أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - محمد الحاج ابراهيم - السعادة دلالة الوطن والعيد














المزيد.....

السعادة دلالة الوطن والعيد


محمد الحاج ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 1088 - 2005 / 1 / 24 - 07:34
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


بين الغنى والفقر تموج السعادة باحثة عن موطن لها لاتجده إلاّ عند من يملك مقوماتها، وهذا هو المستحيل بعينه في أوساط الفقراء الذين صاروا يمثلون 60% من شعوب العالم الثالث ،وبذلك يفتقر الفقراء للإحساس بوطن يعيشون فيه بالمعاني الروحية والنفسية والسياسية، حيث الفقر يخلق مشاعرالإنفصال عن مسقط الرأس قرية كان أم مدينة أم وطنا ،والسعادة على قطيعة معهم طالما يعيشون الكفاف،وعُرِّف الفقر في الوطن بأنه الغربة.
الأعياد في التاريخ ارتبطت بمناسبات تخلق البهجة والسعادة لكل الناس الذين يجتمعون دون غياب أحد، ليتشاركوا في هذه المناسبات التي تُضفي سعادة على الجميع عندمالم يكن هناك فقراً مدقعا ولاغناً فاحشاً يزرع الألم والحسرة في قلوب وإمكانيات من لايملك تحقيق الحد الأدنى من الابتسامة لأطفاله وعياله في هذه المناسبات ،إذ أن الفروق هي التي تصنع هذه الآلام للبشر.
الأعياد في الأديان كمّلت مسيرة ماقبلها بمساعدة المحرومين وتعويض المقلّ بمساعدة الأغنياء ليسعد الجميع ،إذ قُرنت الأعياد بالأخلاق التي تمّ الحفاظ عليها زمنا طويلا ،وحافظت على ماء الوجه للمحتاج ولم تُبكيه سرّاً لعجزه عن إسعاد من يحمل المسؤولية نحوهم في مثل هذه المناسبات.
الأعياد في زمننا بارعةٌ في خلق الألم والحسرة وفاضحة لماء الوجه، حيث المعاناة الاقتصادية تصنع الخلل الاجتماعي وتفكك العلاقات العائلية وحتى الأسروية لتصنع الكراهية في ربوع من كانوا أحباء في الأزمان الغابرة،فأغنياء اليوم حُمِّلوا على الغنى دون توفر مقومات هذا التحميل، لأن مصدر غناهم كان بطرق غير مشروعة،وهؤلاء هم من ساهم في صناعة الخلل الاجتماعي عبر صفقات مربحة لهم وتعجيزية للفقير الذي بالكاد يؤمّن لقمة العيش بحدودها الدنيا،تلك الشروخ التي حدّدت دوراً اخطبوطياً لهؤلاء بسط أذرعه في كل مكان من حياة الناس ليدخل غرف نومهم الصامتة مؤجِّجاً للمشاعر التي تُزرف الدموع الجامدة في عيون أصحابها البؤساء سرّاً عن أولادهم.
الأعياد في هذا الزمن كافرةٌ لأنها تفضح أستار الحاجة وتفتق الكثير من الجروح النفسية التي يحاول أصحابها لجمها وكبتها وخنقها لوتمكنوا ،لكن العيد القادم من تقليد أضحى عبئاً ثقيلا على المعوزين والمفكّكين بكل المعاني،أصبح يُمثّلُ رمزاً لعذابات المقهورين في هذا العالم بكلِّ تنوعاته الدينية والإجتماعية إذ صار يذكرهم بالضعف، كم من زيارة قمت بها لأوساط المقهورين وكم من مقابلة أجريتها معهم لمعرفة أثر العيد كمناسبة فيهم،لم أجد إلاّ تقاطعا وحيدا بين مختلف البيئات الدينية والاجتماعية يقول:العيد ليس من ثقافتنا إنه لأهله وليس لنا،القلُّ الاقتصادي له منعكسه الاجتماعي والنفسي الذي يفرض علينا أن نُمثِّلَ على أولادنا دوراً ندّعي فيه أننا متحررون من هذه المناسبات كي لانُظهر ضعفاً نخشاه، عندما نعجز عن إعطاء أولادنا مصروف العيد أو شراء حاجاتهم له ،هذا يعني أنّنا لسنا معنيين فيه،وكوننا لانستطيع إعطاء أولاد أخوتنا أو أولاد أقرباءنا مايُعرف بالعيدية فهذا أثّر في زياراتنا لبعضنا البعض وبالتالي تفككت العلاقات إضافة للجهل في التعامل مع مثل هذه المناسبات كعلاج بسيط لها،وبالتالي أصبح العيد مصدر تعب لنا فلاعلاقة لنا به.
من الآثار السلبية للقلّْ الاقتصادي عزوف الناس عن التجمعات في الأفراح كونها ترتب عبئاً ماليا يعجز المقلُّ عن مواجهته ويتهرّب في الأتراح ببعض البيئات لنفس الأسباب وهذا يُحتّم قلّة المشاركة التي تخلخل الخواء بمعنييه النفسي والاجتماعي ويُبقي المجتمع ضعيفا في مواجهة كل التحديات.
قبل عقود كانت الطبقة الوسطى تقوم بدور يحقق توازنا ما على الصعيد الاقتصادي في المجتمع فيقلل من الشروخ التي أصبحت فاضحة بكل معاني الفجور،وبعد غيابها عبرآلية سحقها التي مورست لم يبقى في المجتمع إلاّ طبقتين واحدة ناهبة والأخرى منهوبة ماأدخله في نفق ساهم بدرجة كبيرة في تعزيز حالة الخوف من مستقبل غير مضمون للفقراء حصرا وعلى ذلك فقدت هذه الشريحة سعادتها وبدأت تبحث عنها في مواطن وأعياد أخرى.
الأعياد أصبحت تقليدا بحكم العادة دون تحقيق مقدمات وجودها، فيكون هناك حراكا للحراك غير مبني على أسس تشكل دعامة لعلاقات طبيعية بين أفراد المجتمع ومؤسساته، بل عيد للعيد أي عيد بآلية ميكانيكية وليس عيدٌ لإفراح وإسعاد المعيّدين، وهذا شكّل ثقافة الإدمان على الألم في أوساط الفقراء وحللهم من العادات الاجتماعية الطيبة التي صنعتها الضرورة المنظمة منتجة الأعياد.



