أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - الموت ليس خبرا سيئا














المزيد.....

الموت ليس خبرا سيئا


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3710 - 2012 / 4 / 27 - 18:23
المحور: كتابات ساخرة
    


علمتني خبرتي بالحياة بأن أسوأ خبر على المرأة هو خبر زواج زوجها عليها وغالبية النساء بل 99% منهن يتمنين أن يموت أزواجهن لكي لا يتزوجوا عليهن وهذا معناه أن خبر الموت ليس خبرا سيئا بل خبر الزواج هو الأسوأ,وقرأت عن امرأة قال لها زوجها خذي حقيبة ملابسك واذهبي إلى بيت أهلك,فقالت لقد جئت لتوي من بيت أهلي!!فقال لها إذهبي وسأوصلك أنا لأني تزوجت عليك ولا أريد أن تراكِ الزوجة الجديدة في المنزل اليوم,فخرجت غاضبة معه وطوال الطريق كانت تشتم به وتسبه وحين وصلت بيت أهلها وجدت الناس بكثرة وعلمت أن والدها توفاه ألله فقال لها الزوج:خشيت عليك من شدة الصدمة واعتقدت أن خبر الزواج هو أقل صدمة من خبر موت أبيكِ...وخشيت أن أقول لك بأن والدك مات حين تسأليني عن سبب الزيارة لبيت أهلك فقالت له بعد أن ظهرت على وجهها علامات الراحة:يلله هو أصلا أبوي كان مستوي وهلكان من المرض وألله هيك أراحه من التعب,وهذا الخبر مش أسوأ من خبر زواجك..

وسمعتُ اليوم في هذا الصباح عن موت رجلٍ بعد أن تعدى السبعين سنةً من عمره وأكثر..وكل الذين نقلوا الخبر لي كانوا يظنون بأنه أسوأ خبر سمعوه وبأنه أسوأ خبر من الممكن أن يسمع به الناس ومن الممكن له أن ينتشر بسرعة كالسيل العَرِمْ ففي الحي الذي نسكن به لا يمكن أن تجد خبرا سيئاً أسوأ من خبر الموت,وأظن أنا بأن هنالك أخباراً سيئة أسوأ من الموت منها عذاب الدنيا أو أن يطلب منك أولادك مصروفهم اليومي فتمدُ يدك إلى جيبك لتخرج منها أي مادة معدنية ولا تجد فيها فلسا أو مليماً أو هلله أو(قرش ساغ)كصحراء جافة ليس فيها قطرة ماء وهم ذاهبون إلى المدرسة في الصباح الباكر..ومات الرجل بعد أن ذاق من مرارة الداء والدواء ما يكفي لموت مدينة كاملة بشحمها ولحمها وشرب من ألوان الأدوية ألوانٍا شتى بما يكفي لتغيير لون البحر الأبيض المتوسط إلى لونٍ آخر عدى اللون الأزرق,وهذا الرجل يعيش في نفس الحارة التي أعيشُ فيها يأكلُ مما يأكل منه الجميع ويشربُ مما يشربُ منه الجميع.. وأول كلمة قلتها بعد الخبر السيئ (ارتاح من الدنيا),وراودتني أفكار أخرى عن الموت بأنه بحد ذاته خبراً سيئاً وهذه حقيقة لا مناص منها ولكنه ليس من الضروري أن يكون خبر الموت أسوأ الأخبار أو أسوأ خبرٍ سمعته في حياتي علماً أنني قبل ذلك سمعت عن هذا الرجل قبل مماته خبرا أو خبرين كانا في نظري أسوأ بكثير من خبر الموت نفسه.

إذاً فالموت ليس من الضروري أن يكونَ أسوأ الاختيارات أو الاحتمالات التي نعرفها جيدا,فالموت حتى وإن كان اختياريا وليس إجباريا فهو ليس أسوأ الاختيارات على الإطلاق, وربما يكون أفضل الاختيارات أو أقلها ضرراً وأقلها عذابا,فكثيرون قبل الموت يعانون من آلامٍ كثيرة منها آلام المفاصل والسكري والضغط وغير ذلك من الأمراض التي لا تدع صاحبها ينام إلا بعد أن يتجرع الآلام والأوجاع العنيفة التي تجعل المريض يصرخ بأعلى صوته طالبا النجدة من السماء والأرض ,زد على ذلك أمراض بتر بعض الأجزاء من الجسم والتقرحات وتجرع أدوية طعمها مُرٌ كالمثل القائل :(ما رماك على المر إلا غير الأمر منه) الموت بحد ذاته ليس سيئا وليس أسوأ خبرٍ نسمعه في حياتنا وهو لبعض الناس أفضل من حياتهم بمليون مرة ومره.

