|
أسامة أنور عكاشة على ذمة ثقافة الإلغاء
محمد الحاج ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 1031 - 2004 / 11 / 28 - 05:49
المحور:
حقوق الانسان
قضية أسامه أنور عكاشة هي االرابعه من نوعها في مصر بعد فرج فوده و نصر حامد أبا زيد ونوال السعداوي والتي تقضي بتطليقه من زوجته لأسباب تناوله أئمة أطهار ، هذه المرة كانت الفتنة بين عكاشة وعمرو بن العاص القائد العسكري المعروف ،الذي خدم بخلافة عمر وعزله إثر عجزه عن استعادة الإسكندرية من البيزنطيين عام 645م ،من ثم أعاده عثمان بعد أن صار خليفة ،ولم نقرأ معلومة واحدة تبين أنه كان من صحابة رسول الله أو من الأئمة ،وهذا الحكم خاضع لمفهوم [ الاجتهاد التراكمي الذي يزيد أبناء الأمة تشتتا، من حيث الانتماء المعتقدي والفكري] فالحكم على هذه القضية خاضع لاجتهاد مستحدث وغير سلفي،لماذا لم تُعتمد نصوص سلفية بهذه القضية؟ وعندما تُعتمد النصوص السلفية لابد من اعتماد المرجعية الدينية المؤسِّسة لهذه النصوص وهو القرآن أوّلاً والسنة ثانياً دعامات الدين الإسلامي الحنيف من لحظة انطلاقته الأولى بنشرالرساله ،وبعد ذلك يأتي دور المجتهدين العقلانيين الذين يبنون أحكامهم بالاستناد لهاتين المرجعيتين، ليتم تجنب الأهواء الثأرية لأنصاف أو أرباع رجال الدين الذين يفترضون أنفسهم قيمين على المجتمع والحياة لمجرد أن أطالوا لحاهم ولبسوا الجلباب وكأن إطالة اللحى ولبس الجلباب تجعل الواحد منهم يحلُّ مكان رسول الله ، فيتحوّل إلى مشرّع وهو لايفهم من الدين غير إقامة الحد على فلان أوعلان ممّا يؤسّس لظهور نمطين من رجال الدّين أحدهما يعتمد القرآن الكريم والسنّة النبويّة مرجعا، أما الآخر فيعتمد اجتهاد المجتهدين مرجعا، والفارق بين الاثنين كالفارق بين الملاءة والخواء ما يدعوا للتفريق بين رجال الدّين وأشباههم ،وبالتالي محاكمة عكاشة تتّم على قاعدة الاجتهاد وليس المرجعيّة الدينيّة، أي على قاعدة الجلباب واللحى وليس على القاعدة الشرعية المستمدّة من تعاليم الإسلام وفقهه. أزمة أنور عكاشة ليست مع عمرو بن العاص ،لأنّه لو استُدعي عمرو للشّهادة سيعترف أنّه لم يكن نبيّا ولا إماما ولا مرجعا دينيّا أو فكريّا أو داعية، بل سيقول كنت قائدا عسكريا عينني الخليفة عمر بن الخطاب وعزلني، من ثم أعادني الخليفة عثمان بن عفّان بعد تولّيه ، و كنت أمينا بخدمتي للأمة ولم أقصّر بشيء من واجباتي ، فعمرو بن العاص لن يقول أكثر ولاأقلّ . حقيقة الأزمة في أمتنا أنها مع هذا العقل المُحاكِم والقاضي بشؤون الأمّة على أساس الاجتهاد المستحدث والملقّح ماضوياً بدلالات اجتهاديّة وليست مرجعيّة وهذا يُمكن أن يفترض رؤية شخصيّة ذاتيّة النّزعة وتتمّ المحاكمة على هذا الأساس ويتمّ التّطليق دون تحديد الفصل بين الزوج وزوجته من الناحية الإيمانية التي تستدعي سؤالا حول كُفر الزوج وإيمان الزوجة فلم التفريق بينهما إن كانا بنفس التوجه ؟ هل ذكر التاريخ الإسلامي وغير الإسلامي أنّ الرسول الكريم طلّق زوجين كَفَرَه يوم كان يوجه الدعوة بنفسه ،فبمن يقتدي مكفّري عكاشة أو مقيمو الحد عليه ؟ إن كان النص التناقلي الغير واضح وفاقد المرجعية الدينية التاريخية هو مصدر التشريع فتلك مصيبة وإن كان المشرعون تناقليا هم الحكَم في ذلك فنحن أمام الكارثة التي تؤسس للتسيب المجتمعي ويصبح كلٌّ على هواه يحكم بحجة الكفر والإيمان ويضيع المجتمع بين هذا وذاك ويصير كلُّ ملتحٍ مشرع حتى لو كان لايعرف الصلاة فتدب الفوضى في بلادنا بسبب هؤلاء الجهلة الذين وصفهم السيد قطب يوما بجاهلية القرن العشرين ،هؤلاء هم الذين يرفضون المستند التاريخي الموثق كما فعلوا مع فرج فوده يوم قتلوه لأنه قال الحقيقة الغائبة التي لم يجرؤ على قولها أحد منهم، ويبدوا أن ثقلهم في مصر أكبر من أي مكان آخر حيث احتجّوا على حيدر حيدر بروايته المعروفة ولم يحاكموه كونه خاضع لقضاء يختلف عن القضاء المصري الذي يأخذ بهكذا اتهامات فاقدة الدلالة والإثبات بكل أسف . أسامه أنور عكاشه اسم له دلالاته في مجتمع متحضر وإن لم يكن له هذه الدلالات فذلك يعني تخلف المجتمع الذي يعيش فيه والذي تمتع منذ زمن ليس بقليل بهامش ديمقراطي يؤسف أن يفرز هكذا إفرازات وما أكثر الآيات القرآنية التي تعطي للفرد حقّه (من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) و(لاتهدي من أحببت إنّ الله يهدي من يشاء) وغيرها وغبرها.
#محمد_الحاج_ابراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أسئلة محرجة لبوش؟!
-
الأغنية الشبابية ودور الاعلام
-
حقوق الإنسان في سورية
-
علاوي… أبكى العراقيين على صدّام وأيامه
-
!!!!ماسرُّعلاج القادة العرب في الغرب؟
-
قانون الطوارئ التداولي من صدام إلى العلاوي
-
الزرقاوي في الفلوجه كأسلحة الدمار الشامل في العراق
-
بن لادن ـ أمريكا
-
المثقف السياسي بين التكفير والتحرير
-
قانون الطوارئ _ من الإستثناء إلى القاعدة
-
الإستبدادُ مقدّمةٌ للإحتلال
-
القاع النفسي للتشكيل السياسي
-
درس في الحرية والديمقراطية
المزيد.....
-
وزير خارجية الهند يشبّه الأمم المتحدة بـ-شركة قديمة لا تواكب
...
-
شاهد.. قناة العالم تغطي عاما كاملا من الابادة والتطهير العرق
...
-
الأردن ينتقد محاولات إسرائيل استهداف حق العودة للفلسطينيين و
...
-
اليوم و تَكْوِي، وغداً بعد امتلاكها النَّوَوِي؟؟؟
-
الحية: نجاهد من أجل تحرير أرضنا واقامة الدولة الفلسطينية وحق
...
-
منظمة كير: حرية التعبير بواشنطن تستثني فلسطين
-
شهداء وجرحى بقصف الاحتلال لمركز أيواء التأهيل لذوي الاحتياجا
...
-
الكنيست الإسرائيلي يصادق على مشروع قانون خطير ضد أهم وأكبر م
...
-
الأمم المتحدة تحذر من أزمة كبيرة في لبنان وتتهم إسرائيل بانت
...
-
الحكومة اللبنانية تتسلم 25 طن مساعدات طبية من الأمم المتحدة
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|