقتين والشفتين الممتلئتين بالشهوة والطيبة واللتان كانت تغطيهما تلك المسحة الطفولية. وذلك الصوت الأشبه بترنيمات شبابة راعي يتردد صداها بين أودية وسهول وشعاب روحي التي مزقها ذلك الخريف الذي يحمل لي كل أنواع التصحر والجفاف الفكري والنفسي، والذي لازمني منذ ثلاثة أشهر خلت، أنا الذي لا يعرف سوى طعم وسحر ليس السعادة بمفهومها العام والدارج وإنما شيء يصعب معرفة كنهة ماهيته، شيء يحملني لعالم من الفرح والأنس والصفاء أرى كل شيء حولي مبتسما ضاحكا يشعرني بالحبور والاغتباط والتهلل، وبما يشعرني ورغم تجاوز سنواتي خريفها الإنساني بالربيع وهو يعتمر داخلي ليظهر على صفحات وجهي وبين سطور كتاباتي ومتضمنا في ممارساتي وسلوكياتي اليومية الحياتية مع جميع أحبتي.
كانت لمسات روحك إحساسا مهدئا لنوبات غضبي حينما يعتريني وأنا في أشد لحظات شعوري بالإثارة، وحينما أندفع وأنا أغرس أسناني على تلك الشفتين أو فوق برعمي نهديك محاولاً إطفاء تلك المشاعر الجنونية بذلك السلوك العنيف والذي يشعرك بالألم ولكنك كنتِ تستلمي له بنوع من السرور الممتزج بردة فعل من الانكفاء أو الانسحاب أللاإرادي. كان مفعول لمساتك السحرية أشبه بحقنة المورفين، أشعر بعدها بخدار يتسرب إلى جميع جزيئات جسدي ليحيلني إلى ذلك الكائن الوديع بنصف إغماءة وأنا أتتبع قبلاتك التي كنتِ تنثريها على مختلف مساحات جسدي والتي لازلتُ أشعر بها ولحد اللحظة لتستفز ما بداخلي من جموح مثير لجميع الرغائب الجنسية التي يمتلكها أي ذكراً يرى ويلمس تلك الأنوثة التي تمتلكينها، تلك اللمسات التي تستجلب في كل ذكرى لها الكثير من الأحاسيس والمشاعر الممتلئة بالإثارة والنشوة.
كنا نذهب معا بعيداً في كل مغامرة مثيرة تشعرنا بالتقارب الروحي والاضمحلال الجسدي ببعضنا البعض، حيث تلك الأنغام الموسيقية المنبعثة من ذلك التلاحم الجسدي والنفسي والتي تتشكل من سلالم من الأنغام الموسيقية مؤلفة من مجموعة من الأصوات والتأوهات والتوجعات والتنهدات والأنات والتي تسمو بنا فوق الواقع المكاني الذي يجمعنا بأفيائه المادية، والتي كنا نرحل من خلالها إلى فضاء جديد من الخيال المفعم بالشهوانية، كانت تلك الأنغام تخترق نفوسنا لتحيلنا إلى كائنين فريدين خرافيين، أنها تضرم النار في دواخلنا الظمأى، لتمتزج بحركاتنا التعبيرية للإيقاعات الجسدية والتي كانت أشبه بحركات راقصي باليه على مسرح الحياة، مع مشاعر من الإثارة لا تنضب أبداً، فنعيش الحياة بأكملها في هذه اللحظات القليلة، لنقطف بعضا من السعادة والنشوة. وحينما ترتفع الحرارة وتضرم نيرانها الغامضة وتصل الشمس للحظة غروبها وتتلون أجسادنا بذلك الشفق الجنسي نكون قد وصلنا وجهتنا ووضعنا حقائب ترحالنا في مواضعها، ونكون ساعتها قد انجرفنا إلى عالم من الأحلام ونشعر بشعور من الامتلاء، وتغمرنا لحظات من الهدوء والسلام، حيث تمتزج الذاكرة والمتعة والخيال باللانهائية. وتختفي الحواجز والحدود، ويعم الانسجام، وينتشر نوع من السحر الخرافي، في تلك اللحظة تتجلى رغبة واحدة وعاطفة واحدة وتواصل واحد لجسدين منهكين أسكرتهما خمرة اللذة التي تشربا بها وجودهما الحيواني