وفي نظرنا هنالك أشياء أسوأ من الموت نفسه وكثيرون هم الأصدقاء الذين نتمنى لهم الموت من شدة محبتنا لهم وخصوصا إذا كانت الحياة بالنسبة لهم قاسية جدا,وهنا نصل إلى قاعدة جديدة مفادها بأنه ليس الأعداء وحدهم من يتمنون لنا الموت بل حتى أصدقاءنا وأحباب قلبنا يتمنون لنا أن نموت وخصوصا إذا أحسوا بألمنا الشديد فيتمنون الموت لنا كأفضل الخيارات وخصوصا بعد أن يعجز العلم والطب والمال والذهب عن تقديم المساعدة لنا.

الإنسان يصل أحيانا إلى طريق مسدودة أو إلى مشكلة بل ومعضلة كبيرة لا يستطيع فيها لا العلم بالطب ولا المال ولا الجاه ولا السلطان أن يسعدوه أو أن يشاركوه بالحل ولو بشيء ضئيل,والحياة عندها تصبح بقعة سوداء كبيرة يصعب فيها البقاء لمن يعانون منها لذلك نحن نقول بأن الموت ليس أسوأ الأشياء فهنالك أشياء فعلا هي أسوأ من الموت بمليون مرة ومره.

وهنالك أشياء فعلاً أسوأ من الموت كأن تعيش لوحدك كئيبا وحزيناً,أو أن تنظر حولك ولا تجد من يوافقك في الرأي فتجلس في بيتك وحيدا كما يجلس القرد على غصت شجرة يابسة أو أن تطل برأسك مثل الفأر من باب البيت وأنت خائف من أن يقبض عليك أحد المدينين لهم بالنقود.

والموت بحد ذاته مشكلة كبيرة جدا ولكنه ليس أكثر المشاكل تعقيدا فهنالك في حياتنا أو في حياتي أنا بالذات مشاكل معقدة لا أستطيع أن أحلها ورموزا وظواهر عجيبة لا أستطيع تفسيرها,وهو ليس المشكلة الوحيدة في هذه الدنيا التي تحتاج إلى حلول فهنالك كثيرٌ من المشاكل التي نبحث عن حلها قبل أن نبحث عن حل مشكلة الموت ومن ضمن تلك المشاكل الحياة نفسها فهذه الحياة فيها كثيرٌ من التساؤلات المعقدة مثل الشيء الغريب الذي سمعتُ به ليلة البارحة عن إقرار زيادة التقاعد للمتقاعدين من مؤسسة الضمان الاجتماعي الأردني حيث وصلت الزيادة إلى 75 قرشا شهريا بينما وصلت زيادة مجلس النواب 2000دينار أردني راتب تقاعد لكل من وصل إلى مجلس النواب الأردني,فهذه بالنسبة لي مشكلة معقدة أكثر من الموت نفسه وخبرا سيئا أسوأ من خبر الموت نفسه,وكذلك سعر كيلو البندورة أو البطاطس والطماطم بدولار أمريكي واحد على رجل يعيل أسرة مكونة من خمسة أفراد بدخل شهري مقداره250دولاراً بالشهر الواحد,ثم تحاسبه الحكومة إذا سرق أو إذا اختلس أو إذا ماطل بالدين شهورا وسنينا ,وهنالك كثيرا من المشاكل الفلسفية مثل لماذا أتينا إلى هذه الدنيا ولماذا جئناها نمشي على أربع ومن ثم على اثنتين ومن ثم على ثلاثة وبعدها نخرج من بيوتنا على ظهورنا.

وهنالك كثيرون من الناس الذين يعتقدون أنه بموتهم ستحل مشاكلهم وإذا بالموت نفسه لا تُحل المشاكل,حتى بالموت لا تُحلُ مشاكلنا.









#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهروب إلى الخالق
- ماذا سيتبقى مني
- صورة المرأة المسلمة في الدنيا والآخرة
- لو يصبح العرب مثل داروين
- المرأة الطاهرة
- في الأرض التي مشى عليها المسيح
- الاغتسال والذبح على الطريقة الإسلامية
- يد فكتور هيغو
- رجم الشيطان لا يكفي
- الأحزان والهموم شيمة المفكرين
- مستقبلنا على الأرصفة
- التوكل على الله
- جلدي يحكني
- ضعف الوحدة العضوية والموضوعية في سور القرآن الكريم.
- كلمة بسيطه
- هل الإنسان مخلوق من تراب؟
- الدور الذي لعبته جدتي
- المرأة تجمع بين عدة وظائف
- جدتي رحمها الله
- الذين نحلم بهم لا يحلمون بنا


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - الموت ليس خبرا سيئا