أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الحاج ابراهيم - القاع النفسي للتشكيل السياسي















المزيد.....

القاع النفسي للتشكيل السياسي


محمد الحاج ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 963 - 2004 / 9 / 21 - 08:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وجهة نظر في :
القاع النفسي للتشكيل السياسي

لدى الدخول بمناقشة القاع النفسي للتشكيل السياسي، لابد من عرض بعضا من مقومات هذا القاع ،حيث لكل فرد كيانه النفسي الخاص به ،والذي هو نتيجة لعلاقة جدلية نفسية معرفية ،وهذا ما يمكن سحبه على الأسرة والعائلة والمجتمع ،ومنه ما يرتبط بماض أو حاضر أو واقعة ما ،لأنّ للفرد خصوصية ،وللأسرة خصوصية يتقاطع بها أفرادها ،وللمجتمع خصوصيته التي يتقاطع أبناؤه فيها ،والتي تشكل الكيان النفسي العام للفرد مضافا له خصوصيته النفسية. ولابد من التأكيد على أنّ النفسي والمعرفي ، كل منهما ينتج الآخر ،ويساهم في تكوينه وتطويره ،وآثرت أن أتجاوز بعضا من خصوصيات علم النفس العام ،لإيصال ما أود إيصاله للقارىْ العزيز بصفحات قليلة لأن الموضوع يحتاج إلى أكثر من ذلك.
لكل تشكيل سياسي حاضنة نفسية يتكوّن العضو فيها على أسس معينة ،وتتميز هذه الحاضنة ،بأنها نتاج تاريخي لموروثنا العام ،المبني على وقائع منقولة عبر الثقافة أو التاريخ ،أو مستجدات المعرفة الحاضرة ،والتي تتعامل مع الجذور الانفعالية والوجدانية للإنسان، كنتيجة أو سبب في جدل النفسي المعرفي ،وعلى ذلك فقبول الفرد الانتماء لهذا الخط أو ذاك، مبني على أسس ذاتية في البدء ،وموضوعية بعد الانتماء ،أي أن يتوافق هذا الخط مع توجهات الفرد النفسية ،والفكرية ،والسياسية ،وعلى ذلك يتم الالتزام .
ما عرفناه من تشكيلات سياسية ،ثلاثة أشكال :سلطوية (ليست بالضرورة الحاكمة)،ومعارضه ،وإصلاحية ،وهذه لها اسقاطاتهاالنفسية الفردية ، فالأولى إسقاطها الفردي متسلط، والثانية ناقد ،والثالثة توفيقي ،وكل فرد يختار الوسط الذي يمثله نفسيا ومعرفيا ،حيث المتسلط يملك مواصفات ذهنية تلقينيه ،بينما المعارض نقدي الذهن أما الإصلاحي ،كالطبقة الوسطى، يحاول الوصول فرديا للسلطة وإن أحبط انحدر للقاع ،ليدعوا للنضال ،فلدى لقاءك بعضو من حزب إصلاحي وتستمع منه إلى برنامج هذا الحزب ،لا يعجبك إن كنت تتمتع بمواصفات الفرد النفسية للتسلطي أو المعارض ،هذا إن كنت من وسط منغلق ،أما إن كنت من وسط منفتح وتتمتع بوعي قانوني ،فتعتبر وجهة نظره حق له يجب احترامها ،إذ أنها نتيجة لتفاعل وتراكم تاريخي كوّن هذه الحالة .
ما يعرفه الجميع أن أحزابنا تكونت بفترة قدّمت فيها مشاريعها أو برامجها كحلول لمشاكل كانت في حينها ملحّة، ومع مرور الزمن حدثت متغيرات أدت إلى انشقا قات سياسية أسست لأرضية نفسية جديدة، والملاحظ أكثر أنّ كل الأحزاب السياسية والدينية ،عاشت هذه الانقسامات ووصلت بالبعض منها حد التخوين للفصيل المنشق أو الباقي، وكلّ منهما يقدّم تبريرا لوضعه الجديد،ولدى قراءتنا لمكون الفرد النفسي قبل الانشقاق وبعده ،نصل إلى نتيجة مؤداها أنّ رفيق الأمس أصبح عدو اليوم ،والسؤال لماذا حدث هذا ،وكيف تحول الحب إلى كراهية ،والوطني إلى خائن، دون مرجعية تحدد المعيار الذي يتم الاستناد إليه ؟ وهذا ما لحظناه كثيرا في الآونة الأخيرة في معظم الأحزاب وصلت حد العداء الشخصي بين هذا الفصيل أو ذاك ،أو بين هذا العضو أو ذاك بلغت حد التشهير العدواني، مما دعا لطرح السؤال التالي : هل التقاطع بين هؤلاء كان على أساس معتقدي ،أم سياسي، وما دور العامل النفسي ودور المعرفة الموضوعية بذلك ؟.