الفطري. لحظتها لا يسعني شيء سوى أن افتح باب الخلد الزمني لأنقل خطواتي من خلاله إلى عالمك الجميل حيث يغيب الخوف وتختفي أعين الرقباء وحسد الآخرين، وتمتلئ جرار إنسانيتنا بعسل الرغبة وتزهر مشاعرنا بالنشوة، لحظتها لا يسعني شيء سوى أن أقطف ثمار حبات العنب الأحمر العسلي التي تمتلئ به شفتيك. لحظتها يراودني شعوراً بالرغبة في العودة لأكون نطفة أو جنينا يخترقك ويستقر داخلك لكي أعتصرك من الداخل وأرتشف رحيقك لأولد من جديد كائنا يمتلك جزءاً منك، لنعيد حكاية الخلق ومراحل الولادة تلك وفي كل مرة نلتقي فيها وحينما يوحدنا ذلك المكان الوارف بالأنس البشري، إنها الولادة التي تحمل اللذة لنفوس مشرئبة إلى النشوة بعيدة كل البعد عن ألم وأوجاع الحمل والولادة التي تعرفها كل النساء.
ولكن بعد كل تلك الرحلة الفنطازية عبر مجاهيل عالمنا الرغائبي هذا، كنا نصل إلى نهاية مسيرتنا تلك، والى أن يدفن كل ما جرى بيننا في أجداث للأحلام المفقودة والآمال والرغبات والتمنيات المنسية والشهوات المستثارة، ذلك المثوى الأخير لكل شيء نملكه والمستقر لكل الذكريات، مثلما ستكون هناك تلك اللحود التي هي مستقرنا ومثوانا الأخير بعد رحلتنا هذه مع كل هؤلاء الفانين الذين نعيش معهم وبهم ولهم. لذا فأنا أستنطق تلك الذكريات الآن ليعرف الآخرون من أنت ولماذا أجدك إنسانة متميزة عن الأخريات. وها أنا وعبر تجربتي هذه، قد وجدت الطريق لكسر جليد الألم الذي يستقر في دواخلي ويستفزني ويحرمني من أن تلعب أناملي على لوحة مفاتيح هذا الجهاز الصامت المتكلم بصمته والذي فارقته منذ ثلاثة أشهر وان أتقاسم ذلك الألم الموجع معك عبر ذكرياتنا الجميلة تلك، ومع قارئ العزيز الذي كانت عينيه تترافق مع حروف كلماتي المنتشرة على هذه الوريقات، وبين سطوري هذه لتتجلى معانيها والتي سوف يفهما بالرغم من أني لم استطع النطق بها ليس خوفا من سيوف جهلة العصر والدين ولكن خجلا منه، فما أسمى أن يكون الخجل من سمات ذكورتي، والجرأة من صفات أنوثتكِ، في زمن أصبحنا فيه أنت وأنا كائن واحدا فريدا يمتلك خصائص مرحلة ما فوق الإنسانية بعد أن كنا كائنين بشريين عاديين.



#جودت_شاكر_محمود (هاشتاغ)       #          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خاطرةٌ
- منطقة خالية من الدهون
- دعوة لتنظيم أفكار مبعثره
- ضعف
- اللؤلؤ المنسكب
- دردشات: هل حقا نسعى إلى الديمقراطية بعد -الربيع- العربي ؟
- العدوان ونظرية المواقف السيكولوجية
- رغبات آدم
- دردشات: هل تعرف ما هو Captology ؟
- وقالت: شكراً ولكن كان متأخراً جداً
- الشيطانُ يتحدث
- دردشات: إن ينصرُكم -الناتو- فلا غالب لكم
- دردشات: العرب وصندوق باندورا
- مشاعر تستيقظ مجدداً
- نظرية نموذج عجلة ألوان الحب(الجزء الثالث)
- نظرية نموذج عجلة ألوان الحب(الجزء الثاني)
- نظرية نموذج عجلة ألوان الحب
- خربشات للحب في عيد الحب
- ما هي نظرية مثلث الحب Triangular Theory of Love ؟
- ماذا تقول البيولوجيا عن مشاعرنا


المزيد.....




- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جودت شاكر محمود - ذكريات ضائعة