#محمد_الحاج_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حزب العمال الثوري العربي
- الد معــــــــــة السخيّـــــــة))
- القضية الكردية - مداخلة على طريق الحقيقة ل محمد تومة
- الإلحـــاد ـ رؤيـة أم طقـس؟
- النتائج النفسية للاحتلال ـ العراق مثالا
- الناصرية ـ خيار الديمقراطية
- ذاكرة أُمّه ـ فوضى التخلف إلى أين؟
- أسامة أنور عكاشة على ذمة ثقافة الإلغاء
- أسئلة محرجة لبوش؟!
- الأغنية الشبابية ودور الاعلام
- حقوق الإنسان في سورية
- علاوي… أبكى العراقيين على صدّام وأيامه
- !!!!ماسرُّعلاج القادة العرب في الغرب؟
- قانون الطوارئ التداولي من صدام إلى العلاوي
- الزرقاوي في الفلوجه كأسلحة الدمار الشامل في العراق
- بن لادن ـ أمريكا
- المثقف السياسي بين التكفير والتحرير
- قانون الطوارئ _ من الإستثناء إلى القاعدة
- الإستبدادُ مقدّمةٌ للإحتلال
- القاع النفسي للتشكيل السياسي


المزيد.....




- حظر بيع مثلجات الجيلاتو والبيتزا؟ خطة لسن قانون جديد بمدينة ...
- على وقع تهديد أمريكا بحظر -تيك توك-.. هل توافق الشركة الأم ع ...
- مصدر: انقسام بالخارجية الأمريكية بشأن استخدام إسرائيل الأسلح ...
- الهند تعمل على زيادة صادراتها من الأسلحة بعد أن بلغت 2.5 ملي ...
- ما الذي يجري في الشمال السوري؟.. الجيش التركي يستنفر بمواجهة ...
- شاهد: طلاب جامعة كولومبيا يتعهدون بمواصلة اعتصامهاتهم المناه ...
- هل ستساعد حزمة المساعدات العسكرية الأمريكية الجديدة أوكرانيا ...
- كينيا: فقدان العشرات بعد انقلاب قارب جراء الفيضانات
- مراسلنا: إطلاق دفعة من الصواريخ من جنوب لبنان باتجاه مستوطنة ...
- -الحرس الثوري- يكشف استراتيجية طهران في الخليج وهرمز وعدد ال ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - محمد الحاج ابراهيم - السعادة دلالة الوطن والعيد