إنّ الكيان النفسي للفرد، من أهم المسائل التي يجب معرفتها ومناقشتها بحرية ،وذلك على ضوء الحاجة لمعرفة بنية التشكيل السياسي المؤسس حديثا أم قديما على قاعدة ظاهرة الانشقاقات القائمة في كل الأحزاب السياسية ،وما يترتب عليها من عدوانية تجاه بعضها البعض حتى في الحزب الواحد ،وصلت حد التخوين بمعيار العلاقة مع السلطة الحاكمة ،دون مستند إدانة بالمعنيين القانوني والأخلاقي،أو الخروج على أسس ومبادئ وأخلاق الحزب المفترض ،رغم أنّ القاع النفسي للجميع متقارب ،إن لم يكن واحد ،فنشوء علاقة بين اثنين تكون إمّا عابرة أو عميقة ،أو بين الحالتين ،وهذا ما يمكن سحبه على العلاقات السياسية بين الفرد وجماعته أو حزبه أو حركته أو أيّ اسم آخر ،لذلك لابد من مناقشة المرتكز النفسي للحركة السياسية (الحاضنة)، التي تشكل الكيان النفسي للفرد ،مما يحقق ساحة نفسية تتراوح بين الإحباط والدفع ،إذ أنّ الفرد يكون متما هيا بالوسط الأكبر ،أو ناقدا له ،ونجد في الأولى ذوبان الشخصية، أما الثانية فاستقلالها وتميزها ،وعندما يعاني الوسط من تشويه ،ينعكس ذلك على الفرد بنسب متفاوتة على قاعدة الفروق الفردية بين البشر ،أو تفتح الباب للتمرد على الجماعة في حال استفحال التشويه .
إن العلاقة بين الفرد والجماعة ،أو بين الأفراد ،تتراوح بين الحب والكراهية ،وهذان ينشآن على قاعدة السلوك الذي يحبّب أو يكرّه رغم التناغم الفكري أو السياسي ،فإذا كانت حبّا شكلت هذه الجماعة تمثيلا لهذا الفرد ،وإن كانت كراهية انعدم التمثيل، وهذا يعتمد على أمرين، القناعة والارتياح ،والأولى مرتكزها العقل أما الثانية فالسلوك معيارها ،وهذا يعني أن الجماعة تكونت على أسس فكرية معينة ،حددت سلوك أفرادها للتعبير عن الفكرة المحمولة بأذهان هؤلاء ،فالتضحية التي يتحدث عنها بعض المحوريين في جماعة معينة ،ترتبط بوضعهم على المحك لمعرفة إلى أي حد يمكن أن يرتبطوا بها ،لكن عندما يتهربون منها ويبررون ذلك للالتفاف على التخاذل، هذا ما يشكل إحباطا لدى الفرد العضو يصعب ترميمه ،حيث اللامصداقية عندهم تفقده ثقته بهم ،لذلك لابد من التركيز على النخبة من المحوريين ذوي المواصفات المناسبة ،للسير نحو هدف واضح حتى لايمر الزمن باللاجدوى . والتضحية نفسها عندما يتبناها أهلها الذين يعيشونها ثقافة وسلوكا ،يصنعون من الأعضاء قوة نوعية خاصة ،وأقرب محك إلى ذلك هو المال أي علاقة هذا المحوري بالمال وهو أبسط شيء يمكن التضحية به لدى المناضلين ،إذ تحدد مواصفات الشخص نفسه ،فالعلاقة بالمال لها دلالات معيارية تعطيك شكل الالتزام مابين السمو والرفعة، بين العفة والاستغلال،كأن يجمع عضو في جمعية ما تبرعات ولا يوصلها كاملة إلى الهيئة المسؤولة ، في هذه الحالة لايمكن الوثوق أو الاقتناع بهذه الشريحة التي تشكل إحباطا لدى العضو، وتفقده ثقته بهم ،ويمتنع عن المشاركة التي هي ضرورية في معظم الأحيان، وبالمقابل ترى نماذج من المضحين تخلق حالة من الدفع إلى الأمام قلّ نظيرها .
الحزب السياسي عادة يضع ضمن برنامجه استلام السلطة ،أو المساهمة فيها ،وفي الحالتين لابد من إدراك الحاضنة النفسية التي تفرّخ المسؤولين فيه ،بدءا من الأمين العام وصولا إلى مسؤول خلية حزبية ،والمواصفات النفسية تحدد اتجاه هؤلاء ،نحو الخاص أو العام .هذه الحاضنة قادرة بقدر ما تتحقق فيها شروط الإنتاج ،أن تصنع أفرادا حتى لو كانوا من أوساط بلا تاريخ، عندما تعالج الدونية عندهم ،على أساس المواطنية ،شرط أن يستوعبوا الدرس الحقيقي للإنتاج الوطني ،ويتحررون من الحقد على الآخرين ،المتفوقين عليهم بمواصفات تحترم ،ولايعتدى عليها ،كي تتم المساهمة على ضوء الكفاءات والقدرات في بناء الأوطان ،وهذه الحاضنة تشكل مدرسة بنائية نفسيا ومعرفيا ،لأن جدلية النفسي والمعرفي أساس لهذا التكوين ،وهذا لم يعالج بل تم إهماله ،حيث السياسي كان الأهم في هذه المسائل كلها ،والسياسي بالمعنى التنظيمي أي (لملمة ناس) هو محور الحركة لهذه التشكيلات التي يسمونها أحزابا ،لذلك كانت العلاقة داخل هذه الأحزاب مهترئة ،بحكم غياب الثقافة بالمعنى العام ،والديمقراطية بالمعنى السياسي، والتوازن بالمعنى النفسي ،وعلاقتها بالغير رديئة بحكم العصبية الحزبية الضيقة المفتقرة للثقافة والروح العامة ،والمتسمة بالعدوانية والدونية تجاه الآخر ،وهذا أسّس لذهنية الإلغاء التي يعاني منها مجتمعنا ،ولبنية التناقض بين العضو وفكر الجماعة أو مؤسسها ( بحكم وجود أحزابا لازالت ترتبط ارتباطا صميميا بالمؤسس ) من حيث السلوك والذهنية ،وهذا مايبقي القيادات التقليدية تلعب دورها، حتى لو تخلف المجتمع بأكمله ،لذلك على هذه الجماعات التي تسمي نفسها أحزابا ،أن تعيد النظر بكل هذه المسائل ،لبناء أحزاب تقوم بدور حضاري يخدم المجتمع بأكمله ،دون تمييز بين أبيض أو أسود إلا بقدر ما يقدم هذا العضو لوطنه من خدمات، أكان في موقع المسؤولية ،أم عضو عادي، لأن الكفاءة والقدرة غير مرتبطة بحزب ،أو جماعة ،بل بالوطن الذي يقدم كل هذه القدرات على أساس الانتماء إليه ،والتقاطع فيه ليكون هو الحزب الحاضن لكل هذه التشكيلات على قاعدة الحريّة والديمقراطية (((ومن كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر))).
الموضوع القادم: ((البنية النفسية العسكرية - تحليل ونقد))



#محمد_الحاج_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- درس في الحرية والديمقراطية


المزيد.....




- قبل أقل من 24 ساعة من يوم الانتخابات.. خط زمني يوضح أبرز أحد ...
- هل نجت آخر -ساحرة- بإنجلترا من حُكم الإعدام.. ما قصتها؟
- إيران.. مقتل عميد وعنصر في الحرس الثوري إثر تحطم طائرة جنوب ...
- الهند.. مقتل 23 شخصا وإصابة 15 بانقلاب حافلة في واد عميق (صو ...
- لماذا قد تبدو الانتخابات الأمريكية مختلفة ومعقدة؟
- بوليفيا.. إصابة أكثر من 90 شرطيا نتيجة الاشتباكات مع أنصار م ...
- إسرائيل تهجر بعلبك... 70% من السكان في حالة نزوح قسري
- نائب رئيس وزراء صربيا يكذب سفير بريطانيا في بلاده بخصوص الأو ...
- الخارجية الإيرانية: طريقة تنفيذنا للعمليات ضد إسرائيل واضحة ...
- -إذا فاز ترامب-.. ماسك قد يصبح وسيطا بين الولايات المتحدة وا ...


المزيد.....

- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الحاج ابراهيم - القاع النفسي للتشكيل السياسي