بغداد والثقافة العربية 2013

حسين رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 3712 - 2012 / 4 / 29 - 10:33
المحور: الادب والفن
    

1
يشكل اختيار اي مدينة لاستضافة حدث سياسي او اقتصادي او فني او رياضي طفرة نوعية في بناء وتقدم تلك المدينة وخاصة الجانب المعماري والخدمي. هذا ما الفناه في الكثير من المدن التي وقع عليها الاختيار لاستضافة دورات وخاصة الرياضية منها مثل بطولة كاس العالم، او بطولة قارية او اقليمية مهمة. فتجد الحكومة المركزية والحكومة المحلية والجهات المعنية تعمل كخلية نحل من اجل اظهار المدينة بالشكل الملائم لقيمة واهمية الحدث المنظم فيها وبعده التاريخي. الامر الذي ينعكس بشكل او بآخر على وضع المدينة المستقبلي وربما تكون هناك طفرة نوعية على الاصعداة والاتجاهات كافة. قبل عامين وقع الاختيار على بغداد عاصمة للثقافة العربية عام 2013، اثر مقترح تقدمت بها المجموعة العربية في اليونسكو عام 1996 يهدف الى اختيار مدينة عربية لتكون عاصمة للثقافة، والغاية الكبرى من هذا المشروع اظهار الامكانيات الحضارية والمعمارية والثقافية والادبية والفنية للمدينة، وارثها الحضاري والثقافي والفكري والتراثي والفلكلوري وحتى الشعبي. كذلك اهمية ابراز الدور التاريخي والمعاصر للمدينة في البناء الثقافي، لابل حتى الدور المستقبلي الذي يفترض انه معد وفق خطة ممنهجة ومدروسة تستند الى رؤى وافكار مستمدة من التاريخ الثقافي لتلك المدينة وفق نظرة حداثوية.
2
قبل ايام اعلنت وزارة الثقافة على لسان وكيلها فوزي الاتروشي عن موافقة مجلس الوزراء على أطلاق تمويل المشاريع الثقافية الخاصة بمشروع بغداد عاصمة الثقافية العربية، المقترحة من قبل المثقفين والادباء ومنظمات المجمتع المدني، والمتمثلة باقامة بعض الفعاليات الادبية والفنية. كما عقدت ندوة بشأن الموضوع ذاته مع جمع من المثقفين والادباء حضرها وزير الثقافة سعدون الدليمي وتمت خلالها مناقشة بعض آليات عمل ومقترحات لمشاريع بغداد عاصمة الثقافة العربية. ومن المؤمل ان تعقد ندوات اخرى مثلما اعلنت الوزارة.
لكن هل نكتفى بهذا، امام مشروع كبير ومهم لازال كل شيء يدور في التحضير والتخطيط له، علما ان ما تبقى من الوقت هو مجرد شهور، قد تمر بسرعة وكل شيء يبقى على حاله. لو اخذنا على سبيل المثال دور العرض السينمائي فهي معطلة او غائبة بشكل تام ، كذلك المسارح باستثناء المسرح الوطني، والذي ما عاد يتسع لكثرة الانشطة التي تقام فيه. ذات الامر بالنسبة لقاعات التشكيل والنحت والسراميك، وحتى ان وجدت فهي ليست بمستوى الحدث. كذلك اظهار الجانب العمراني والجمالي من مدينة بغداد، ولو بالمناطق التي من الممكن ان تحتضن بعض الفعاليات، وفيما يخص مشروع طباعة الف كتاب لا احد يعرف كيف ومتى واين يتم تسليم مخطوطات الكتب، وحتى اليات التسليم والطبع والشروط الواجب توفرها في الكتاب المراد طبعه. ترى كيف سيتم اختيار الفعاليات المقترحة، ومن هي الجهة التي ستتولى التنظيم؟ ومن هي الجهة المنفذة؟ وما دور الجهة المقترحة، وما اهمية هذه الفعالية ودورها في بغداد عاصمة الثقافة العربية؟ والكثير من الاسئلة الاخرى التي لا يتسع لها المجال الان.
3
من الممكن ان يلعب هذا المشروع دورا هاما وموثرا، في عودة الحياة الثقافية الى بغداد، ليس على المستوى الادبي والفني حسب، بل على مستوى الانتاج الثقافي العام، لكن كيف يتم هذا والمشروع لا يجد الاهتمام الكافي واللازم من قبل الحكومة العراقية، التي رصدت ملايين الدولارات ليوم ونصف اليوم عقدت فيها قمة عربية سياسية اختلف الحديث حولها. ومشروع تكون فيه بغداد عاصمة العرب ثقافيا لعام كامل مهملا. الجهات المعنية والممثلة بوزارة الثقافة، وامانة بغداد، ولجنة الثقافة والاعلام البرلمانية، وجهات اخرى تعمل على المشروع، ربما تفتقد لرؤية واضحة لاهمية هذا المشروع ودوره في اعادة الثقافة العراقية الى ناصية الابداع والمقدمة. علما ان دور المعنيين بالامر وهم المثقفون الادباء منهم والفنانون مغيب ومهمش الى حد بعيد، وبشكل خاص اتحاد الادباء ونقابة الفنانين ومنظمات المجتمع المدني المعنية بالثقافة والفن.
الان وفي هذه المرحلة الحرجة جدا، تتجدد الدعوة لتأسيس مجلس اعلى للثقافة والفنون يكون المشرف على مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية عام 2013، واذ كان الوقت لا يتسع ، فيمكن وضع لبنة تأسيسية اولى لهذا المجلس من خلال تشكيل غرفة عمليات ثقافية من الجهات المعنية والمذكورة انفا، اضافة الى اتحاد الادباء ونقابة الفنانين وكل الجهات الاخرى التي من الممكن لها ان تساهم وتساعد في انجاح المشروع، كي لا يتكرر سيناريو النجف عاصمة الثقافة الاسلامية عام 2012 .

#حسين_رشيد (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل